ميدل إيست آي: ارتفاع كبير في أسعار الذهب بالأسواق المصرية.. المصريون يحاولون حماية مدخراتهم في ظل فقدان الجنيه لقيمته

التقرير: مصر تحتاج إلى المزيد من الدولارات لدفع مقابل وارداتها الغذائية بعد ارتفاع أسعار الحبوب والبقوليات في السوق الدولية بسبب حرب أوكرانيا

الآثار السلبية على الاقتصاد المصري دفعت الحكومة للسعي وراء الدعم الدولي بما في ذلك دول الخليج التي تنطلق في نوبة شراء الأصول المصرية

كتب – أحمد سلامة

قال موقع “ميدل إيست آي” إن كثيرًا من المصريين يعمدون إلى “تخزين” أكبر قدر ممكن من الذهب في محاولة لحماية مدخراتهم، في وقت تستمر فيه العملة الوطنية (الجنيه) في فقدان قيمتها مقابل العملات الأجنبية.

وأضاف الموقع “يرغب الكثيرون في حماية مدخراتهم عن طريق اكتناز الذهب، لكن هذا أدى إلى ارتفاع أسعار المعدن بشكل كبير، مما يجعله محظورًا على المستهلكين الآخرين”، مشيرًا إلى أن التدافع على الذهب أدى إلى ارتفاع سعره في السوق المحلية بشكل حاد، مما دفع المتخصصين إلى التحذير مما قد يتحول إلى فقاعة أسعار الذهب.

وقال الخبير الاقتصادي المستقل ممدوح الوالي لموقع “ميدل إيست آي”، إن “الذهب يُسعر الآن بالنسبة لسعر صرف الدولار الأمريكي بالتوازي وليس بالسوق الرسمي.. المضاربات مرتفعة للغاية مما يثير الشكوك بشأن سعر هذا المعدن والسلع الأخرى في المستقبل”.

ويباع الدولار الأمريكي بأكثر من 28 جنيهاً في السوق السوداء، بينما حددت البنوك سعر الدولار عند 24.50 جنيه.. فيما بدأ الجنيه المصري في فقدان قيمته بشدة أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي، منذ بداية الحرب في أوكرانيا في فبراير.

وذكر الموقع “يعود انخفاض قيمة العملة الوطنية المصرية بشكل أساسي إلى الضغوط التي مورست عليها نتيجة الحرب في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات الغذائية، خاصة من البلدين المتورطين في الحرب”.. مستكملا “أدى الارتفاع الناجم عن الحرب في أسعار الحبوب والحبوب والبقوليات في السوق الدولية إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي في مصر التي تحتاج الآن إلى دفع المزيد مقابل وارداتها الغذائية”.

ولفت إلى أن “مصر، وهي الدولة الأكثر سكانًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تستورد معظم القمح والذرة وزيوت الطهي التي يستهلكها شعبها، ويغطي الإنتاج الوطني من هذه المواد أقل من 50 في المائة من الاستهلاك الوطني، كما أدى الطلب على العملات الأجنبية لتغطية التكلفة المتزايدة للواردات إلى تفاقم هروب مليارات الدولارات من الأصول الأجنبية من مصر، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الفائدة في دول أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة”.

واسترسل الموقع “ولمواكبة هذه التطورات، اضطرت مصر، التي تتبع نظام سعر الصرف المُدار، إلى خفض قيمة عملتها الوطنية مرتين هذا العام، مرة في مارس ثم في أكتوبر، ويدعم خفض قيمة العملة من قبل صندوق النقد الدولي الذي يتوقع التحرك لإزالة الاختلالات الخارجية، وتعزيز القدرة التنافسية لمصر، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر”.

واستدرك الموقع في تقريره “ومع ذلك، فقد تسببت نفس الخطوة في خسارة الجنيه لما يقرب من 50 في المائة من قيمته مقابل جميع العملات الأجنبية، وخاصة الدولار، عملة الاستيراد والتصدير الرئيسية”.

وأضاف “يُترجم هذا الانخفاض في العملة المحلية إلى ارتفاع الأسعار في جميع المجالات، من الاحتياجات الأساسية، مثل المواد الغذائية والأدوية، إلى معظم السلع الفاخرة، مثل السيارات والمجوهرات الذهبية”.

وشدد التقرير على أن “توقعات سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية بعيدة كل البعد عن أن تكون واعدة، وسط توقعات بأن البنك المركزي قد يلجأ إلى مزيد من التخفيض في قيمة الجنيه خلال الأسابيع المقبلة.. ويترجم هذا أيضًا إلى مخاوف بين المصريين الذين لديهم ودائع صغيرة وكبيرة من فقدان مدخراتهم”.

لذلك لفت التقرير إلى أن “المصريون يسارعون لتحويل الأوراق النقدية في أيديهم، في منازلهم وفي حساباتهم المصرفية، إلى أصول أكثر أمانًا، مثل العقارات والسيارات والذهب”.

واستكمل التقرير “لمنع الجنيه المصري من فقدان قيمته الإضافية مقابل العملات الأجنبية، وضعت السلطات المصرية قيودًا على استيراد السلع وتغيير لوائح الاستيراد، ومن الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الصدد قيام المستوردين بعمليات الاستيراد من خلال البنوك المحلية بدلاً من مباشرة مع الموردين الدوليين”.

وتابع الموقع “واستهدفت اللوائح وضع الطلب على العملات الأجنبية في حدود مقبولة وتقليل استيراد ما تعتبره الحكومة المصرية من السلع الكمالية.. وكإجراء، أضيف سقف الواردات إلى الزيادات المتكررة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي المصري، كما استحدثت البنوك المحلية شهادات ادخار ذات معدلات فائدة عالية لإقناع أفراد الجمهور بالاستثمار بالعملة المحلية والتخلص عن طيب خاطر من الدولار الأمريكي الموجود لديهم”.

واسترسل الموقع “جذبت مخططات الادخار هذه مئات المليارات من الجنيهات. ومع ذلك، فقد فشلوا في جلب عائدات إضافية من العملات الأجنبية إلى البنوك أو كبح جماح التضخم المتزايد”.

ونبه التقرير إلى أن الآثار السلبية للحرب الأوكرانية على الاقتصاد المصري، بما في ذلك قطاع السياحة المحلي، دفعت الحكومة إلى السعي وراء الدعم الدولي، بما في ذلك من دول الخليج الغنية بالنفط التي تنطلق في نوبة شراء الأصول المصرية.. حيث تشتري صناديق الثروة السيادية العربية الشركات المصرية المملوكة للدولة في جميع المجالات، بما في ذلك بعض أهم قطاعات الاقتصاد.

في غضون ذلك، طلبت مصر قروضًا من عدة وكالات مالية دولية، مثل صندوق النقد الدولي، الذي وافق على تقديم 9 مليارات دولار لمصر لدعم إصلاحات الدولة العربية وسياساتها الاقتصادية.. حيث من المتوقع أن تصل الشريحة الأولى من القرض، والبالغة 750 مليون دولار، إلى مصر هذا الشهر، وسط تكهنات حول تأثيرها على دعم العملة الوطنية وتلبية جزء من الطلب على الدولار الأمريكي، بما في ذلك شراء الاحتياجات الأساسية، مثل كغذاء، حسبما ذكر التقرير.

وأوضح الموقع أن نقص الدولار الأمريكي في البنوك المحلية أدى إلى دفع المستوردين المحليين للبحث عن الدولارات خارج النظام المصرفي، مما أدى إلى تأجيج السوق السوداء للعملات الأجنبية وخلق سعري صرف للعملة المحلية في وقت واحد.

وحذر التقرير من أن الاندفاع نحو شراء الذهب لمعالجة آثار انخفاض الجنيه يدفع أسعار المعدن خارج الحدود، مما يتسبب في معاناة بعض المصريين ومكاسب للآخرين.. حيث أعلن تجار الذهب عن ارتفاع حاد في الطلب على الذهب، وعزوا ارتفاع السعر إلى هذا الطلب المتزايد.وقال إيهاب واصف، رئيس قسم الذهب في اتحاد الصناعات المصري ، في حديث للموقع ، إن هذا الطلب يقترن بتعليق استيراد الذهب على خلفية أزمة العملة الأجنبية.. مضيفا “الأسعار الحالية أعلى بكثير من القيمة الحقيقية للذهب.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *