إلهامي الميرغني يكتب: البعض يأكلونها والعة.. التحولات في بنية الرأسمالية المصرية (1)

ولدت الطبقة الرأسمالية المصرية في ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي كجنين مشوه لم يمر بمراحل التطور الطبيعي التي شهدها التطور الرأسمالي الكلاسيكي في أوروبا.ولدت من رحم الاستعمار وبالتحالف معه، ولم تخض حرب مع الأقطاع كما حدث في أوروبا ولكنها ولدت من تحول كبار ملاك الأراضي ولذلك ولدت مبتسرة ومشوهة وتابعة وغير ديمقراطية وهذا موضوع يحتاج المزيد من الدلائل التي لن أستغرق فيها الآن.

تعايشت الطبقة الجديدة مع رأس المال الأجنبي قبل 1952 وحتي بعد الثورة صدر قانون استثمار أجنبي عام 1953 منح العديد من المزايا للاستثمار الأجنبي ليشاركوا في تمويل مشروع الضباط الراديكاليين.لكنهم أحجموا عن المشاركة فجاء التمصير وتأميم المصالح الأجنبية ومن خلال الشركات الأجنبية التي تم تأميمها وولدت المؤسسة الاقتصادية.

فتح المجال أمام الرأسمالية المصرية لتشارك في التنمية ولكنها أحجمت خوفا من جموح ضباط يولية واعتبروا إجراءات الاصلاح الزراعي علامة علي توجهات النظام الجديد الراديكالية فتآمروا لأفشال مشروع يولية.وجاءت التأميمات الكبري في 1960 وحتي 1964 والتي واكبت خطة التنمية الرأسمالية الأولي ومحاولة استقلال السوق الرأسمالي بعيداً عن الاستعمار وبقيادة رأسمالية الدولة.وعندما دخلت مصر في طريق خطة التنمية الثانية ( 1965 – 1970 ) تجمعت مصالح الإقطاع القديم والرأسمالية القديمة والاستعمار الجديد لايقاف عجلة التنمية الرأسمالية فكانت هزيمة 1967.

توقفت خطط التنمية لتتم التعبئة من اجل استعادة سيناء واستخدمت الضغوط لإبعاد مصر عن أحضان السوفيت في ذلك الوقت ولذلك جاء تولي السادات للحكم في أعقاب وفاة الرئيس عبد الناصر ليعلن نهاية محاولة التنمية الرأسمالية المستقلة والعودة لإحضان الاستعمار والرأسمالية التقليدية.تم إلغاء قوانين الاصلاح الزراعي وإعادة الأرض للاقطاعيين كما بدأت خطط الخصخصة وبيع القطاع العام الذي كان يعاني منذ ولادته وتم أثقال كاهله وأصبح مرتع للفساد وساقية تنزح المياه من رأسمالية الدولة إلي القطاع الخاص والحسابات الخاصة التي ولدت من قلب فساد القطاع العام وأساليب إدارته .

عام 1972 عرضت مسرحية بعنوان ” البعض يأكلونها والعة ” تأليف نبيل بدران وإخراج المبدع هاني مطاوع .ورغم أن المسرحية تناقش الفساد الذي كان الطريق لهزيمة يونية 1967 ،إلا إنها كانت تحمل عنوان للمرحلة الجديدة من تطور الرأسمالية المصرية الذي بدأ بقانون الاستثمار سنة 1971 والذي تم تعديله بقانون الاستثمار والمناطق الحرة سنة 1974.وتحولت بورسعيد رمز الصمود أمام العدوان الثلاثي إلي منطقة حرة أو منطقة مرة كما كان يسميها أهل بورسعيد . واختفت سيرة أبطال الصمود في 1956 ،اختفت سيرة زينب الكفراوى وأمينة الغريب ومحمد مهران وسيد عسران ورفاقهم من أبطال المقاومة ليحل محلها صورة أبو العربي الفهلوي الفشار تاجر المستورد بياع الشيكولاته واللبان والويسكي المستورد.

دخلت مصر العصر الجديد عصر الفساد الأكبر والانحطاط الفكري والثقافي والاخلاقي وعادت مصر للسقوط في بئر الاستدانة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وخضعت لشروطه وبدأت في إطلاق يد القطاع الخاص والاجنبي وما سموه زورا تحرير الاسواق ،والغاء الدورة الزراعية،وتغيير العلاقة بين المالك والمستأجر في الأرض الزراعية والمساكن ،وبيع كل ما تملكه الدولة.وعند رحيل السادات وتولي مبارك كانت مصر قد أصبحت شئ آخر وهاجر خيرة شبابها وخبراتها لبلاد النفط ،وبور الفلاحين أرضهم الخصبة وجرفوها لتباع تراب لمصانع الطوب الذي يخرب الأرض التي نأكل منها وتختفي الغابات الخضراء لتحل محلها غابات الخرسانة الاسمنتية وعشوائيات الفقر والفقراء.وسمي عصر السادات بعصر عثمان أحمد عثمان أحد رموز عالم المقاولات والذي وجد فرصته لاستعادة نفوذه في ظل العصابة التي تأكلها والعة.

ظلت الرأسمالية المصرية منذ 1980 وحتي 2005 أي علي مدي ربع قرن من التحولات الكبيرة في بنية الاقتصاد المصري والرأسمالية المصرية.وظلت السلطة تمهد البيئة الاقتصادية بالتشريعات والتسهيلات حتي عام 2005 عندما أصبح رجال الأعمال والبيزنس هم المتحكمين في الاقتصاد المصري كما سنري في الجزء التالي.

يا عزيزي كلهم لصوص

عام 1982 كتب المبدع إحسان عبدالقدوس روايته ” ياعزيزي كلنا لصوص ” ليوضح فيها ملامح الطبقة الجديدة التي ولدت مع سياسات الانفتاح والفساد لتنمو وتترعرع حتي مطلع الألفية الجديدة.وتتميز رأسمالية التسعينات والألفية الجديدة بأنها لا وطن لها وطنها هو الربح والمكسب وعملتهم الدولار وقبلتهم البيت الأبيض الذي يطوفون حوله.

هذه الطبقة تبلورت بدعم مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولي.ففي عام 2006 نشر البنك الدولي تقرير عن قروض شخصية بفوائد رمزية وفترات سداد تصل إلي 20 سنة لعدد من رموز الطبقة الجديدة منهم المجموعة المالية هيرمس التي أسسها حسن هيكل وياسر الملواني سنة 1984 وكانت نموذج للتعاون ما بين الطبقة الرأسمالية في مصر ورأس المال الخليجي، وكان من بين المحظوظين بقروض البنك الدولي مجموعة ساويرس ورشيد محمد رشيد وحاتم الجبلي وزير الصحة قبل ثورة يناير والذي حصل علي قرض بمبلغ 26 مليون دولار لتوسعة مستشفي دار الفؤاد وعمل توسعات لها في دول الخليج.وعائلة منصور وعلى رأسها محمد يونس منصور وياسين إبراهيم منصور أصحاب سوبر ماركت مترو ، سامي سعد وهو الشريك الرئيسي في شركة شويبس..

تم تأسيس هيئة أركان للطبقة الجديدة لتقود التحولات الكبري في الاقتصاد والسياسة وهي ترتكز علي عدة تنظيمات هي :

غرفة التجارة المصرية الأمريكية التي بدأت نشاطها مبكراً منذ عام 1974 وتم تشكيل لجنة تنظيم تجتمع أسبوعياً بانتظام من يوليو 1982 إلى يناير 1983. كما شهد سبتمبر 1982 بدء حملة عضوية بلغت 120 عضوًا .عند تأسيسها تلقت إدارة الغرفة رسائل تهنئة من وزير الخارجية الأمريكي نيابة عن رئيس الولايات المتحدة. وهي تعمل وتخطط للطبقة منذ ذلك الوقت وحتي الآن.

https://www.amcham.org.eg/

مجلس الأعمال الأمريكي المصري (USEBC) تأسس عام 1979 ليتواكب مع توقيع السادات اتفافية السلام مع العدو الصهيوني . وهو المنظمة التي تمثل أكبر الشركات الأمريكية التي تتعامل مع مصر. يتألف المجلس من كبار المسؤولين التنفيذيين للشركات الأمريكية من كل قطاع أعمال و من كبار المستثمرين في مصر.

تتمثل مهمة USEBC في العمل كأداة رئيسية لتعزيز العلاقات التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر وتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية على أعلى مستويات الحكومة والأعمال في كلا البلدين. تعمل غرفة التجارة الأمريكية كسكرتارية للمجلس ولدى USEBC حق الوصول الكامل إلى موارد الغرفة الواسعة.

في إبريل عام 2019 احتفل المجلس بمرور 40 سنة علي تأسيسه.وقال عمر مهنا، رئيس مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، أنه سيرعى ويترأس الاحتفالية كل من وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، ونظيره الأمريكى مايك بومبيو، لافتا أنهما بالفعل وافقا على رعاية الاحتفال المهم، بحضور رجال الأعمال فى البلدين من أعضاء المجلس.

عمر مهنا هو رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات السويس للأسمنت وهى واحدة من أكبر شركات الأسمنت في مصر.وتتألف المجموعة من شركة السويس للأسمنت، شركة أسمنت بورتلاند طرة ، شركة أسمنت حلوان،        وشركة السويس للاكياس. وللمجموعة عشر شركات أخري تابعة تعمل  فى مجالات متعلقة بصناعة الأسمنت فى  مصر وعدد من البلاد العربية.

عام 2015 أصدرت الغرفة التجارية الأمريكية في مصر ومجلس الأعمال المصري الأمريكي ، تقرير بعنوان ” حوار جديد لعصر جديد في العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة”.تقدم هذه الورقة مجموعة من التوصيات لتعزيز العلاقات التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة ومصر وإطلاق العنان للقوى المبتكرة والديناميكية للقطاع الخاص للمساعدة في إصلاح وتحديث الاقتصاد المصري ووضعه على مسار مستدام للنمو الاقتصادي الممتد.. https://www.usegyptcouncil.org/

المركز المصري للدراسات الاقتصادية ECES أسسه جمال مبارك عام 1992، وأطلق عليه المطبخ الرئيسي لبلورة سياسات الاقتصاد الكلي واختبارها وتقديمها للحكومة .يعمل المركز بدعم الغرفة التجارية الأمريكية في مصر. وظل جمال مبارك ومجموعة المركز المصري يضعون خطط ما سموه ” الاصلاح الاقتصادي ” لمدة 13 سنة قبل أن يتم تشكيل حكومة أحمد نظيف المعبرة بنقاء عن مصالح الطبقة الجديدة.وقبل أن يطرح علي الرأي العام فكرة توريث جمال مبارك.

المتتبع لمسيرة المركز ومؤتمراته السنوية يجد أن الكثير من السياسات التي أصبحت جزء من توجهات الدولة المصرية منذ التسعينات وحتي الآن ولدت في دراسات المركز المصري من الخصخصة ومؤتمراته وندواته من إلغاء الدعم وتعويم سعر الصرف إلي الشراكة مع القطاع الخاص والقطاع غير الرسمي وتطوير القطاع الصحي وغيره من القضايا التي صنعت مرحلة جديدة من تطور الرأسمالية وتوحش هذه الطبقة وتعظيمها للربح.واستخدامها للدولة وأجهزتها كروافع لصالح هذه الطبقة ومؤسساتها.واستخدام الفساد كآلية لصنع التراكم الرأسمالي.

أسس جمال مبارك المركز وكان عمره لا يتجاوز 28 سنة وكان وقتها المدير التنفيذي لمد إنڤست، لندن، وشارك الدكتور طاهر حلمي شريك مؤسسة بيكر و ماكنزى الأمريكية الشهيرة للاستشارات القانونية في وضع توجهات المركز ودوره في صنع سياسات الاقتصاد الكلي ومساعدة متخذ القرار وساهم في ذلك رجل الأعمال الدكتور إبراهيم كامل رئيس مجموعة كاتو أروماتيك، باعتبارهما صاحبي فكر اقتصادي ويشجعان التحول إلى اقتصاد السوق الحر. كما ضموا إليهم مجموعة من رجال الاعمال كمؤسسين ـ أصبح لبعضهم ثقل حكومي بعد ذلك ـ مثل أحمد المغربي رئيس شركة اكور للفنادق وقتها ووزير الإسكان فيما بعد ورجل الأعمال محمد فريد خميس والدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء الأسبق ومهندس الصلح مع إسرائيل وهو أول من تولي رئاسة المركز، وتلاه في رئاسته طاهر حلمي، لمدة 13 عاما ثم جلال الزوربة (رئيس اتحاد الصناعات) وهم جميعا من المؤسسين.

http://www.eces.org.eg/Default

بذلك اكتملت منظومة التخطيط للطبقة الجديدة والدولة الجديدة والتي بدأت منذ عام 1974 و 1979 ثم 1992 وهي التي اصبحت تضع خطط التحركات للطبقة التي تغلغلت في كل مراكز صنع القرار إلي أن انفردت بالسلطة في أول تشكيل لوزارة أحمد نظيف تمهيداً لتوريث جمال مبارك الذي تم استدعائه وتجهيزه لهذه المهمة.

ونتوقف هنا لنكمل في جزء تالي كيف صعدت الطبقة التي تأكلها والعة. وكما يقول المثل السائر ” إذا كنتو نسيتو الي جري ، هاتوا الدفاتر تتقري”.

One thought on “إلهامي الميرغني يكتب: البعض يأكلونها والعة.. التحولات في بنية الرأسمالية المصرية (1)

  • 8 أبريل، 2020 at 8:55 م
    Permalink

    إلهامي الجميل
    المقال جاء في وقته، عندما كشف هؤلاء الذين ظهروا بمظهر إنساني لبعض الوقت وأدعو الحرص على مصلحة الوطن. أما تحدى كوكبي ظهرت ملامحهم الأصلية، وظهر كم هائل من الوقاحة لم نجد له نظير في العالم، حتى سياسيين من عينة ترامب وبوريس جونسون، تراجعوا بسرعة عن وقاحتهم.
    لي ثلاثة ملاحظات على مقالك، وأشكرك جدا لأنك تهيئ لنا فرصة المناقشة الموضوعية. الملاحظة الأولى أن نشأة الرأسمالية المصرية لم تبدأ في الثلاثينات والأربعينات، إنما هي أقدم من ذلك كثيرا وأحيلك إلى تقرير لجنة الصناعة والتجارة المقدم لحكومة سعد زغلول عام 1925 وكان يتحدث عن صناعات مصرية قائمة وشارك في إعداد التقرير عدد من رجال الصناعة المصريين (ما أذكره منهم الآن فرغلي باشا، لاحقا أبحث عن التقرير وأقدم لك بعض الأسماء)
    عام 1882 عندما دخل الانجليز مصر كان فيها صناعة مهمة جدا للغزل والنسيج، وصناعة للسكر، وبعض الصناعات المعدنية (لم تكن ملك للحكومة لأن احتكار الدولة وقت محمد على كان قد تم صفيته بناء على معاهدة 1840. (المرجع سمير رضوان Capital Formatiom of Egypt from 1882.)
    عام 1912 عقد في ضاحية مصر الجديدة مؤتمر ضمن نخبة من المثقفين ورجال الصناعة وكبار لملاك المصريين لمناقشة أوضاع مصر في ظل الاحتلال، والجدير بالذكر أن المؤتمر لم يتمسك بالتبعية العثمانية التي كان بعض القيادات الوطنية ينادون بها في مواجهة الاحتلال البريطاني (مثل مصطفي كامل) (المرجع الأستاذ طارق البشري، واسم الكتاب الصغير لا أتذكره الآن، وقد لفت نظري له المرحوم بشير السباعي وكنا مندهشين جدا لمثل هذا المؤتمر الذي لا يعرف الكثيرين عنه).
    ثورة 1919 لم تكن في واقع الحال ثورة كبار ملاك (هذه الصفة ألصقها بها أنصار الاحتلال الإنجليزي كي يمحو عنها صفة الليبرالية) وكان منطقيا أن يصدر عن ثورة تعكس رؤية رأسمالية حديثة ( في وقتها) دستور 1923 إنه ليس دستور كبار ملاك وإنما كان دستور 1930 كذلك وأسقطته الحركة الوطنية.
    لا يمكن الربط إذن بين نشأة الرأسمالية المصرية وبين طلعت حرب ولكنه كان زخما وقوة دافعة للاستثمار الصناعي في مصر.
    الملاحظة الثانية، أنه لا يمكن الربط بهذا الشكل المتعسف بين الرأسمالية المصرية ومؤامرات الرأسمالية الأجنبية. صحيح أن الرأسماليين المصريين لم يرحبوا بانقلاب الجيش عام 1952، لكنهم لم يكونوا خونة للوطن (هذه رؤية الناصريين وتبريرهم للتأميم البيروقراطي لعبد الناصر) ولا يمكن تعليق الحبل في رقبة الرأسمالية المصرية واعتبارها المسئولة عن فشل الخطة الخمسية الثانية لأن الأولى لم تحقق غير 55% من أهدافها (حسب تقرير متابعة الخطة) وهذا في علم التخطيط فشل أيضا. (لماذا فشل التخطيط هذه قصة أخرى) لكن كان التأميم عملية مهمة لإحكام قبضة الدولة البونابرتية على المجتمع، وتدعيم الانفراد بالسلطة والذي كان هدفا واضحا منذ أزمة مارس 1954. وقد صاحب هذا صراع على السلطة إنتهي بإطلاق يد عبد الحكيم عامر في الجيش، وإسناد رآسة الشركات لعدد من الضباط.
    في هذا السياق لم يكن السادات مختلفا عما سبقه كثيرا ولكنه عبر عن حالة الانحطاط في تركيبة السلطة ورأس المال، وقد بدأت تباشير ذلك من عهد عبد الناصر من خلال تحرير قسم من التجارة الخارجية، والقبول بقرض تشيز منهاتن لبنك التنمية الأفريقي، واختيار السادات نفسه كنائب أول لرئيس الجمهورية، وقبلها مبادرة روجرز وغيرها من التراجعات عن “الخطاب” الوطني (وأؤكد على أنه كان خطاب).
    الملاحظة الثالثة، تتعلق بهذه الرأسمالية حاليا فهي استمرار للانحطاط الرأسمالي الذي ظهر بقوة في عهد السادات ولم يتوقف (يرجع في هذا لرسالة الدكتوراة التي أعدتها د. سامية سعيد دياب تحت إشراف أستاذنا د. جودة عبد الخالق ونشرت في كتاب لا تساعدني الذاكرة على تذكر اسمه ولكن هذه الرسالة والكتاب معروفين جدا وقد وثقت ذلك بالأسماء، ولي تجربة شخصية عام 1981 عندما شاركت في إنشاء قاعدة بيانات الهيئة العامة للاستثمار وكانت أمامنا أسماء مؤسسي الشركات الجديدة التي نشأت في ظل قانون استثمار المال العربي والأجنبي لعام 1974، وتعديلاته عام 1975. وكانت مبادرة الهيئة ملفتة جدا للنظر فقد أزالت أسماء المؤسسين والمشاركين المصريين من قاعدة البيانات وكتبت محلهم (مستثمرين مصريين) أما غير المصريين فقد تركت أسماءهم على قاعدة البيانات)
    غير أن هذه الرأسمالية (نتاج التدهور) لم تقدم أي بادرة وطنية على الإطلاق فهي مؤيدة لزيارة القدس ولاتفاق السلام مع إسرائيل (لاحظ الحماس في تهنئة السادات) كما سارعت لمشروعات مشتركة (مجموعة شركات بنك المهندس، واستثمارات هيتاب السياحية) وفي مجال السياحة كان التعاون مع العدو الإسرائيلي قويا جدا، ولا يخفي أن أكبر الاستثمارات السياحية في شرم الشيخ ودهب.
    نحن أما طور بالغ الانحطاط للرأسمالية المصرية التي يزيد عمرها عن المائة عام لكنها ليست تلك الرأسمالية التي حملت مع الطبقة الوسطي لواء ثورة 19، ولا صانعة دستور 23. إنما هي نتاج الانحطاط البيروقراطي للسلطة البونابرتية.
    شكري لك غير محدود.

    Reply

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *