على هامش المونديال| اسمعوا ضوضاء الأغلال المكسورة.. صرخات الحرية في الأناشيد الوطنية بكأس العالم

كتب – أحمد سلامة

عن أحلام الحرية، التي جسدتها معاناة الشعوب، أتت الأناشيد الوطنية للمنتخبات المشاركة في مونديال كأس العالم بقطر.. جاءت لتعبر عن رغبة الإنسان، كل إنسان، في الحفاظ على مكتسبات دُفع مقابلها عرق ودم وذل عقود على يد استعمار أو أنظمة متسلطة.
حكايات كفاح جسدتها الأناشيد الوطنية، لتردد على أسماع مليارات المتابعين من أدنى الأرض إلى أقصاها، تُبشر بالحرية وتحذر من العودة إلى مصائر سابقة، وتدعو في الوقت ذاته إلى استمرار الحماس من أجل تقدم الإنسانية والتحرر من العبودية أيًا كان شكلها أو مسماها.

لـ أورجواي يتغنى شعبها:

أيها الشرقيون، إما الوطن أو القبر
إما الحرية أو إلى الموت بشرف
ذلك ما نذرنا أرواحنا لأجله
ونعلم جيدا كيف ننجزه بشجاعة

الحرية، الحرية أيها الشرقيون
تلك الصيحة التي أنقذت وطننا
وجعلت رجاله الشجعان
يلتهبون حماسا في معاركهم
لقد استحققنا هدية المجد المقدس
فليخسا الطغاة
سنصرخ للحرية في معاركنا
وسنصرخ لها حين نموت

الكلمات كتبها الشاعر والكاتب فرانسيسكو اكونا دى فيجيروا من مواليد يوم 3 سبتمبر سنة 1791 فى مونتيڤيدييو.
وبعد سلسلة من الاحتلالات والحروب في المنطقة بين البرتغاليين والإسبان والإنجليز لاحقا حصلت أوروجواي على استقلالها في سنة 1830.


أما البرازيل، التي تشهد الآن ديمقراطية حقيقية، أسفرت عن عودة الرئيس لولا دا سيلفا إلى سُدة الحكم، فيقول سلامها الوطني:

إذا كان شك في المساوة بيننا.
فسوف نتغلب عليه بأيدي قوية
في أحضانك، الحرية
نتحدى بصدورنا حتى الموت بذاته!

ذلك النشيد الوطني البرازيلي لحُن على يدي فرانسيسكو مانيول دي سيلفا في 1882 وبعد الكثير من التغيرات في النشيد في 1922 اعتمد كنشيد رسمي لجمهورية البرازيل على يدي جواكيم دوكي استرادا ولحن نشيد يميل إلى النغمات الإيطالية الرومانسية كالحان الموسيقار جواكينو روسيني.


في السنغال، شرع النظام الحاكم -بعد فترة ما بعد الاستقلال المضطربة- ابتداء من السبعينيات بالتحرر تدريجياً على المستويين السياسي والاقتصادي، بقيادة الرئيس الشاعر “ليوبولد سيدار سنجور”، فقد وجدت التعددية الحزبية فضاءات حرة مكنت “عبدو ضيوف” من تقديم نفسه كزعيم للمعارضة وقوة بديلة ذات مصداقية.
تخلى “سنجور” الرئيس الشاعر عن السلطة في سنة 1980 قبل انتهاء فترة ولايته، تولى زعيم المعارضة عبدو ضيوف الحكم في البلاد لعقدين من الزمن، تخللتهما فترات متناوبة من الانفتاح الديمقراطي البطيء. تخلى عبدو ضيوف بدوره سنة 2000 عن منصبه لخصمه القديم عبدالله واد، في ما وُصف آنذاك بواحدة من أولى الانتخابات الحرة والنزيهة في غرب أفريقيا.

يقول السلام الوطني للسنغال

يا نسيج قلبي الأخضر،
يا أعز من أخوة، كتفًا لكتف،
أيها السنغاليون، انهضوا!
انضموا للبحر وللينابيع، انضموا للسهول وللغابات. هللوا لأمّنا أفريقيا، هللوا لأمّنا أفريقيا.

النشيد الوطني للسنغال والذي تمّ اعتماده في عام 1960م. كتب كلماته ليوبولد سيدار سينغور ولحن موسيقاه هيربرت بيبر وهو كاتب النشيد الوطني لجمهورية إفريقيا الوسطى.


ربما هي واحدة من أشهر الدول التي مرت بديكتاتورية عسكرية، حتى صارت مضربًا للأمثال، فالأرجنتين التي حكمها الجنرال خورخي فيدلا بالحديد والنار، نالت حريتها برغم ذلك، وربما من قبل ذلك وهي تتغنى للحرية إذ تقول في سلامها الوطني الذي كتبه بيسينتي لوبيث وبلانيس ولحنه بلاس باريرا:

اسمعوا يا إنسان الصرخة القدسية
يا حرية… يا حرية… يا حرية
اسمعوا ضوضاء الأغلال المكسورة
شاهدوا عرش المساواة الشريفة


أما “حماة الحمى” فهو النشيد الوطني التونسي الذي كتب أغلب كلماته مصطفى صادق الرافعي وأُضيف إليه بيتين للشاعر أبو القاسم الشابي ولحنه أحمد خير الدين. بعد أن اتُخذ نشيداً رسمياً فكرت الحكومة التونسية في تكليف محمد عبد الوهاب بإعادة توزيعه لكن الفكرة لم تتحقق. كان الوطنيون التونسيون يرددون النشيد خلال مرحلة النضال الوطني، واستمر إنشاده حتى بعد اعتماد نشيد ألا خلدي، في بعض الأوساط الطلابية واجتماعات الحزب الدستوري. اعتمد رسمياً كنشيد وطني يوم 12 نوفمبر 1987 عوضاً عن ألا خلدي.

إِذَا الشَّعْبُ يَوْمًا أَرَادَ الْحَيَاةْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَدَرْ
وَلَا بُدَّ لِلَّيْلِ أَنْ يَنْجَلِي وَلَا بُدَّ لِلْقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِرْ
حُمَاةَ الْحِمَى يَا حُمَاةَ الْحِمَى هَلُمُّوا هَلُمُّوا لِمَجْدِ الزَّمَنْ
لَقَدْ صَرَخَتْ فِي عُرُوقِنَا الدِّمَا نَمُوتُ نَمُوتُ وَيَحْيَا الْوَطَنْ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *