الاستحواذات والبيع تسير على قدم وساق| مصر السيادي: نجحنا في جذب 3.3 مليار دولار (استثمارات) من الصناديق السيادية العربية خلال عام

كتب – أحمد سلامة


قال رئيس قطاع الاستثمار بصندوق مصر السيادي، عبدالله الإبياري، إن صندوق مصر السيادي نجح في جذب (استثمارات) بقيمة 3.3 مليار دولار من الصناديق السيادية العربية خلال العام الجاري.


وأضاف الإبياري، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن بعض هذه الاستثمارات كانت بالدولار والبعض الآخر بالجنيه المصري لرؤوس أموال من القطاع الخاص في مجالات، من بينها الهيدروجين الأخضر، السياحة، الاستثمار العقاري، تطوير الآثار، والصناعة، الخدمات المالية، التحول الرقمي والتعليم والصناعة لكونه الشريك الأمثل للقطاع الخاص والصناديق السيادية العالمية النظيرة.


وتطرق الإبياري إلى دور صندوق مصر السيادي في تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بشأن جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 40 مليار دولار خلال 4 أعوام، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى الصفقات التي تم الإعلان عنها مع الصناديق السيادية الخليجية، توجد عدد من الاستثمارات الأخرى، بعضها جار تنفيذه وبعضها تحت الدراسة، بالمشاركة مع القطاع الخاص.


وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، قد عقد مساء الأربعاء، اجتماعا لمتابعة الموقف التنفيذي لخطط ومشروعات “صندوق مصر السيادي” التي تستهدف جذب مزيد من “الاستثمارات الأجنبية المباشرة” خلال الفترة المقبلة، وذلك بحضور الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة الصندوق.

وقال رئيس الوزراء إن “صندوق مصر السيادي” الصندوق يمضي في تنفيذ ما تتبناه الدولة من العمل على استقطاب الاستثمارات من القطاع الخاص وخاصة الاستثمار الأجنبي المباشر، مشددًا على أنه أحد أهم موارد النقد الأجنبي للبلاد. من جانبها، أوضحت هالة السعيد وزيرة التخطيط ورئيس مجلس إدارة “صندوق مصر السيادي” أن الصندوق يستهدف من خلال إدارة الكيانات والشركات المملوكة للدولة تحقيق الاستغلال الأمثل لها وفقا لأفضل المعايير والقواعد الدولية، لتعظيم قيمتها من أجل الأجيال القادمة، مؤكدة أن ذلك يتم أسوة بنماذج الصناديق السيادية التي تمتلكها كبرى الدول في العالم، وما هو متعارف علية دوليا، من حيث قيام هذه البلدان بتعزيز تمويل صناديقها السيادية؛ لتعظيم قدرتها الاستثمارية في مشاريع لها جدوى اقتصادية تسهم في تعظيم العائد على أصول الدولة للأجيال المقبلة.


وتأتي تصريحات مدبولي وهالة السعيد والإبياري، في وقت أبدت فيه المعارضة احتجاجاتها الشديدة على “عمليات البيع والاستحواذ” التي تطلق عليها الحكومة “استثمارات” مؤكدة أنها تشكل تهديدًا لاستقلال قرار مصر السياسي، لافتة في الوقت ذاته إلى أن “وثيقة ملكية الدولة” يجب أن تكون محل نقاش مجتمعي في وقت تمر فيه البلاد بأزمات اقتصادية طاحنة تستدعي عدم الانفراد بالقرارات المصيرية.


وتتسابق السعودية والإمارات في الاستحواذ على الشركات العاملة في قطاعات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية، إذ حصل البلدان الخليجيان على على 45% من “موبكو” و41% من أبو قير للأسمدة و52% من الأسكندرية للحاويات و37.6% من شركة “إي فاينانس”.. وبينما يحتدم السباق بينهما تدخل قطر على الخط إذ يعتزم الشيخ تميم بن حمد أمير قطر زيارة مصر خلال الأسابيع المقبلة للاستحواذ على حصص في”الإسكندرية للحاويات” إضافة إلى شركات أخرى بقطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية باستثمارات قطرية تصل لـ 20 مليار دولار.

وفي ظل الصراع الخليجي على الاستحواذ على الشركات المصرية، امتدت عملية “البيع والاستحواذ” إلى الموانئ المصرية، حيث صدرت تأكيدات عن مصادر مُطلعة أنه يتم دراسة مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، في وقت أعلنت فيه هيئة قناة السويس عن اعتزامها إدراج 3 شركات في البورصة المصرية مع نهاية العام الحالي.


منذ أشهر، عكفت الحكومة على طرح الشركات المصرية أمام صناديق الثروة الخليجية، وعلى وجه التحديد السعودية والإماراتية ثم القطرية، وهي الصناديق التي دخلت في سباق محموم من أجل الاستحواذ على الشركات المصرية العاملة في مجالات الأسمدة والحاويات والتكنولوجيا المالية.بعد ستة أيام فقط من تأسيسها، استحوذت “الشركة السعودية المصرية للاستثمار” المملوكة للصندوق السيادي السعودي على 25% من أسهم شركة موبكو بإجمالي 370 مليون دولار.. كان ذلك في أغسطس الجاري، وقبل ذلك بأشهر قليلة وبالتحديد في شهر فبراير استحوذت شركة “ألفا أوريكس ليمتيد” التابعة للصندوق السيادي الإماراتي على 20% من الشركة، فيما تبقى لدولة 40.04% من الأسهم في مقابل 14.96% لمستثمرين آخرين.. وفي غضون ذلك تجري المفاوضات من الجانب السعودي للاستحواذ على نسبة جديدة تتراوح بين 15 و 20% من الشركة.

في الشهر نفسه الذي استحوذ فيه الصندوق السيادي السعودي على شركة موبكو، استحوذ أيضًا على نسبة 19.8% من شركة “أبو قير” للأسمدة، مقابل 379 مليون دولار بعد شراء حصص القابضة للكيماويات والهيئة العامة للتنمية الصناعية.. أما صندوق أبوظبي السيادي فقد استحوذ في أبريل الماضي عبر شركته “ألفا أوريكس ليميتد” على 21.5% مقابل 392 مليون دولار، وتبقى لملكية الدولة ومساهمين آخرين 58.7%.


الصندوق السيادي السعودي عبر الشركة “السعودية المصرية للاستثمار” حديثة الإنشاء، استحوذت أيضًا على 25% من شركة “إي فاينانس” مقابل 391 مليون دولار، وهي واحدة من كبريات شركات الاستثمارات المالية والرقمية، وتتعاون الشركة مع الحكومة في تنفيذ مشروع “مصر الرقمية” والذى يتم من خلاله تقديم جميع الخدمات الحكومية للمواطنين رقميا.


وبعد الاستحواذ على شركة “أبو قير للأسمدة” التفتت السعودية إلى شركة “الأسكندرية للحاويات”، فعبر الشركة المذكورة سابقًا تم الاستحواذ على 20% من الأسهم مقابل 156 مليون دولار، بينما استحوذت الإمارات على 32% من أسهم الشركة مقابل 159 مليون دولار.


وقال موقع “ديلي نيوز” إن مصادر أكدت أن الشيخ تميم بن حمد سيزور مصر خلال الأسابيع المقبلة، حيث من المنتظر الإعلان عن عدة اتفاقيات لاستثمارات قطرية بقيمة 20 مليار دولار، ناسبًا إلى مصادر قولها أن الاستثمارات ستتم على عدة مراحل، وسيتم توجيه استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار للاستحواذ على حصص في شركات مصرية من خلال جهاز قطر للاستثمار.الموقع أضاف “وتستعد الوكالة لتنفيذ أول صفقة لها في مصر خلال الأيام القليلة المقبلة، وتركز الوكالة على الاستحواذ على حصص في 3-4 شركات مدرجة، بالإضافة إلى شركات أخرى غير مدرجة في مرحلة لاحقة”، مستكملا “المفاوضات جارية مع الصندوق السيادي المصري بشأن حصص في شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع وغيرها من الشركات في قطاعي التكنولوجيا المالية والأغذية”.


وأضافت المصادر -حسب الموقع- أنه سيتم ضخ جزء من الاستثمارات في قطاع الطاقة النظيفة سواء من خلال الاستحواذ على مشروعات قائمة أو إقامة مشروعات جديدة في مصر بالتعاون بين الصندوق السيادي المصري والهيئة القطرية.وأشار الموقع إلى أن مصر تسابق الزمن للوفاء بعدد من الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي للموافقة على برنامج قروض جديد.. فيما قدر بنك جولدمان ساكس فجوة التمويل التي تحتاجها مصر من صندوق النقد الدولي بنحو 15 مليار دولار.

في الوقت ذاته، تشكلت لجنة حكومية برئاسة الدكتورة جيهان صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، لدراسة طرح شركات وزارة النقل والهيئات التابعة في البورصة المصرية أو لمستثمرين أجانب وعرب.وضمت اللجنة في عضويتها مسئولين عن جهات رقابية، وممثلي وزارات النقل، والمالية، والتخطيط، والعدل، وقطاع الأعمال العام، فضلًا عن ممثلي صندوق مصر السيادي، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.


وحسب موقع “القاهرة 24” فقد قال مصدر مسئول إن اللجنة تدرس مدى ملائمة طرح أي من الموانئ المصرية في البورصة للمستثمرين العرب والأجانب، وأهمية اقتصار الاستثمار في الموانئ على القطاع الخاص المصري، مع إمكانية تشجيع الاستثمار العربي والأجنبي في مجالات الإدارة والتشغيل من خلال مشغل عالمي بنظام حق الانتفاع، للاستفادة من قدراته وعلاقاته الدولية في هذا المجال، وبما يتوافق مع ما يتضمنه مشروع وثيقة ملكية الدولة، وبما لا يخل بالقواعد القانونية المقررة في هذا الشأن.

وتحتاج مصر إلى سداد 30 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري، إذ أكد الخبير الاقتصادي، هاني جنينة، أن الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات تنشأ من أمرين، أولهما التزام مصر بسداد مديونيات القروض من أقساط وفوائد كالتي حصلت عليها مصر من صندوق النقد الدولي أو دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتبلغ قيمة القروض -حسب جنينة- 20 مليار دولار، مُشيرًا إلى أن هذه هي الأرقام التي أعلنها البنك المركزي في أواخر عام 2021.. مضيفًا في الوقت ذاته أن “عدم الوفاء بهذه المديونيات يُسمى (تخلف عن السداد) وبالتالي نذهب إلى مصير سيرلانكا”.ويستكمل الخبير الاقتصادي “الأمر الثاني هو أننا مدينين بـ 10 مليار دولار أيضًا في صورة عجز في ميزان المعاملات الجارية، وهو المتعلق بعملية الاستيراد والتصدير، وبالتالي لدينا عجز بسبب زيادة أسعار القمح والبترول عالميًا”.


وأثارت عمليات البيع المستمر قلق أحزاب الحركة المدنية، إذ قالت في بيان إنها تابعت ببالغ القلق القرارات والإجراءات السياسية والاقتصادية التي تقوم بها السلطات في الآونة الأخيرة، واستمرار السلطات في بيع أصول الدولة لبعض البلدان الدائنة سداداً لقروض، مضيفا “وهي سياسة طالما حذرنا من جدواها وضرورتها وهذا البيع ليس تفريطاً في بعض من المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية فحسب ولكن لايحقق أي زيادة في حجم الناتج المحلي، وهذا من شأنه أن يؤثر على القرار السياسي والأمن القومي المصري”.

وتابعت “هذه السياسات تؤدي لمزيد من موجات متلاحقة من غلاء الأسعار في السلع والخدمات، ولم تعد دخُول المواطنين تكفي لشراء احتياجتهم الأساسية”.. مضيفة أن “الحركة المدنية تؤكد معارضتها لمثل هذه الممارسات التي تتنافى تماماً مع أجواء الحوار الوطني التي يُفترض أنها تعلي قيم المساحات المشتركة، ومن حيث أن هذه القرارات والممارسات الأُحادية من جانت السلطة تتنافى تماماً مع ما يقتضيه المنطق من ضرورة انتظار نتائج الحوار قبل إتخاذ قرارات بهذا الوزن والأهمية”.


العديد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أبدت رفضها لعمليات البيع الجارية، كان من بينها حزب “التحالف الشعبي الاشتراكي” الذي حذر في بيان من خطورة هذه الصفقات على الأمن القومي المصري، داعيا إلى الوقف الفوري لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.وقال الحزب، في بيان صحفي، “فوجئنا بالإعلان عن بيع عدد من الشركات والأصول المصرية الرابحة للسعودية، وسبق ذلك استحواذ الإمارات على حصص في عدد آخر من الشركات الرابحة، ضمن مخطط لضخ أموال أعلن عنها قدرت بـ٢٢ مليار دولار من السعودية والإمارات وقطر، زعموا أنها تساعد مصر لمواجهة نقص سيولة النقد الأجنبي والأزمة الاقتصادية، في حين ستذهب أساسا للاستحواذ على عدد كبير من الشركات والأصول المصرية الرابحة، ما ستكون له انعكاسات بالغة السلبية والخطورة في الأجل المنظور”.


وأوضح “التحالف الشعبي”، أنه بذلك لحقت السعودية بالإمارات في الاستحواذ على حصة في شركة أبو قير للأسمدة، إلى جانب ثلاث شركات مصرية أخرى هي؛ مصر لإنتاج الأسمدة، والإسكندرية لتداول الحاويات، وشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، بمبلغ وصل إلى مليار و٣٠٠ مليون دولار، وكانت الإمارات قد سبق لها منذ شهور الاستحواذ على حصص في عدد من الشركات المصرية على رأسها؛ البنك التجاري الدولى، وشركتى أبو قير وموبكو للأسمدة، وشركة فورى، مقابل ١.٨ مليار دولار”.

وأضاف: “بهذا تسير الخصخصة ونقل الأصول المصرية الرابحة للأجانب وتحديدا الخليجيين بسرعة الصاروخ، وفى ظل أزمة مالية أدت لها سياساتها، تبيع الحكومة المصرية كل الدجاج الذى كان يبيض ذهبا، ومن المعروف أن شركة أبو ظبى القابضة كانت قد استحوذت منذ أربع شهور على ٢١ فى المئة من أسهم شركة أبو قير للأسمدة بقيمة ٣٩٢ مليون دولار، أى حوالى ٦ مليارات جنيه مصري”.


وأشار إلى أنه بعد أربع أشهر فقط حققت “أبو قير للأسمدة” أرباحا قدرها ٩ مليارات جنيه، نصيب أبو ظبى فيها ١.٨ مليار جنيه ، أي إنها استردت أكثر من ربع ما دفعته فى أربع أشهر فقط، وسيكون على الاقتصاد المصرى تحمل التزام تحويل كل أرباح المستثمر الإماراتى للخارج بالعملة الصعبة سنويا، متسائلا: “هذا استثمار كما تقول وزيرة التخطيط أم بيع لكل ما يدر لمصر دخلا حتى وصل الأمر لبيع عفش البيت”.

وأكد الحزب أن ما يتم الترويج له من أن مثل هذه الاستثمارات – التى هى ليست استثمارات حقيقية بل مجرد استحواذ ونقل ملكية للأصول الموجودة فعلا – ستحل مشكلة السيولة فى مصر ليس صحيحا، فهى ليس بوسعها أن تكون حلا لنقص السيولة الأجنبية، بل ستزيدها تفاقما على تفاقم، نتيجة حق تحويل الاستثمارات وأرباحها للخارج بالعملة الصعبة.


وتابع: “نتيجة لهذا فقد أصبح ميزان الدخل الاستثمار الأجنبى سالبا بالفعل ويشكل ضغطا جديدا على الاقتصاد المصرى والعملات الأجنبية، ووفقا لآخر بيانات البنك المركزى فإن ميزان دخل الاستثمار قد زاد عجزه إلى ١١.٣ مليار دولار فى التسعة أشهر الأولى من السنة المالية الأخيرة، مقابل ٨.٩ مليارات فى الفترة المناظرة من العام السابق، أى أن العجز فى زيادة مطردة رغم تدفق الأموال الخليجية المشار إليها”.


واستكمل: “الغياب التام للشفافية فى كل تلك الصفقات وحظر الطعن عليها بأى شكل من الأشكال مهما شابها من مخالفات أو فساد، ولتهديدها أيضا الأمن القومى المصرى باحتكار المستثمرين الأجانب لقطاعات حيوية كقطاع الأسمدة وغيره فى وقت نواجه فيه أزمة غذاء وأسمدة عالمية، ولمخالفة نصوص الدستور التى تقررحرمة الملكية العامة، فإننا نرفض تلك الصفقات ونحذر من خطورتها، وندعو للوقف الفورى لسياسة بيع الأصول الاقتصادية الرابحة والاستراتيجية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *