د. عبدالهادي محمد عبدالهادي يكتب: 8 شركات تربح في سباق كورونا

شركات الدواء تربح من أمراضنا، وكلما انتشرت الأمراض وزادت حدتها، ارتفعت أسعار أسهم هذه الشركات وزادت أرباحها. ومع استمرار تفشي وباء الفيروس التاجي، وارتفاع أعداد المصابين والوفيات، يمر الاقتصاد العالمي بزلزال عنيف، وتخسر معظم الشركات خسائر كبيرة منذ بدأ الوباء، لكن شركات أخرى تحقق مكاسب واضحة، مثل أمازون وجوجل ونتفليكس وشركات الإتصالات وشركات التجارة الإلكترونية، وحققت بعض شركات الدواء، ومنتجات الرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، مكاسب هائلة.

من بين عدد من الشركات التي تتنافس في توفير عقاقير وطرق لعلاج مرضى كوفيد-19، وتسعى للفوز في هذا السباق، حصلت إحداهن على رخصة عقار، وتمكن عدد قليل من الوصول إلى مرحلة التجارب الأخيرة، وإذا ما نجحت هذه التجارب، وأظنها ستنجح، فيتوقع أن تحقق هذه الشركات أرباحا هائلة، وأن تخف حدة الوباء إلى أن ينحسر.

الشركة الاولى هي جيلعاد للعلوم- الأمريكية: هي أول شركة أعلنت عن عقار محتمل لكوفيد-19، العقار هو أحد مضادات الفيروسات الموجود لديها بالفعل، وهو “ريميديسفير”، وكانت قد طورته قبل سنوات لعلاج فيروس إيبولا، ولم تثبت فعاليته في السوق مقارنة بالعقاقير الأخرى. والعقار ليس جديدا، وهو لا يكافح الفيروس مباشرة، لكن يمنعه من التكاثر.

كانت دراسة سابقة قد أوضحت فعالية العقار ضد مرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS)، وفيروسات تاجية أخرى، في الفئران، فارتأت الشركة أنه يمكن أن يكون فعالا في علاج أنواع أخرى من الفيروسات، وقررت إعادة استخدامه في مواجهة فيروس كورونا. وفي 31 يناير الماضي، قرر أطباء علاج مريض متطوع، يطلب الموت الرحيم، بالعقار، وقالت الشركة أن التجربة نجحت واختفت معظم الأعراض الرئيسية للمرض. وبدأت الشركة العمل مع السلطات الصحية في الصين على إجراء تجربتين في مقاطعة هوبي الصينية، وتجربتين في أسيا، وتجربة في الولايات المتحدة بالتعاون مع المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية.

وفي 17 مارس نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا عرضت فيه لنتائج تجربة استخدام العقار في علاج عدد من المرضى على سفينة الرحلات البحرية “داياموند برنسيس” في اليابان، وقالت أن سبعة مرضى كانوا فى حالة حرجة عولجوا بالعقار، وأن السبعة بقوا على قيد الحياة، وإن ظلت حالة بعضهم حرجة، وقال الطبيب الذي عالج هؤلاء المرضى أن لديه “إحساس” أكيد بأن العقار “يفعل شيئا ما” وأنه “يكاد يكون من المستحيل إثبات ذلك”. ووفقا للصحيفة، فإن العلاج بالعقار، قلل من حاجة المرضى إلى أجهزة التنفس المساعدة، وعرضت تقريرا عن رجل عمره 35 عامًا دخل المستشفى واحتاج إلى الأكسجين في البداية، لكن حالته تحسنت بعد يوم واحد من العلاج بالعقار.

وصلت جيلعاد إلى مراحل متقدمة في تجاربها، ويمكن أن تعلن عن نتائجها الأولية في أوائل أبريل، وعلى الرغم من عدم اكتمال التجارب السريرية، صرح مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بأن العقار الوحيد الذي يعتقد أنه قد يكون فعالا هو عقار جيلعاد، وبعدها بيومين، منحت هيئة الغذاء والدواء رخصة لاستخدام العقار تحت بند “الاستخدام الرحيم”، ما يعني الموافقة على استخدامه مع المرضى الذين يعانون من أمراض شديدة في الولايات المتحدة، كما وافقت إدارة ترامب أيضًا على عقار ثانٍ.

الشركتان الثانية والثالثة هما شركة باير الألمانية وشركة ميلان الهولندية لصناعة العقاقير: عندما بدأ الوباء في الإنتشار  تبرعت الشركة الألمانية ب 3 مليون قرص من أجل تجارب مكافحة الفيروس، وأعلنت الشركة الهولندية أنها تعمل على إستخدام عقار هيدروكسي كلوروكين ، أو الكلوروكين، في علاج الفيروس. والعقار قديم جدا، ويستخدم منذ فترة طويلة في مواجهة الملاريا وأمراض أخرى، ومسموح باستخدامه تحت بند الاستخدام الرحيم في الولايات المتحدة. ويعمل العقار بطريقة مختلفة عن طريقة عمل ريميديسفير، حيث يؤثر كيميائيا على الغلاف الخارجي للفيروس، ويستخدم لمنع عدوى المريض للشخص السليم.

وكانت ورقة بحثية في عام 2005 قد توصلت إلى أن عقار الكلوروكين فعال في مواجهة فيروس “سارس” في خلايا الرئيسيات المصابة، لكن لم يتم اختباره على البشر. حاليا، يتحدث علماء في الصين وفرنسا عن نتائج واعدة للتجارب التي أجريت لعلاج كوفيد بالكلوروكين، وحسب موقع “فرنسا-24” ومواقع أمريكية أخرى، أعلن خبير الأمراض المعدية “ديدييه راوول”، أن المرضى الذين عالجهم بالكلوروكين، تحسنت حالتهم وتعافوا سريعا، كما نقصت الفترة التي كانوا فيها معديين لغيرهم. وفي 13 مارس كشفت دراسة أمريكية أن استخدامه في صورة أقراص، أعطى نتائج جيدة في البشر المصابين بالفيروس التاجي، بما في ذلك اختصار الوقت اللازم للتعافي، والوقت اللازم للإقامة في المستشفى، و أشارت دراسة أمريكية أخرى، أنه يمكن أن يساعد في منع الإصابة بالفيروس، وذلك عن طريق تقليل الفترة التي يكون المريض خلالها معديا للآخرين، وعلى الرغم من أنه ليس ثمة نتائج رسمية نهائية وموثوقة بعد، إلا أن كثيرين يعتقدون أن العقار سيأخذ طريقه للإستخدام في مكافحة الفيروس في الفترة القادمة.

الشركة الرابعة التي أحرزت تقدما في علاج محتمل لكوفيد-19 ، هي شركة موديرنا- الأمريكية: ففي 24 فبراير الماضي، أعلنت الشركة أنها نجحت في تطوير لقاح أولي للفيروس، وذلك  خلال شهرين فقط من معرفة التسلسل الجيني للفيروس، و قبل عشرة أيام، أرسلت إلى المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية الدفعة الأولى من لقاح كوفيد-19 لإجراء التجارب عليه، ومن المتوقع أن تنتهي التجربة الأولى، التى تشمل ما بين 20-25 متطوعا، في نهاية أبريل، وأن  تتاح البيانات السريرية كاملة في يوليو أو أغسطس القادم.

تركز الشركة أعمالها في تطوير أنواع معينة من اللقاحات، تسمي رسل الحامض النووي الريبوزي (mRNA)، وتقوم فكرتها على أن العقاقير التي تتعامل مع الحامض النووي الريبوزي (RNA) ، يمكن أن تصل إلى جميع أجزاء الخلية وبسهولة، ومن ثم يمكن أن تكون أسرع وأكثر كفاءة، من تلك التي تتعامل مع الحامض النووي (DNA). ولدى الشركة مجموعة من اللقاحات، لكن معظمها لا يزال في مرحلة ما قبل الاختبارات السريرية، أو الاختبارات السريرية المبكرة في الوقت الراهن، ولا تزال هناك بعض الشكوك حول كيفية تفاعل البشر مع هذه العلاجات القائمة على الحامض النووي الريبوزي.

الشركة الخامسة هي فوجي فيلم- اليابانية:على الجانب الآخر من المحيط، هناك شركات أخرى تبشر بعقاقير أخرى، وتنعش الآمال في إنحسار قريب للوباء. عقار أفيجان -أو فافيبيرافير- وهو عقار مضاد لفيروسات الأنفلونزا، طورته شركة تابعة لمجموعة شركات “فوجي فيلم” اليابانية عام 2014. ومؤخرا، نشرت بعض تقارير صحفية عن استخدامه كعلاج محتمل لفيروس كوفيد-19، وأظهرت تجارب أجريت في الصين على 340 مريضا عولجوا بالعقار، أن نتائجهم الإيجابية أصبحت سلبية، خلال فترة متوسطها 4 أيام، في مقابل 11 يوما لمن لم يعالجوا بالعقار.  ووصف وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني العقار بأنه فعال بدرجة واضحة. بالإضافة إلى ذلك، أوضحت صور الأشعة السينية، أن حجم التلف والدمار في الرئتين لمن عولجوا بالعقار، كان أقل من أولئك الذين لم يعالجوا به، و مع ذلك، لا يزال هناك بعض القصور، وفقا لمسئولي الصحة اليابانيين، حيث يبدو أن العقار لا يعمل جيدا في حالات المرض الشديدة.

نهج آخر في العلاج: ريجينيرون، سانوفي، روش

بالإضافة إلى العقاقير التي تتعامل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع الفيروس، هناك نهج آخر في العلاج، يقوم على فكرة التعامل مع الإستجابة العنيفة والمفرطة للجهاز المناعي، والتي يمكن أن تسبب مضاعفات قاتلة. إحدى الطرق التي يقتل بها الفيروس مرضاه، ليس الفيروس في حد ذاته، بل أحيانا، الإستجابة العنيفة والمفرطة للجهاز المناعي للفيروس.

من هذه العقاقير التي تعمل على الجهاز المناعي، يوجد نوعان يعتقد أن لهما فعالية، هما الأول “كيفزارا”، الذي تم تطويره بمشاركة كل من -الشركتين السادسة والسابعة- وهما شركتي “ريجينيرون” الأمريكية، و “سانوفي” الفرنسية. حسب الإتفاق بين الشركتين، وفي إطار إعادة هيكلة قطاع البحث والتطوير، كان من المقرر أن تؤول ملكية العقار إلى الشركة الفرنسية سانوفي في صفقة تسوية، لكن الصفقة لم تتم حتى الآن، ومن المحتمل أن يكون هناك المزيد من المشكلات القانونية على العقار، إذا ما تأكدت فعاليته في الاختبارت السريرية الجارية.

العقار الثاني هو “أكتيرما”: وطورته الشركة الثامنة في القائمة، وهي شركة “روش”-السويسرية. يعمل العقاران بطريقة متشابهة، وتم تطويرهما أساسا لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي، وهما قد يساعدان في فرملة الإستجابة العنيفة والمفرطة للجهاز المناعي، لكنهما في مقابل ذلك، قد يؤثران في فعالية وكفاءة الجهاز المناعي، ما يترك الجسم عرضة أكثر للعدوى.

نشرت صحيفة وول ستريت جورنال قبل أيام مقالا مفصلا عرضت فيه لما قالت أنه نجاح للتجارب التي أجريت للعلاج بعقار أكتيرما في الصين، ووفقا لجورج يانكوبولوس، كبير المسئولين العلميين في شركة “ريجينيرون”، فإن المرضى الذين عولجوا بالعقار في الصين ” نجوا من الموت و خرجوا على أقدامهم من المستشفي”. لكننا لا نعرف حجم العينة التي تم علاجها بالعقار، ولم تنشر النتائج النهائية للتجارب حتى الآن، لذلك تخطط ريجينيرون لبدء إجراء تجارب في منطقة نيويورك، وتتطلع سانوفي لإجراء المزيد من التجارب في فرنسا، أما شركة روش فبدأت المرحلة الثالثة من تجاربها وقد تتمكن قريبا من الإعلان عن النتائج.

المصادر:

موقع منظمة الصحة العالمية

مواقع الشركات المذكورة على الإنترنت

موقع فوول- “مارك برفولوفيتش”

موقع ذي إنترسيبت

موقع أكسيوس

موقع فوول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *