لبنان يتوقف عن سداد ديونه الخارجية ويدعو للتفاوض لإعادة هيكلة الديون (تحليل اقتصادي)

كتب – إلهامي الميرغني

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، أمس السبت، أن لبنان سيتوقف عن سداد ديونه الخارجية بالعملات الأجنبية ودعي لمفاوضات مع الدائنين لإعادة هيكلة الديون. وكان الحراك الشعبي اللبناني الذي بدأ في 17 أكتوبر الماضي بسبب فرض ضريبة علي استخدام الوات ساب قد طالب باسقاط سلطة المصارف والمحاصصة الطائفية وتطور في اتجاه مطالب أكثر جذرية.

أكد دياب أن الدين العام أصبح أكبر من قدرة لبنان على تحمله، ووصل إلى 92 مليار دولار أي ما يعادل أكثر من 170 % من إجمالي الناتج المحلي و قال دياب : “نحن اليوم ندفع ثمن السنوات الماضية فهل يجب تحميله لأبنائنا؟”.وتساءل “كيف يمكننا أن ندفع للدائنين وهناك أناس في الشارع لا يمكنهم أن يشتروا رغيف خبز؟”. وأوضح في حديثه أن “أكثر من 50 دولة تخلفت عن سداد ديونها ولكنها تعافت في ما بعد وهذ ما نحن عازمون عليه”.

كانت قيمة الديون اللبنانية لا تتجاوز 6.8 مليار دولار عام 2000 ثم تضاعفت وأرتفعت بقيمة 83.2 مليار خلال العشرين سنة الماضية. كما أرتفعت قيمة الديون في الأعوام الأخيرة من 74 مليار دولار في 2017 إلي 92 مليار دولار في 2020( 18 مليار دولار )، وبذلك أصبحت حصة كل لبناني من تلك الديون 11 ألفا و661 دولارا، ومثلت الديون الخارجية 140% من حجم الاقتصاد اللبناني.

بذلك علقت لبنان سداد 1.2 مليار دولار مستحقة في التاسع من مارس، بما يعني أن أزمة الديون قد دخلت في مرحلة تعثر في إطار الأزمة المالية العامة التي تعيشها لبنان منذ سنوات ،وتدهور قيمة الليرة اللبنانية بما فجر موجات متتابعة من الغلاء . كما تراجعت الودائع المصرفية خلال 11 شهرا من العام 2019 بنحو 12 مليار دولار، بينهم 4,8 مليار في شهر نوفمبر وحده، وفق إحصاءات رسمية. بما أعطي مؤشرات للتوقف عن سداد الديون وهو ما اعلنه حسان دياب أمس.

لبنان التي يبلغ عدد سكانها 6.8 مليون نسمة وفي يناير الماضي اعتمدت الموازنة اللبنانية التي بلغت نفقاتها 18,232 مليار ليرة (12,1 مليار دولار) ، إيرادات تبلغ  13,395 مليار ليرة (8,9 مليار دولار). وبذلك وصل العجز في موازنة 2020 إلي 4,8 مليار ليرة ( 3.2 مليار دولار ). وكان صندوق النقد الدولي قد أرسل بعثة دولية إلي لبنان في محاولة لوضع خطوط برنامج اقتصادي لخروج لبنان من الأزمة.

كما ارتفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 1500 ليرة إلي أكثر من 2600 ليرة للدولار وهو ما يساهم في توليد موجات متتالية من الغلاء. لقد فقدت الليرة الكثير من قيمتها مما دفع البنوك لفرض قواعد قيدت تعاملات المودعين في ودائعهم.

بتوقف لبنان عن سداد ديونها تكون قد خطت الخطوة الأولي علي طريق التسليم لصندوق النقد الدولي من أجل إعادة هيكلة الدين العام، وهو ما يفرض تلقائياً تأجيل الدفع ويشمل أيضاً مفاوضات مع الدائنين ونقاشا حول اعتماد لبنان اجراءات جذرية كالتقشف والزيادة في الضرائب وخصخصة بعض من قطاعات الدولة وفقاً لروشتة الصندوق المعتمدة.

لقد دخلت لبنان منذ أمس طريق التفاوض هو إعادة هيكلة الديون ، والتي يري البعض إنها إعلان إفلاس.ولكن لبنان لن تكون الدولة العربية الوحيدة فهناك عدد آخر من الدول مرشح لذلك في ظل تفاقم وانفلات أزمة الديون الخارجية.وهل يستطيع صندوق النقد الدولي وبرامجه إعادة الحياة للاقتصاد اللبناني المريض؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *