“عفش الفرخة”| مصريون يأكلون “هياكل” الدجاج: الكيلو بـ 10 جنيهات : ظروفنا ما تسمحش بأكتر من كده

صاحب محل طيور: الإقبال على شراء الهياكل والأجنحة وأرجل الدجاج كبير.. ومواطنة لـ”درب”: «ظروفنا متسمحش نجيب فرخة»

دراسة لـ«التعبئة والإحصاء» في 2016 تكشف:50% من الأسر تتناول النكهات الغذائية وهياكل وأجنحة الدجاج ورؤوس أسماك وعظام الماشية

كتب- إسلام عز الدين

«منقدرش نشتري لحمة».. قالتها سهير، التي يتقاضى زوجها ألف جنيه نظير عمله حارس عقار في منطقة فيصل، وهي تشتري «كيلو هياكل» من محل للطيور بشارع «كعابيش» بمحافظة الجيزة.

تشتري سهير «هياكل الدجاج» التي يطلق عليها أيضا «العفش» لتعد بها «شوربة» بمذاق الدجاج الذي لا تقدر على شراءه بعد تأثر الاقتصاد جراء تفشي فيروس كورونا في البلاد.

بعد أن تباع “صدور وأوراك” الدجاج تتبقى الأجنحة والرؤوس والرقاب والأرجل؛ والتي تعُرف جميعها باسم «هياكل الفراخ»، والتي وفق ما يقول سعيد، صاحب محل طيور في أحد الشوارع المتفرعة من شارع الملك فيصل بالمريوطية كان يتم التخلص منها في السابق أو بيعها لأصحاب الكلاب والقطط، باستثناء الأجنحة، لكن الوضع تغير في السنوات الماضية وبات الكثير من الزبائن يشترونها لتناولها، وزاد الأمر مع تفشي فيروس كورونا.. «دلوقتي في ناس بتشتري الرجول عشان تاكلها».

بنقضي الشهر بالعافية

تقول سهير لـ«درب» إن زوجها كان يعمل سائقا لدى إحدى حضانات الأطفال بجانب عمله كحارس للعقار، وكانت ظروفهما المادية جيدة حينها. لكن مع إغلاق الحضانات بسبب تفشي كورونا، باتت ظروفهما المادية صعبة.. «بقى مفيش غير الألف جنيه بتاعت الشهرية». 

وتابعت سهير التي أشارت إلى أن لديها طفل واحد عمره 5 سنوات: «في الأول كان ممكن نشتري فرخة أو جناحات لكن دلوقتي بقينا نقضي الشهر بالعافية، ومنقدرش نقول غير الحمد لله».

مثل أسرة سهير بات كثيرون يقبلون على شراء هياكل وأرجل الدجاج، مع تفشي فيروس كورونا، حسبما رصد موقع «درب» في جولة قام بها على بعض محال الطيور.

ظروفنا متسمحش نجيب فرخة

أمام محل «عباد الرحمن للطيور» في منطقة المريوطية بفيصل، وقفت سيدة أربعينية ترتدى عباءة سوداء، سألت عن سعر كيلو الدجاج، ثم سعر الأجنحة، وفي النهاية طلبت شراء كيلو «هياكل».

رفضت السيدة الحديث أو ذكر اسمها لكنها قالت باقتضاب وهي تغادر المحل «ظروفنا متسمحش نجيب فرخة».

الظروف ذاتها، تدفع «أم حسام» لشراء «هياكل الدجاج»، حيث قالت إن زوجها يعمل فرد أمن في إحدى الشركات، ويضيع نصف راتبه على الإيجار، والنصف الباقي ما بين المواصلات ومصاريف البيت.

لكن «أم حسام» تؤكد أنها تشتري مرة في الشهر دجاجة «عشان العيال ياكلو»، واستطردت: «وممكن نجيب بدل الفرخة أجنحة مرتين في الشهر، والأجنحة فيها لحم برضو»!

يذكر أن دراسة صدرت في يوليو من العام 2016، للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بشأن «الخصائص السكانية» للمجتمع المصرى خلال العام 2015، كانت قد أشارت إلى أن «أكثر من 50% من هذه الأسر تتناول النكهات الغذائية وهياكل وأجنحة الدجاج ورؤوس أسماك وعظام الماشية بصفة متكررة أكثر من مرتين أسبوعياً».

ونوهت الدراسة بأن «أكثر من ثلث الأفراد المعرضين لخطر انعدام الأمن الغذائي أميون، وفي حالة عدم كفاية الدخل يعتمد نحو ثلث الأسر على أنواع أرخص من الغذاء للحصول على الطعام، وأكثر من خُمسهم يعانون مرضين، أحدهما مزمن والآخر غير مزمن معاً».

وقال عبدالعزيز السيد،  رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية – بعد أيام من صدور الدراسة سالفة الذكر –  إن 50% من المصريين الذين يعانون من الفقر يعيشون على هياكل الدواجن، بسبب ارتفاع أسعار الدواجن والسلع الأساسية، لافتا إلى أن ارتفاع سعر الدولار يتسبب في ارتفاع أسعار الدواجن، لانه يتم استيراد الاعلاف من الخارج وهذا يكلفنا كثيرًا.

حركة البيع انخفضت

يقول سعيد، صاحب محل طيور، إن حركة البيع والشراء انخفضت خلال الشهور الماضية بسبب تفشي كورونا.. «دلوقتي البضاعة بتقعد عندي يومين وتلاته وأربعة، وبضطر أنزل في السعر.. مش مهم اكسب المهم اشتغل، أنا عندي 4 شغالين اليومية بتاعت كل واحد 100 جنيه».

يبلغ سعر كيلو الهياكل لدى سعيد 10 جنيهات، لكنه يبيعه بـ8 جنيهات في كثير من الأحيان.. «لو حسيت الزبون حالته صعبة قوي ببيع الكيلو بـ 8 جنيه بس، أما الرجول فبطلعها ببلاش».

ويشير سعيد في تصريحاته لـ«درب» إلى أنه يبيع حوالي 30 كيلو هياكل فراخ، أي بنحو 9000 آلاف جنيه في الشهر.

أدى تفشي فيروس كورونا المستجد في مصر إلى انخفاض دخول أكثر من 73% من المواطنين، بحسب دراسة للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء صدرت في يونيو الماضي حول آثار فيروس كورونا على حياة الأسرة المصرية، خاصة في الحياة العملية للمشتغلين ونمط الاستهلاك، فضلا عن تدابير تغطية الاحتياجات في حالة نقص الدخل.

وأظهرت الدراسة التصرفات التي قامت بها الأسر منذ ظهور فيروس كورونا لمحاولة تغطية احتياجاتها، مشيرةً إلى أن أعلى نسبة تم ذكرها لمحاولة تغطية احتياجات الأسرة هي الاعتماد علي أنواع أرخص من الغذاء وبنسبة بلغت 92.5%.

الإقبال كبير

«الإقبال على شراء الهياكل والأجنحة ورجول الدجاج كبير»، هكذا يؤكد هاني، صاحب محل طيور في منطقة المريوطية بفيصل، لافتا إلى أن سعر كيلو الهياكل يترواح ما بين 10 إلى 12 جنيها على حسب سعر الدجاج.

ويقول هاني في تصريحات لموقع «درب» إن من يشترون الهياكل من الطبقة الفقيرة وأغلبهم يعملون كحراس للعقارات، مشيرا إلى أنه يبيع من 20 لـ30 كيلو هياكل يوميا، ويبلغ سعر الحد الأدنى لهذه الكمية 200 جنيه، فيما يبلغ الحد الأقصى 300 جنيه في اليوم و9 آلاف في الشهر.

وبالنسبة لـ«رجول الدجاج»، يقول هاني إنه لا يبيعها بالكيلو ولكن بالشنطة، موضحا أن الشنطة الواحدة تحتوي على حوالي من 2 لـ3 كيلو ويبلغ سعرها 5 جنيهات، لكنه أكد أن البعض يشتريها لإطعام الكلاب، ولفت إلى أنه يبيع حوالي 3 شنط فقط منها يوميا.

ويشير هاني إلى أن أجنحة الدجاج هي الأكثر مبيعا، ويترواح سعر الكيلو منها بين 20 لـ22 جنيها نظرا لاختلاف سعر سوق الدواجن، لافتا إلى أنه يبيع منها أيضا ما لا يقل عن 20 كيلو يوميا، أي يبيع من «أجنحة الفراخ» بنحو 400 جنيه على الأقل في اليوم و12 ألفا في الشهر.

زبائن على قد حالها

يقول ياسر، وهو صاحب محل طيور في منطقة الطوابق بفيصل، إن «معظم الزبائن اللي علي قد حالها هي اللي بتطلب  الهياكل لرخص  تمنها»، فهي لا تتعدي الـ١٠ جنيهات للكيلو.

ويضيف ياسر أن جميع الفئات يشترون أجنحة الدجاج التي لا يتجاوز سعرها لديه الـ20 جنيها، لكن قطاع كبير ممن يشترونها من الفقراء. وأشار إلى أنها يبيع  من الهياكل وأجنحة الدجاج حوالي 25 كيلو يوميا، وهو ما يُقدر بنحو 500 جنيه في اليوم و15 ألفا في الشهر.

يذكر أن تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في نهاية شهر يوليو من العام 2019، كان قد كشف عن ارتفاع معدلات الفقر في البلاد لتصل إلى 32.5 في المئة من عدد السكان، بنهاية العام المالي 2017/ 2018، مقابل 27.8 في المئة لعام 2015/ 2016، ويعد هذا الارتفاع هو الأعلى في آخر 20 عاما.

وقد زادت نسبة الفقراء من 16.7 بالمئة في 2000/1999 إلى 21.6 بالمئة في 2009/2008، ثم 25.2 بالمئة في 2011/2010، ثم 26.3 بالمئة في 2013/2012، ثم إلى 27.8 في عام 2015، ثم ارتفعت النسبة إلى 32.5 بالمئة في فترة 2017/2018.

الثلث

«تلت مصر بتشتري هياكل»، تقولها أم أدهم، صاحبة محل طيور صغير في منطقة الطوابق بفيصل، لافتة إلى أنها تبيع يوميا حوالي 5 كيلوجرامات من الهياكل.. وتضيف: « ده عشان المحل بتاعي صغير والزباين عندي قليلين لكن المحلات التانية بتبيع 30 كيلو في اليوم».

وتشير أم أدهم، إلى أنها تبيع كيلو الهياكل بـ10 جنيهات، والأجنحة بـ20 جنيها، وأرجل الدجاج بـ2 جنيه للكيلو.

أطباء يحذرون

ويحذر أطباء من تناول «أجنحة الفراخ» لما قد تسببه من مشكلات صحية منها خلل في الهرمونات.

وقال الدكتور مجدي نزيه، رئيس وحدة التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية، في تصريحات تلفزيونية سابقة، إن «أجنحة الفراخ» تعد منبعا للكثير من المشاكل الصحية.

وأشار رئيس وحدة التثقيف الغذائي بالمعهد القومي للتغذية، إلى أن «أجنحة الفراخ» تحتوي على نسبة دهون عالية وهرمونات وبقايا عقاقير بيطرية، ما قد يسبب العديد من المشاكل الصحية للفرد.

يذكر أن دراسة لمعهد التخطيط القومي صدرت في مايو الماضي قد توقعت أن تتسبب أزمة جائحة فيروس كورونا في ارتفاع معدل الفقر في مصر، ليرتفع عدد الفقراء بما يتراوح ما بين 5.6 إلى 12.5 مليون فرد خلال العام المالي 2020- 2021 وفقًا لسيناريوهات مختلفة.

وتتوقع الدراسة في السيناريو المتفائل أن تتسبب أزمة فيروس كورونا في ارتفاع معدل الفقر في مصر لتصل إلى 38% أو ما يعادل زيادة الفقراء بنحو 5.6 مليون فرد في العام المالي المقبل.

أما في السيناريو المتشائم من الدراسة فيتوقع أن يرتفع معدل الفقر في مصر ليصل إلى 44.7% أو ما يعادل زيادة الفقراء بنحو 12.5 مليون فرد في العام المالي المقبل.

وقالت الدراسة إن عدم وجود تقديرات سابقة لنسبة الفقر في مصر حتى عام 2020- 2021 بدون حدوث الأزمة، وفي ظل عدم اليقين حولها، فإنه يمكن افتراض أن نسبة الفقر في ظل الظروف العادية سوف تتراوح بين 30 إلى 35%.

وأضافت الدراسة أنه يمكن استنتاج أن الأثر الصافي لأزمة فيروس كورونا على زيادة عدد الأفراد تحت خط الفقر في مصر يتراوح بين 3 إلى 8 مليون فرد وفقًا للسيناريو المتفائل.

وسيرتفع هذا العدد إلى ما بين 5 إلى 10 ملايين فرد وفقًا للسيناريو الوسط، وسيتراوح العدد بين 10 ملايين إلى 15 مليون فرد وفقًا للسيناريو المتشائم لمعدل البطالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *