نجاد البرعي: الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان “إعلان نوايا” والمحك تنفيذها ونقلها إلى “مرحلة الأفعال”

معركة انتزاع حقوق الإنسان طريق مملوء بالحفر والعوائق.. والتحرك ولو كان شكليا أو بطيئا خير ألف مرة من الرجوع للخلف

إعلان الرئيس لن يكون له قيمة لو استمر الأمن في مطاردة المنظمات الحقوقية وحصار أنشطتها وترهيب منتسبيها وتشويه سمعتهم


الاستراتيجية كافية ووافية ولو استطاعت الحكومة إنجاز ٧٥٪ منها سوف تنقل مصر خطوات لم نحلم بها

كتب- محمود هاشم:


عرض المحامي الحقوقي نجاد البرعي، رؤيته بشأن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسي، واصفا إياها بانها “إعلان نوايا” تحتاج إلى التنفيذ على أرض الواقع للانتقال من مرحلة النوايا إلى مرحلة الأفعال.

وقال البرعي، عبر حسابه على “فيسبوك”: “لا أظن أن كل من دافعوا عن الاستراتيجية أو هاجموها أعطوا لأنفسهم الوقت لقراءتها بشكل ولو متعجل، تقع الاستراتيجية في قرابة ١٦٠ صفحة، وهي أول عمل متكامل يصدر في مصر، بعد حوار مجتمعي استمر على الأقل عامين، تغطي الاستراتيجية الوطنية، كل ما يمكن أن يتصوره المهتمون بالمجال من موضوعات.

وأضاف: “على الرغم من مشاركتي في بعض جلسات الحوار المجتمعي حول الاستراتيجية، وكانت لدي معلومات وافية عن الشكل النهائي لها؛ إلا أنني كنت حريصا على القراءة، وأستطيع أن أقول أنها كافية ووافية، ولو استطاعت الحكومة إنجاز ٧٥٪ منها سوف تنقل مصر خطوات إلى الأمام لم نتصورها ولم نحلم بها، على أنني أحب أن أوضح عددا من الأمور.

وأوضح البرعي أن الاستراتيجية هي مجرد “إعلان نوايا” من الحكومة، بأنها قررت أن تنفذ ما جاء في الدستور وما تنص عليه المعاهدات الدولية التي وقعت عليها بشأن حقوق الإنسان بوجوهها المختلفة، بالتالي يتعين النظر إليها في هذا الإطار ويبقي التنفيذ هو المحك الرئيسي الذي به يعرف الناس أن إرادة الدولة في إنفاذ المعاهدات الدولية والدستور انتقلت من مرحلة النوايا إلى مرحلة الأفعال.

ولفت إلى أن الاستراتيجية عندما بدأت بالحقوق المدنية والسياسية كان ذلك إشارة من الدولة لا تخطئها العين الواعية بأن هناك إقرار
بأهمية تلك الحقوق وأسبقيتها، واعتبارها البنية الأساسية التي تساعد على تمتع المواطنين بكل الحقوق الإنسانية المتعارف عليها والمنصوص عليها في الدستور والمعاهدات الدولية.

وأشار إلى أن الكيانات الأهلية المهتمة بحقوق الإنسان على تعددها وتنوعها مطالبة اليوم بأن تبدأ بشكل جاد مناقشة دورها في المساعدة على تنفيذ الاستراتيجية ومراقبة طريقة تنفيذ سلطات الدولة المختلفه لها، وتابع: “أظن أن هذا هو الوقت المناسب لبدء بناء تحالفات أهلية وطنية من أجل القيام بذلك”.

وشدد البرعي على أن معركة انتزاع حقوق الإنسان ليست معركة سهلة، وليست طريق صاعد في خط مستقيم، ولكنه طريق طويل متعرج مملوء بالحفر والعوائق، لكن أي تقدم في هذا الطريق يستحق الفرح والتهليل والتشجيع مهما بدا الأمر وكأنه تحرك بطيء إلى الأمام، فالتحرك إلى الأمام ولو كان شكليا أو بطيئا خير ألف مرة من الرجوع إلى الخلف.

ونوه المحامي الحقوقي إلى أن الاستراتيجية لم تأت نتيجة رغبة صادقة من الدولة فحسب، لكنها ثمرة كفاح ومفاوضات ومناقشات أدارتها – مع الحكومة ومع الفواعل السياسية الداخلية والدولية – الحركة المصرية لحقوق الإنسان بأطيافها المتعددة، وهي حركة لها تاريخ طويل في التعامل الإيجابي البناء مع الحكومات المتعاقبة في مصر؛ مهما تصور البعض أنها متشددة لا ترغب في الحوار ولا تجيد فن التفاوض.

وواصل: “أهنئ الشعب المصري بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأشكر وبشده السفير أحمد إيهاب جمال الدين، وكل شباب وباحثي اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بوزارة الخارجية المصرية على الجهد الكبير الذي بذلوه، وأشكر أيضا الرئيس عبدالفتاح السيسي على إعلانه ٢٠٢٢ عاما للمجتمع المدني، وأذكر الجميع بأن هذا الإعلان معناه أن الأنشطة التي كانت دائما محل خلاف بين بعض مؤسسات المجتمع المدني وأجهزه في الدولة لم تعد اليوم كذلك، لأن أعلان الرئيس لن تكون له قيمة لو استمرت أجهزة الأمن في مطاردة المنظمات الحقوقية وحصار أنشطتها وترهيب منتسبيها وتشويه سمعتهم.

واستكمل: “أهدي هذه الاستراتيجية والجهد الذي بذل لإصدارها إلى أخي وصديقي المرحوم الدكتور حافظ أبو سعدة، الذي نفذ فيه قضاء الله قبل أن يري هذا اليوم الذي سعي من أجله طويلا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *