د. آمال سيد تكتب : توم وجيري في المحليات

استكمالا لما بدأناه سابقا في مناقشة الاختلالات الهيكلية في نظام الإدارة المحلية. نناقش اليوم العلاقة بين المجلسين التنفيذي والشعبي حيث ورد بالمادة (3) من قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 أنه يشكل لكل وحدة محلية مجلسا منتخبا، كما ذكرت المادة (4) أن رئيس المجلس المحلى التنفيذي يمثل وحدته المحلية أمام القضاء والأجهزة المختلفة.
فالمجلس المنتخب يتم إنشاؤه بكل وحدة محلية ويعمل في دراسة واقتراح احتياجات الوحدة المحلية من المشاريع واقتراح الأولويات ومتابعة التنفيذ والمراقبة على اعمال المجلس التنفيذي وإقرار ميزانية الوحدة المحلية وحسابها الختامى . بينما المجلس التنفيذى فهو ذو شخصية اعتبارية يملك سلطة التقرير ويقرر الخطط والبرامج المحلية ذات الصلة بتنفيذ المشروعات المعتمدة في الميزانية، ومشروعات التشغيل والصيانة، والمشروعات التطويرية والاستثمارية.
ومن خلال استعراض نظام المجلسين وآليات عملهما ومتطلبات تفعیل دورهما يتضح أن تحقيق المراد من تكوينهما بالكفاءة والأهداف المتوخاة، يكون بتكاملهما وتناغم الأدوار بینهما، من خلال المواءمة بین المجلسين، بحیث يكون هناك تجانس وائتلاف وتناسق بین دوريهما خصوصا في المجال التخطيطي والتنفيذي والرقابي والتوعوي أو غير ذلك من المهام.
إلا أن الواقع عكس ذلك تماما، فنجد أن العلاقة بين المجلسين يشوبها الكثير من التناقض والتداخل حتى قد يصل الأمر الى التنازع وضياع المسؤولية بينهما. ويعود ذلك لأسباب عدة في مقدمتها وجود تداخل وازدواجية بالمهام فيما يخص الخدمات المحلية والمرافق وغيرها سواء في مجال التخطيط والاعتماد أو الإشراف على عملية التنفيذ والمتابعة والرقابة وفقا لما خوله القانون لكل مجلس من صلاحيات. مما يتسبب في ضعف صلاحيات المجلسين من أجل ممارسة المهام بكفاءة عالية في كافة المراحل، من خلال ائتلاف المجلسين في مواءمة حقيقية لاستفادة كل مجلس من إمكانيات المجلس الآخر.
أيضا ضعف استفادة المجلس التنفيذي من ميزة تمثيل كل الإدارات في المجلس الشعبي، ومساعدة المجلس المحلي للمجلس المنتخب في تحقيق رؤيته التنموية من خلل تبنيها وتصعيدها إلى مستويات محلية إدارية أعلى.
وأيضا بسبب محدودية نقل بعض اختصاصات الوزراء للمحافظين والقصور في تداول المعلومات والبيانات المتعلقة بالخطة الاستثمارية والرقابة عليها فإنه بدلا من المواءمة لتحقيق التكامل الفاعل بين المجلسين نجد يحل بينهما التنازع والتنافس على الاختصاصات وإثبات القوة.
كما أن عدم تحقيق المواءمة بين المجلسين في الأعمال والجهود الإدارية والفنية يؤدى الى القصور في استقطاب المشاريع الاستثمارية وتنفيذها، وتقديم منتج تنموي موحد ناجع بالمحافظات، كما يؤدى كذلك الى عدم توفير البيئة الإدارية والتنظيمية المؤهلة لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة والمتوازنة،
. ولتطبيق المواءمة بين المجلسين التنفيذي والشعبي نرى أنه يجب أن يكون هناك مجلسا محليا واحدا يضم المجلس التنفيذي والمجلس المحلى من الأعضاء المنتخبين شعبيا فضلا عن ممثلي مديريات الخدمات .ويمكن أن ينظم القانون عملية التصويت داخل المجلس.
والفوائد المتوقعة عديدة أهمها تلافي كل السلبيات المتعلقة بازدواجية المهام، وخفض التكاليف من خلال اختصار الإجراءات وتبادل المعلومات ، وكذلك رفع مستوى الأداء نتيجة للتنسيق وتفعيل عمليات المتابعة والرقابة ودخول كل الوحدات التنظيمية في فريق عمل واحد، إضافة إلى تلافي الاختلاف بحكم ازدواجية الاختصاص بين كل المكونات التنظيمية.
أيضا من أهم الفوائد العائدة من توحيد المجلسين في مجلس تنموى موحد هو الحد من الفساد الذى توغل في المحليات بسبب انعدام الدور الرقابى الفاعل للمجالس المحلية المنتخبة وغياب التكامل بينها وبين المجالس المحلية.

خبير الإدارة المحلية
أكتوبر 2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *