لويزة حنون في رسالة لمالك “ليبرتي” الجزائرية: تراجع عن قرار التصفية ولا تكسر أملنا.. الصحف ليست لمساهميها بل لقرائها أيضا

زعيمة حزب العمال الجزائري: “ليبرتى” إحدى آخر مناور الضوء في الصحافة الحرة.. وتصفيتها ينذر بموت ما تبقى من الصحف الحقيقية 

حنون لـ”ربراب”: الاشتراكات وتسليم المسؤولية للصحفيين بدائل للإغلاق ونجد صعوبة في تبرير القرار بـ”نقص التمويل”.. تذكر أن الأجيال ستحكم على قرارك  

كتب- محمود هاشم:   

يجتمع مجلس إدارة صحيفة ” ليبرتي” اليومية الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية، اليوم الأربعاء، لإصدار أمر بإغلاق الصحيفة، بقرار من مالكها رجل الأعمال يسعد ربراب، بعد أكثر من 3 عقود من صدورها كإحدى أعرق الصحف الجزائرية، إذ تأسست في عام 1992.  

ومن المقرر توقيع قرار إغلاق الصحيفة التقدمية، اليوم، وإعلان تصفية المؤسسة قبل نهاية الشهر الحالي، ويملك ربراب 99% من أسهم الشركة الناشرة، ما يجعل الاجتماع شكليا في إطار الإجراءات القانونية لحل الشركة واتخاذ قرارات تتعلق بتسريح الصحفيين وتحديد التعويضات وجرد ممتلكات الشركة. 

ونشر موقع الصحيفة رسالة مفتوحة من زعيمة حزب العمال اليساري الجزائري لويزة حنون، إلى رئيس مجلس إدارة الصحيفة، تستنكر فيه صدور قرار بإخفاء الصحيفة، وتطالبه بإعادة النظر في قراره، مؤكدة أنها ما تزال تجد صعوبة في تصديق الخبر حتى الآن. 

وأوضحت “حنون” أن صحيفة “ليبرتي” تعد مصدرا موثوقا للمعلومات ومرجعية جادة ومستقلة وذات مصداقية على الصعيدين الوطني والدولي، فما الأسباب الجادة التي يمكن أن تدفع لاتخاذ مثل هذا الإجراء غير القابل للعلاج؟. 

وأضافت في رسالتها إلى ربراب: “بالطبع يحق لك اتخاذ قرارات بشأن مصير الصحيفة بصفتك مالكها، لكن اغفر شكنا، نجد صعوبة في قبول فكرة أن نقص التمويل قد يكون سبب قرار متطرف كان مجلس الإدارة على وشك التصديق عليه، لأننا – مثل كل الجزائريين – نعرف قصة الصحيفة”. 

وتابعت: “إذا كان الأمر كذلك، ألن يكون من الممكن المطالبة باشتراكات سعيا لاستمرار وجود الصحيفةـ أو السماح للصحفيين بتولي مسؤوليتها، نحن مقتنعون أن قراء الصحيفة أنفسهم، على الرغم من الوضع الاجتماعي المأساوي الذي يكافحونه، سيبذلون جهودًا مضنية لضمان بقاء صحيفتهم”. 

وواصلت حديثها لربراب: “أود تذكيرك أن الصحيفة ليست ملكًا حصريًا لمساهميها أو مالكها، بل هي أيضًا ملك لقرائها الذين أعطوها المكان الذي تشغله؟ ما يجعلها تراثًا إعلاميا وطنيًا، وهي مكانة فازت بها في معركة استمرت 30 عامًا، عانت وصحفيوها خلالها الكثير  من المصاعب، في ظل تراجع الحريات في البلاد، فكانت لسان حال من لا صوت لهم من المهمشين والعمال وضحايا الظلم والتعسف، وخط دفاع عن القضايا المجتمعية.  

واستكملت: “ليبرتي واحدة من آخر المناور التي ما يزال يمر من خلالها القليل من الضوء، والقليل من الهواء في المناخ الخانق الذي يسيطر على الغالبية المنهكة، ما يعني أن تصفيته ينذر بموت ما تبقى من الصحف الحقيقية التي ما تزال تقاوم التصحر الكامل للصحافة الحرة، وهي واحدة من آخر المعاقل التي تسمح لنا بالحفاظ على الأمل في استعادة حرياتنا المصادرة، فلا تكسر هذا الأمل، ولا تنس أن الأجيال الصاعدة ستحكم على كل من ساهم – طوعا أو بغيره – في ظهور الأسوأ”. 

وفي بيان لهم، أوضح العاملون في الصحيفة أن قرار المالك – غير المتوقع – جاء في وقت بدأت فيه الصحيفة سلسلة إجراءات تهدف إلى استعادة الوضع الاقتصادي للمؤسسة.  

وأوضحوا أنه في ضوء إعادة انتشار الصحيفة، تم تنفيذ خطة اجتماعية وافتتاح موقع إلكتروني جديد، وما تزال هناك موارد مالية كافية لتمكينها من الاستمرار في الوجود، على الرغم من البيئة المقيدة، ما تزال “ليبرتي” مؤسسة صحفية قابلة للحياة، لذلك لم يفهموا الأسباب الحقيقية التي دفعت إلى قرار إغلاق الصحيفة، كاشفين عن أنهم طلبوا مقابلة ربراب لعرض بدائل له، لكن دون جدوى.  

https://www.liberte-algerie.com/actualite/communique-liberte-375980?fbclid=IwAR0kMQL8RvGY6r5yzBY-x8nNvT6jYL-uh4gV_3LLvMyuikEkkzOCT-HDRlo

وأوضحوا أن الصحيفة اليومية تخاطر بالاختفاء من الأكشاك في غضون أيام قليلة، بعدما انطلقت في يونيو 1992، وحملت – خلال 30 عاما من وجودها – قيم التقدم والحداثة والدفاع عن مصالح المواطنين والوطن، ودفعت ثمناً باهظاً خلال “العقد الأسود الدموي” لكي تظل الجمهورية قائمة.  

وأكد العاملون أن الصحيفة فقدت 4 شهداء في سبيل الحرية والديمقراطية، واضطر آخرون من بين صحفييها إلى تجربة معاناة السجن أثناء ممارسة مهنتهم، وتعرضت الصحيفة ذاتها للتعليق في مناسبات عدة.  

وأشاروا إلى أنه على الرغم من كل هذه المصاعب، وإلى جانب الضغوط المتعددة، واصل الصحفيون مهمتهم، متطلعين إلى جعل “ليبرتي” صحيفة جادة تحمل بشجاعة – في بيئة معادية أحيانًا – قيم المواطنة.  

وتابعوا: “بالنسبة للبلد ولقوى التقدم، فإن بقاء هذه الصحيفة ضروري. إلى جانب اختفاء العنوان الرمزي وعواقبه على أوضاع أفراده، فإن اختفاء الحرية يمثل نهاية فكرة معينة عن الجزائر”. 

يذكر أن بعض المؤسسات الإعلامية تعاني من تدهور أوضاعها المالية، على غرار صحيفة “الوطن” الفرانكوفونية، التي أعلنت مؤخرا رفع قيمة نسختها الورقية إلى 40 دينارا تجنبا للإفلاس. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *