د. أحمد حسين يكتب: بلاغ إلى الأطباء ورئيس الجمهورية ومن يهمه الأمر

ليس كل ما يقال يكتب أو ينشر، ربما يكون ذلك صحيحًا عندما يتعلق الأمر بشخص أو أشخاص في أمور تعنيهم، ولكن بالتأكيد يختلف ذلك عندما يتعلق الأمر بحوالي مليون شخص يرتبط بمصائرهم على أقل تقدير ثلاثة مليون أخرين، وعندما يتحكم في مقدرات هولاء الملايين بضعة أفراد يتعدى عددهم أصابع اليدين باثنتين، فالفرض يحتم أن تكتب كل شيء حتى وإن أفضى هذا إلى لا شيء، فحتمًا ستكون نهايتك أفضل عندئذ من أن تتكتم ولو شيئًا واحدًا..هذا ما عذَّبَنا به البعض عندما بثوا في قلوبنا أن الراحة تكمن في كلمة حق.

نشرت قبل أيام ، صفحة نقابة أطباء مصر على الفيسبوك بيانًا يعلن موقف مجلسها الرافض لشراكة اتحاد نقابات المهن الطبية مع إحدى شركات الحلول الرقمية تسمى “داف”، الشراكة تتمثل في شراء الإتحاد نسبة 24% من أصول الشركة بقيمة مالية قدرها 50 مليون جنيه، وأكدت نقابة الأطباء في بيانها أن مجلسها اتخذ قرار الرفض بأغلبيته وكلف ممثلي المجلس في إتحاد المهن الطبية بالرفض وذلك على خلفية محدودية سابقة أعمال الشركة وخبراتها وتقييمها المالي الذي لا يتعدى واحد بالمائة من تقدير أصولها المطروح، ويضيف بيان نقابة الأطباء أن ممثليها في اتحاد المهن النقيب وأمين الصندوق رفضا بالفعل وأثبتا إعتراضهما في اجتماع مجلس إدارة اتحاد نقابات المهن الطبية على إتمام هذه الصفقة، بينما وافق أمين عام نقابة الأطباء وممثلي باقي النقابات المكونة من أطباء الأسنان والبيطرين والصيادلة ويمثل الأخيرة الحارس القضائي.

هذا ليس كل ما يكتب وإن كان الحد الأقصى لبيان أية جهة لزامًا عليها أن تتحسس كلماتها لعدة إعتبارات أعتقد أنها معروفة للجميع..أما عندما تود أن تقتل أية هواجس مستقبلية – بإفتراض أن يلحقك المستقبل حيًا أو حرًا – تحمل تأنيبًا لضميرك أو توخّزك بإحساس الذنب، فعليك أن تعلن كل شيء وإن أفضى هذا إلى لا شيء.

شركة داف DAF شركة ذات مسئولية محدودة مسجلة في السجل التجاري رقم 149069 بمكتب سجل تجاري(استثمار القاهرة) صادر بتاريخ 7 مايو 2020، وبموجب ترخيص مزاولة النشاط لشركات البرمجيات والمحتوى الالكتروني رقم 9104 الصادر بتاريخ 13 أكتوبر 2020 من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، تتعاقد مع النقابة العامة للأطباء على عمل تطبيق محمول ومنصة تعليم طبي خاص بنقابة الأطباء، العقد محرر في 25 أكتوبر 2020 – أرجو من القارىء الإنتباه للتواريخ -، في يوم الجمعة 21 أغسطس 2020 تلتقي لجنة البت في النقابة بممثلي 5 شركات تقدموا بعروض للتعاقد على هذا العمل منهم شركة”داف” ثم يوم الأثنين 24 أغسطس 2020 يلتقي بعض أعضاء لجنة البت بالشركة السادسة والأخيرة، وفي 7 سبتمبر 2020 يجتمع إثنين من أعضاء مجلس النقابة ولجنة البت مع شركة “داف” وأحاطا الشركة بالملاحظات التي تعهدت الأخيرة بمراعاتها وتوضيحها في التعاقد، وتعد عضوة مجلس النقابة مقررة لجنة التعليم الطبي السابقة ووكيلة النقابة الحالية تقريرًا يقارن بين الشركات المتقدمة، يكفي أن أذكر للقارىء أن أحد المزايا الموجودة بالتقرير والمرجحة ل “داف”، هي إمتلاكها عدد كاف من المبرمجين المتفرغين خصيصًا للمشروع يرأسهم الخبير الدولي في مجال البرمجيات المهندس ع.أ..بالفعل مكتوب “الخبير الدولي”.

إن كنت عزيزي القارىء لا تهتم بالتدقيق بالتواريخ والأرقامك، فأحيطك علمًا أن سبب طلبي لك الإنتباه لها، هو أن تواريخ تقدم الشركة إياها بعرض لنقابة الأطباء ومقابلة أعضاء اللجنة لهم وإعداد التقرير الفني، هي تواريخ سابقة لحصول الشركة على ترخيص مزاولة النشاط لشركات البرمجيات والمحتوى الإلكتروني من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات بأكثر من شهر كامل وإن كان السجل التجاري صادرً في مايو 2020، وتاريخ تعاقد نقابة الأطباء مع الشركة بعد أقل من أسبوعين حصول الشركة على ترخيص مزاولة النشاط..الأمر إلى هذا الموضع هينًا جدًا ولم تتكبد نقابة الأطباء أموال تجعلني أثرثر رغم عشرات العلامات من الإستفهامات حول طريقة التعاقد والتقييم للشركة قبل حصولها على الترخيص.

منذ شهور وبالتحديد في فبراير الماضي أحدهم بالشركة يحاول أن يوهم بعض أعضاء مجلس نقابة الأطباء بعلاقة الشركة بإحدى الجهات مما تسمى السيادية – من التي لا تطاوعك لوحة المفاتيح على كتابتها – وذلك حتى يقبل مجلس نقابة الأطباء قبول عرض الشركة بإسناد صيانة نظم المعلومات بها إضافة إلى التعاقد الساري على تطبيق الموبيل ومنصة التعليم الطبي، واستمر هذا الإلحاح حتى قرابة شهرين مضيا عندما أنهى مجلس النقابة الجدل بتعاقده مع شركة أخرى تم الإعلان عن التعاقد معها.

إن كنت صبرت معي حتى هذه الكلمات، فالأتي ما تترقبه عزيزي القاريء من عنوان المقال، فمنذ شهور قليلة وبسرعة تفوق سرعة إنجاز الدولة لتمهيد الطرق وإنشاء الكباري، وبتصريح مباشر من ممثل الشركة بتبعيتها لهذه الجهة السيادية يمارس ضغوط الترغيب والترهيب لأعضاء مجلس إدارة إتحاد نقابات المهن الطبية، هذا المجلس مكون من ثلاثة ممثلين عن كل نقابة من نقابات الأطباء البشريين والأسنان والبيطرين والصيادلة والمفروض على الأخيرة الحراسة ويمثلها طاقم الحراسة القضائية، ويستجيب أغلب أعضاء هذا المجلس أو كلهم بإستثناء من أعلنت نقابة الأطباء عن رفضهما وهما نقيب الأطباء وأمين صندوق الأطباء، بل وحاول الأعضاء المستجيبون لتأكيد تبعية هذه الشركة للجهة السيادية وإقناع مجالس نقاباتهم بذلك، في حكايات لا ترقى لمغامرات ميكي وبطوط لا تحترم في حنكتها العقول، أمين عام نقابة الأطباء الذي وافق على الشراكة في اجتماع مجلس اتحاد المهن، قال لي ولغيري أن إجتماع حضره وبعض أعضاء مجلس إتحاد المهن الطبية في مقر الشركة جمعه وأحد كبار قيادات هذه الجهة السيادية، هذه القيادة كانت ترتدي الزي المدني ولم تفصح عن تحقيق شخصيتها ولكن أمين عام النقابة أكد لي أنه متأكد من شخصيته عن طريق ثاني قيادة في هذه الجهة السيادية وأن الموافقة على هذه الشراكة ستعود بالنفع على الأطباء وأقرب النفع صدور قانون المسوؤلية الطبية وصرف متأخرات مستحقات أطباء الإمتياز، والمفترض علي وغيري أن أصدق إن قبلت هذا المنطق المخزي والمقايضة الرخيصة.

برغم كل مآسي الواقع، إلا أني من سابق سنوات عملي في مواقع مختلفة منها الإدارة ما أتاح لي الإطلاع على ملفات وأحيانًا إتخاذ القرار بدون ضغوط، أشهد أن مثل هذه الجهات التي يحاول البعض إيهامنا بتبعية الشركة لإحداها، تعلن مشروعاتها التي تنفذها وتشارك بها وتحتوي المكاتبات الرسمية بوضوح تام أسماء تلك الجهات، وقد شاركت في مناقشة عروض لإحدى هذه الجهات وحضرت إجتماعات واضحة في مبانيها ورفضت رسميًا عرضها لتنفيذ مشروع حكومي لإرتفاع أسعار العرض، ولم أجد أو ألقى أي ترصد أو عقبات لهذا الرفض، وحررت مخاطبة رسمية لجهة أخرى من تلك الجهات بإنذار بتأخر ورداءة التنفيذ، كل هذا كان في عملي الحكومي ولم يصيبني ضرر.

أكاد أجزم أن مثل تلك الممارسات والضغوط والإدعاءات بتبعية هذه الشركة للجهة التي يدعونها ستكون إحدى وقائع النصب مثل التي تم إكتشافها منذ أيام عندما ألقت الرقابة الإدارية القبض على ضابط سابق وأخر أوهما المواطنين بقدرة الأول على تسهيل إجراءات تملكهم شقق سكنية بالسادس من أكتوبر، أو مثل صيدليات 19011.

تفاصيل هذه الواقعة أنشرها كبلاغ لمن يهمه الأمر وأرسلها كما هي للسيد رئيس الجمهورية، هذا عن حق الدولة والجهات التابعة لها في الحفاظ على سمعتها وكيانها من إنتحال شخصية العاملين بها..أما لأعضاء نقابات المهن الطبية، فأوجه الأسئلة إلى أعضاء مجالس هذه النقابات المنتخبين والذين وافقوا على قرار الشراكة بمبلغ 50 مليون حنيه، ما الداع لدخول اتحاد المهن في استثمار البرمجيات، هل تمت دراسة لإقرار أن هذا المجال سيدر ربحًا معتبرًا يضيف إلى معاشات الأطباء، ولماذا هذه الشركة بالتحديد، هل تم إعلان- لا سمح الله – عن رغبة الإتحاد في الإستثمار في هذا المجال لتقدم الشركات المختلفة، كيف صدقتم أن شركة كل أصولها برامج وبدأت فقط في أكتوبر 2020 منذ أقل من عامين برأس مال 5 مليون جنيه أن تصل أصولها الآن إلى أكثر من 200 مليون جنيه تشاركون فيها بشراء 24% من أصولها، لو الأمر مربح كذلك فهل تقبلون أن تكون هذه الأموال من جيوبكم ويكون الربح حلالًا لكم، هل تعلمون أن كل سابقة أعمال هذه الشركة تطبيق “بالشفا” لشراء احتياجات من الصيدلية وبرنامج إدارة صيدلية وبرنامج إدارة فروع التوزيع وتطبيق ومنصة نقابة الأطباء، هل بالفعل تعتقدون أنكم تحملون أمانة ثقة من انتخبوكم.

متبقي لدي البعض مما سأفعل قبل أن أعلن عجزي واستقيل..هذا إن كان في العمر بقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *