العالم أنفق تريليوني دولار على التسليح في 2019.. وقد يخسر 6 تريليونات خلال 2020 بسبب فيروس لم يُجدِ معه “العتاد العسكري”
كتب – أحمد سلامة
مازال العديد من قادة دول العالم يعتقدون أن الإنفاق الأجدى هو الإنفاق على العتاد العسكري وحرب التسليح المُستعرة، بينما يهملون قطاعي التعليم والصحة اللذين أثبتا أنهما الأهم في الحفاظ على صحة المواطنين والمجتمعات، وحتى في الحفاظ على الاقتصادات.
ففي الوقت الذي يعاني في العالم اقتصاديا بسبب تفشي فيروس كورونا وعدم القدرة على مجابهته، ما أثر سلبًا على حركة التجارة والإنتاج والتصنيع وهو ما سيتسبب في خسارة تقدر بـ 6 تريليونات دولار، في هذا التوقيت ذكرت تقارير أن دول العالم أنفقت نحو 2 تريليون دولار على التسليح العسكري في عام 2019، فماذا لو كانت هذه المبالغ الطائلة قد أنفقت على التعليم والصحة؟.
دول العالم أنفقت نحو تريليوني دولار على العتاد العسكري في 2019 واحتلّت أمريكا صدارة حجم الإنفاق وفق معهد سيبري السويدي، فيما حلت السعودية في المرتبة الخامسة عالميا قبل ألمانيا وفرنسا وبعد روسيا مباشرة.
وأفاد تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، المنشور اليوم الاثنين، أن الإنفاق العسكري العالميّ عام 2019 وصل أعلى مستوى له خلال ثلاثة عقود. وأنفقت دول العالم ما يقارب تريليوني دولار على العتاد العسكري في العام الماضي، وفقا لتقرير المعهد السويدي، الذي أوضح أن الإنفاق على العتاد العسكري بلغ في العام الماضي 1.917 مليار دولار (1.782 مليار يورو) في العالم؛ أي بزيادةٍ قدرها 3.6% مقارنة بعام 2018، وهي الأكبر منذ 2010. وأشار المعهد إلى أن هذه القيمة تعادل 2.2% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، كما أنها تعادل 249 دولارا لكل فرد على وجه الأرض.
وقال نان تيان، الباحث في “سيبري”، ردا على سؤال لوكالة فرانس برس إنّ “الإنفاق العسكري بلغ أعلى مستوى له منذ نهاية الحرب الباردة” عام 1989.
وتبقى الميزانيّة التي خصّصتها الولايات المتحدة، الأولى في هذا المجال، وقد زادت بنسبة 5.3% عام 2019 إلى 732 مليار دولار، أي ما نسبته 38% من الإنفاق العالمي، وهوما يساوي تقريبا إجمالي ما أنفقته الدول العشر التالية لها في القائمة. وبعد سبع سنوات من التراجع، عاود الإنفاق العسكري للبلاد الارتفاع عام 2018.
وراء الولايات المتحدة، تأتي الصين مع 261 مليار دولار، بزيادة 5.1% على مدى عام واحد، والهند مع 71.1 مليار دولار (+ 6.8% على مدى عام)، لتأتي دول من آسيا لأول مرة ضمن أول ثلاثة مراكز في القائمة. ويعكس الإنفاق العسكريّ للصين رغبة بكين في “جيش من الطراز العالمي”، حسب ما قال نان تيان. وأضاف “الصين أعلنت صراحة أنّها تريد بشكل أساسي التنافس مع الولايات المتحدة كقوة عسكرية عظمى”.
والدول الخمس الكبار من حيث الإنفاق – بينها روسيا (الرابعة) والسعوديّة (الخامسة) – أنفقت جميعها أكثر من 60 في المئة من حجم الإنفاق العسكري العالمي.
أمّا ألمانيا التي حلّت سابعة وراء فرنسا، فسجّلت من جهتها أقوى زيادة في لائحة الدول الـ15 الأكثر إنفاقا: فقد زاد إنفاقها بنسبة 10% عام 2019 إلى 49.3 مليار دولار، ويعود ذلك جزئيًا إلى المخاوف من تهديد روسي، حسب معدّي التقرير.بينما جاءت بريطانيا في المركز الثامن تليها اليابان ثم كوريا الجنوبية في المركز العاشر في القائمة.
وبينما يتّجه العالم نحو حالة من الركود بسبب فيروس كورونا المستجد الذي يهز الاقتصاد العالمي، أوضح نان تيان أن الدول سيتعين عليها أن توازن بين ما إذا كانت تفضل ضخ مواردها في المجال العسكري أو في النظام الصحي أو التعليم أو البنية التحتية، وأضاف أن ” كوفيد19- سيؤثر على كل دولة، لا شك في هذا”.
لكنّ الباحث أوضح أن الانخفاض في الإنفاق العسكري في سياق أزمة معيّنة لا يدوم طويلاً على الإطلاق. وتابع “يمكن أن نرى انخفاضًا في الإنفاق لمدة تتراوح من سنة إلى ثلاث سنوات، ثمّ زيادةً جديدة في السنوات المقبلة”.
الإنفاق على التسليح حرم مجالات أكثر أهمية في نظر البعض كالصحة والتعليم، من ضخ هذه الأموال، وهو ما أثر تأثيرا كبيرا على المنظومة الصحية العالمية في مواجهة كورونا، ما دفع كثير من الدول إلى الإغلاق العام خشية انتشار الفيروس والضغط الكبير على المستشفيات بما يؤدي إلى انهيار الأنظمة الطبية.
الإغلاق وتوقف حركة الطيران كان لها أثر كبير حيث قدر باحثون اقتصاديون بوكالة بلومبيرغ، انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة 4% العام الجاري بسبب فيروس كورونا، وذلك بافتراض أن التعافي سيبدأ من النصف الثاني من العام الجاري.
ودخل الاقتصاد في منحنى هبوطي بسرعة كبيرة وبشدة، وسط مواجهة الاقتصادات المتقدمة أضعف أداء منذ الكساد العظيم، وفقا لما قاله كل من المحللين الاقتصاديين توم أوريليك وجامي راش.
وأضافا في مذكرة بحثية: “الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيفقد 6 تريليونات دولار”، بسبب تداعيات كورونا، مُشيرين إلى أن توقعاتهما تلك تستند إلى الافتراض المتفائل، بشأن الجائحة وبدء التعافي منها.
ووفقا لهذا السيناريو، فإن اقتصاد الولايات المتحدة سينكمش بـ 6.4%، ومنطقة اليورو بـ 8.1% واليابان بـ 4%، فيما سينمو الاقتصاد الصيني بمستوى متدنٍ غير مسبوق.
وأشار التقرير إلى أن حدوث موجة ثانية من الفيروس سيؤدي إلى تعميق الانكماش بنسبة 5.6%. وإذا كانت حزم التحفيز غير مجدية، فإن الناتج المحلي العالمي سينكمش بـ 7.2%.
وعلى عكس الأزمتين الماليتين عامي 1997 و2009، فإن الصدمة الاقتصادية الحالية ليس سببها عدم توازن الأساسات الاقتصادية والمالية. وهو ما يعني أن الدول التي قامت بحشد الأموال لضخها في صورة حزم تحفيز للاقتصاد ستشهد تعافياً سريعاً، وفقاً لما كتباه المحللان.