تطورات سد النهضة.. انعقاد دائم للجنة المياه المصرية و”كورونا” يعطل عمليات البناء

تواصلت حدة الأزمة في قضية سد النهضة الإثيوبي، بعد استمرار أديس أبابا في عمليات بنائه قبل التوصل إلى اتفاق بشأنه مع مصر والسودان، في الوقت الذي ناقشت الحكومة خطة التحرك المصري في هذا الشأن؛ من أجل تأمين المصالح المائية، وحقوق مصر في مياه النيل.

وعقدت اللجنة العليا لمياه النيل اجتماعاً برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولى، ومشاركة وزير الموارد المائية والرى، وممثلي وزارات: الدفاع، والخارجية، والموارد المائية والرى، والمخابرات العامة، لتقييم الموقف الحالي لمفاوضات سد النهضة على ضوء المواقف الأثيوبية غير المبررة وتغيبها عن اجتماع واشنطن يومي 27 و 28 فبراير 2020، والخاص بالاتفاق الذي تم إعداده بناء على جولات المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة الامريكية، وشارك فيها البنك الدولي، على مدار الأشهر الأربعة الماضية.

وناقشت اللجنة خطة التحرك المصري في هذا الشأن؛ من أجل تأمين المصالح المائية المصرية، وحقوق مصر في مياه النيل، حيث أكد بيان مجلس الوزراء، أن اللجنة في انعقاد دائم؛ لمناقشة تطورات هذا الملف، واتخاذ ما يلزم من إجراءات حياله.

اكتمال 71%.. و”كورونا” يؤخر المشروع

وفي سياق متصل، تسبب فيروس كورونا في تأخير تسليم بعض المعدات المشحونة لسد النهضة، وفقا لما نقلته صحيفة “The Reprter” الإثيوبية، عن وزير المياه والطاقة الإثيوبي شيلسي بيكلي.

وفي حديثه عن الوضع الحالي لبناء السد، وكذلك المفاوضات الجارية بشأن ملئه وتشغيله، قال بيكلي، إن بناء السد يسير بشكل جيد وتم حل المشكلات السابقة المتعلقة بإدارة المشروع.

وكشف بيكلي عن اكتمال بناء 71% من السد، لكن هناك تحديات جديدة وناشئة تسبب في تأخيره قليلا، حيث واجهت المواد التي يتم استيرادها تأخيرًا لمدة أسبوعين إلى شهر بسبب فيروس كورونا.

وأضاف: “هذا تحد هز الاقتصاد العالمي وسنتعامل معه وفقًا لذلك”، على الرغم من عدم إعلان أديس أبابا حالات إصابة بالفيروس حتى الآن

وتابع: “في الأسبوع الماضي، التقيت بجميع المتعاقدين لتقييم تقدمهم وإيجاد طرق لحل التحديات التي يواجهونها، والشركة الإثيوبية للطاقة الكهربائية كرست القوة الكاملة لإدارة العقود والإدارة المالية، كما أن رئيس الحكومة أبي أحمد هو نفسه الذي يتابع مستجدات القضية يوميا، وبناءً على ذلك، سيبدأ ملء السد في موسم الأمطار القادم في يونيو.

ووفقًا لما كشفه الوزير الإثيوبي، سيحتوي السد على 4.9 مليار متر مكعب من المياه، وهي كمية صغيرة من المياه، قائلا: “في تلك المرحلة من البناء، لا يمكننا الاحتفاظ بالمزيد من المياه لأن التوربينات الأحد عشر الموجودة في الجزء العلوي من السد تحتاج إلى الانتهاء من ذلك”.

واستكمل: “ما لم نتوخ الحذر وننتظر تركيب هذه التوربينات ونملأها إلى ما بعد تلك النقطة، فهذا يشكل خطراً لأن المياه قد تتسرب إلى بيت الكهرباء”، لافتا إلى أن السد يمكن أن يولد الطاقة في المراحل الدنيا من التعبئة.

مسئول سوداني يطالب بـ”الباقي لمصر”.. ووزير لبناني سابق يدعو لقصف السد

وقال الأمين العام لهيئة الطاقة والتعدين والكهرباء والتنظيم السودانية، تيجاني آدم، إن السودان تتفق مع موقف إثيوبيا بشأن سد النهضة.

وقال تيجاني آدم، في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية: “تدويل قضية سد النهضة الإثيوبي لا يمكن أن يوقف المشروع، ولا يزيد ذلك إلا تعقيد الأمور  وتأخير الحلول المتوقعة”.

وأشار المسؤول السوداني إلى أنه لا يتفق على الإطلاق مع “تدويل” قضية سد النهضة، مؤكدا أنه لا يفيد البلدان المعنية في هذا الشأن.

وقال المسؤول السوداني: “أنا أتفق مع موقف الإثيوبيين، فأنا مسلم، وفي الإسلام يجب أن تبحث دائما عن مصلحة جيرانك، ولكن لا تنسى نفسك أيضا”، وأوضح آدم “لإثيوبيا الحق الكامل في استغلال مواردها الطبيعية وبناء سدها”.

وأردف المسؤول السوداني بقوله “بما أن أصل النهر من إثيوبيا، فدع شعب إثيوبيا يأخذ احتياجاته ، ثم يذهب الباقي إلى السودان والباقي يذهب إلى مصر، هذه هي الحلول الصحيحة لذلك، ستصل الدول الثلاث إلى حل وسط”.

واستمر بقوله “يتعين على البلدان الثلاثة العمل معًا على نحو مناسب للاستفادة من سد النهضة لأنه أحد الإمكانات الطبيعية التي يمكن أن تلبي الطلب المتزايد على الكهرباء”.

واستدرك تيجاني آدم “علينا أن نعمل بجد للاستفادة من هذه الفرصة لتحقيق أقصى استفادة. وأنا متأكد من أنه بعد ملء السد لأول مرة ، سوف يتدفق الماء كالمعتاد على مجراه الطبيعي ، وبعد ذلك لن تكون هناك مشاكل”.

وقال خبير الطاقة السوداني: “إثيوبيا التي  تقوم  ببناء السد، عليها حل الخلافات من خلال المحادثات الثلاثية فقط. فليكن الحديث بين البلدان الثلاثة، وأنا متأكد من أننا يمكن أن نصل إلى الحل الأمثل”.

وفي سياق متصل، دعا رئيس حزب التوحيد العربي ووزير البيئة اللبناني السابق وئام وهاب، عبر حسابه على “تويتر”: “عبد الفتاح السيسي اقصف سد النهضة بالطائرات ولا تسمح بتعطيش مصر هكذا هدد الرئيس عبدالناصر أثيوبيا يومها فتراجعت”.

تحرك عربي.. وانزعاج من البيان الإثيوبي

وسلم وزير الخارجية سامح شكري، ملك الأردن عبدالله الثاني، في مُستهل جولة عربية بدأها بزيارة المملكة الأردنية الهاشمية، رسالة من الرئيس عبدالفتاح ‪السيسي بشأن آخر التطورات المتعلقة بملف مفاوضات سد النهضة، والموقف الحالي في هذا الصدد.

وأعرب السيسي في رسالته التي حملها شكري، عن تقدير مصر موقف المملكة الأردنية خلال اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري الذي عُقد يوم ٤ مارس ٢٠٢٠ بشأن سد النهضة الإثيوبي، ودعمها لصدور القرار العربي الخاص بالتضامن مع موقف مصر حول سد النهضة.

وأكد الملك عبدالله الثاني وقوف الأردن مع مصر في كل ما يحفظ حقوقها وأمنها المائي، مشدداً على موقف المملكة الداعم لمصر في ملف سد النهضة.

كانت وزارة الخارجية، أعربت عن رفضها جملة وتفصيلاً لبيان وزارة خارجية إثيوبيا الصادر يوم ٦ مارس ٢٠٢٠ حول قرار مجلس جامعة الدول العربية الصادر يوم ٤ مارس ٢٠٢٠ بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وأوضحت الوزارة، في بيان أمس، أن البيان الإثيوبي اتصف بعدم اللياقة، وافتقد للدبلوماسية، وانطوى على إهانة غير مقبولة لجامعة الدول العربية ودولها الأعضاء، حيث إن تبنى جامعة الدول العربية لقرار يدعو إثيوبيا للالتزام بمبادئ القانون الدولي واجبة التطبيق وعدم الإقدام على أي إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق مصر ومصالحها المائية ما هو إلا إقرار بالمدى الذي باتت أديس أبابا تعتقد أن مصالحها تطغى على المصالح الجماعية للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية والتي تسعي إثيوبيا للهيمنة عليها.

وأكدت أإن قرار الجامعة العربية يعكس خيبة الأمل والانزعاج الشديد إزاء المواقف الإثيوبية طوال مسار المفاوضات الممتد حول سد النهضة، وبالأخص منذ إبرام اتفاق إعلان المبادئ عام ٢٠١٥، حيث إن النهج الإثيوبي يدل على نية في ممارسة الهيمنة على نهر النيل وتنصيب نفسها كمستفيد أوحد من خيراته. وقد تجلى ذلك في إصرار إثيوبيا على ملء سد النهضة بشكل منفرد في شهر يوليو ٢٠٢٠ دون التوصل لاتفاق مع دولتي المصب، في محاولة منها لجعل مسار المفاوضات رهينة لاعتبارات سياسية داخلية، وهو ما يمثل خرقاً مادياً لاتفاق إعلان المبادئ ويثبت بما لا يدع مجالاً للشك سوء نية إثيوبيا وافتقادها للإرادة السياسية للتوصل لاتفاق عادل ومتوازن بشأن سد النهضة.

وتابعت: “لقد ثبتت حقيقة مواقف إثيوبيا بجلاء في عدم موافقتها على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الذي أعده الوسطاء المحايدون، وهما الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق مع البنك الدولي، وكتعبير عن دعمها السياسي، رحبت الجامعة العربية بهذا الاتفاق ودعت إثيوبيا لمراجعة موقفها والنظر في توقيع هذا الاتفاق”.

وشددت الوزارة على أن إثيوبيا ليس من حقها أن تعطي دروساً لجامعة الدول العربية أو دولها الأعضاء حول الصلات والوشائج التي تجمع الشعوب العربية والأفريقية، وهي الروابط التاريخية التي ليس لإثيوبيا أن تحدد مضمونها.

ولفتت إلى أن مواقف أديس أبابا إزاء موضوع سد النهضة ما هي إلا مثال آخر على منهجها على الصعيد الإقليمي المبني على اتخاذ إجراءات أحادية، وهو ما ألحق الضرر والمعاناة بالعديد من إخواننا الأفارقة. ومن هذا المنطلق، فإننا ندعو المجتمع الدولي للانضمام للجامعة العربية في إدراك طبيعة سياسة إثيوبيا القائمة على العناد وفرض الأمر الواقع، وهو ما يهدد بالإضرار بالاستقرار والأمن الإقليميين.

ودعت الخارجية المصرية إثيوبيا لتأكيد التزامها بعدم البدء في ملء سد النهضة بدون اتفاق، والموافقة على الاتفاق الذي أعده الوسطاء المحايدون، واستكملت: “ما يزال أمامنا حل متوازن لموضوع السد يؤمن المصالح المشتركة لكافة الأطراف ويوفر فرصة تاريخية لكتابة فصل جديد من التعاون بين الدول المشاطئة للنيل الأزرق، وهي الفرصة التي يجب اغتنامها لمصلحة ٢٤٠ مليون مواطن في مصر والسودان وإثيوبيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *