محمد صابر البطاوي يكتب: جمال مبارك.. عزيزي أنت لص

ببذلة منمقة، ووجه شاحب، وإنجليزية راقية، حرص الشاب الموعود بالمملكة (سابقا) على نفي اتهامات السرقة واللصوصية عنه وعن أبيه بعد عقد من الزمان.. بدا وكأنه خارج من ماض سحيق ليخرج لسانه لأولئك الذين ثاروا من أجل حقوقهم، محاولا التباهي بنقاء ثوبه أمام المحاكم المحلية والدولية واسترداد أمواله رغم كل شيء؛ على أي حال فشلت مهمتك يا عزيزي.. فأنت #لص.

أعرف أنك حاولت جاهدا لتظهر في صورة حضارية أنيقة، أبعد ما تكون عن الصورة النمطية للصوص، محاولا اللعب على مشاعر كثيرين ممن باتوا يترحمون على عهد أبيك رغم كل ما فيه، وسأحاول أن أكون مهذبا كذلك في كلماتي رغم ما ينفجر في صدري من مشاعر.. لكن اسمح لي أن أخيب أملك قليلا، فكثيرون ممن ثاروا على أبيك لن تخدعهم أبدا أوراق المحاكم وأحبارها؛ فهم يعلمون أنها جرت وفقا لقوانينكم داخليا، ولمصالحهم خارجيا.

لم ننس يا عزيزي أن البلايين التي أعلن عنها القاصي والداني في حساباتكم وحسابات والدكم الراحل هي في جيوبكم من دون أن تكون في عائلتكم الكريمة مؤسس آبل مثلا، أو مالك أمازون، أو رجل ذو شركات وتجارة معروفة تبرر ذلك الثراء الفاحش.. كلها أموال عمولات مشبوهة لصفقات فاسدة في بلد فقير.. لم تزده تلك الصفقات إلا فقرا وضعفا.

عزيزي؛ أنت لص لأن أحدا لا يمكن أن يتولى مسؤولية اتخاذ القرار عن شعب ثم يتقاضى عمولات لإرساء صفقات مشكوك فيها في الوقت ذاته، ناهيك عن أن أحدا من أبناء شعبه لم يكن بمقدوره أن يعرف أو ينافس أو يشارك في تلك الصفقات المريبة.

عزيزي؛ أنت لص لأنك كنت على قاب قوسين أو أدنى من سرقة إرداة شعب وقراره، وأن ترثه كما يورث العقار، وليس من العقل أن تنفي ذلك بعدما خربت عليك “مالطة أبيك”؛ فإنت لم تفعل ذلك أيام رسوخ حكمه.. فقط ظللت تحكم قبضتك على الأمور شيئا فشيئا لولا الثورة.

عزيزي، لم ننس أنك لص لأن اللصوص والفاسدون والقتلة الذين أحطت نفسك بهم لا يزالون إلى اليوم يسرقون أموال شعبنا في الصباح وبالعشي. لم ننس أن سرقاتكم تتجاوز الأموال والذهب والفضة إلى أعمار شباب هذا الوطن وآماله ومستقبله.

عزيزي؛ لم ينس العالم حجم ثرواتكم الذي يفضح فسادكم.. يمكنك أن تتصفح بإنجليزيتك الأنيقة مواقع كبرى الصحف والمجلات التي تبارت في محاولة حصر ثرواتكم التي لا حد لها، الكل يعرف مهما حاولت مصدر تلك الملايين في بلد أفقرتموه وضيعتموه على مدى سنوات وعقود.

عزيزي، إن جميع المحاكم على سطح هذا الكوكب لا يمكن أن تمحو كلمة لص المكتوبة بين عينيك، وإن مآسي الحاضر لن تجعلنا نترحم ونحن وننسى أيام أبيك؛ وإن الأحكام الباطلة لن تجعل أموال الشعب الحرام حلالا، وإن البزات الأنيقة واللغات المتقنة لا تجعل اللص أعلى مرتبة من حرامي الغسيل أو سارق النعال من أمام المساجد.. وساعة الحساب وإن تأخرت فإنها آتية؛ وإن قاضي الآخرة لا يحكم بالقوانين التي تسنها أنظمتكم.8m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *