زهدي الشامي يكتب: ترشيد التفكير.. ومونوريل العاصمة الإدارية بين الهدر ومخاطرالأمان وتراجع القيم

حتى أمس كنت أنظر لما يسمى  قطار العاصمة  الاداريةالمعلق على أنه واحد من المشروعات العديدة التى تعبر عن إهدار مواردنا المحدودة ، بالإضافة لكونه مشروع يتسم بمخاطر عالية على  حياة المواطنين  .

 وأصلا فهذا المشروع يصل القاهرة بالعاصمة الإدارية التى كلفتنا تريليونات الجنيهات ، ولكن تكن لها  أولوية أو ضرورة اقتصادية . ولكن لو سلمنا بتلك العاصمة  كأمر واقع، فإن ربط القاهرة بها منطقيا ، وأيضا وفقا لدراسة الخبراء اليابانيين الذين كانوا قد درسوا مشكلة المواصلات فى  القاهرة الكبرى  ، يجب أن يتم بواسطة ترام سطحى سريع لن تزيد فى الواقع تكلفته عن ١٠ % من تكلفة القطار المعلق التى تصل إلى ٤.٥ مليار يورو ، اى أكثر من ٨٠ مليار جنيه .

ومن الغريب أن مد خط مواصلات بين مدينتين تقعان فى منطقة صحراوية لايستلزم  أبدا أن يكون القطار معلقا ، ولكن لأن مال مصر سايب فقد فضلت الحكومة المصرية القطار المعلق . على أن ضرره لن يقتصر على التكلفة المرتفعة ، بل يمتد لمخاطر حدوث حوادث أو حرائق ستكون خطيرة عل  المواطنين ، وتلك حوادث حدثت فى اماكن متعددة من العالم فى مثل تلك الحالات ، وتابعها الراحل المحترم المهندس عمرو رؤوف بدأب  ولكن لاحياة لمن تنادى .

 المؤسف أنه قد تمت اضافة سوءة جديدة  للهدر والمخاطرة ، الا وهى الإسفاف و انحطاط القيم   . فالحكومة التى   تنفق المليارات والتريليونات بالاقتراض وبالعملة الصعبة التى نواجه فيها عجزا خطيرا ، تحاول تعويض جزء بسيط من هذا الانفاق باللجوء لبعض رجال الأعمال الذين لن تغطى مساعدتهم فى جميع الأحوال سوى نذر يسير من الثمانين مليار جنيه ، ولن تحول دون أن تكون التذكرة فى المستقبل القريب فوق القدرة المالية للمواطنين ، ولن تقل للذهاب فقط عن عشرين جنيها ،  على أن تكافئهم  بوضع أسمائهم على المحطات الرئيسية  . وهكذا سنشهد لأول مرة فى مصر والعالم أسماء رجال أعمال احياء على  محطات السويد ى وياسين منصور وصبور وخلافه ، بدلا من أسماء الأعلام التاريخيين للبلاد كسعد زغلول    وجمال عبد الناصر والسادات  وغيرهم

 ألم أقل وصلنا للإسفاف وانحطاط القيم

*****

ما الذى يحتاج للترشيد : استهلاك الكهرباء أم تفكير الحكومة ؟

——————————-

منت الحكومة على المواطنين طوال السنوات الثمانى الماضية بأن الكهرباء بفضلها لاتنقطع بفضل ما استحديته من طاقات انتاجية فى هذا القطاع ، وفى سبيل ذلك عانى المواطن من ارتفاع أسعار الكهرباء عدة أضعاف .

 إلا إنها عادت اليوم تطالب المواطنين بترشيد الإستهلاك لدرجة إظلام الميادين والشوارع و تحديد درجة أجهزة التكييق فى المحلات ، و التخطيط لعودة مباريات الكرة للعصر فى عز الحر مثل أيام  الستينيات .

 ولو أن الحكومة تفكر حقا فى الترشيد لا الهدر فلماذا أنفقت كل هذه المليارات على إنشاء محطات كهرباء جديدة هى كلها زائدة فعلا عن احتياجات الإستهلاك المحلى ، حتى قبل دعوة الترشيد الأخيرة . فالحكومة أنفقت فى السنوات الماضية على المحطات الجديدة فقط ( دون أى استثمارات أخرى كالنقل وخلافه ) مالايقل عن 335 مليار جنيه أو نحو 19.5 مليار دولار ، ووصلت الطاقة الإنتاجية إلى 60 ألف ميجاوات ، بينما الإستهلاك فى وقت الذروة فى الصيف 32 ألف ميجاوات فقط ، أى الطاقة الإنتاجية الزائدة تصل لنصف الإجمالى ، أو إن فائض الطاقات الإنتاجية يصل إلى 100% . ورغم ذلك فالحكومة ستنفق أيضا 25 مليار دولار أخرى ، أو نحو 500 مليار جنيه على محطة الضبعة الكهربائية المخطط أن تنتج 4.5 ألف ميجاوات أخرى  ( مفهوم أن يكون لها بعض منافع أخرى غير الكهرباء ) .

 أنفقوا كل تلك المبالغ على طاقات انتاجية زائدة وفائضة ، واليوم يطالبون بمزيد من الخفض لتشغيلها وبالعودة لاستخدام المازوت الملوث للبيئة فى التشغيل لكى يصدروا  غازنا المصرى لأوربا  . لا انتفعنا بطاقات انتاج الكهرباء ولا انتفعنا بالغاز .

فما الذى يحتاج للترشيد إذن ؟ استهلاك الكهرباء أم تفكير الحكومة ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *