محمد العريان يكتب: ادفع ثمن اختيارك.. لا توجد فرص مثالية

في كل مرة تحاول أن تشتري هاتف محمول تبحث عن الأفضل، تفاضل بين عدة هواتف معروضة للبيع، تحاول أن تحصل على السعر المناسب، تظل تسأل من لديهم هواتف مشابهة، تستفسر عن العيوب والمميزات، وما أن تمتلكه تظن أن ما سواه هو الأفضل.

تظن أن تعدد الاختيارات ميزة تجعلك تحصل على ما تريده تماما، ولكن كثرة الاختيارات تجعلك تتحسر على الفرص الضائعة بعدد الاختيارات، فإذا كنت تختار بين 3 هواتف أفضل كثيرا إذا كنت تفاصل بين 7 مثلا.

بعد أن تختار يصبح ما لم تحصل عليه فرصة ضائعة أو كانت ممكنة ولهذا هي مثيرة وجديرة بالامتلاك والسعي خلفها أما ما في يدك فهو ملكك فعلا ولا يستحق البحث عنه أو التفكير فيه.

المعادلة المنطقية في اختيارات البشر يلخصها الندم في مثل شعبي يقول ” الحلو ما يكملش “، و”الحلو” هنا دفاع نفسي عن اختيارك قبل أن يتحول إلى شيء عادي بدلا من مميز، أو أحسن من غيره.

في حالة واحدة يمكنك ألا تندم على اختيارك لا تفاضل وتعامل مع الفرص الضائعة بطريقة “ليست هنا”، لا تسال على الهواتف المحمولة بعد أن تشتري، لا تنظر على محلات الأحذية بعد الحصول على الحذاء الذي اخترته بعناية، ونصيحة لا تسأل على أسعار الشقق بعد أن تشتري.

في الاختيارات الكبرى التي تظن أنها ستغير حياتك وتعيش حياة مثالية يكون الندم أكبر إذا لم تفهم أنك تتعامل مع العيوب وليس المميزات، مع النقصان وليس الكمال.

حتى الآن لم يوجد ما هو كامل ومثالي على كوكب الأرض، كل ما تراه وتسمعه في الإعلانات أو الصور أو حتى خلف المكياج أو الملابس الأنيقة هو محاولة بائسة لإخفاء العيوب وتعظيم المميزات.

لن تحصل المرأة على الرجل المثالي أبدا، وفي كل مرة تظن أن شريكها هو الأسوأ، وأن هناك فرص أخرى ضائعة في كل مشكلة أو شجار.

لن يرتبط الرجل بالمرأة المثالية أبدا، وفي كل منعطف في حياته يشعر بسوء اختياره، ويظن أن الفرص الضائعة كانت ستغير حياته.

في الاختيار أنت تريد كل شيء وهذا مستحيل، كل اختيار له ثمن ويجب أن تدفعه، إذا أردت قوام رشيق يجب أن تتخلي عن متعة الطعام اللذيذ، يجب أن تقلل من كميات الشيكولاتة الساحرة، وتجرب المشروبات بدون سكر، وتتوقف عن أكل المكرونة والبيتزا والسندوتشات السريعة التى تحتوي على كميات لذيذة من المايونيز والصلصة، بالإضافة إلى جميع المشهيات والمخللات.

في الحقيقة أنت هنا تتعامل مع العكس، تتعامل مع العيوب، أن تترك نفسك للمتعة وتتحمل الثمن وأنت واعي تماما لما يحدث، أن تحرم نفسك من النوم واللعب وفعل الاشيء وتبذل مزيدا من الجهد مقابل التفوق والترقى وزيادة دخلك، أنت تشتري سيارة مثلا لتتخلص من هم البحث عن تاكسي فتبحث كل يوم عن مكان لركن السيارة وهم صيانتها أو أقساطها، وهكذا في كل شيء بلا نهاية، تبتعد عن الزحام والتلوث والدوشة بشقة أو فيلا على أطراف المدن – في الأرياف أو كومباوند- فلتتحمل العزلة ومشقة طول الطريق حتى تصل إلى عملك وغلاء أسعار السلع ووحشة الهدوء الدائم.

الفرصة المثالية لم تخلق بعد، الفرصة المثالية وهم في عقلك فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *