مسلسل رمضاني جديد يثير جدلا واسعا بين التونسيين.. «فلوجة» يضرب الأسرة التربوية أم يصور واقع المؤسسات التعليمية بتونس؟

وكالات

أثارت أولى حلقات مسلسل “فلوجة” الذي بدأ عرضه الخميس، مع بداية شهر رمضان جدلا واسعا وردود فعل متباينة في الأوساط الثقافية والرسمية بتونس، بين من انتقد “إساءات” العمل الدرامي للمنظومة التربوية، ومن رأى فيه “مرآة عاكسة” تنقل واقع المجتمع المؤسسات التعليمية.

وبحسب موقع قناة “الحرة”، وجه وزير التربية التونسي، محمد علي البوغديري، انتقادات شديدة للمسلسل التلفزيوني الذي يبث على قناة “الحوار” الخاصة، معتبرا أنه “يضرب الأسرة التربوية في العمق ولا يعكس الصورة الحقيقية للتلميذ التونسي”، فيما رفع محاميان دعوى قضائية للمطالبة بوقف بثه.

ويصور المسلسل الدرامي الذي أخرجته المخرجة، سوسن الجمني، حياة طلاب إحدى المدارس الثانوية بالعاصمة بشكل وصف بـ”المسيء”، من خلال معالجته لمواضيع “انحراف الشباب والعلاقات المتوترة بين التلاميذ والأساتذة وأسرهم، بالإضافة إلى انتشار تعاطي المخدرات والعنف في الفضاءات التعليمية”، بحسب وسائل إعلام تونسية.

واعتبر وزير التربية التونسي، الجمعة، أن المسلسل، “يتنافى والأخلاق العائلية ولا علاقة له بشهر رمضان، ولايعكس ما تقوم به الأسرة التربوية من عمل جاد وجبار من أجل إنقاذ المتعلمين والارتقاء بمستواهم الفكري والمعرفي”.

وعرضت قناة “الحوار” التونسية، أول أمس الخميس، الحلقة الأولى من المسلسل، الذي يحمل اسم مدينة الفلوجة العراقية، التي اشتهرت خلال “حرب العراق”، وأصبح اسمها يستخدم مجازا بين التونسيين للتعبير عن “الدمار والخراب”، بحسب موقع تونيسكوب.

وخصصت الحلقة الأولى  من المسلسل لإبراز المصاعب التي واجهت أستاذة في التعامل مع تلاميذ الفصل الذين كتبوا على سيارتها بالإنجليزية “مرحبا في فلوجة” ما أثار غضبها، بحسب فرانس برس.

وتقدم محاميان تونسيان بعريضة استعجالية إلى القضاء لوقف بث المسلسل “الذي يتعمد ضرب الأخلاق والتربية من خلال تعمّد نشر البذاءة…لإفساد عقلية جيل الغد”، وفقا لنص الطلب الذي تقدم به صابر بن عمّار وحسن عز الدين الدياب إلى المحكمة.

وجاء في العريضة أن “المسلسل يمثل حلقة جديدة من مسلسل الاعتداء الصارخ على كل مشترك إيجابي يجمع هذا الشعب، وخاصة رمزية اسم الفلوجة لما عرف عنه (من رمزية) للتضحية والمقاومة”.

وأشار المصدر ذاته، إلى أن هذا المسلسل “يتعمد ضرب الاخلاق والتربية من خلال نشر البذاءة والتفسخ الأخلاقي الممنهج لإفساد عقلية شباب جيل الغد والقضاء على قيمنا التربوية والثقافية وأخلاقنا الحميدة”.

من جانبها، دعت “الجامعة العامة للتعليم الثانوي” وهي من أكبر النقابات التعليمية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، إلى فتح تحقيق في منح ترخيص من وزارة التربية لتصوير هذا المسلسل “الذي تعدى على حرمة المدرسة ورمزيتها…وشوه صورة التلاميذ”.

وأثار الكاتب العام لهذه النقابة، الأسعد اليعقوبي، الجدل، بعد أن كتب منشورا عبر صفحته على فيس بوك أكد فيه أن “وزارة التربية وقعت عقدا مع صاحب القناة وسمحت بتصوير مسلسل فلوجة…مقابل التبرع ببعض أثاث التصوير للمعهد”.

بالمقابل، دافع عدد من المتابعين على العمل الدرامي، معتبرين أنه يصور “واقع المؤسسات التعليمية بتونس”، مبدين رفضهم للردود التي أعقبت البث.

في هذا الجانب، انتقد أستاذ الفلسفة، محمد أبو هاشم محجوب، ما وصفها بـ”ردود الفعل الحينية”، مشيرا إلى أن “الطبيعي أن لا يكون الحكم على أي عمل فني قبل استكماله أو على الأقل قبل معرفة جزء هام منه”.

وأضاف الأستاذ التونسي في تدوينة على فيسبوك، أنه “كلما  افتضح أمر المدرسة تعالت الألسن بالسباب والشتائم”، مردفا: “العيب فينا نحن جميعا: مربين وأولياء وشبانا متعلمين ولوبيات للمخدرات تستغل دون ضمير واقعا عائليا واجتماعيا خاليا من كل شعور بالمسؤولية..” وتابع أن المسلسل “حسب حلقته الأولى فقط –  لا يقول الحقيقة .. ولعله لا يقول حتى نصفها أو ربعها”.

من جانبه، قال الإعلامي التونسي، سمير الوافي، إن “المعاهد أصبحت سوقا لترويج المخدرات بشهادة الجمعيات والمنظمات وبأرقام وإحصائات المؤسسات الاجتماعية”.

وأوضح الوافي في تدوينة على فيسبوك أن “المسلسل الذي يقلق التونسيين، يتعايشون معه في الواقع ويرفضونه في التلفزيون، بحجة أن التلفزيون يفسد هذا المجتمع الفاضل المحترم العفيف والشريف، بينما العكس هو الصحيح مع الإقبال الكثيف على أتفه الأعمال”.

وتابع في تدوينته: “انهار مستوى التدريس ومستوى التلاميذ ومستوى الشهائد (…) وكملت الإضرابات العشوائية على ما تبقى، هذا واقع أشنع مما ظهر في المسلسل”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *