الحاصلون على جوائز الدولة التقديرية في “صالون التحالف”: “التعليم” هو قوة مصر الناعمة.. ويجب محو مفاهيم الزعامة والديكتاتورية من المناهج

كتبت – آية أنور

أجمع المشاركون في الندوة الأسبوعية لـ”صالون التحالف” على أهمية “التعليم” كإحدى أدوات قوة مصر الناعمة، مشددين على أن وظيفة المثقف على نحو أساسي هي إنتاج أفكار تُعين المجتمع على النهوض والتقدم وتدفعه إلى الأمام وتكون في نفس الوقت قابلة للتحاور والتجادل لإنتاج أفكار أخرى جديدة

واستضاف صالون التحالف في ندوته الأسبوعية سلوي بكر الروائية والناقدة المصرية والحاصلة على جائزة الدولة التقديرية في مجال الآداب، والدكتور محمد عفيفي والحاصل على جائزة الدولة التقديرية في مجال العلوم الاجتماعية، وشعبان يوسف الكاتب والناقد والشاعر مؤسس ندوة الزيتون الأدبية ومجلة كتابات، و الدكتور عماد أبو غازي الاستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة.

وقالت سلوى بكر إنها تظن أن قوة مصر الناعمة كانت تكمن في “التعليم”، الذي ترتب عليه ذلك المنتوج الثقافي والفني الذي فاض وغطى المنطقة العربية وربما ما هو أبعد منها، مضيفة أن التعليم في مصر كان قويًا مستنيرًا وهذا يرجع إلى أن من كان يقود  المؤسسات التعليمية هم المثقفون الكبار.

وضربت بكر مثلا بالفنان بيكار في الفن التشكيلي والذي خرج من تحت عباءته فنانين كبار خلقوا تيارا هامًا في الحركة التشكيلية المصرية، وفي مجال النقد السينمائي ضربت مثلا بالناقد فوزي سليمان الذي كان يعمل بالتربية والتعليم، فيما عمل الأديب طه حسين في الجامعات المصرية عندما كان بها مفكرين  كبار وكانت في أفضل حالاتها.

وأكدت على أن وظيفة المثقف على نحو أساسي هي إنتاج أفكار تُعين المجتمع على النهوض والتقدم وتدفعه إلى الأمام وتكون في نفس الوقت قابلة للتحاور والتجادل لإنتاج أفكار أخرى جديدة.

واستكلمت أن المثقف  عندما ابتعد عن مواطن التأثير عبر المؤسسة التعليمية أصبح هناك خلل واضح نلاحظه في كل تفاصيل حياتنا، وأبرز الأمثلة على ذلك هو الإعلام الذي لا ينتبه إلى المبدعين والمفكرين الحقيقين ولا يفرد لهم مجالاً واسعًا، وذلك نتيجة للتعليم الإعلامي الذي لم يتذوق لوحة ولم يتذوق عملا موسيقيا ولا يشاهد المسرح ولم يتعامل مع فنون هامة وأساسية لتكون مرجعه في عمله الإعلامي، والذي أدى إلى لجوء الإعلاميين إلى البرامج الخفيفة وبرامج التوك شو.

وأشارت إلى أن مصر حاليًا في أسوأ حالاتها التعليمية، فبعد أن كان التعليم أداة لخلق مجتمع واحد في حالة من التفاعل وليس في حالة من التشظي الذي نتج عن الجرعة المعرفية والخبرات المقدمة من التعليم متباينة بشكل واضح.

قال الدكتور محمد عفيفي أن الحي الذي نشأ فيه وهو حي شبرا أحد العوامل التي أثرت فيه، وجعلته يهتم بالسينما والحكايات وفن الحكي وبالأخص مكتبة شبرا العامة التي تعتبر أول مكتبة يزورها حيث كان أمين المكتبة يرشح له الكتب التي تناسب سنه.

وأضاف أنه كان في البداية يطمح إلى أن يصبح مخرجًا سينمائيًا ثم تحول هذا الطموح منذ أن أحب التاريخ، وهو الأمر الذي أفاده في كتابة التاريخ، وجعله مؤرخ له عين مخرج، واستكمل أن لاستاذته في كلية الآداب جامعة عين شمس الفضل في تكوينه.
وذكر عفيفي أن سفره إلى فرنسا ساهم  في تعرفه على تاريخ آخر، ومجالات أوسع لدراسة التاريخ، ففي الوقت الذي كان هناك تركيز في مصر على التاريخ السياسي وتاريخ القاده فقط، اكتشف أننا في حاجة لدراسة تاريخ الناس وليس تاريخ الزعماء.

ولفت إلى أنه عندما أوكل إليه مع الدكتور عماد أبو غازي -من قبل إحدى الجهات التي قدمت طلبا لإعادة تقييم للمواد الاجتماعية من حيث قيم المواطنة والممارسة السياسية في مصر- وعند إطلاعهم على كتاب الثانوية العامة ودونوا ملاحظاتهم والتي كان من ضمنها أن الصورة المعبرة عن الفصل الذي يناقش ثورة 1919 هي صورة شخصية لسعد زغلول وليست ثورة للمظاهرات التي خرج فيها مختلف أطياف الشعب المصري، بالإضافة إلى أن عنوان الفصل كان “سعد زغلول  وثورة 1919” و عندما أشاروا في ملاحظاتهم أن الخبراء الأجانب إذا قاموا بالإطلاع على هذا الكتاب سيعترضون على ذلك بما فيه تكريس لمفهوم الزعامة والديكتاتورية، ومدى احتياج الشعب له و أن الدول الأوروبية تجاوزت ذلك إلى الديمقراطية وجاء الرد من موجهي مادة المواد الاجتماعية بالاعتراض وعدم فهم المسألة تماماً، في حين قدم شباب المعلمين نموذجاً جيداً في تلك الورشة. 

قال الدكتور عماد أبو غازي الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة إن دراسة الدكتور محمد عفيفي في جامعة عين شمس أضافت له ميزة هامة وهي المزج بين مدرستين في دراسة التاريخ وهم مدرسة جامعة القاهرة و مدرسة جامعة عين شمس، و أضاف أن عفيفي منذ بدايته وضع بصمته عندما عمل في مجال دراسات تاريخ مصر في الحقبة العثمانية والتي كانت من الدراسات الهامة والرائدة في هذا المجال، والتي أسس عليها اتجاه جديد في الدراسات العثمانية وذلك في رسائله التي أشرف عليها الدكتور رؤوف عباس، والتي تناول من خلالها  الأوقاف في العصر العثماني في رسالة  الماجيستير والتي اعتمدت على مجموعة من الوثائق الموجودة في الأرشيفات المصرية المختلفة.

وأضاف “كما تناول في رسالة الدكتوراة غير المسلمين في ظل الدولة العثمانية والذي كان يُطلق عليهم أهل الذمة، ولكنه لم يقف على هذا العصر وتنوعت دراساته، وكتاباته التي جمعت بين كونه أستاذ متخصص في التاريخ يكتب للجمهور العام أو غير المتخصصين، كما أضاف لقسم التاريخ في جامعة القاهرة هو الاهتمام بمجالات كان يرفضها أستاذة التاريخ التقليديين، والاهتمام بنوعيات جديدة من المصادر لم يكن هناك اهتمام بها مثل الأفلام السينمائية والإبداع الروائي والموسيقى والذي كان يلاقي رفض من الاساتذة الكلاسيكيين”.

من جانبه، استعرض الناقد شعبان يوسف أدب الفنانة سلوى بكر وقال إن الجائزة التي حصلت عليها هذا العام هي التي حظيت بسلوى، مضيفا أنه شرف كبير أن يتم تكريم سلوى بكر لأنها جديرة بأي تكريم تحصل عليه، وإن كان التكريم جاء متأخرًا، حسب تعبيره.

وأشار إلى أن مسيرة سلوى بكر الإبداعية التي تجاوزت ال 40 عاماً هي مسيرة حافلة بالإنتاج القصصي والروائي والثقافي في ذات الوقت، واسترجع شعبان يوسف البدايات التي شهدها لسلوى بكر عندما كانت مهتمة بالنقد المسرحي بقدر أكبر من القصص وذلك يرجع لدراستها للمسرح، وذكر أنها كانت دائمة التردد على نادي السينما، و أضاف انها سافرت إلى بيروت في عام 1980 لتعمل في الصحف والمجلات ودور النشر في بقعة تسمح لها بالتعامل مع المثقفين العرب، ومنذ ذهابها إلى بيروت واظبت على الكتابة ولم تخذل نقادها ومن ينتظروها، وفي وقت الحصار الإسرائيلي للبنان  غادرت من بيروت إلى قبرص وعادت مرة أخرى لمجموعتها القصصية “زينات في جنازة الرئيس”، و أصدرت بعدها مجموعتين قصصيتين، ثم أصدرت روايتها الأولى  “العربة الذهبية لا تصعد إلى السماء” والتي تعد أحد المرجعيات في أدب الأدب التي تكتبه المرأة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *