تقرير لـ«نيويورك تايمز»: المصريون «عالقون» بسبب سلوك النظام المتهور في الاقتصاد.. البيض أصبح «رفاهية» واللحوم غير مطروحة على المائدة

الصحيفة: مصر انفقت المليارات على مشاريع عملاقة براقة دون أن تنتج وظائف مجدية أو إسكانًا أو مكاسب أخرى

حياة الطبقة الوسطى تتدهور.. والقنوات التلفزيونية «التي تسيطر عليها الدولة» تعرض مقاطع تظهر فيها الأوروبيين يشكون من التضخم

محلل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط: صفقة صندوق النقد الدولي تمنع مصر من الفشل لكنهم يفرضون الكثير من الشروط

قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن التضخم في مصر بات مرتفعا للغاية لدرجة أن شراء البيض أصبح بالنسبة للكثير من المصريين “رفاهية” واللحوم “غير مطروحة على المائدة”. 

وأضافت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها أنه بالنسبة للآخرين المثقلين بالرسوم المدرسية والنفقات الطبية، فإن “حياة الطبقة الوسطى التي عملوا بإصرار للحفاظ عليها تتدهور إلى ما هو أبعد من متناولهم”.

“في الوقت الحالي، لا نرى شيئًا في الأفق”.. قالت مي عبدالغني ، 30 سنة، تعمل في مؤسسة إنمائية غير ربحية، فيما يعمل زوجها، وهو مهندس تصميم، في أربع وظائف لتغطية الضروريات، والسيارة والأطفال الذين خططوا لهم غير وارد هذا العام. وأضافت: “كل ما أفعله هو التفكير في كيفية عيشنا على ميزانيتنا فقط لإطعام أنفسنا.. في كل مرة نزور فيها السوبر ماركت، يغلي دمي”.

ظهرت الأزمة في الأفق في فبراير الماضي، حينما غزت روسيا أوكرانيا، وهزت دول الشرق الأوسط. 

ووفقا للتقرير؛ في مصر، كشفت تداعيات الحرب عن عيوب عميقة في الطريقة التي أدار بها الرئيس عبد الفتاح السيسي ومساعديه الاقتصاد، مما عرض قيادتهم لمستويات خطيرة من النقد من شعبهم والشركاء في الخارج على حد سواء.

وأضافت نيويورك تايمز أنه “تحت الضغط، اضطرت الحكومة إلى الالتزام بتغييرات بعيدة المدى من شأنها، إذا تم تنفيذها، أن تؤدي في النهاية إلى تحقيق النمو، لكنها بالفعل تعذب المصريين”.

وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه حينما “اندلعت الحرب، اختفى السياح الروس والأوكرانيون الذين كانوا يشكلون في يوم من الأيام ثلث زوار مصر إلى حد كبير، إلى جانب معظم القمح المستورد الذي يغذي سكانها. وفر المستثمرون الأجانب معهم نحو 20 مليار دولار”. 

وتابعت أنه “في بلد يعتمد بشكل كبير على السلع الأجنبية، أدت مجموعة العوامل – ندرة الدولارات، وارتفاع أسعار الاستيراد والمدفوعات المستحقة على الديون الحكومية الهائلة – إلى كارثة”.

وأشارت إلى أن “حكومة السيسي لجأت للمرة الرابعة خلال ست سنوات، إلى صندوق النقد الدولي من أجل الإنقاذ، حيث تلقت 3 مليارات دولار على مدى أربع سنوات، وهو مبلغ أقل بكثير من ذي قبل وبشروط أكثر صرامة”.

استخدمت مصر الدولارات منذ فترة طويلة لدعم عملتها، الجنيه، للحفاظ على قدرة المصريين على شراء السلع المستوردة. لكن صندوق النقد أجبرها على ترك قيمة الجنيه تنخفض وتتقلب دون تدخل، وفقا لنيويورك تايمز.

وقالت الصحيفة إنه “في مطلب يضرب قلب هيكل السلطة في مصر، فإن صندوق النقد الدولي، يطالب مصر أيضًا ببيع بعض الشركات المملوكة للدولة لجمع الأموال وتجريد الشركات المملوكة للجيش من الإعفاءات الضريبية وغيرها من الامتيازات، مما يسمح للشركات الخاصة بالمنافسة”.

ولفتت إلى أنه “في عهد السيد السيسي، أنفقت مصر المليارات على مشاريع عملاقة براقة مثل العاصمة الجديدة والطرق السريعة والجسور والقصور الرئاسية، معلنة أنها ضرورية للتنمية” دون أن تنتج وظائف مجدية أو إسكانًا أو مكاسب أخرى. 

ونقلت الصحيفة عن تيموثي كالداس، المحلل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن قوله “إنهم عالقون حقًا”، مضيفا أنه “بسبب السلوك المتهور للنظام في كيفية إدارته للاقتصاد أصبحت مصر الآن ضعيفة للغاية”. 

وتابع أن “صفقة صندوق النقد الدولي هذه تمنعهم من الفشل، لكنهم يفرضون الكثير من الشروط على ذلك بطريقة لم يفرضوها في الماضي”.

“منذ صفقة القرض الأخيرة، عاد المستثمرون الأجانب ببطء. عادت الدولارات إلى مصر ، وتم تحرير البضائع المستوردة من الموانئ، مما يزيد الآمال في تراجع التضخم من أعلى مستوى في خمس سنوات عند 21 في المائة”، بحسب الصحيفة الأمريكية التي تقول إن “معظم المصريين سيواصلون معاناتهم، كما فعلوا لسنوات مع تشديد الحكومة للإنفاق على الرعاية الصحية العامة والتعليم والإعانات”.  و”هؤلاء هم الأشخاص الذين كانوا قادرين على العيش على رواتبهم ، لكنهم أصبحوا فجأة محتاجين”، وفقا لتيموثي كالداس المحلل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط.

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى قيام الحكومة بإلقاء باللوم في الأزمة على الحرب في أوكرانيا والوباء. وأشارت إلى عرض القنوات التلفزيونية “التي تسيطر عليها الدولة” مقاطع تظهر فيها الأوروبيين يشكون من التضخم، وكأنها لتذكير المصريين بأن حتى الدول الغنية تعاني.

ووفقتا لـ”نيويورك تايمز” يقول محللون إن وعود مصر بزيادة نمو القطاع الخاص قد تؤتي ثمارها في بعض السنوات إذا “لم تتهرب الحكومة أو تماطل في تنفيذها كما فعلت مرات عديدة من قبل. بالنظر إلى هيمنة الجيش، فمن غير المرجح أن يتنازل عن امتيازاته وأرباحه بسهولة”.

لكن كالداس يقول إن صندوق النقد قام ببناء آليات مراقبة وإنفاذ في الصفقة قد لا تترك لمصر خيارًا سوى الامتثال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *