ممالك الصمت.. “العفو الدولية”: 52 سجين رأي خلف القضبان الخليجية بسبب دعوتهم للإصلاح (فيديو)

القائمة تضم عبدالهادي الخواجة وعلي سلمان وراشد وعارف الشحي ومحمد الركن وأحمد منصور وسلمان العودة

تعذيب ومحاكمات “مسيسة” وقيود على التجمع وحقوقيون خلف القضبان.. والمنظمة: حكومات مجلس التعاون وظفت كورونا لقمع حرية التعبير

كتب- محمود هاشم:

تحوّل “الربيع العربي” عام 2011 إلى شتاء طويل لدعاة التغيير من النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، بمن فيهم سجناء الرأي، واليوم، يقضي العشرات الذين عبروا عن آرائهم سلميًا، والذين ناضلوا من أجل حقوق الإنسان الأساسية، فترات سجن طويلة تصل إلى السجن مدى الحياة.

بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، تحت عنوان “ممالك الصمت”، يقبع في دول مجلس التعاون الخليجي (مجلس التعاون)، ما لا يقل عن 52 سجين رأي خلف القضبان، مسجونون لمجرد ممارسة حقهم المشروع في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.

وأوضحت المنظمة أن المسجونين في دول الخليج يضحون بسنوات من حياتهم بسبب دعوتهم إلى التغيير والإصلاح، لم يؤد سجنهم إلى إسكاتهم فحسب، بل امتدّ تأثيره المخيف بشكل فعّال في جميع أنحاء المنطقة، حيث لم يتبق سوى فسحة بسيطة، إن كان هناك أي فسحة على الإطلاق، لأيّ حرية تعبير.

جعلت دول الخليج هذا الوضع أمرًا واقعا، بحسب “العفو الدولية” – حيث لجأت إلى قوانين غامضة الصياغة، وأحكام فضفاضة في قوانين العقوبات وقوانين الإجراءات الجنائية وجرائم الإنترنت وغيرها من القوانين لاحتجاز الأفراد ومحاكمتهم ومعاقبتهم، و ساوت الأنشطة السياسية السلمية مع التهديدات لأمن الدولة، كما فرضت قيود شديدة على التجمعات العامة والمظاهرات، حظرت وحلّت المنظمات غير الحكومية المستقلة، وجماعات المعارضة السياسية، وأسكتت وحبست مؤسسي المنظمات غير الحكومية المستقلة.

منذ عام 2011 على الأقل، صفعت الدول النقاد والنشطاء السلميين بالاعتقالات التعسفية والتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، والمحاكمات التي لا تفي بمعايير المحاكمة العادلة، والأحكام المطولة، لقد قامت بمضايقة أفراد عائلاتهم، وفرضت عليهم حظر السفر، مما جعل حياة أي شخص يرغب في التعبير السلمي عن أي رأيٍ مستقل أمرًا مستحيلاً، واليوم، معظم النشطاء السلميين في دول الخليج هم إما في المنفى أو مكمّمو الأفواه في بلدانهم.

وفي الآونة الأخيرة، وظفت دول مجلس التعاون الخليجي جائحة كوفيد-19 كذريعة لمواصلة أنماط قمع الحق في حرية التعبير الموجودة مسبقًا.

وحذرت كل هذه الدول مواطنيها من المسؤولية الجنائية المترتّبة على نشر “أخبار كاذبة” أو “نشر معلومات مضلّلة”، وفي كثير من الحالات، قاضت الأفراد الذين نشروا محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي حول الوباء أو كيفية استجابة الحكومة. بينما أطلقت سراح مئات السّجناء للمساعدة في احتواء الوباء، لم يكن من بينهم سجناء رأي.

عبدالهادي الخواجة.. اعترض على اعتقالات البحرين فحكم عليه بالجن مدى الحياة

عمل عبد الهادي الخواجة سابقًا مع تحالف فرونتلاين ديفندرز ( مؤسسة الخط الأمامي)، وهو الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR)، ومؤسس مركز الخليج لحقوق الإنسان (GCHR).

بدأ عبد الهادي الخواجة نشاطه في عام 1979 في جامعة لندن، احتجاجًا على الاعتقال غير القانوني للمواطنين في البحرين. حصل على حق اللجوء السياسي في الدنمارك عام 1991 وحصل لاحقًا على الجنسية الدنماركية. عاد إلى البحرين مع أسرته في 2001، عندما منحت البحرين العفو العام عن المنفيين. وشارك في تأسيس مركز البحرين لحقوق الإنسان في 2002.

 قُبض عليه في 9 أبريل/نيسان 2011 على خلفية الاحتجاجات المناهضة للحكومة. وكان من بين 11 من 13 من قادة وناشطي المعارضة الذين تم اعتقالهم في ربيع 2011 واستهدفوا جميعًا لمجرد مشاركتهم في الاحتجاجات السلمية. وأفاد معظمهم، بمن فيهم عبد الهادي الخواجة، بتعرضهم للتعذيب خلال الأيام القليلة الأولى من اعتقالهم. وهتف عبد الهادي الخواجة لدى صدور الحكم القضائي بحقه: “سنواصل طريق المقاومة السلمية”، يقضي الخواجة الآن عقوبة بالسجن مدى الحياة.

علي سلمان.. معارض خلف القضبان

الشيخ علي سلمان هو الأمين العام لحزب الوفاق الذي كان يُعد حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، وكان قد قُبض عليه سابقاً وحوكم بسبب آرائه المنتقدة للسلطات.

في عام 2015، حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات، بعد محاكمة جائرة، بتهم تتعلق بخطابات سلمية ألقاها بين عامي 2012 و2014، تحدث فيها عن عزم المعارضة المستمر على الوصول إلى السلطة في البحرين ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.

 بدأت المحاكمة الثانية للشيخ علي سلمان في عام 2017 على خلفية مجموعة من التهم الملفقة بتبادل المعلومات الاستخبارية في محادثاته الهاتفية المسجلة مع رئيس وزراء ووزير خارجية قطر في عام 2011.

تمّت تبرئة الشيخ علي سلمان في عام 2018 لكن النيابة عادت واستأنفت الحكم. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، أدين في الاستئناف بتهمة “تبادل معلومات استخبارية مع دولة أجنبية ومع من يخدمون مصالحها للقيام بأعمال عدائية ضد البحرين، وكذلك الإضرار بمكانتها العسكرية والسياسية والاقتصادية وتقويض مصالحها الوطنية” “وإفشاء أسرار دفاعية لدولة أجنبية ونشر أخبار وبيانات مغرضة عن الأوضاع الداخلية في البحرين بهدف النيل من هيبتها ومكانتها”. وفي 28 يناير/كانون الثاني 2019، أيّدت محكمة النقض إدانته، يقضي السلمان الآن عقوبة بالسّجن مدى الحياة.

راشد وعارف الشحي.. إماراتيان في السجون العمانية

في عام 2018، حكمت عُمان على ستة متهمين – من بينهم مواطنين إماراتيين من قبيلة الشحوح، وهما راشد سعيد الصالحي الشحي وعارف سلطان أحمد الشحي، بالسجن المؤبد بتهمة “المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها” بعد محاكمات ظالمة. واستندت الاتهامات إلى عادة الرجال الستة بتصفح صفحات على الإنترنت محول تاريخ محافظة مسندم العُمانية وقبيلة الشحوح التي تقطن فيها، ومن بين الادعاءات التي أثيرت ضدهم أنهم حاولوا التواصل مع المنظمات الدولية بشأن الوضع في مسندم.

وفي 17 نوفمبر 2020، أصدر سلطان عمان عفوًا عن 4 من المواطنين العمانيين من هذه المجموعة الذين تمّ إطلاق سراحهم على الفور.

محافظة مسندم هي شبه جزيرة عمانية جبلية تطل على مضيق هرمز، وتفصلها الإمارات العربية المتحدة عن بقية البلاد. وهناك توترات بين عُمان والإمارات حول المناطق التي تقطنها قبيلة الشحوح المنتشرة على جانبي الحدود.

اعتقل راشد سعيد الصالحي الشّحي، في 6 أبريل 2018 في الرّوضة، مسندم، بينما اعتُقل عارف سلطان أحمد الشحي منتصف يوليو 2018 عند معبر الدارة الحدودي من جهاز الأمن الداخلي العماني أثناء دخوله إلى عُمان من الجانب الإماراتي.

محمد الركن وأحمد منصور.. حقوقيان خلف قضبان الإمارات

شهدت المحاكمة الجماعية، المعروفة باسم محاكمة “الإمارات 94”- محاكمة ما مجموعة 94 متهمًا جماعيّا بتهمة إنشاء منظمة تهدف إلى الإطاحة بالحكومة، وهي تهمة نفوها جميعاً. وكان من بين المتهمين محامين بارزين وقضاة وأكاديميين وقيادات طلابية، من بينهم الدكتور محمد الركن، محامي حقوق الإنسان الذي قدم المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، بالإضافة الى مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان.

فقد اعتقل ضباط أمن الدولة الدكتور محمد الركن في يوليو 2012. ولمدة 3 أشهر، لم تكن عائلته على علم بمكان وجوده. وأدانت غرفة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي 69 شخصًا من بين 94 قيد المحاكمة، من بينهم ثمانية حوكموا غيابياً، وحكمت عليهم بالسجن لمدة تتراوح من سبع سنوات الى 15 عامًا. وشابت المحاكمة مخالفات إجرائية خطيرة، وقبلت هيئة المحكمة أدلّة الادعاء التي تتكوّن إلى حد كبير من “اعترافات” المدعى عليهم أثناء الحبس الاحتياطي. ولم تراع في المحاكمة المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك لأن أحكام هذه المحكمة كانت نهائية وكان القانون في حينها يحرم المتهمين من حق الاستئناف.

وتحدث محمد الركن عن حياة النشطاء السياسيين في الإمارات في عام 2007، فقال: “قد يتمّ الثناء على الناشط، وقد يتلقى التهنئة على عمله، وقد يتمّ دعمه سراً، ولكن لن تُثار ضجة إذا ما حدث له شيء”، وفي عام 2017، مُنح جائزة لودوفيك تراريو الدولية لحقوق الإنسان، يقضي الركن الآن عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات.

اعتقل المدافع عن حقوق الإنسان أحمد منصور في 20 مارس 2017، وفي مايو 2018، أدين ظلماً بارتكاب جريمة “الإساءة إلى هيبة ومكانة الدولة ورموزها بمن فيهم قادتها” بالارتباط بنشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي. وتم تثبيت إدانته والحكم عليه في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018. وهو محتجز في حبس انفرادي في سجن الصدر بأبو ظبي في ظروف مزرية. ومنذ اعتقاله، سمح له فقط بمغادرة زنزانته الصغيرة لعدد قليل من من الزيارات العائلية، ولم يسمح له بالخروج إلى ساحة التمارين في السجن إلا مرة واحدة. احتجاجاً على ذلك، دخل في إضرابين منفصلين عن الطعام أضرا بصحته بشكل خطير.

كان أحمد منصور هو الصوت المستقل الوحيد الذي لا يزال يتحدث عبر مدونته وحسابه على تويتر ضد انتهاكات حقوق الإنسان من داخل البلاد. ونتيجة لذلك، واجه ترهيبًا ومضايقات وتهديدات متكرّرة بالقتل من جانب السلطات الإماراتية أو مؤيديها. ووضعته السلطات تحت الرقابة المادية والإلكترونية: فقد تمّ اختراق حسابات الكمبيوتر والهاتف والبريد الإلكتروني وتويتر الخاصة به. في عام 2015، وتقديرًا لعمله الشجاع، فاز بجائزة مارتن إينالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان.

أثناء مشاركته في التصوير لفيلم منحه جائزة مارتن إينالز لعام 2015، قال أحمد منصور: “لا توجد وسيلة لقياس الرأي العام هنا (الإمارات) لأنه لا توجد إرادة حرة. الناس يخشون التحدث، وفي الوقت نفسه،  لن يتوقفوا. لن نتوقف، علينا أن نواصل إزالة حجرٍ من الجبل أفضل من ترك الجبل على حاله”، يقضي أحمد منصور الآن عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات.

سلمان العودة.. متهم بـ”الإصلاح السياسي”

سلمان العودة رجل دين إصلاحي سعودي يبلغ من العمر 63 عامًا قُبض عليه في سبتمبر 2017، ويواجه عقوبة الإعدام في محاكمته أمام المحكمة الجنائية المتخصّصة.

وكان سلمان العودة يدعو إلى إصلاحات سياسية وديمقراطية في المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى منذ مطلع التسعينيات. واعتقل عام 1994 دون تهمة أو محاكمة لمدة خمس سنوات، وأفرج عنه عام 1999 وواصل دعواته للإصلاح.

وفي 7 سبتمبر 2017، اعتقل مسؤولو أمن الدولة الشيخ سلمان العودة من منزله دون أمر قضائي، بعد ساعات قليلة من نشره تغريدة تشجع السلطات القطرية والسعودية على إنهاء الأزمة الدبلوماسية. وكتب: “الله يوفق بين قلوبهم لما فيه خير شعوبهم”. وبحسب عائلته، كانت السلطات قد طلبت منه ومن شخصيات بارزة أخرى التغريد لدعم الحكومة السعودية أثناء النزاع مع قطر، لكنه رفض ذلك. واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي في الحبس الانفرادي طيلة الأشهر الخمسة الأولى من اعتقاله، دون السماح له بالاتصال بأسرته أو بمحام، باستثناء مكالمة هاتفية قصيرة واحدة بعد شهر من اعتقاله.

وفي أغسطس 2018، اقتيد سلمان العودة للمثول أمام المحكمة الجنائية المتخصصة في جلسة سرية، حيث وجهت إليه 37 تهمة، من بينها الدعوة إلى إصلاحات سياسية وقضائية وحماية حرية التعبير في السعودية. كما اتهم بدعم إصلاح الحكومات و”تغيير الأنظمة” في المنطقة العربية. وفي مايو 2019، مثل لمحاكمة أخرى في جلسة سرية، وبعد المحاكمة أبلغ محاميه الأسرة بأن النائب العام طلب الحكم عليه بعقوبة الإعدام. ما تزال محاكمته جارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *