شخصيات العام.. رسائل حب: سعاد ثابت.. سيدة العام التي عرت طائفيتنا وشعارات التجديد (تقدير وتكريم واعتذار.. حقك على راسنا)

براءة من عروا سيدة الكرم جاءت لتعري المجتمع ومدى تغلغل التطرف في تفاصيله وهشاشة شعارات التجديد والانتصاف للمرأة

مثلما جاءت واقعة تعريتها لتعري المتطرفين وسلوكياتهم فإن براءة من عروها جاءت لتعري المجتمع كله، ومدى تغلغل التطرف في تفاصيلنا، وهشاشة شعارات التجديد، والانتصاف للمرأة، فرغم مرور 4 سنوات على الواقعة البشعة والمهينة، إلا أن سعاد ثابت تبقى سيدة العام، بقوتها ودفاعها عن حقها في مجتمع، الطائفية والجلسات العرفية، والتمييز ضد المرأة وعدم الانتصاف للضعفاء في ظل ميزان عدالة مختل غابت فيه دولة المواطنة التي نطالب بها؛ وحضر فيه المتطرفون بأفعالهم مثل حرق المنازل، ومحاولات طرد بعض السكان، وتحويل أحداث فردية، إلى نزاع طائفي.

تحية من حزب التحالف الشعبي الاستراكي واسرة تحرير درب لـ “سعاد ثابت” السيدة البسيطة التي وثقت في نظام العدالة حتى يرد لها حقها، فتم سجن ابنها، وتدمير منزلها، وطردها من قريتها. وهاجر أولادها خوفا من الانتقام، وأخيرا تمت تبرئة من انتهكوا عرضها وأذلوها، بعد 4 سنوات ونصف من إصرارها على حقها.

4 سنوات ونصف من المعاناة والصبر ومغادرة القرية والإصرار على التمسك بالحق، بغض النظر عن الحكم، ومع هذا حضرت الجريمة وغاب المتهمون، وأصبحنا أمام جريمة شنعاء، الفاعل فيها مجهول رغم أننا نعلمه جميعا. 4 سنوات ونصف ولا تزال قضية سعاد ثابت تشغل قطاعًا كبيرًا من المواطنين خاصة بعد الحكم ببراءة المتهمين وإعلان النائب العام نظر الطعن على قرار المحكمة

قبل 4 سنوات دخلت سعاد ثابت، إلى قسم شرطة أبو قرقاص بجنوب المنيا لتحرر محضرًا تتهم فيه مجموعة من الأشخاص بالاعتداء عليها. لكن القصة كان لها بداية أخرى .

تعود الواقعة إلى شهر مايو عام 2016، إثر وقوع مشاجرة وأعمال عنف بسبب “شائعة” وجود علاقة بين شاب وربة منزل، وشهدت القرية اشتباكات بين الجانبين، أسفرت عن احتراق نحو 7 منازل، وإصابة شخصين، بزعم وجود علاقة عاطفية بين «أشرف. ع»، 30 عاما، صاحب محل أدوات منزلية، وربة منزل تدعى «ن. ر»، 32 عاما.

وكشفت تحريات المباحث، أن زوج السيدة اكتشف وجود علاقة بينها وصاحب المحل؛ فطلقها، وتجمع عدد من أهلية السيدة أمام منزل الشاب للانتقام منه، واعتدوا عليه بالضرب، وأشعلوا النيران في منزله، والتي امتدت إلى 6 منازل أخرى مجاورة ومخزن بلاستيك. وأصيب خلال الاشتباكات “عطية.ع”، 58 عامًا، مزارع، ونجله عياد، 30 عامًا، عامل، بكدمات وجروح.

توجهت السيدة سعاد ثابت، 70 عاما، إلى قسم شرطة أبو قرقاص بجنوب المنيا، وحررت محضرا اتهمت فيه عددا من الأشخاص بالاعتداء عليها بالضرب، وتجريدها من ملابسها.

ورغم تقديم عمدة القرية، عمر راغب، رواية تُنافي أقوال سيدة الكرم، إلا أن الحقيقة ظهرت مع مرور الأيام، إذ قال المتهم «م.ز»، الذي نفى خلال التحقيقات حينها ارتكابه للواقعة، أنه تعاطف مع السيدة عندما رآها عارية في الشارع، فقام بتغطيتها، ما يُثبت حدوث الواقعة.

وعلّق الرئيس عبدالفتاح السيسي على واقعة الاعتداء على «سيدة الكرم»، وقال: «من فضلكم، لا يليق أن اللى حصل ده يحصل في مصر، أو يتكرر مرة تانية، أي حد هايغلط هايتحاسب، أرجو أن السيدة المصرية (متاخدش على خاطرها)، ولا هي ولا كل سيدات مصر، تأكدوا أن إحنا في مصر نكنّ لكم التقدير والاحترام، ولا نقبل يتكشف سترنا بأي شكل ولأي سبب، محدش يفرق بين المصريين وبعضهم، والقانون هياخد مجراه، كلنا هانتحاسب، اللى يغلط يتحاسب».

وفي يونيو 2016، قدَّمت إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن المنيا، تحريات جديدة تتضمن أن «نظير. إسحاق»، 34 سنة، بقال تمويني، ومقيم بقرية الكرم، طلق زوجته «نجوى»، 32 سنة، ربة منزل، إثر شائعة تتضمن ارتباطها بعلاقة مع «أشرف»، 32 سنة، صاحب محل أدوات منزلية، وتردد صداها بين قاطني القرية وتناولتها الألسنة.

وأوضحت التحريات أن بعض أفراد عائلة حجاب، عائلة الزوج، وبعض مناصريهم والمرتبطين معهم بعلاقة مصاهرة والشباب المتحمس ومثيري الفوضى، استغلوا الموقف واتفقوا جنائيا فيما بينهم على ارتكاب جريمتهم، بالتوجه ناحية مساكن وملحقات أسرة أشرف، وعندما لم يعثروا عليه مزقوا ملابس والدته حتى تعرت تماما، بغرض هتك عرضها، ثم قامت سيدة مسلمة تدعى عنايات بسترها وإدخالها منزلها.

وضمت التحريات 7 متهمين جدد للقضية، متورطين في الأحداث، وتم عرض أسمائهم على نيابة المنيا الكلية؛ لاستصدار أمر ضبط وإحضار لهم لإلقاء القبض عليهم وضمهم للقضية ليصل إجمالي المتهمين في القضية إلى 31 متهما، بعد استبعاد 3 متهمين من القضية.

وفي يوليو 2016، قررت محكمة جنح مستأنف المنيا، إخلاء سبيل نظير إسحق، المتهم بحرق منازل أقباط قرية الكرم وتعرية سيدة قبطية، على خلفية ترديد إشاعات بوجود علاقة بين زوجته ونجل السيدة القبطية، وذلك بكفالة 10 آلاف جنيه، وذلك بعد الاستئناف على قرار حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

وبحلول أغسطس، استأنفت نيابة المنيا، برئاسة المستشار أحمد عزت، وتحت إشراف المستشار عبدالرحيم عبدالمالك، المحامي العام لنيابات جنوب المنيا، السبت، التحقيق في واقعة «سيدة الكرم».

حفظ المستشار عبدالرحيم عبدالمالك، المحامي العام لنيابات جنوب المنيا، حفظ التحقيقات في تعرية سيدة الكرم، لعدم كفاية الأدلة، وتضمن قرار رئيس نيابة أبوقرقاص أنه لا وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة، في القضية رقم 23668 لسنة 2016 جنح أبوقرقاص، والمقيدة ضد 3 متهمين.

فيما أعلن الدكتور إيهاب رمزي، عضو هيئة الدفاع عن قضية سيدة الكرم، أنه يتم التحرك في الإجراء القانوني الأخير والوحيد في القضية، عبر التقدم بتظلم لمكتب النائب العام وإعادة فتح ملف التحقيقات، وذلك بعد حفظ النيابة العامة القضية لجريمة هتك عرض السيدة بتعريتها وعدم إحالتها للقضاء.

وتساءل رمزي: «كيف لا تتم إحالة الواقعة للمحاكمة رغم أقوال السيدة المسنة وزوجها، وأقوال شهود بجانب تحريات البحث الجنائي عن الواقعة التي أيدت واقعة التعري».

وبعد إرسال التظلم إلى مكتب النائب العام، تم حفظ القضية، الأمر الذي أغضب أهالي القرية، وقالت السيدة حينها: «فين حق بهدلتى وتعريتى 8 أمتار في الشارع ملط؟»، وتابعت: «إحنا مشردين في البلاد ولم نستطع العودة لمنازلنا، ونعيش في منزل زوج ابنتى وحاولنا بناء منزل بجوارهم ولكن لا نملك مالا لاستكماله».

وفي فبراير 2017، تقدم سامح عاشور، نقيب المحامين، رئيس هيئة الدفاع عن سيدة الكرم، بطعن لمحكمة جنايات المنيا، على قرار نيابة أبوقرقاص حفظ القضية رقم 23668 لسنة 2016 جنح أبوقرقاص، والمتعلقة بتعريتها، قائلاً: «جريمة بشعة وقعت في قلب صعيد مصر، جريمة فاقت القتل والاغتيال من حيث البشاعة والامتهان، جريمة هتك امرأة مصرية بأيدي رجال مصريين -هي السيدة سعاد ثابت عبدالله، مسيحية».

وفي الشهر نفسه، قررت الدائرة الثالثة بمحكمة جنايات المنيا، برئاسة المستشار طارق محمود وصفي، الموافقة على التظلم المقدم من سامح عاشور وفريق الدفاع في قضية تعرية سيدة الكرم، وإلغاء قرار المحامي العام لنيابات المنيا بحفظ التحقيق في القضية لعدم كفاية الأدلة.

وبعد أشهر من التأجيل، قضت محكمة جنايات المنيا، في يناير الماضي، بالحبس 10 سنوات غيابيا على المتهمين بتعرية السيدة سعاد ثابت، 70 سنة، المعروقة إعلاميا بـ«سيدة الكرم»، بعد اتهامها لـ3 متهمين بتعريتها في الأحداث التي وقعت في مايو 2016.

وكانت المفاجأة التي هزت الجميع وأعادت القضية لبدايتها هي حكم محكمة جنايات المنيا، يوم 16 ديسمبر ببراءة المتهمين الثلاثة بالاعتداء على السيدة سعاد ثابت. وشمل الحكم الذي صدر برئاسة المستشار أشرف محمد علي، وعضوية المستشارين صلاح الدين محمد، وأحمد عزت، وأمانة سر علي حسن، ومحمد هارون، كل من: نظير إسحاق، وشقيقة عبدالمنعم، ووالدهما إسحاق، بعد 12 شهرا من صدور حكم غيابي بمعاقبة المتهمين بالسجن لمدة 10 سنوات.

وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ، إنها “تابعت بقلق بالغ الحكم الصادر”، مُحذرة “من تداعيات عدم إدانة المتورطين” وأضافت أن “هذه الاعتداءات تُرسخ لغياب العدالة والتمييز بين المواطنين على أساس الدين وتشجع على تكرار مثل هذه الاعتداءات الطائفية، بالإضافة إلى ما تمثله من رسالة  للتساهل مع وقائع العنف ضد المرأة بشكل عام”.

وفي 18 ديسمبر أمر  النائب العام، تكليف المكتب الفني بمكتبه بالطعن على الحكم الصادر ببراءة المتهمين في الواقعة المعروفة بواقعة “سيدة الكرم”، وذلك فور إيداع محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم أسبابه.

 للست سعاد ثابت نقول نحن آسفون وكل الشكر والتقدير والحب على شجاعة لم يتحل بها كثيرون . لذلك قررنا في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وموقع درب اختيارها شخصية العام، كتقدير واعتذار ومحاولة لرد الاعتبار لها، بعد أن عرتنا جميعا أمام انفسنا، نشكرها لأنها كشفت عوارت أخلاقنا ونعتذر لها لأننا لم نكن صادقين بما يكفي لرد حقها وعقاب من انتهكوها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *