“عاش موته غربة أخرى بغير ترابه”.. رحيل الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب بالإمارات (آن للوطن أن يكتب بكائيته)

توفي الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب، اليوم الجمعة، في مستشفى الجامعة بالشارقة في دولة الإمارات، بعد صراع مع المرض. 

يذكر أن صاحب القصائد المشهورة بهجائها الأنظمة العربية، مثل “القدس عروس عروبتكم” و”قمم”، و”بيان سياسي”، و”بكائية على صدر الوطن”، كان يعاني من مرض الشلل الرعاشي “باركنسون”، ومن أشهر قصائده “رحيل”، التي كتبته عن بلده العراق ويقول فيها:  

أواه إن طال الفراق  

وعاش موتي غربةً أخرى بِغَيرِ تُرابه 

سأصيح في الليل البهيم 

أنا العراق 

متى أعود إلى العراق 

ليغسل النهران 

وعثاء الزمان ووحشَتي 

وأعود أمي نخلةٌ 

وأنا بجانبها فَسيل 

اللُّب أبيض ناصع 

ويَبثّ سعفي الخصب 

في النسمات 

ما من نسمة 

إلّا ومِنّي أكأَمت 

بدل الربيع اثنين 

وولد النواب في بغداد عام 1934 لعائلة شيعية أرستقراطية من أصل هندي تقدر الفن والشعر والموسيقى، حيث ينتمي بأصوله القديمة إلى عائلة النواب، التي ينتهي نسبها إلى الإمام موسى الكاظم، الذي خلال ترحال أحد أجداده في الهند أصبح حاكماً لإحدى الولايات فيها، وقاوم الإنجليز لدى احتلالهم للهند فنفي أفراد العائلة، خارج الهند فاختاروا العراق. 

وعُرف سابقا بمعارضته الشديدة للحكومات العراقية المتعاقبة، ويعد من أبرز الشعراء في العراق خلال العصر المعاصر. 

أظهر موهبة شعرية منذ سن مبكرة.  

وأكمل دراسته الجامعية في جامعة بغداد وأصبح مدرسًا، وبسبب ميوله الثورية، تعرّض للملاحقة وسجن في العراق، وُصف بأنه “أحد أشهر شعراء العراق في العصر الحديث”. 

التحق النواب بالحزب الشيوعي العراقي وهو لا يزال في الكلية، وتعرض للتعذيب على يد الحكومة الهاشمية، وفي عام 1963، اضطر لمغادرة العراق إلى إيران المجاورة (الأهواز بالتحديد وعن طريق البصرة)، بعد اشتداد المنافسة بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا للملاحقة والمراقبة الصارمة من قبل النظام الحاكم، تم اعتقاله وتعذيبه من المباحث الإيرانية (السافاك) وهو في طريقه إلى روسيا، قبل إعادته قسراً إلى الحكومة العراقية.  

وأصدرت محكمة عراقية حكماً بالإعدام بحقه بسبب إحدى قصائده، وخفف فيما بعد إلى السجن المؤبد، وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نُقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد. 

هرب الشاعر العراقي من السجن بحفر نفق وبعد الهروب المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم سافر إلى جنوب العراق وسكن (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة وانضم إلى فصيل شيوعي سعى إلى قلب نظام الحكم. وفي عام 1969 صدر بيان العفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية فشغل منصب مدرس في إحدى المدارس. ثم غادر بغداد إلى بيروت في البداية، وبعدها انتقل إلى دمشق، وظل يسافر بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر بهِ المقام أخيراً في دمشق ثم بيروت، كما تعرض النواب لمحاولة اغتيال في اليونان في العام 1981. 

كما اشتهر بقصائده الثورية القوية والنداءات اللاذعة ضد الطغاة العرب، عاش في المنفى في العديد من البلدان، بما في ذلك سوريا ومصر ولبنان وإريتريا، حيث أقام مع المتمردين الإريتريين، قبل أن يعود إلى العراق في عام 2011.  

وقبل عودته إلى العراق، كان عديم الجنسية ولم يكن قادرًا على السفر سوى بوثائق السفر الليبية (إذ كان قد حل على العقيد معمر القذافي كشاعر كبير، وأقام في ليبيا لسنوات، واتخذ من جواز سفرها هوية رسمية). صدرت أول طبعة كاملة باللغة العربية لأعماله في لندن عام 1996 عن دار قنبر 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *