مرصد الصحافة عن مشروع قانون “الأعلى للإعلام” لتداول المعلومات: أسلوب فردي وجلسات شكلية وعدم توفير حماية للمُبلغين (ورقة بحثية)

كتب – أحمد سلامة

أصدر المرصد المصري للصحافة والإعلام، ورقة بحثية حول مشروع قانون تداول المعلومات المقترح من “الأعلى للإعلام”، تهدف لتسليط الضوء على المشروع وتوضيح إيجابياته وسلبياته وإبراز مميزاته ونقاط ضعفه، لوضعها أمام أعين المعنيين بمناقشة مشروع القانون وإقراره.

وأشار المرصد إلى أن الأمم المتحدة عمدت في كافة المناسبات إلى التأكيد على حق الحصول على المعلومة وتداولها كأحد حقوق الإنسان الأساسية واللازمة لبناء مجتمع ديمقراطي عادل يتسم بالشفافية والتعدد السياسي، وتحتفل اليونسكو سنويًا منذ عام 2016، باليوم الدولي لتعميم الانتفاع بالمعلومات، بتاريخ الثامن والعشرين من سبتمبر، استنادًا إلى القرار 38م/70 الذي أُعلن هذا التاريخ بموجبه يومًا دوليًا لتعميم الانتفاع بالمعلومات.

ولفت المرصد إلى أن الدستور المصري الصادر عام 2014 كفل للمواطنين الحق في الحصول على الإحصاءات والوثائق الرسمية، وقد فوض المشرع بإصدار قانون يبين فيه ضوابط الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، ووضع قواعد لإيداعها وحفظها، والتظلم من رفض الحصول عليها، وإنزال عقوبة على حجب المعلومات، أو تعمد إعطاء معلومات مغلوطة، وذلك طبقًا للمادة 68 من الدستور التي تنص على أن: “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا. وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها، بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون”.

ونبه إلى أنه بعد مرور ما يقرب من 6 سنوات على إصدار الدستور، لازالت التساؤلات قائمة حول مدى وضوابط إمكانية وصول المواطنين إلى المعلومات، في ظل غياب الإطار القانوني المنظم لعملية الحصول على المعلومات وتداولها، بالرغم من المحاولات العديدة التي شهدتها مصر لإصدار قانون يضمن إتاحة المعلومات وحرية تداولها، كان آخرها من جانب المجلس الأعلى للإعلام، الذي أعلن عن انتهاءه من إعداد مشروع قانون تداول المعلومات، بعد صياغته ودراسته بشكل تفصيلي، وأن مشروع القانون تم إرساله من اللجنة المنوطة بإعداده بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى الحكومة، لمراجعته واعتماده، وإرساله إلى البرلمان لإقراره، وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذه السطور.

وشددت الورقة البحثية على أنه من شأن إقرار حق تداول المعلومات والالتزام به وتنظيمه قانونيا؛ توفير مظلة قانونية تحمي الصحفيين الذين يعملون على محاربة الفساد، ويساعد على تطوير مهنة التحقيق الصحفي عن طريق منح الصحفيين الحق في استخدام المعلومات لغزل تحقيقاتهم وكشف الأخطاء وإثبات الانتهاكات والعمل على فضح الفاسدين وتقديمهم للمحاسبة وهو ما يعمل على زيادة إدراك الفرد ومعرفته بقضايا الفساد والحد من الرشوة وتعزيز قيم الشفافية والمساءلة.

وذكر المرصد في ورقته البحثية أنه “بالعودة إلى محاولة المجلس الأعلى للإعلام إصدار قانون تداول المعلومات باعتباره جهة مستقلة
معنية بتنظيم المشهد الصحفي والإعلامي؛ نجد أن هذه المحاولة شابها عدد من الإشكاليات، أهمها على مستوى تشكيل اللجنة المعنية بصياغة مشروع القانون، والتي انعكس عليها تشكيل المجلس (شبه الحكومي) والذي جاء بقرار من رأس السلطة التنفيذية – رئيس الجمهورية – حيث جاءت اللجنة مفتقدة إلى التنوع والاستقالالية بشكل كبير، إذ ضمت اللجنة بجانب أعضاء المجلس، 3 ممثلين لجهات حكومية، بالإضافة إلى 2 من وزراء الثقافة السابقين، بالتوازي مع تهميش الصحفيين والإعلاميين ونقاباتهم المهنية، وأعضاء المجتمع المدني، بالرغم من كونهم أصحاب المباشرة والمستفيدين الأساسيين من إصدار قانون تداول المعلومات بسبب طبيعة عملهم المهنية”.

وأضاف “وتمثلت الإشكالية الأخرى في انتهاج اللجنة لأسلوب الفردي في عملها، فعلى الرغم من إعلان (المجلس) أن اللجنة عقدت العشرات من جلسات النقاش حول مسودة القانون، إلا أن هذه الجلسات كانت شكلية، ولم يتم الإعلان إلا عن جلسة واحدة فقط لاستطلاع رأي 3 مؤسسات صحفية قومية، فاللجنة تعمدت الذهاب إلى العاملين بالمؤسسات الحكومية، ولم تهتم بالجهات المعنية الأخرى مثل العاملين بالمؤسسات الصحفية الخاصة، والمواقع الإلكترونية، ونقابتي الصحفيين والإعالميين”.

وشددت الورقة البحثية على أن “مشروع القانون يضم عددًا من نقاط الضعف والسلبيات بداية من إغفال مبدأ (الاجتماعات المفتوحة للعامة)، مرورا بعدم وضوح الإجراءات التي يجب أن يتبعها الأجانب الموجودين داخل مصر في سبيل الحصول على المعلومات والبيانات، وكذلك عدم وضوح الإجراءات المتبعة في حال عدم الرد على طلب الحصول على المعلومات من الجهات المختلفة، بالإضافة إلى شبهة عدم (الاستقلالية) الناتجة عن آلية تعيين المجلس الأعلى للمعلومات المكون من 7 أفراد، ويضم 3 مستقلين فقط دون تحديد معايير دقيقة ومتخصصة حول كيفية اختيار الخبراء والمتخصصين، مع إغفال وجود ممثلين عن نقابتي الصحفيين والإعلاميين، والمجلس الأعلى للإعلام في التشكيل، نهاية بعدم توفير الحماية القانونية للموظفين وحماية المبلغين في حال الإفصاح عن المعلومات وفقًا لمبادئ تداول المعلومات، ضمن حدود المقبول وبحسن نية، حتى لو اتضح لاحقا أن هذه المعلومات ليست محلا
للإفصاح”.

ويذكر أن مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام سبق وأصدرت ورقة بحثية بعنوان: في يومها العالمي.. تداول المعلومات في مصر مبدأ دستوري بدون تنظيم قانوني، بهدف توضيح أهمية الدور الإيجابي الذي يوفره الحق في الانتفاع بالمعلومات على المجتمعات وعلى المواطنين، وقامت الورقة بتسليط الضوء على وضع الانتفاع بالمعلومات في الإطار التشريعي الدولي والإقليمي، كما أشارت إلى وضع الانتفاع بالمعلومات على الصعيد الوطني، والمحاولات السابقة التي شهدتها مصر لإصدار قانون تداول المعلومات، وأخيرًا قامت بإبراز المعوقات التي يواجهها الصحفيين والمواطنين خلال الانتفاع بهذا الحق، وممارسته، في ضوء عرض القيود والاستثناءات المفروضة على الحق في الحصول على المعلومات وتداولها.

للاطلاع على الورقة البحثية اضغط هنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *