المرأة الحديدية| كامالا هاريس “نسخة أوباما النسائية” وتميمة فوز بايدن الداعمة للمهاجرين والمناهضة للديكتاتوريات العالمية (بروفايل)
كتب- محمود هاشم:
فتح التاريخ بابه على مصراعيه أمام كامالا هاريس، بعدما أصبحت رسميا أول امرأة وأول شخصية من أصول هندية وإفريقية تصل إلى منصب نائب الرئيس، لتكتب بذلك صفحة جديدة في كتاب البيت الأبيض، بينما يترقب الجميع تأثير فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن – 77 عاما – خاصة في شأن القضايا والعلاقات الدولية.
وكامالا ديفي هاريس، من مواليد 20 أكتوبر عام 1964 هي محامية وسياسية أمريكية درست في جامعة هاوارد في العاصمة واشنطن، وهي إحدى الجامعات التاريخية للسود، ثم تخصصت في الحقوق بسان فرانسيسكو، وشغلت منذ عام 2017، منصب سيناتور عن ولاية كاليفورنيا في مجلس الشيوخ الأمريكي.
كما شغلت هاريس في الفترة ما بين عامي 2004 و 2011، وبصفتها عضو في الحزب الديموقراطي، منصب مدعي عام سان فرانسيسكو، كأول مدعية عامة من ذوي البشرة السمراء في تاريخ ولاية كاليفورنيا، وشغلت، بين عامي 2011 و 2017، منصب النائب العام الثاني والثلاثين لولاية كاليفورنيا، وفي عام 2020 اختارها جو بايدن لتخوض الانتخابات كنائبة له، قبل فوزه رسميا بالمنصب.
وهاريس، 55 عامًا، هي ثالث امرأة تترشح لمنصب نائب الرئيس عن حزب سياسي كبير، بعد جيرالدين فيرارو كنائب ديمقراطي لمنصب نائب الرئيس في 1984، وسارة بالين لمنصب نائب الرئيس الجمهوري في 2008، اللتين لم يحالفهما الحظ في الفوز بالمنصب في النهاية.
كانت والدتها (شيامالا غوبالان) عالمة تاميلية هندية متخصصة بسرطان الثدي، هاجرت إلى الولايات المتحدة عام 1960 بهدف الحصول على درجة الدكتوراه في علم الغدد الصماء من جامعة كاليفورنيا في بركلي، أما والدها، دونالد هاريس، فهو أستاذ في علوم الاقتصاد في جامعة ستانفورد هاجر من جامايكا في عام 1961 بهدف إكمال دراساته العليا في الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا، وهو سليل أحد ملّاك الرقيق الجامايكيين، وهي تصنف على أنها هندية ومن أصحاب البشرة السوداء، لكنها ترى نفسها أمريكية بالدرجة الأولى.
في عام 2010، فازت هاريس في انتخابات المدعي العام لكاليفورنيا، وأُعيد انتخابها لنفس المنصب مرة أخرى عام 2014 بفارق أصوات كبير عن باقي المرشحين.
وفي 8 نوفمبر من عام 2016، هزمت هاريس لوريتا سانشيز في انتخابات مجلس الشيوخ لتخلف السيناتور باربرا بوكسر المنتتهية ولايتها، وأصبحت بذلك ثالث امرأة تشغل مقعد السيناتور الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا، وأول سيناتور من أصول هندية أو جامايكية.
ودعمت هاريس، بعد حصولها على مقعد مجلس الشيوخ، الرعاية الصحية ذات الدفع الفردي، ومشروع إزالة القنب من الجدول الأول للمواد الخاضعة للرقابة، مع دعمها لإيجاد سبل لمساعدة المهاجرين غير المسجلين للحصول على الجنسية، ولقانون تطوير ورعاية وتثقيف المهاجرين القُصّر (المعروف اختصارًا باللغة الإنجليزية بـ(DREAM ACT))، ولحظر البنادق الهجومية، ولتخفيض الأعباء الضريبية عن الطبقتين العاملة والمتوسطة مقابل زيادتها على الشركات وعلى ما نسبته 1% من الأمريكيين الأكثر ثراءً.
وخاضت انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020 كمرشحة عن الحزب الديموقراطي، قبل إنهاء حملتها الانتخابية في 3 ديسمبر من عام 2019، قبل إعلان بايدن اختيارها لتخوض الانتخابات كنائبة له، لكنها ظهرت بعد انتهاء حملتها الانتخابية كمؤيدة صريحة له ومدافعة بارزة عن تشريع العدالة العرقية بعد مقتل جورج فلويد في أواخر مايو، ونجحت خلال هذه الفترة في توحيد التحالف الديمقراطي خلف بايدن، وتوسيع مستوى قاعدته الانتخابية، حيث لقبت بالمرأة الحديدية.
وتعتبر هاريس، البالغة من العمر 55 عامًا، أول امرأة سوداء وأول شخص من أصل هندي يرشحه حزب رئيسي لمنصب وطني، وهي رابع امرأة في تاريخ الولايات المتحدة يتم اختيارها للحصول على بطاقة رئاسية.
كانت هاريس بعيدة عن الاختيار كنائب لجو بايدن، وكان بعض مستشاريه يخفون تحفظات مستمرة بشأنها بسبب أدائها غير الواضح كمرشحة للرئاسة، والكمين الذي نصبته بدقة ضد بايدن في المناظرة الأولى للموسم التمهيدي.
ففي هجوم ترك بايدن يترنح على المسرح أوجزت هاريس تاريخه في العمل مع اليمينيين في السبعينيات لمعارضة الحافلات المختلطة بين البيض والسود كوسيلة لدمج المدارس العامة.
وذكرت هاريس بحادثة شخصية في حينه، قائلة “كانت هناك فتاة صغيرة في كاليفورنيا وقعت ضحية عملية الفصل العنصري في مدرستها الخاصة، تلك الفتاة الصغيرة كانت أنا”، لكن بايدن لم يرد في حينه سوى بإجابة ضعيفة وباهتة، ما أدى إلى تراجعه في استطلاعات الرأي لبضعة أسابيع وقتها.
في حين عبر مستشاروه السياسيون عن غضبهم مما اعتبروه خيانة ساخرة، ووصفت زوجة بايدن هجوم هاريس على زوجها بأنه “لكمة في البطن”، لكن عندما سئلت هاريس عن هجومها الشديد خلال المناظرات الرئاسية الأولى ضد منافسها جو بايدن، ردت بكلمة واحدة تشير فيها إلى أنها كانت “مناظرة”، قائلة إن المرشح الديمقراطي قادر على توحيد جميع الأمريكيين.
وبعد مغادرتها السباق الرئاسي في ديسمبر، حولت هاريس انتباهها مرة أخرى إلى مجلس الشيوخ ووجدت هدفا جديدا وسط موجة من الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد ضد العنصرية المزعومة ووحشية الشرطة.
وسارت إلى جانب المتظاهرين ودافعت بقوة عن المقترحات لإصلاح أعمال الشرطة واعتبار الإعدام خارج نطاق القانون جريمة فيدرالية، وغالباً ما كانت تتحدث بنوع من الوضوح الذي استعصى عليها في الانتخابات التمهيدية الرئاسية حول القضايا الاقتصادية مثل الرعاية الصحية للجميع ورفع الضرائب.
وصعدت هاريس إلى الصدارة الوطنية داخل الحزب الديمقراطي من خلال استجواب مرشحي ترامب خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، من المدعي العام السابق جيف سيشنز إلى قاضي المحكمة العليا بريت كافانو.
ومع خلفيتها مُتعددة الأعراق كطفلة لاثنين من المهاجرين إلى الولايات المتحدة، اعتقد حلفاؤها أنها يمكن أن تكمل بايدن كوجه دعائي سياسي لأمريكا المتنوعة.
وأثبتت هاريس أيضًا أنها تعمل بجد كبديل لبايدن في الأشهر الأخيرة، حيث شاركت في كل شيء بدءًا من أحداث السياسة الافتراضية مع الناخبين في المقاطعات المتأرجحة إلى جمع التبرعات المباشر لحفلة دي جي مع ديبلو ودي نايس عبر الإنترنت.
كما وصفت بأنها نسخة أوباما النسائية، وهو دائما ما يحرص على الإشادة باختيارها، مؤكدا ثقته في قدرتها على إعادة دفة السياسة الأمريكية إلى مسارها الطبيعي بصحبة بايدن.
أما عن مواقفها في السياسة الخارجية، فهاريس من أشد المؤيدين للاحتلال الإسرائيلي، فبعد أشهر من أداء اليمين الدستورية في مجلس الشيوخ عام 2017 ألقت خطابا في لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية، اللوبي الأميركي الموالي لإسرائيل “أيباك” (AIPAC) واصفة العلاقة بين الطرفين بأنها “منيعة”، وقالت: “ينبغي ألا تكون إسرائيل قضية حزبية على الإطلاق، وطالما أنني عضو بمجلس الشيوخ عن الولايات المتحدة سأفعل كل ما في سلطتي لضمان الدعم الواسع والحزبي لأمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس”، بحسب قولها.
وكعضو بمجلس الشيوخ، شاركت هاريس في رعاية مشروع قانون يعترض على قرار مجلس الأمن الأممي الذي أدان المستوطنات في الضفة الغربية والقدس المحتلة، وكانت إدارة أوباما وبايدن قد سمحت بتمرير هذا القرار واختارت عدم استخدام حق النقض.
وأشار إلى أنه عندما سألتها صحيفة نيويورك تايمز العام الماضي عما إذا كانت تعتقد أن إسرائيل تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، قالت هاريس “بشكل عام، نعم”.
وفي أوائل 2019 كانت واحدة من 23 ديمقراطيا صوتوا ضد مشروع قانون شجع الولايات الأميركية على تقييد الحق في مقاطعة إسرائيل، ومثل معظم الديمقراطيين أعربت عن معارضتها لخطط الحكومة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية، واصفة الخطوة بأنها عمل “أحادي” يضر بإسرائيل.
وكتبت هاريس في رسالة إلى ترامب في يونيو “دعمي ثابت لأمن إسرائيل ولمذكرة التفاهم البالغة قيمتها 38 مليار دولار لمدة عشر سنوات”.
وأضافت “في ضوء هذا الدعم أشعر بقلق عميق إزاء تحذيرات بعض أبرز قادة الدفاع والاستخبارات الإسرائيليين السابقين بشأن الضم الذي يعتقدون أنه قد يؤدي إلى صراع خطير وانهيار إضافي للتعاون الأمني مع قوات الأمن الفلسطينية، وتشويش العلاقات السلمية بين إسرائيل وجاريها الأردن ومصر”.
تدعم هاريس الاتفاق النووي مع طهران، حيث وبخت ترامب عام 2018 لانسحابه من الاتفاق النووي متعدد الأطراف. وقالت في بيان بعد انسحاب ترامب من الاتفاق “قرار اليوم بانتهاك الاتفاق النووي الإيراني يهدد أمننا القومي ويعزلنا عن أقرب حلفائنا”.
وفي أوائل العام الحالي، بعد الغارة الأمريكية التي قتلت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، شاركت في رعاية تشريع يهدف إلى منع استخدام أموال وزارة الدفاع (البنتاجون) في عمل عسكري ضد إيران، في محاولة لتجنب الحرب مع الجمهورية الإسلامية.
وقالت حينها “لا شك، سليماني كان عدوا للولايات المتحدة، لكن تصرفات ترامب زادت من تأجيج التوترات وزعزعت استقرار المنطقة. ومن الضروري أن يأخذ الكونجرس مسؤوليته الدستورية على محمل الجد ويعمل على تهدئة الوضع”.
كما كانت هاريس معارضة لقرار ترامب حظر دخول المسلمين من عدة دول في يناير 2017، مستعينة بخبرتها السابقة كمدعية عامة في ولاية كاليفورنيا، وهي تشغل عضوية عدة لجان مهمة بمجلس الشيوخ، منها اللجنتان القضائية والمالية، وكذلك لجنتا الأمن الداخلي والاستخبارات.
كما تعرف عنها معارضتها القوية للسياسات الصينية تجاه حقوق الإنسان، خاصة ما يتعلق بمسلمي الإويجور في غرب البلاد، وتناصر حقوق سكان هونغ كونغ، وتعارض ممارسات الصين التجارية غير العادلة.
وعارضت هاريس التقارب بين واشنطن وبيونغ يانغ، إذ ترى أن ترامب غير مؤهل للتعامل مع “دكتاتور محنك” مثل الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون.
وتعارض مواقف الرئيس المعادية للصدام مع حلف الناتو، كما تعارض تقاربه غير المبرر من روسيا وعلاقاته الجيدة برئيسها فلاديمير بوتين.
Pingback: درب – المرأة الحديدية| كامالا هاريس “نسخة أوباما النسائية” وتميمة فوز بايدن الداعمة للمهاجرين والمناهضة للديكتاتوريات العالمية (بروفا