“موقفي بوضوح”.. طنطاوي: أطالب بوقف فوري لعمليات هدم الجبانات الأثرية والاستجابة لتوصيات لجان الخبراء

كتب – أحمد سلامة

قال المرشح الرئاسي المحتمل، أحمد طنطاوي، إنه تابع بأسى عميق عمليات الهدم المستمرة في الجبانات التاريخية لمدينة القاهرة بما تتضمنه من مبان وأعمال أثرية شكلت على مدى قرون وجه المدينة وجزءًا من نسيجها العمراني، مطالبًا بوقف عمليات الهدم فورًا والاستجابة لتوصيات الخبراء.

وأضاف طنطاوي “لقد اختبأت السلطة عبر السنوات الماضية وراء شعار التطوير بينما كان شاغلها مد شبكة من الطرق والكباري دونما اعتبار للأبعاد الاجتماعية والبيئية والعمرانية والجمالية التي يجب مراعاتها على نحو ما هو معلوم في حقل التخطيط العمراني”.

وتابع “لقد كان وراء ذلك فوضى مؤسسية احتل فيها موظفين غير مُؤهلّين مواقع المسئولية بحثًا عن عقود المقاولات وما تجرّه من أرباح وفوائد لبعض الشبكات التي يجري فيها تبادل المنافع على نحو يستدعي فتح تحقيق موسع ووقف مثل تلك الأعمال، بينما جرى تهميش مؤسسات الدولة المدنية ولم يتم استدعاؤها إلا للعب دور المحلل لقطع الأشجار وهدم الآثار، وهكذا امتدت يد التخريب تعبث بتراثنا وبمدننا وبالبيئة الطبيعية التي نحيا فيها”.

وأردف “ولم تتورع السلطة في لهثها وراء المقاولات عن هدم أضرحة الرموز المصرية بتاريخها الممتد، وكثير منهم بُنيت على أكتافهم مصر الحديثة بعد أن بذلوا حياتهم في سبيل بناء الدولة المصرية على أساس دستوري ووطني سليم”.

واسترسل “وسط ذلك، لم تنتبه السلطة في غيبوبتها وصممها عن سماع أصوات مواطنيها ومطالبهم وأصوات الخبراء المفجوعين مما آلت إليه صورة مصر من تشوه أمام العالم، بينما نقدم مرة أخرى مرشحًا لرئاسة منظمة اليونسكو في ذات الوقت الذي نغلق المكتبات ونهدم مراكز الفنون، كما يجري اليوم بالتهديد بهدم مركز درب ١٧١٨ للفنون المعاصرة”.

واستطرد “إن واجب السلطة أن تنظر في المرآة لتدرك حقيقة ما هي عليه من التشوه، وعليها أن تنصت لصوت الخبراء ولأصوات مواطنيها، وعلى رئيسها أن يحترم العلم ويدرك أهمية دراسات الجدوى وأن يستمع لآراء أهل التخصص”.

واختتم طنطاوي “إنني أطالب بإيقاف فوري لعمليات الهدم، وإعادة المسئولية عن أعمال التطوير بشكل كامل للمؤسسات الحكومية المدنية، وأن يجري الاستجابة فورًا لتوصيات لجان الخبراء التي جرى تشكيلها فيما يخص تلك الأعمال”.

وأدانت هيئات اجتماعية وجمعيات ونقابات مهنية وأحزاب وشخصيات عامة، في بيان صحفي، الأحد، 3 سبتمبر، ما وصفوه بـ”مسلسل” التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية والمسجلة عــلى قـائـمـة الـتـراث العـالمـي، لافتين إى أنها تواجه الآن “أكبر عملية تدمير في تاريخها”.

وأعرب الموقعون على البيان من هيئات اجتماعية وجمعيات ونقابات مهنية ومتخصصين وشخصيات عامة بأشخاصهم وصفاتهم عن إدانتهم “الكاملة” لمسلسل التعدي على منطقة جبانات القاهرة التاريخية والمسجلة على قائمة التراث العالمي، تحميها قـوانـين عالمية ومحلية.

وأشار البيان إلى أن منطقة جبانات القاهرة “اكتسبت قيمتها بمن ضـمتهم فــي ثراها، أجيال متعاقبة مــن أبــناء هــذا الــبلد بجــميع فــئاتــه وطــبقاتــه، ومــن ســاهــموا فــي نــهضته الــثقافــية والــحضاريــة، بدءا بالصحابة الأوائل رضي الله عنهم ومروراً بأولياء الله الصالحين والعديد من الحكام والساسة، والفنانين والأدباء والشعراء، وآلاف المصريين المكافحين، علاوة على ضمها كنوزا معمارية فريدة شديدة الـــتنوع تعبر عـــن حقب زمنية مـــن تطور العمارة الجنائزية المـمتدة مــنذ مصر القديمة إلى يومنا هذا”. وشدد البيان على أن المنطقة “تواجه الآن أكبر عملية تدمير في تاريخها”.

وذكر البيان أنه “تم عرض حلول وبدائل عن الإزالة طرحتها لجنة شكلها مجلـس الـوزراء مـن المـتخصصين فـي التخـطيط الـعمرانـي والـحفاظ على الـتراث، وقد قـامـت بدراسـة لجـدوى مشـروع الطرق المرورية التي تخترق الجبانات والذي بـدأ تنفيذه عـام 2020 و اضطلعت بتفنيده فنياً وأثبتت “عـدم جـدواه مرورياً واقتصاديا”.

كما قدمت اللجنة البدائل التي تعتمد على استغلال شــبكة الـطـرق الحاليــة والمستحدثة وأقرت كفاءتها لعشر سنوات قادمة، دون المــساس بـالـجبانـات الـتاريـخية، مع وضع رؤية لاستغلال الموقع للسياحة الدينية والثقافية، وكذلك حـل مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية بالمنطقة. “إلا أنه وفقا لما ذكر البيان “فوجئنا بعد تقديم هذا الاقتراح بمعاودة الهدم بلا هوادة وبكثافة أكـثر مـن ذي قـبل، كأن هناك سباقا مـع الزمن لمحو جزء من تاريخ الأمة وذاكرتها وتراثها وقهر شعبها بنبش قبورهم وإهانة رفات ذويهم وتشتيتها”.

ولفت البيان إلى أن الموقعين عليه ناشدوا جميع الجهات المسؤولة للتراجع عن مشروع شبكة الطرق المدمرة، ولجأوا إلى مجلس الدولة المصري الذي رفض نظر الشق العاجل في دعواهم القضائية لوقف أعمال الإزالة بهذه المنطقة، وأرسلوا “عشرات الشكاوى والطلبات بلا جدوى”.

وختم الموقعون على البيان إنه “لا يسعنا سوى أن نتوجه إلى كل القوى والضمائر  الحية للعمل على وقف  مسلسل انتهاك تاريخ بلادنا على الفور، ومحاسبة المسؤولين عن جريمة تدمير هذه المنطقة التراثية الفريدة من نوعها، كما نعلن أننا سنتوجه ببلاغ للنائب العام ضد كل من وزراء السياحة والآثار والأوقاف ومحافظ القاهرة بأشخاصهم وصفاتهم وكذا المسؤولين عن التنسيق الحضاري، وكافة الجهات المشاركة في أعمال الإزالة والهدم، ونطالب بفرض الحراسة اللازمة لمنع تبديد وتدمير المزيد من هذه المباني التاريخية وما تحويه من قطع أثرية نادرة، وسحب كافة معدات الهدم منها وتقييم الأضرار التي لحقت بهذه المنطقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *