أحمد سعد يكتب: رسالة إلى صديقي اللجنة.. كُلها بالحلال أحسن

رسالة إلى صديقي اللجنة الألكترونية الذي أبتلي به الرأي العام، فلا هو مؤثر في عالم الواقع والأفعال، ولا هو مُجدي في عالم الخيال والأفكار.

أعلم أنك تمر بضائقة مالية اضطرتك إلى أن تكون “سمسار أفكار”، أعلم أن الجنيهات القليلة التي تتحصل عليها نهاية الشهر قد تغنيك عن شر الشحاذة والسؤال، وأعرف أن ضغوط الحياة حولتك إلى بوق، مجرد بوق، لا يعرف ما يفعل، ولا يفعل ما يعرف.

لا ألومك يا صديقي، فالأوضاع الاقتصادية الخانقة قد تدفع الكثيرين إلى فعل أمور أكثر سوءًا.. لست هنا لكي أوبخك، ولا لكي أصب عليك اللعنات، أنا فقط أتحدث إليك لعلك تُدرك حقيقة المستنقع الذي أوصلنا إلى هذه النقطة.

اطمئن يا صديقي، أنت ليس لك تأثير يُذكر، فلا من تسبهم سيتراجعون، ولا من تشتمهم سيخافون، هي لعبة اعتاد عليها الجميع، وعرف الكل أبعادها ومدى تأثيرها فلا تنشغل بضميرك إن أرّق نومك ذات ليلة.

لكن، تخيل معي يا صديقي لو أنك كنت صاحب مهنة شريفة تتكسب منها، بلا شك كنت ستكون أكثر اعتدادًا بنفسك، مُعتزًا بكرامتك، واثقًا في نفسك، قدوة لأقربائك وذويك، وربما تُنجب ذات يومٍ أطفالا -إن لم تكن أبًا بالفعل- تجلس معهم لتشرح لهم طبيعة عملك وأهميته وتقسو عليهم أحيانًا لكي لا يتهاونوا أو يقصروا وتذكرهم بأنك أنفقت عليهم من “الحلال” ومن “عرق جبينك”.

أنا أعلم يا صديقي أنك ماهر في “شئ ما” غير توزيع الاتهامات على الناس بالباطل.. ليست الأزمة فيك، هي بالطبع فيمن أهدروا فرصة الاستفادة من مهاراتك.. ربما كنت ذات يوم صاحب حرفة لكنها اندثرت، وربما كنت تعمل في مصنع أغلق أبوابه، وربما كنت حديث التخرج لم يجد عملا، أو ربما كهلا على المعاش خسر “تحويشة العمر” في متطلبات الحياة المتزايدة فأحوجتك الظروف إلى الاسترزاق بالسباب.

صدقني، لست أنا الوحيد الذي يلتمس لك بعض العذر، كل الذين تسبهم كذلك، يلتمسون لك بعض العذر ويعلمون أنك مضطر إلى ما تفعل.

غير أنني لا أعرف إن كنت تحصل على مكافأة “إجادة عمل” أم لا، فإذا كنت ستخرج من هذا الحساب تدخل إلى ذلك الحساب طوال فترة تتراوح بين 8 ساعات إلى 12 ساعة يوميًا وتسب الناس بنفس القدر من الحماس فإنه من الواجب أن تحصل على مكافأة إجادة، وإلا فإنك تتعرض لظلم فادح.. ما يقلقني حقًا هو ألا تحصل على ما تستحق حتى في عمل مثل هذا.

ربما يا صديقي لو كنا في زمن آخر، كنت ستحصل على نفس راتبك أو أكثر نظير عمل نافع، لكن لأننا لسنا في ذاك الزمن الذي نتمناه فإنك مدفوع دفعا إلى تلك الهاوية.

لكن دعني أسألك، كيف ترى من يستأجرونك لكي “تسب هذا” و”تتطاول على ذاك”؟ كيف تنظر إليهم؟ هل تعتقد أن من يستأجرك لتلك الأعمال هو “على حق” في منهجه؟ وإن كان على حق فلما لا يطرح “الحق” بنفسه؟ لماذا يحتاج إلى “جماهير وهمية” تعزز له “شعبية زائفة” أو دعم “فصيل بعينه”؟!

على كل حال، ما أردت أن أقوله لك أنني متضامن معك، فلا أنت السبب فيما نحن فيه ولا أنا.. ولا تشغل بالك كثيرًا فلا الأفكار الحية ستقتلها اللجان، ولا الأفكار الفاسدة ستُحيها اللجان.. لا تقلق يا صاحبي، يومًا ما سينصلح الحال وتعود كما كنت “مواطن شريف” لكن بحق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *