مدحت الزاهد يكتب عن: ويلات الحرب في أوكرانيا.. والحلم ببديل ثالث بلا حروب

ويلات الحرب تطول الشعب الاوكرانى ومظاهرات ضد الحرب فى روسيا واوكرانيا
وتمدد الناتو يثير القلق وملامح وضع عالمى جديد تتراجع فيه الهيمنة الامريكية
نظرية الطوق الحديدى حول روسيا أطلت براسها بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو و الناتو يتمدد على الجناح الروسى


الروس يطرحون فنلدة اوكرانيا وسيناريو الافغنة وارد


الشعوب تتطلع إلى بديل ثالث لعالم لا تقرر مصيره الحروب وصراعات القوى الكبرى

……..
مع توغل القوات الروسية فى الاراضى الاوكرانية ومعاناة الشعب الاوكرانى من ويلات الحرب وصرخات رئيس اوكرانيا لقد تركونا وحدنا، تتصاعد لدى تياراا عريضة فى المنطقة ودول الجنوب مشاعر الشماتة فى الإدارة الأمريكية وحلف الناتو بسبب تاريخه العدوانى فى حق الشعوب وتدمير العراق وليبيا ويوغسلافيا السابقة ودعم دولة إسرائيل الاستعمارية والتمدد فى كل القارات كشرطى للعالم يقرر مصير الانظمة.. وايضا بسبب ما كشفت عنه التطورات الأخيرة من من تراجع نظام القطب الواحد والهيمنة الأمريكية لصالح عالم تتعدد فيه مراكز القوى وتتسع فيه مساحة أكبر للاطراف الضعيفة لمقاومة توجهات الهيمنة.


ويلزم هنا الانتباه إولا أن موقفنا الجوهرى هو معارضة استخدام الحرب والقوة المسلحة كوسيلة لتغيير الانظمة والاوضاع فى اى دولة أو منطقة وضرورة احترام حق الشعوب فى الأمن ومعارضة الاحلاف العسكرية وتمددها بما يهدد مصالح أطراف أخرى وهو أيضا ضد الاستقطاب الدولى القائم على حسم النزاعات بالحروب..


وربما يجدر هنا الانتباه إلى اننا أمام مشهد من مشاهد صراع مراكز القوى فى النظام الدولى وبين اقطابه وهو صراع يختلف عن صراعات القرن الماضى بين الكتلة السوفيتية التى ساندت شعوب العالم ضد الاستعمار القديم والجديد وقدمت لها أشكال من المساعدات فى مسعاها لتطوير اقتصادها وتنمية قطاعاتها الإنتاجية وبين الكتلة الاستعنارية التى فرضت هيمنتها على شعوب العالم واستنزفت ثرواتها لقرون ..

وي٨تلف الصراع الحالى فروسيا وريثة بقايا الاتحاد السوفيتي لم تعد روسيا الاشتراكية القديمة وقيصرها الجديد بوتين يمثل التيار القومى اليمينى واقتصادها أصبح خليطا بين راسمالية الدولة والاحتكارات عابرة القارات .
وهذه الروسيا القومية الناهضة التى انكمشت فى أوربا الشرقية وانسلخت عنها بعض الجمهوريات وتفكك منها حلف وأردسو، لها بكل تأكيد مصلحة فى تفكيك هيمنة القطب الواحد وحلف الناتو واستعادة ما أمكن من مساحة نفوذها ، وهى تفعل ذلك الان انطلاقا من مصالحها كقوة عظمى فى النظام العالمى وبحسابات المصلحة وليس كل المبادىء االتى استلهمتها ثورة أكتوبر… وهذا البعد هو الذى يفسر موقفها فى الخليج برجعياته وعكسه فى سوريا وايران وليبيا ودول أمريكا اللاتينية التى تعرضت للحصار .. وليس غريبا فى هذا السياق أن يهاجم بوتين مبدأ حق تقرير المصير للشعوب الذى استلهمته ثورة أكتوبر وزعاماتها .


وفى الحقيقة لا يتحمل بوتين وحده مسؤولية معاناة الشعب الاوكرانى من ويلات الحرب مهما تكن دقة الضربات، بل يتحملها أيضا حلف الناتو وحكومة اوكرانيا التى أعلنت رغبتها للانضمام للناتو وهو ما اعتبرته موسكو اعلان نوايا بالشر وخنجر فى ظهرها داعية اوكرانيا والناتو إلى وقف تمدده شرقا وأكثر من ذلك إلى داخل البيت ، بكلمات بوتين.

وفى الحقيقة فإن الانضمام للناتو لم يكن الضمان الأهم لامن اوكرانيا ، وعلى العكس فهو ما قوض امنها وهناك دول جارة لروسيا كالسويد وفنلندا التزمت فى السياسة والاقتصاد التوجهات الغربية كاقتصاد السوق والليبرالية السياسية ، لكنها فى العلاقات الخارجية التزمت الحياد ولم تنضم إلى اى احلاف عسكرية وكان هذا التوجه اهم ضمانة لأمنها.. و كان هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومى الامريكى ومع تصاعد القوة السوفيتية يحذر من فنلدة أوربا اذا واصل السوفيت صعودهم ، اى التزام دول أوربا بالاقتصاد الحر والليبرالية السياسية مع حيادها بين السوفيت والأمريكان فى السياسة الخارجية، وهو الخطر الذى عالجته السياسة الأمريكية بمحاولة تفكيك حلف وارسو والاتحاد السوفيتى ، اعتمادا على عناصر الضعف فى المنظومة السوفيتية.


والحقيقة أن نظرية الطوق الحديدى حول روسيا نظرية قديمة واعتمدت فى فترة سابقة على دول الجوار وخاصة تركيا وايران الشاهنشهاية ، ومع تنامى القدرات السوفيتية وتوسعها شرق أوربا تراجعت نظرية الطوق الخانق حتى ظهرت من جديد فى أزمة اوكرانيا وليس من المعروف بدقة الحسابات الأمريكية التى قادت إلى هذا الوضع ولكن تصريح الرئيس الاوكرانى الاخير حول قبول متطوعين اجانب قد يطرح السؤال عن احتمال افغنة الازمة الاوكرانية باستخدام مجاهدين أفغان فى استنزاف الروس فى اوكرانيا ليصبح الوضع بدلا من فنلدة اوكرانيا ، كما يريد الروس، بلقنة المنطقة وهو احتمال لا يزال بعيدا حتى الآن.


ومهما يكن من أمر فإن الوضع العالمى الراهن يحتاج إلى بديل ثالث ديمقراطي شعبى يعتمد على تصحيح المسار بإرادة الشعوب، ومن علاماته مظاهرات الروس والاوكران ضد الحرب واستفادة دول الجنوب من صراع الضوارى لتوسيع مساحة نشاطها المستقل لبناء عالم افضل يحقق احلام البشرية فى العدل ولا يرهنها بصراع الامبراطوريات الصاعدة والهابطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *