“اعتداءات جنسية واغتصاب”.. شهادات صادمة لمعتقلين في الاحتجاجات الإيرانية.. والأمم المتحدة: السلطات اعتقلت 14 ألفا

وكالات 

كشفت شهادات صادمة، نقلها تحقيق استقصائي لشبكة “سي إن إن”، تعرض عدد من المحتجزين في الاحتجاجات الإيرانية، لـ”اعتداءات جنسية من طرف الجهات الأمنية”، في السجون ومراكز الاعتقال السيئة السمعة بالبلاد. 

ونقلت الشبكة شهادات سرية حصلت عليها، وتبين تعرض شابات وأطفال قاصرين، لـ”اعتداءات جنسية”، وصلت في بعض الحالات إلى الاغتصاب، بعد أن تم اعتقالهم على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات. 

ونقلت “سي إن ان”، شهادة امرأة كردية إيرانية، أطلقت عليها “هانا” كاسم مستعار حفاظا على سلامتها، وتقول إنها كانت ضحية عنف جنسي أثناء احتجازها، وشهدت تعرض فتيات أخريات لاعتداءات جنسية خلال فترة الاحتجاز. 

وظهرت في الأسابيع الأخيرة، مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يزعم أنها توثق حوادث اعتداء جنسي على متظاهرات في الشوارع، كما تحدثت مجموعة من التقارير عن تعرض بعض المحتجين لعنف جنسي في السجون ومراكز الاحتجاز. 

ولعبت النساء دورا محوريا في الانتفاضة الإيرانية التي اندلعت قبل شهرين، عقب وفاة الشابة مهسا آميني، بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق في طهران. 

وتبرز الشبكة، أن مناخا من الخوف الشديد يسود إيران، مع اشتداد حملة القمع ضد المحتجين، حيث تمنع السلطات الصحفيين الأجانب من دخول البلاد، كما تقوم بتعطيل الانترنت بشكل مقصود ومنتظم، وتقمع أصوات المعارضين عبر حملات اعتقال جماعية. 

وأجرت “سي إن إن” مقابلات مع شهود عيان فروا من إيران واستمعت إلى مصادر من الداخل، للتقصي حول موضوع الاعتداءات الجنسية، موردة أن الأجهزة الأمنية، تعمد في بعض الحالات إلى تصوير الاعتداء الجنسي واستخدامه لابتزاز المتظاهرين وإسكاتهم، وفقا لمصادر تحدثت إليها الشبكة. 

ونقلت الشبكة، قصة الشابة أرميتا عباسي، 20 عاما، من مدينة كرج الواقعة جنوب غرب طهران، والتي انتشرت مزاعم تعرضها للاغتصاب خلال اعتقالها، بسبب كتاباتها المنتقدة للنظام. 

وادعت السلطات الإيرانية في إعلان اعتقال عباسي، عثورها على “10 زجاجات حارقة” في شقتها، ووصفتها بكونها إحدى “زعماء الشغب” في الاحتجاجات. 

ونُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي محادثات وتقارير، تكشف تعرض عباسي للتعذيب والاغتصاب، من طرف قوات الأمن، بحسب الشبكة. 

ووفقًا للوثائق المسربة، تم نقل الفتاة عباسي إلى مستشفى الإمام علي في مدينة كرج، يوم 17 من أكتوبر الماضي، مع ضباط في زي المدني، وبدت في حالة صعبة، إذ كانت حليقة الشعر وترتجف بشدة من الخوف. 

وتحدثت مصادر من داخل المستشفى للشبكة، عن الرعب الذي شعروا به عندما رأوا علامات الاعتداء الجنسي على جسدها.  

وكشف أحد الأطباء في تسريب متداول: “عندما جاءت لأول مرة، قال الضباط إنها كانت تنزف من شرجها.. بسبب الاغتصاب المتكرر، وأصروا على أن يذكر التقرير الطبي أن الاعتداء حدث قبل اعتقالها”.  

وكتب المصدر ذاته: “بعد أن أصبحت الحقيقة واضحة للجميع، قاموا بتغيير الحبكة بأكملها، وابتكروا قصة جديدة، مفادها أنها أدخلت المستشفى لمشاكل في الجهاز الهضمي”. 

وأكد أربعة من المسعفين الذين قاموا بتسريب ما جرى في المستشفى ونشره على وسائط التواصل الاجتماعي، للشبكة تعرض الشابة الإيرانية للاغتصاب خلال الحجز. 

بالمقابل، تنفي إدارة مستشفى “الإمام علي” للشبكة، أن عباسي عولجت أساسا في هذا المركز الصحي، رغم تأكيد البيان الرسمي للسلطات لذلك. 

ولم تتمكن “سي إن إن”، من التواصل مع عباسي التي تقبع في سجن “فرديس” سيئ السمعة، أو مع أحد أفراد عائلتها. 

“معاملة سيئة للغاية” 

وينقل التقرير شهادة فتاة أخرى اعتقلت خلال المظاهرات، وتزعم تعرضها للعنف الجنسي أثناء اعتقالها، قبل أن تتمكن بعدها بأيام قليلة من الفرار من البلاد عبر الحدود الإيرانية العراقية. 

وتكشف هانا، أنه قبل اعتقالها تم تحذيرها من أن النساء في السجون الإيرانية “يعاملن معاملة سيئة للغاية”، حيث تلقت والدتها مكالمة هاتفية من أحد جيرانها، وهو مسؤول رفيع المستوى في سجن مهاباد في شمال غرب البلاد، وحثها على عدم السماح لبناتها بالخروج من منزلهن “تحت أي ظرف من الظروف”. 

وتصرح هانا أن هذا التحذير، لم يمنعها من الانضمام إلى الاحتجاجات، ومثل العديد من المتظاهرات الأخريات، شاركت في التظاهرات، وخلعت حجابها وأحرقته فيما أصبح “طقسا احتجاجيا مميزا”. 

وبعد إلقاء القبض عليها، قالت هانا، إنها احتُجزت في مركز للشرطة في مدينة أورمية، شمال غرب إيران، لمدة 24 ساعة، كاشفة أنها شاهدت خلال اعتقالها “تعرض أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و14 عاما لضرب وحشي، وتعرض فتيات لاعتداءات جنسية”. 

وتصرح المتحدثة التي فرت إلى قرية جبلية في كردستان العراق، تعرضها أيضا لاعتداء من طرف شرطي حاول تقبيلها بعنف، غير أن اندلاع أعمال شغب في مركز الاعتقال أنقذها من يديه، وتضيف: “بعدها حضر والدي إلى المركز وسدد كفالتي وبعدها بأيام قليلة قررنا الهرب من البلاد”. 

وأكدت هانا أن مجموعة من المحتجزات “كن ضحايا لاعتداءات جنسية مختلفة”، مشيرة إلى أن السلطات ترفض قبول أداء أقاربهن لكفالة إطلاق سراحهن. 

“معظمها في المناطق الكردية” 

وسجلت معظم حالات العنف الجنسي التي غطتها الشبكة، مناطق غرب إيران، حيث الغالبية الكردية بالبلاد، وهي المناطق التي عرفت احتجاجات ضخمة ووجهت بحملة قمع دموية بحسب سي إن إن، التي تؤكد أن “التعتيم الإعلامي ووصمة العار” يزيدان من معاناة ضحايا هذه الحوادث. 

وعلى الرغم من صعوبة التحقيق في ادعاءات الاعتداءات الجنسية، توضح سي إن إن، أنها سجلت وقوع 11 حادثة اعتداء جنسي في السجون الإيرانية ـ حادثة واحدة، قد تشمل أحيانا عدة ضحاياـ معظمها في المناطق الكردية. 

وفي حالة أخرى للاعتداءات الجنسية، تلقت الشبكة، شهادة صوتية لطفل يبلغ من العمر 17 عاما، صرح أنه وأصدقاؤه تعرضوا للاغتصاب والصعق بالكهرباء في الحجز بعد اعتقالهم خلال الاحتجاجات.  

وتشير الشهادات التي استمعت إليها CNN، إلى أن “الاعتداء الجنسي على الصبي لم يكن حادثة معزولة”. 

وقالت هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، إنهما سجلتا عدة حالات من الاعتداء الجنسي في السجون منذ بداية، الاحتجاجات في منتصف سبتمبر. 

من جانبها، كشفت رئيسة شبكة حقوق الإنسان في كردستان، ريبين رحماني، لشبكة CNN، أن امرأتين محتجزتين، تحدثت إليهما، تعرضتا للتهديد باغتصاب أخواتهما المراهقات كوسيلة للضغط عليها، للإدلاء باعترافات تلفزيونية، مشيرة إلى أن “قوات الأمن الإيرانية تستخدم الاغتصاب لقمع الاحتجاجات”. 

وطالب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك إيران بوقف الاستخدام “غير الضروري” للقوة ضدّ المتظاهرين، خلال اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان الخميس. 

وقال “ممّا تمكنّا من جمعه، تمّ حتى الآن اعتقال حوالي 14 ألف شخص، بينهم أطفال، في سياق الاحتجاجات. هذا رقم صادم”، مضيفاً “يجب وضع حدّ للاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة. الأساليب القديمة وعقلية الحصانة لدى من يمارسون السلطة ببساطة لا تنجح. في الواقع، هي فقط تجعل الوضع أسوأ”. 

وأضاف في أول خطاب له أمام المجلس المؤلف من 47 عضوا “نشهد الآن أزمة حقوق إنسان متكاملة الأركان”. 

في هذه الأثناء انتقدت طهران الدول الغربية التي دعت إلى عقد الاجتماع العاجل لمجلس حقوق الإنسان، معتبرة أنها تفتقر إلى “الصدقية الأخلاقية”. 

وقالت معاونة نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة خديجة كريمي أمام المجلس في جنيف، إنّ الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي دفعت لعقد اجتماع الخميس “تفتقر إلى الصدقية الأخلاقية لوعظ الآخرين بشأن حقوق الإنسان وطلب جلسة خاصة بشأن إيران”. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *