الأزمة التونسية| قيس سعيد: قراراتي ليست انقلابا بل رد شعبي.. و”الاقتتال الداخلي” أخطر ما يهدد الدول

وكالات

رد الرئيس التونسي قيس سعيد الذي جمد نشاط البرلمان على منتقدين وصفوا إجراءاته الأخيرة بأنها انقلاب بقوله إن عليهم أن يراجعوا دروسهم في القانون.

وحرص الرئيس التونسي في كلمة إلى الشعب على طمأنة رجال الأعمال قائلا “ليست لنا مشاكل مع رجال الأعمال”، جاء ذلك بعد قليل من تحذير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن تونس تحتاج إلى الاحتفاظ باحتياطياتها المالية تجنبا لتخفيض تصنيفها.

ووصف سعيد إجراءاته بأنها دستورية وأنها رد شعبي على سنوات من الشلل السياسي والاقتصادي، وقال إن الفصل 80 من الدستور خوله سلطة إقالة الحكومة وتعيين حكومة مؤقتة وتجميد أنشطة البرلمان ورفع الحصانة عن أعضائه.

ودعا سعيد التونسيين إلى التزام الهدوء وعدم الاستجابة إلى أي استفزازات تطلب منهم النزول إلى الشارع، وقال “أخطر ما تواجهه الدول والمجتمعات هو الاقتتال الداخلي”.

وقال “اليوم تحملت المسؤولية التاريخية ومن يدعي أنني قمت بانقلاب يراجع دروسه في القانون ولن نترك الدولة التونسية لقمة سائغة” للباحثين عن مصالحهم الخاصة على حد تعبيره.

وفي وقت سابق، أقال سعيّد كلا من وزير الدفاع ابراهيم البرتاجي ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان.

وأعلنت رئاسة الجمهورية في بيان أن سعيّد “أصدر أمرا رئاسيا قرّر من خلاله إعفاء وزير الدفاع إبراهيم البرتاجي والوزيرة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالوظيفة العمومية ووزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان”.

ووصف حزب النهضة أكبر الكتل البرلمانية (53 نائبا من أصل 217) القرار بأنه “انقلاب على الثورة وعلى الدستور”.

ودعم الاتحاد التونسي للشغل (المركزية النقابية) ضمنيا قرارات سعيّد وقال في بيان الاثنين إن “التدابير الاستثنائية التي اتّخذها رئيس الجمهورية وفق الفصل 80 من الدستور، توقّيا من الخطر الداهم وسعيا إلى إرجاع السير العادي لدواليب الدولة وفي ظلّ تفشّي الكوفيد”.

دوليّا، عبرت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وتركيا وروسيا عن قلقها، ورفضت أنقرة المقربة من حزب النهضة “تعليق العملية الديموقراطية وتجاهل إرادة الشعب الديموقراطية في تونس”.

ودعا البيت الأبيض إلى الهدوء وأعلن أن واشنطن “تدعم الجهود التونسية للمضي قدما بما يتوافق مع المبادئ الديموقراطية”، فيما دعا الاتحاد الأوروبي “كل الجهات الفاعلة في تونس إلى احترام الدستور، والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون” وإلى “تجنّب أي لجوء للعنف”.

وأعربت فرنسا عن أملها “بعودة المؤسسات الى عملها الطبيعي” في تونس “في أقرب وقت”.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية ماريا أديبهر لصحافيين إن بلادها تأمل في عودة تونس “في أقرب وقت ممكن إلى النظام الدستوري”.

واعتبرت أن “جذور الديموقراطية ترسّخت في تونس منذ 2011” في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.

وأوضحت أن بلادها “قلقة للغاية” مما جرى، لكن “لا نودّ التحدث عن انقلاب”.

إلى ذلك قامت قوات الشرطة بغلق مكتب قناة الجزيرة القطرية في تونس بدون تقديم تعليل للقرار ودانت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين بشدة “سابقة اقتحام… في خرق واضح للقوانين الوطنية والدولية”.

ودانت “منظمة العفو الدولية” و”مراسلون بلا حدود” إغلاق مكتب القناة القطرية في تونس.

من برلماني إلى رئاسي

منع مئات من مناصري الرئيس سعيّد مؤيدي حزب النهضة من الاقتراب من زعيمهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي ظل داخل سيارة أمام البرلمان وتبادل الطرفان الرشق بالحجارة والعبوات، وفق ما أفاد صحافيون في فرانس برس.

وغادر الغنوشي من امام مقر البرلمان ويسود الآن هدوء حذر محيط المبنى.

ومساء خفتت الاحتجاجات بعدما أعلنت الرئاسة فرض حظر تجول ليلي.

وقام الغنوشي باعتصام لساعات أمام البرلمان ودعا أنصار حزبه إلى التعبئة.

وقال “الشعب التونسي لن يقبل الحكم الفردي مجددا… ندعو كل القوى السياسية والمدنية والفكرية الى ان يقفوا مع شعبهم للدفاع عن الحرية… ما دامت الحرية مهددة فلا قيمة للحياة”.

وقال في مقطع فيديو نشره على صفحته الرسمية إن سعيّد “يريد تحويل طبيعة النظام من نظام برلماني ديموقراطي الى نظام رئاسي فردي استبدادي”.

وأكد الغنوشي أن الرئيس لم يستشره قبل أخذ القرارات استنادا إلى الفصل 80 من الدستور التونسي الذي ينص أن على “لرئيس الجمهورية في حالة خطرٍ داهمٍ مهددٍ لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدّولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشّعب وإعلام رئيس المحكمة الدّستورية، ويعلن عن التّدابير في بيان إلى الشعب”.

ويطبق هذا الفصل لمدة ثلاثين يوما ويعهد للمحكمة الدستورية رفض أو اقرار مواصلة العمل به.

لكن ومنذ اقرار دستور 2014 لم يتم انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية بسبب تجاذبات سياسية حادة بين الأحزاب.

إضعاف الديموقراطية

وتسبب تجاذب مستمرّ منذ ستة أشهر بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي زعيم أكبر الأحزاب تمثيلاً في المجلس، بشلل في عمل الحكومة وفوضى في السلطات العامة، في وقت تواجه تونس منذ مطلع تموز/يوليو ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا.

وسجلت البلاد حوالى 18 ألف وفاة من أصل 12 مليون نسمة، في أحد أسوأ معدّلات الوفيات جراء كوفيد في العالم.

وأقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الأسبوع الفائت وزير الصحة فوزي المهدي اثر ارتفاع كبير في حالات الوفيات والمرض بسبب الفيروس.

ويرى مراقبون أن من شأن هذه التطورات السياسية أن تضعف من الديموقراطية الناشئة في تونس والتي تأتي اثر ستة أشهر من الصراعات والخلافات الحادة بين سعيّد والغنوشي بينما تمر البلاد بوضع صحيّ متأزم.

وندد كل من حزب “قلب تونس” و”ائتلاف الكرامة” بقرار سعيّد.

ورفض حزب “التيار الديموقراطي” الذي دعم سعيّد سابقا في مواقف عدة، توليه كل السلطات.

لكن الحزب حمل في بيان الاثنين “مسؤولية الاحتقان الشعبي المشروع والأزمة الاجتماعية والاقتصادية والصحية وانسداد الأفق السياسي للائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة وحكومة هشام المشيشي”.

من جهته، ساند حزب “حركة الشعب” قرارات الرئيس في بيان الاثنين واعتبرها “تصحيحا لمسار الثورة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *