ازدواج قناة السويس مشروع جديد يثير الجدل ويجدد الحديث عن “المشروع القديم”: إصرار على حشر مصر في زاوية “الدولة الريعية”

كتب – أحمد سلامة

أثار مشروع “ازدواج قناة السويس” الذي أعلنه عنه الفريق أسامة رئيس، رئيس هيئة القناة، جدلا حادًا على المستوى الشعبي والجماهيري، إذ عبر كثيرٌ من المواطنين عن رفضهم وانتقادهم للمشروع المقترح بحجة أن مشروع “قناة السويس الجديدة” وهو مشروع مشابه للطرح الحالي كان سببًا في أزمة العملات الأجنبية ما دعا إلى إصدار قرار التعويم في 2016.

وتحدث الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، عن جهود قناة السويس للنهوض بصناعة النقل البحري، وأعلن عن دراسة مشروع لازدواج القناة بالكامل، بالتعاون مع شركتين دوليتين في ظل التحديات التي توجهها القناة نتيجة هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وجاءت كلمة الفريق أسامة ربيع خلال مشاركته في المؤتمر السنوي الدولي للنقل البحري واللوجستيات (مارلوج).. حيث قال ربيع: “إحنا شغالين في المشاريع بتاعتنا منذ الانتهاء من قناة السويس الجديدة، إحنا بنعمل في مشاريع أخرى، زي القطاع الجنوبي، بنعمل فيه تحسين درجة الملاحة بنسبة 28% نتيجة ضيق هذا القطاع اللي حصلت فيه حادثة سفينة إيفر غيفين، وبنعمق من 66 قدما إلى 72 قدما، ودا خلص الحمد لله”.

وأضاف رئيس هيئة قناة السويس في مقطع فيديو نشرته قناة “صدى البلد” التلفزيونية المصرية: “بنعمل عملية ازدواج لمسافة 10 كيلو مترات في البحيرات المرة الصغرى والكبرى، هتنضم إلى قناة السويس الجديدة ليصبح طولها 82 كيلومترا من 72 كيلومترا حاليا، بما يزيد من عدد السفن”.

وأردف الفريق أسامة ربيع قائلا: “إحنا بردو درسنا الازدواج الكامل لقناة السويس، قناة السويس لا يوجد بها ازدواج كامل حاليا، فيه حوالي 80 كيلومترا في قناة السويس ما اتعملش لهم ازدواج، منهم 50 كيلومترا في الشمال و30 كيلومترا في الجنوب، عملنا الدراسات المبدئية وعُرضت على الرئيس (عبدالفتاح السيسي)، وتوجد شركتان كبيرتان تعملان على دراسات الجدوى، لتحديد مين اللي يقدر يشتغل معانا، هنخلص العمل دا ونعرضه على الرئيس، لكي تصبح نسبة المرور في قناة السويس 100%، (من الاتجاهين)”.

ومضى ربيع مضيفا: “نعمل على تطوير الأسطول البحري الموجود في قناة السويس، يعني إحنا بردة مش ساكتين على كدة، الأزمة دي (هجمات الحوثيين) خلقت عندنا بعض الخدمات الجديدة اللي إحنا ممكن نقدمها للسفن التي تعبر من البحر الأحمر، في قناة السويس، كخدمة صيانة وإصلاح السفن والإنقاذ البحري والتزود بالوقود والإسعاف البحري وتبديل الأطقم والتزود بالمؤن الغذائية والمياه”.

وتطرق الفريق ربيع في حديثه إلى التوترات الأمنية والجيوسياسية بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب التي اندلعت منذ نوفمبر الماضي، والتي ما زالت تلقي بظلالها على المشهد البحري العالمي، حيث ارتفعت نوالين الشحن للسفن المتجهة لموانئ البحر الأحمر إلى 6800 دولار للحاوية مقارنة بنحو 750 دولار للحاوية قبل الأزمة، فضلا عن ارتفاع تكاليف وقود السفن وارتفاع تكلفة التأمين على السفن لتصل في بعض الأحيان إلى 10 أضعاف قيمة التأمين السابقة للأزمة”، حسبما نقل عنه موقع هيئة قناة السويس على الإنترنت.

وأشار ربيع إلى أن “قناة السويس حرصت خلال الفترة الماضية على عقد سلسلة اجتماعات متتالية مع المؤسسات والخطوط الملاحية، وعدد من القيادات الملاحية الدولية لبحث تداعيات الأزمة الراهنة في منطقة البحر الأحمر”.

وعلى الفور انطلق بعض الإعلاميين المحسوبين على النظام في تأييد المشروع المقترح، حيث تحدث الإعلامي أحمد موسى، عن قناة السويس، قائلا: “هقولكم أخبار مهمة وسعيدة بخصوص هذا الشأن”

وأضاف موسى، خلال تقديمه برنامج “على مسئوليتي”، المُذاع عبر فضائية ” صدى البلد”،: “سيكون هناك تصديق على أن قناة السويس تصبح قناتين، سيكون عندنا قناتين كاملتين بطولة 192 كيلو متر، وهذا خبر لأول مرة”.

وتابع: “الدولة تعمل على مشروع حاليا سيتم التصديق عليه وهو أن يكون هناك قتاتين لكي تقضي على أي أمر في هذه المنطقة”، مضيفا: “سيتم عرض دراسة جدوى مشروع ازدواج قناة السويس على الرئيس السيسي للتصديق عليه”.

واسترسل: “تم عرض الدراسات الخاصة بازدواج قناة السويس على الرئيس السيسي.. ومشروع إزدواج قناة السويس يهدف إلى زيادة عدد السفن في القناة”، موضحا: “ما يحدث تطور كبير في الدولة المصرية”.. مشيرًا: “شركات عالمية تقوم بإعداد دراسة جدوى لمشروع إزدواج قناة السويس”.

وفي أعقاب تصريحات أحمد موسى، بدأت ما يصفها المعارضون بـ”اللجان الألكترونية” في الترويج لأهمية المشروع، حيث يقول حساب باسم منى متولي “إزدواج قناة السويس مشروع إستراتيجي مهم علشان تقفلها للي طمعان في سيناء وغزة ضبة ومفتاح، الفكر الاستراتيجي المصري حالياً بيعتمد على دراسة الأسباب الجذرية للمشكلات وده بيوديه للحلول الجذرية بردوا ، والأساليب بتتنوع من القوة الناعمة إلى القوة الخشنة او التقليدية ، ومع كل نقلة ع الرقعة عدوك بيخسر كل شيء ، ماضيه وحاضره ومستقبله كمان”.

ويضيف الحساب “تهجير ، مفيش تهجير ، قناة بن جوريون ، مفيش قناة بن جوريون ، أسطول أمريكي قصاده أسطول صيني ، مشاة بحرية أمريكية قصادهم مشاه روس في سوريا ، إنت فكرك سابق الإقليم كله ، وأكبر دليل إن كل دول المنطقة بتعمل النهاردة اللي إنت عملته وخلصته من ٢٠١٤.. واخيراً، محدش يعتقد إن مواقف الإدارة الإمريكية من الصراع إتغيرت جدعنة ولا إنسانية ، مفيش جدعنة ولا إنسانية في السياسة ، كل الحكاية إن الغرف المغلقة إتقال فيها كلام كتير وإترمت على الترابيزة كروت كتير خلت بايدن يختار السلام (غصب عنه) ، هو نفسه يكمل حرب والله اكتر من بي بي (نتنياهو)، بس للأسف إنت قفلتهاله ضبة ومفتاح، ومشروع قناة السويس ده مجرد كارت من الكروت اللي اترمت، وما خفي كان أعظم وأقوى”.

أما حساب باسم “سليمان كوش”، فقد اختصر الأمر في الأمر القديم المُعاد، “كل من يقف أمام هذا المشروع هو عدو للبلد”، وهي اسطوانة ليست جديدة على مسامع المعارضين.. ويقول سليمان “ازدواج قناة السويس بطول القناه ١٩٢كم لكى تصبح قناة السويس اتجاهين كاملين وتصبح نسبة الامان فى مرور السفن من القناه بنسبة ١٠٠٪، ويؤدي هذا العمل إلى استيعاب أي عدد من السفن بدون انتظار لمجابهة الزياده في التجاره العالميه سنويًا.. من المعلوم أن المزدوج من القناه ١٦٢ كم والمتبقى ٣٠كم.. هذا هو المشروع الجديد الذى تعد له دراسات الجدوى التى ستأخذ أكثر من عام ونصف العام ويتم تنفيذه بإمكانيات القناه في ٥ سنوات.. من يعادي هذا المشروع اعلموا أنه لسان حال العدو”

على الجانب الآخر، يقول الدكتور  يحيى القزاز إن “ازدواج قناة السويس بطول ١٩٢متر في وقت يقل فيه عدد السفن العابرة وتقل فيه الموارد المالية هو إغراق في مزيد من الديون، ومبرر بطرحها للبيع تحت مسمى الشراكة والإدارة لنقص التمويل واستكمال المنشآت. بيع مصر لن يتوقف إلا برحيل سلطة أدمنت البيع أو وقوف الشعب لمنع البيع”.

أما الدكتور عمار علي حسن فيقول “الحديث عن إكمال خط مزدوج لقناة السويس الآن هو أمر يثير الكثير من الأسئلة، فإذا كان تهديد باب المندب مؤقتا ومربوطا بالعدوان الإسرائيلي على غزة فإن انكماش التجارة العالمية لا يزال مستمرا، لاسيما أن كثيرا من الشركات الغربية نقلت مصانعها إلى شرق آسيا، بينما يتعزز دور بترول غرب أفريقيا وبحر الشمال بديلا لنفط الخليج”.

ويضيف “سبق لي أن قلت هذا وقت الإعلان عن حفر التفريعة الأولى، وتمنيت لو ذهبت الأموال التي جمعها في أيام معدودات إلى التعليم وتنشيط الإنتاج، ومن ثم التشغيل، وأكدت أن عائد المشروع سيكون ضئيلا، وهو ما جرى بالفعل”.

ويستكمل عمار علي حسن “اليوم تتحدث السلطة عن أموال بدأت التدفق من حصيلة مشروع (رأس الحكمة)، وبدلا من توجيهها إلى ما يفيد أكثر، عبر التاءات الأربع (التعليم ـ التصنيع ـ التصدير ـ التشغيل) أخشى أن يكون الإعلان عن حفر جديد في قناة السويس ثقبا أسود لابتلاع المال القادم، وكأن هناك رغبة عارمة في الهروب من الطريق السليم للخروج من الأزمة”.

ويختتم “بالطبع فإن هذه التساؤلات، بل الهواجس، هي الأٌقل وطأة، ليبقى السؤال الأهم هو عن تهيئة القناة لتدخل ضمن مسار (بيع الأصول) أو (تأجيرها)، وعن الإصرار على حشر مصر في زاوية (الدولة الريعية) وهي عبر تاريخها المديد لم تكن أبدا في هذا الموضع، ثم السؤال الأكبر عن إبعاد شبه جزيرة سيناء أكثر بمانع مائي جديد؟”.

تشرح صفحة “الموقف المصري” أسباب التخوف من المشروع الجديد، حيث تقول إن “حفر القناة بالضبط هو نفس فكرة مشروع قناة السويس الجديدة اللي نفذته مصر في 2015 بتكلفة 8 مليار دولار تقريبا وقت ما كان سعر الصرف = 8 جنيه في السوق السوداء، ويعتقد أنها كانت سبب أساسي في أزمة العملة في 2016 اللي أدت لتخفيض الجنيه.. والمشروع الجديد بيروج له على أنه حل لمشكلة الازدحام في القناة والقضاء على وقت الانتظار الطويل، لكن الحقيقة ده برضه كان هدف المشروع القديم واللي في النهاية قلل وقت العبور لـ11 ساعة تقريبا، وهو وقت قليل جدا بالنسبة لسفينة حاويات أو ناقلة نفط خدت رحلة أسبوعين أو ثلاثة في البحر لأوروبا”.

وتعود صفحة “الموقف المصري” إلى المشروع القديم قائلة في 2015 قالت الحكومة ممثلة في الفريق مهاب مميش أنه المشروع هيرفع إيرادات القناة لـ100 مليار دولار سنويا، الحقيقة التصريح والرقم المبالغ فيه يمكن التجاوز عنه، كان الكلام المنطقي وقتها بمعدلات الشحن البحري ونمو التعريفة المفروضة هو أنه القناة تحقق في 2023 حوالي 13.5 مليار دولار سنويا، لكن ده برضه لم يتحقق القناة حققت 9.5 مليار دولار فقط في 2023، تمثل الـ9.5 دي تقريبا زيادة حوالي 90% عن مستوى الإيرادات قبل 2015 والتفريعة الجديدة، لكنه أقل من المتوقع والزيادة دي تمت بعد 8 سنين كاملين، يعني بحسبة العائد على الاستثمار ده مكنش مشروع مربح بالنسبة للحكومة، لأنها حطت 8 مليار دولار ، وفي الفترة من 2015 -2021 حصلت الحكومة فقط على عائد جديد من القناة فوق مستوى الـ 5.2 مليار دولار اللي تحقق في 2015 حوالي 2.3 مليار دولار على مدار 6 سنوات تقريبا”.

وتضيف “في 2021 حصلت قفزة في أسعار الشحن البحري مع زيادة مشاكل سلاسل التوريد والحاجة للطرق الأقصر ومع ده رفعت القناة تسعيرة المرور في القناة عشان تحقق في 2022 حوالي 8 مليار دولار وفي 2023 حوالي 9.4 مليار دولار، يعني زيادة تقارب 7 مليار دولار في سنتين نتيجة ارتفاع أسعار الشحن، بالتالي الحكومة لم تحقق المستهدفات ولم تستطع الحصول على تكلفة الاستثمار الخاصة بيها سوى في السنة اللي فاتت بعد 7 سنين من المشروع”.

وتنبه الصفحة إلى “شيء مهم تاني أنه مع زيادة الإيرادات زادت المصروفات الخاصة بالقناة، والعقود الخارجية اللي بتدفعها للتكريك والتطهير وخاصة لشركات إماراتية”.

وتستعرض الصفحة مشكلات المشروع حيث تقول “في ناس ممكن تقول ده مشروع له أولوية عشان نقدر ننافس مع الممرات الملاحية والمشاريع المشتركة اللي بتعملها إسرائيل مع الخليج للنقل البحري، زي مشروع الممر الاقتصادي الهندي – الخليجي للبحر المتوسط، والحقيقة ده مبرر مهم لكنه في مشكلتين:

– الأولى: أنه بجدية جدوى تلك المشروعات وحجمها الكبير المرتبط بممرات تنموية واقتصادية وتصنيع على طول خط الشحن ده استحالة القناة تقدر تنافسه بالعقلية دي بتاعة توسعة القناة وفقط وتقليل وقت العبور لساعتين أقل.

– الثانية: أنه المنافسة الفعلية هي في تطوير إمكانيات محور القناة نفسه من خلال إنشاء منطقة صناعية ترتكز على الصادرات ولا تعتمد فقط على جذب السفن ورسوم العبور، والتركيز على تطوير خدمات السفن زي أحواض الصيانة والخدمات”.

وشددت الصفحة على أن “إيرادات القناة لا تعبر بالشكل الحالي عن قيمتها الاقتصادية، بالتالي المنافسة وتحسين وضعية القناة التنافسية مع الممرات التجارية والاقتصادية اللي بيعملها الخليج مش بالطريقة دي، بل بمنافسة الخليج نفسه فيما يفعله”.

وتختتم الصفحة بالإشارة إلى أنه “مع أموال صفقة رأس الحكمة الناس كانت بتسأل هل الحكومة هتصحح المسار الاقتصادي؟ ولا هتستمر في نفس المسار بنفس المشاريع الكبرى بنفس المشكلة الكبرى اللي بتخلقها المشاريع دي في صرف النظر والانتباه والاستثمار في إصلاح الاقتصاد بشكل هيكلي، الحقيقة الحكومة مكدبتش خبر وأجابت على الناس سريعاً إنها مستمرة في ده، طريقة التفكير دي هي طريقة غياب كل مؤسسية ممكنة في لا دولة بيحكمها أنه رئيس الهيئة يقدم مشروع فيوافق عليه الرئيس بدون دراسة كل جوانبه، رغم أنه ده مشروع كبير وتكلفته ضخمة”.

وتلفت النظر إلى أنه “في 2015 (عام الحفر على الناشف) كان تكلفة حفر الـ35 كيلو متر اللي مثلت القناة الجديدة حوالي 8 مليار دولار، ساعتها انخفض الاحتياطي النقدي عشان المشروع تم الضغط لتنفيذه في سنة واحدة فقط واتقال ساعتها عشان نرفع معنويات المصريين!! مش عارفين دلوقتي الحكومة والرئيس برضه هيبقوا عايزين يرفعوا معنويات المصريين أم لا؟ وبكام؟ ويا ترى معنويات المصريين وحالتهم الاقتصادية هتوصل لفين بعد ما نقرر نصرف مليارات الدولارات اللي وصلت بنفس الطريقة القديمة؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *