أحمد صابر يكتب: ماذا يريد النظام من الحوار الوطني؟

مازال المتابعون للشأن المصري يبدون “عدم اهتمام” كبير بالحوار الوطني، وإن كانت الجلسة الأولى نالت استحسان البعض ورأوا فيه خطوة قد تحقق شيئا من المرجو، فإن اتجاهًا آخر تشكك في جدوى ما سيسفر عنه، وراه قطاع ثالث مجرد حيلة سياسية من النظام الحالي لتجاوز أزماته الداخلية والخارجية في ظل أوضاع اقتصادية شديدة الصعوبة، وفي ظل ضغوط دولية من أجل فتح المجال العام وإتاحة الفرصة أمام الصوت الآخر من المعارضة أو حتى من منظمات العمل المدني التي تكافح من أجل استمرار وجودها.
ويبرر أنصار الاتجاه الثالث ذلك بأن الإجراءات المُتخذة من قبل النظام مازالت بعيدة كُل البُعد عن “الجذرية” التي يمكن أن يُقال معها أن هناك تحولا حقيقيًا في المنهج الذي انتُهج منذ سنوات.. حتى على مستوى الإفراجات التي نال بسببها عدد من المحبوسين حريتهم لازالت -في نظرهم- غير كافية إذ ينتظر مئات وربما آلاف تلاوة أسمائهم ضمن أسماء من نالوا حريتهم، ووفقًا للمعدل الزمني الذي تسير به الإفراجات فإن البطء الشديد قد يكون سببًا لبقاء “سجناء الرأي” والمشتبه فيهم” في مواقعهم بلا حراك لفترة طويلة.
بل إن البعض يتمادى فيرى أن تلك الإفراجات ما هي إلا مُعبر عن طبيعة النظام، إذ يرون أن كثيرًا ممن أفرج عنهم دخلوا إلى الحبس بلا أسانيد قانونية وخرجوا منه دون أن يُعرف فيما سُجنوا ولما خرجوا، وما يدل ذلك إلا على نظام بعيد كل البُعد عن العمل القانوني والمؤسسي.. وعليه فلا يُنتظر منه أي إضافة في المسار الديمقراطي.
لذلك فإن السؤال الذي أطرحه على الحوار الوطني، ولعله يصل إلى أعضائه، هو “هل نحن بحاجة إلى وزارة للحريات والانتقال الديمقراطي؟”.
لعل ما يثير الريبة والتشكك لدى البعض أن الحوار في حد ذاته لا يرتقي إلى مستوى “العمل المؤسسي” الذي يضع لبنة في البناء ويضيف درجة إلى الدَرَج، وهو ما يعني أن هناك ضرورة وحاجة ماسة إلى اتخاذ خطوات “مؤسسية” تبتعد بالديمقراطية والحريات خطوات عن “مجالس العرب” وتنقلها إلى الشكل المنهجي الذي يُكرس لفتح المجال العام.
وربما يجادل البعض بأن “الديمقراطية” و”الحرية” لا تحتاج إلى “سلطوية” وإنما على العكس تحتاج إسقاط كل أشكال التحكم وأن وجود مقترح بوزارة قد يعني مزيدًا من إحكام القبضة على الحريات.
لكنني أرى أن وجود وزارة “انتقالية لفترة محددة” قد يضمن توحيد الجهة المخاطبة في كل ما يتعلق بأزمات الحريات السياسية والصحفية وحتى الأكاديمية، وبالتالي يعني وجود قناة دائمة تجمع في يديها كل تلك الاختصاصات التي تتمحور حول ذلك، فبدلا من تناثر الجهات المعنية بالأمور الديمقراطية والدخول في خلافات تارة مع الجهة السيادية الفلانية وتارة مع الجهة السيادية العلانية يُجمع الأمر في يد وزارة وحيدة يبقى الحوار معها مفتوحًا ودائمًا.
1m

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *