فلسطين تقاوم| إضراب عام يوحد الفلسطينيين في وجه العدوان ومسيرات حاشدة تجوب الأراضي المحتلة (تقرير بالصور والفيديو)

المواطنون يلتزمون بإغلاق مصالحهم التجارية والبقاء في بيوتهم وعدم التوجه للعمل.. والاحتلال الإسرائيلي يواجه المسيرات بالرصاص والقنابل

الصحة الفلسطينية: 213 شهيدا بينهم 61 طفلا و36 سيدة ارتقوا منذ بدء عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي

كتب- عبد الرحمن بدر ووكالات

لأول مرة منذ سنوات، توحد الفلسطينيون في إضارب شامل اليوم الثلاثاء، احتجاجًا على العدوان الإسرائيلي الغاشم على الأراضي المحتلة، وارتقاء مئات الشهداء والمصابين.

وعمّ الإضراب الشامل، محافظات الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وأراضي الـ48 تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل، وشمل الإضراب كافة مناحي الحياة التجارية، والتعليمية، بما فيها المؤسسات الخاصة والعامة، وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها وكذلك المصارف، ووسائل النقل العام.

بدورهم التزم المواطنون وسط القدس المحتلة بإغلاق مصالهم التجارية، والبقاء في بيوتهم، وعدم التوجه للعمل.

وفي طولكرم، أغلقت المحال التجارية والمؤسسات الرسمية والخاصة والمدارس والجامعات والبنوك أبوابها، وخلت الشوارع من المركبات والمارة.

وفي الخليل، عم الإضراب الشامل المدينة وبلداتها وقراها ومخيماتها، تنديدا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل.

ودعا إقليم فتح وسط الخليل، الجماهير إلى المشاركة في مسيرة حاشدة من جامع الحسين، ومن المقرر أن تنطلق مسيرات مساء اليوم في معظم بلدات محافظة الخليل، تنديدا بجرائم الاحتلال في غزة ودعما للقدس بما فيها الشيخ جراح.

كما تواجد العديد من أعضاء اللجان الشعبية وناشطون في الحركات الشبابية، عند مداخل البلدات العربية منذ ساعات الصباح الباكر، ورفعوا لافتات تدعو إلى الإضراب والالتزام به.

وذكرت وكالة (وفا) الفلسطينية أن الإضراب شمل مختلف مناحي الحياة التجارية والتعليمية، إضافة للمؤسسات الخاصة والعامة، فيما أغلقت المدارس والجامعات والمصارف أبوابها، وتوقفت وسائل النقل العام.

كما عم الإضراب الشامل جميع المدن والقرى في منطقة المثلث داخل أراضي 1948، وأغلقت المحلات التجارية أبوابها.

وكانت حركات فلسطينية وفاعليات شعبية وطلابية دعت إلى إضراب عام أمس الاثنين في الضفة الغربية، وأراضي 48، تعبيرا عن الغضب من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومدينة القدس.

واستثنى قرار الحكومة الفلسطينية بعض الوزارات والهيئات من الإضراب، كوزارة الصحة والهيئات المحلية والمؤسسات الخدماتية، التي تعمل بنظام حالة الطوارئ لمواصلة تقديم خدماتها للمواطنين.

وقال عضو إقليم حركة فتح في قلقيلية مروان خضر، إن هذه الفعاليات ستستمر حتى تحقيق أهداف شعبنا بنيل الاستقلال وعدم المساس بحقوقه التي كفلتها المواثيق الدولية، مشددا على ضرورة توحيد الصف، وتصعيد المقاومة الفلسطينية لوقف العدوان الذي يستهدف الكل العربي ليس فقط الفلسطيني.

وأكد أن الشعب ومن خلفه أحرار العالم لن يقبلوا بالمساس بالأماكن الدينية والمصلين وتهجير المواطنين من أراضيهم، داعيا جماهير محافظة قلقيلية إلى المشاركة في المسيرة التي ستخرج اليوم الثامنة مساء، منددة بهذا العدوان.

الاحتلال يقمع المظاهرات

قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرات جماهيرية حاشدة وغاضبة انطلقت في محافظات الضفة الغربية وأراضي عام 48، للتنديد بالعدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الفلسطينيين، وأصابت العشرات بالرصاص الحي والمغلف بالمطاط والغاز السام والمدمع.

ففي رام الله، انطلقت مسيرة شارك فيها الآلاف، ورفع المشاركون خلالها الاعلام الفلسطينية والشعارات المنددة بعدوان وجرائم الاحتلال، ورددوا الهتافات والأهازيج الوطنية.

وانتهت المسيرة التي جابت شوارع المدينة، عند مدخل البيرة الشمالي، حيث اندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال المتمركزة عند حاجز “بيت ايل” العسكري، أصيب خلالها، حتى إعداد هذا الخبر، عدد من الشبان بحالات اختناق جراء استنشاقهم للغاز السام والمدمع.

وأصيب عدد من المواطنين بالاختناق بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقه جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال مواجهات اندلعت في قرية بدرس غرب رام الله.

وذكرت مصادر محلية أن جنود الاحتلال المتمركزين خلال السياج الفاصل بين أراضي القرية وأراضي عام ٤٨ أطلقوا وابلا من قنابل الغاز المسيل للدموع اتجاه المواطنين.

وأشارت المصادر إلى أنه سبق المواجهات مسيرة جماهيرية جابت شوارع القرية تضامنا مع قطاع غزة.

كما اندلعت مواجهات بين مواطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، عند مدخل قرية النبي صالح شمال غرب رام الله.

وذكرت مصادر محلية أن الاحتلال اطلق الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المواطنين، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات، حتى اللحظة.

وأشارت المصادر إلى أن الاحتلال أغلق البوابة الحديدية المؤدية إلى القرية والقرى المجاورة، ومنع مركبات المواطنين من الدخول أو الخروج.

في نابلس شارك مئات المواطنين، في مسيرة مركزية انطلقت من وسط مدينة نابلس، ضد العدوان الذي تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلي، وحمل المشاركون في المسيرة العلم الفلسطيني وصورا الشهداء، واللافتات المناوئة للاحتلال، والمنددة بجرائمه، وأخرى تحيي صمود أهالي القدس وغزة.

وردد المشاركون الهتافات الغاضبة، والداعية إلى الوحدة الوطنية ورص الصفوف، وأرسلوا التحيات لأطفال غزة

وتزامنت الوقفة مع الإضراب الذي عم المدينة، حيث أغلقت جميع المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة.

كما أصيب عشرات المواطنين بالاختناق خلال مواجهات مع قوات الاحتلال فوق جبل صبيح ببلدة بيتا جنوب محافظة نابلس.

وفي سياق متصل قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة سلمية في قلقيلية، منددة بالعدوان الإسرائيلي، وهاجمت قوات الاحتلال المشاركين في المسيرة عند الشارع الواصل بين قريتي الفندق وحجة شرق قلقيلية، واطلقوا باتجاههم الأعيرة النارية المغلفة بالمطاط وقنابل الصوت والغاز، ورشوهم بالمياه العادمة.

وفي السياق ذاته، أعاق جنود الاحتلال، عمل طاقم تلفزيون فلسطين، خلال تغطيته اعتداءات الاحتلال على المشاركين في المسيرة.

وأصيب عشرات المواطنين بالرصاص الحي والمطاطي خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في مدينة الخليل ومخيم العروب، عقب مسيرة حاشدة دعا لها إقليم حركة فتح وسط الخليل تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على شعبنا، وتشييع جثمان الشهيد عبيدة الجوابرة في مخيم العروب.

كما انطلقت مسيرة حاشدة من مسجد الحسين في منطقة عين سارة إلى دوار ابن رشد ومناطق الاحتكاك في باب الزاوية وسط المدينة، ورفع المشاركون علم فلسطين وهتفوا تنديدا بجرائم الاحتلال ضد المواطنين وممتلكاتهم.

وأصيب عشرات المواطنين بالاختناق، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، مسيرة جماهيرية مركزية انطلقت في بيت لحم، كما قمعت قوات الاحتلال المشاركين في المسيرة الجماهيرية الحاشدة في محيط مصانع “جيشوري” الإسرائيلية الكيماوية، غرب مدينة طولكرم، وأصيب عدد من المواطنين بجروح مختلفة، واعتقل الاحتلال آخرون بمواجهات مع الاحتلال قرب باب العامود بالقدس المحتلة.

وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال هاجمت بشكل وحشي المتظاهرين المتواجدين قرب بال العامود بالضرب المبرح، ورشهم بالمياه العادمة ما تسبب بإصابة العشرات منهم بجروح مختلفو واختناق.

لمشاهدة الفيديوهات اضغط هنا

مجلس الوزراء الفلسطيني يدعم الإضراب الشامل

وأكد مجلس الوزراء الفلسطيني على تقديره للبيان الصادر عن القوى الوطنية والإسلامية، والتي أعلنت فيه الإضراب الشامل، مثمنا الدور الذي تقوم به تلك الحركات.

وذكرت الحكومة أنها كلفت الحكومة الفلسطينية الجهات المعنية بتقديم جميع الاحتياجات والمستلزمات الطبية والإغاثية للمؤسسات والمواطنين لدعم صمودهم في وجه “العدوان الغاشم الواقع عليهم”.

وتابعت في بيان لها أن مجلس الوزراء كلف وفدا طبيا بالانضمام لـ “الصفوف الأمامية، ورفد المراكز والعيادات الطبية في المناطق النائية والبعيدة بالطواقم والمستلزمات الطبية، خاصة المراكز القريبة من نقاط المواجهات مع قوات الاحتلال”.

وأكدت الحكومة الفلسطينية على تنسيقها مع الجهات الدولية لـ”تحويل قيمة المساعدات المالية المقدمة للخزينة العامة نحو دعم ومساندة المتضررين من العدوان على غزة”.

يذكر أن الإضراب الشامل الذي أثبت فعاليته في وجه المحتل عبر تاريخ الثورة الفلسطينية ، بدءاً من الإضراب الشهير في وجه الاحتلال البريطاني والذي قادته الثورة الفلسطينية عام 1936، وصولاً لسلسلة من الإضرابات التي وحدت الفلسطينيين في الانتفاضتين الأولى والثانية.

كانت آخر الخطوات النضالية المشتركة بين الفلسطينيين في (انتفاضة الأقصى) عام 2000، عندما اقتحم رئيس وزراء الاحتلال الأسبق شارون المسجد الأقصى وفجّر ذلك غضبا فلسطينيا في كل أماكن الوجود الفلسطيني.

وقال د. بلال سلامة، المحاضر الجامعي، إن الخطوات النضالية التي استخدمها الفلسطينيون ضد المحتل كثيرة، كان الإضراب واحدا منها. وقد نفذ الفلاحون في منطقة الساحل أول إضراب في فلسطين عام 1892، ضد السياسات التي كانت تستغل الفئات المهمشة، ثم جاءت احتجاجات عام 1917 على “وعد بلفور”، فالهبات الجماهيرية في العشرينيات ضد الإنجليز، ثم الإضراب العام والاحتجاجات الواسعة عام 1936.

وتابع لـ”الجزيرة”، أن الفلسطينيين أكدوا هويتهم الحديثة كشعب واحد عام 1936 في الإضراب والاحتجاجات التي استمرت لأشهر طويلة، من خلال الخطوات النضالية ضد الانتداب البريطاني وهجرة اليهود والسياسات المتبعة ضدهم، وكان المسجد الأقصى هو المحور الحساس الذي يفجر الأحداث تاريخيا ووطنيا.

وأضاف أنه لم يستمر توحد الفلسطينيين كثيرا ضد المحتل، فبعد إعلان دولة إسرائيل عام 1948 على أكثر من 70% من فلسطين التاريخية، بدأت المتغيرات ومحاولة فرض الاحتلال الإسرائيلي كواقع جديد، وتهويد التعليم وفرض اللغة العبرية والعمل على عزل الشخصية الفلسطينية عن المحيط العربي.

كما أن فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة وغياب التواصل الجغرافي بينهما، وتشتيت الفلسطينيين في مخيمات اللجوء حال دون توحدهم، واستمر هذا الحال بعد أن احتلت إسرائيل بقية الأرض الفلسطينية عام 1967، وبدأت بتمييزهم حسب موقعهم الجغرافي.

وأكد سلامة أنه يوم الأرض عام 1976 وحّد المجتمع الفلسطيني مرة أخرى وأعاد له لُحمته رغم انفصاله الجغرافي، عندما بدأت شرارة الاحتجاجات على سياسات تهويد الجليل داخل الخط الأخضر، وأسهمت هذه الأحداث في تأكيد تمسك الفلسطينيين بأرضهم وهويتهم الوطنية، وأصبح الاحتفال بيوم الأرض سنويا رمزا للصمود والوحدة.

ويعتبر د. سلامة أن اتفاقية أوسلو عام 1993 قد شرذمت الفلسطينيين من خلال عدم الحديث عن فلسطينيي الداخل، وعززت الانقسام الفلسطيني، لكن انتفاضة الأقصى عام 2000 بعد اقتحام المسجد الأقصى، وحدت الفلسطينيين مرة أخرى عبر المظاهرات التي أدت إلى انتفاضة عارمة في كل فلسطين، قبل أن تعود وتنحسر في الضفة وغزة.

بدورها أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء الذين ارتقوا منذ بدء العدوان على  بلغ 236، و6278 جريحا.

وقالت الوزارة في تقرير لها، إن 213 شهيدا بينهم 61 طفلا، و 36 سيدة، ارتقوا في قطاع غزة، فيما أصيب 1442 أخرون، أما في الضفة فبلغ عدد الشهداء 23 شهيدا، و3825 جريحا.

وفي مدينة القدس، استشهد مواطن وأصيب 1011 أخرون، بينما نقل لمراكز العلاج 487 إصابة بينها 60 وصفت بالخطيرة، ونحو 204 متوسطة، و223 طفيفة، فيما وصلت لمراكز العلاج في محافظات الضفة الغربية 739 إصابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *