محمد مصطفى يكتب: في عيد الأم ووداع نوال السعداوي .. ليتها كانت أمي !

آه لو كانت نوال السعداوي أمي، أليس من المؤكد أن تكون طفولتي أسعد، أن أحياها بدون خوف ورعب من صوته ؟!
كانت أمي نوال ستحميني، ستقف في وجه خشونته وتطاوله، ستدافع عن حقي في حياة سوية وهادئة، كانت ستطلب الطلاق إذا لزم الامر، لكنها لم تكن أمي مع الأسف، فان أمي لم تفعل شئ سوى الصمت، تتلقي الإهانات والتوبيخ كل يوم بآذان صاغية ، وقد تتحول الإهانات إلى صفعات فيزداد صمتها وأزداد أنا خوفًا، أزداد تقوقعا !

ألم تكن أمي تستطيع الدفاع عني ؟! ولكن كيف لها أن تدافع وهي لا تملك من امر نفسها شئ، فهي البنت التي لم تنخرط في عمل أو وظيفة قط، لم تقرأ كتاب ولم ترى العالم الا من وراء ظلال الرجل.. في البدء كان الأب ثم الأخ وفي النهاية الزوج، لم تعرف أمي بيتا غير بيته، ولا مال إلا ما يعطيها كل شهر، فإن خرجت وثارت يكون مصيرها الشارع ومصيري معها التشرد .

لقد جئ بي لاكون طرفا في النزاع، شاهد على تحركات الأم وأين كانت وأنا بالخارج ؟، مجرد طفل لايملك من أمره شئ، يخضع دائمًا لإستجوابات يومية تصل حد التعذيب الجسدي من أجل أن أقول الحقيقة، وأي حقيقة يعرفها طفل لم يتجاوز السابعة عن الخيانة والشك ؟! .. إنني طفل، فقط طفل يريد أن يلهو ويلعب وأن تحبه أمه ويحنو عليه أبيه .

واليوم وقد رحلت العظيمة نوال السعداوي، أتفكر مخاطبًا ذاتي.. آه لو كانت نوال السعداوي أمي لكنت شخص آخر شخص أكثر حباً للحياة، وأكثر حرصا على بناء بيت سوي يهنأ عيشي فيه، كنت سأحتفل معها بعيد الأم وأكتب اشعاراً، ولكني لا أجد ما اكتبه غير الرثاء، الرثاء للام والطفل وحتى لذلك الأب المتجرد من الإنسانية، رحم الله الأم الدكتورة نوال رحمة واسعة ، وكل عام وجميع الأمهات الطيبات الحانيات بخير وسعادة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *