أحمد سعيد يكتب: حالة طلاق كل دقيقتين.. ماذا نحن فاعلون؟

(1)

«اللي ما ينطاق دواه الفراق»

هكذا يقول المثل الشعبي محرضا على الطلاق إذا كان أحد الزوجين لا يطيق الآخر. ولكن لماذا تزوجا من الأساس؟!

(2)

بدأت السلطات الصحية في مصر، فبراير الماضي، تطبيق مبادرة جديدة لفحص المقبلين على الزواج، مستهدفة بذلك تقليل فرص تعرض الأجيال المقبلة للإصابة بالأمراض الوراثية.

وتتضمن المبادرة الجديدة حزمة من الفحوصات الطبية والتحاليل المعملية للمقبلين على الزواج؛ للكشف المبكر عن العديد من الأمراض المعدية وغير السارية، للتأكد من خلوهم من الأمراض التي قد تؤثر عليهما في المستقبل أو احتمالية انتقال الأمراض بينهما. ووفقا لتصريحات أدلى بها الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث باسم وزارة الصحة تتضمن المبادرة أيضا تقديم خدمات المشورة والتثقيف الصحي للمقبلين على الزواج، فهناك “غرفة مشورة” داخل المراكز الصحية لتقديم النصائح للزوجين.

فهل “غرفة مشورة” المشار إليها كافية لمجابهة نسب الطلاق التي تتزايد في البلاد، وكذلك جرائم القتل بين الأزواج؟

(3)

في مصر تقع حالة طلاق كل دقيقتين.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أصدر في أغسطس 2022 النشرة السنوية لإحصاءات الزواج والطلاق لعام 2021. ووفقًا لهذه النشرة بلغ عدد عقود الزواج 880041 عقدًا عام 2021 مقابل 876015 عقدًا عام 2020 بنسبة زيادة قدرها 0.5%. وبلغ عدد حالات الطلاق 254777 حالة عام 2021 مقابل 222036 حالة عام 2020، أي بنسبة زيادة قدرها 14.7%.

ماذا يعني هذا؟

هذا يعني أن هناك حالة طلاق تقع كل دقيقتين في مصر، ونحو 30 حالة كل ساعة، وما يصل إلى 630 حالة طلاق في اليوم. وهذا يعني ويستلزم – في رأيي – أن نُنشئ مراكز خاصة لتأهيل المقبلين على الزواج، فغرف المشورة الموجودة داخل المراكز الصحية لتقديم النصائح للزوجين في إطار مبادرة فحص المقبلين على الزواج غير كافية، فهي ( غرف المشورة) غير إلزامية حسبما هو واضح من الأخبار المنشورة.

(4)

للتصدي للزيادة الكبيرة في نسب الطلاق التي شهدتها ماليزيا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، التي بلغت نحو 32%، أطلقت السلطات الماليزية العديد من الدراسات الاجتماعية للوقوف على الأسباب الحقيقية للطلاق؛ وكانت الصدمة عندما اكتشف المسؤولون أن واحدة من كل خمس حالات للطلاق تتم لأسباب بسيطة مثل الشخير أثناء النوم، وعدم الاهتمام بالمظهر الخارجي.

على إثر ذلك، لجأت الحكومة الماليزية التي كان يقودها مهاتير محمد إلى إنشاء مراكز خاصة لتأهيل المقبلين على الزواج، تعطي من خلال دورات خاصة فكرة وافية وواقعية عن الزواج. كما تساعد الأزواج على وضع الخطط المالية المستقبلية، وغيرها من النصائح والإرشادات المهمة.

ويحصل المشاركون بعد اجتياز هذه الدورات على “رخصة زواج”. وقد أسهم ذلك في انخفاض نسبة الطلاق في ماليزيا إلى 8% فقط في عام 2000.

وتعتمد هذه المراكز على تحليل شخصية الشريكين، وبناء على التحليل ينصح كل منهما بكيفية التعامل مع الآخر، ويزيد عدد ساعات الدورة للمقبلين على الزواج للمرة الثانية عن المقبلين عليه للمرة الأولى.

ويشترط على المقبلين على الزواج للمرة الثانية إحضار موافقة خطية من الزوجة الأولى تسمح له فيها بالزواج من الثانية.

(5)

منذ أيام، أنهى ممرض حياة زوجته بعدة طعنات عقب مشاجرة دارت بينهما لعدم جلب أهلها لـ«ياميش رمضان».

وباتت مثل هذه الحوادث متكررة في مصر، ولهذا تحرك السلطات العاجل لمجابهة الارتفاع المضطرد في نسب الطلاق أمر لا بد منه.

وأرى أن إجراء مسوح شاملة وبناء قاعدة معلومات عن الطلاق في المجتمع المصري وأسبابه لمعرفة الطريقة المثلى لمجابهة هذه الظاهرة في رأيي بات ضرورة لازمة، يتبعها إنشاء مراكز خاصة لتأهيل المقبلين على الزواج، يكون الالتحاق بها إلزاميا حتى نواجه هذه المشكلة التي تضرب المجتمع. فمنذ العام 2009 ونسب الطلاق في ارتفاع مضطرد باستثناء عامي 2016 و2020.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *