“داعش خراسان”.. ماذا نعرف عن ذراع البغدادي “الانتحارية” منفذة هجوم كابول؟

يورو نيوز 

يعتبر هجوم مطار كابول الذي تبنّاه تنظيم “داعش” أول اعتداء دموي تشهده العاصمة الأفغانية منذ سقوطها في أيدي حركة طالبان في 15 أغسطس، وقد وقع قبيل أيام قليلة من الموعد المحدّد لإنجاز القوات الأمريكية انسحابها من أفغانستان في 31 أغسطس بعد 20 عاماً من حرب عقيمة ضدّ الحركة الإسلامية المتشدّدة.

وفجّر انتحاريان من تنظيم الدولة الإسلامية الخميس حزاميهما الناسفين وسط حشد من الأفغان الذين كانوا يحاولون الدخول إلى مطار كابول للفرار من بلدهم بعد سيطرة حركة طالبان عليه، في تفجير مزدوج تلاه هجوم مسلّح ممّا أسفر عن مقتل 13 عسكرياً أمريكياً وعشرات الأفغان.

وتعهّد الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي بدا واضحاً أنّه صدم من هول ما جرى، “مطاردة” منفّذي الهجوم و”تدفيعهم ثمن” قتلهم العسكريين الأمريكيين “الأبطال”.

ورغم تحذيرات غربية من هجمات وشيكة ومحتملة للتنظيم، حيث لندن صباح الخميس إلى تهديد إرهابي “خطير جدا” و”وشيك” ضد مطار كابول، استمرت عمليات الإجلاء، حتى بعد الهجوم.

محللون أمنيون أشاروا في وقت سابق الخميس إلى أن نشاط تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان قد توقف بشكل مفاجئ لمدة 12 يوماً، في إشارة محتملة إلى أنه كان يستعدّ لعملية واسعة النطاق، عبر قذائف الهاون أو الهجمات الانتحارية بسيارات أو أفراد.

في الفقرات التالية نجيب عن بعض الأسئلة المتعلقة بهذا الفرع من تنظيم الدولة الإسلامية.

ما هو تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان؟

بعد وقت قصير من إعلان تنظيم الدولة الإسلامية “الخلافة” في العراق وسوريا في العام 2014، أعلن أعضاء سابقون في حركة طالبان باكستان، ولاءهم لزعيم الجماعة أبو بكر البغدادي.

وانضم إليهم لاحقا أفغان محبطون ومنشقون من حركة طالبان وفي أوائل العام 2015، اعترف تنظيم الدولة الاسلامية بإنشاء ولاية له في خراسان.

وخراسان هو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى.

تمركز التنظيم- ولاية خراسان عام 2015 في منطقة اشين الجبلية، في مقاطعة ننغارهار في شرق أفغانستان، وهو الوحيد الذي تمكن من إقامة وجود ثابت وكذلك في منطقة كونار المجاورة.

في مقطع فيديو عام 2015، تعهد زعيم الجماعة في ذلك الوقت، حافظ سعيد خان، وقادة كبار آخرون بالولاء لأبو بكر البغدادي، وأعلنوا أنفسهم حكام منطقة جديدة لداعش في أفغانستان.

قُتل خان في عام 2016 خلال هجوم بطائرة مسيرة أمريكية. وقتل البغدادي في 2019 بعد أن فجر سترة ناسفة خلال غارة للقوات الأمريكية.

بحلول عام 2018، أصبح التنظيم واحد من أكبر أربع منظمات إرهابية دموية في العالم، وفقا لمؤشر الإرهاب العالمي التابع لمعهد الاقتصاد والسلام.

لكن بعد أن تكبد التنظيم أمام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وشركاؤه الأفغان خسائر كبيرة، بلغت ذروتها مع تسليم أكثر من 1400 من مقاتليها وعائلاتهم للحكومة الأفغانية في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020، أعلن البعض هزيمة التنظيم.

منذ يونيو 2020، يقود التنظيم شهاب المهاجر الملقب بسناء الله وفقاً للأمم المتحدة التي تحدثت في تقرير صادر عن فريق المتابعة ورصد العقوبات في يونيو عن تقييمات متباينة لمدى إمكانية وجود روابط بين التنظيم وزعيمه المهاجر وشبكة حقاني التي تعد من أكثر فصائل حركة طالبان تشدداً.

قبل أن يصبح المهاجر زعيماً لهذا الفرع من التنظيم، كان المخطط الرئيسي للهجمات البارزة في كابول والمناطق الحضرية الأخرى.

حاليا، تفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتلي التنظيم تتراوح بين 500 وبضعة آلاف بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في تموز/يوليو.

يعتمد تنظيم الدولة الإسلامية أيضًا على تدفق المقاتلين من سوريا والعراق ومناطق الصراع الأخرى. في تقرير الأمم المتحدة الصادر في حزيران/ يونيو، قدرت المنظمة الدولية أن هناك ما بين 8000 و 10000 مقاتل أجنبي في أفغانستان حاليًا.

كيف يبدو التوزع الجغرافي للتنظيم على خريطة البلاد؟

تقول الأمم المتحدة أن الخسائر الإقليمية للتنظيم أثرت على قدرة المجموعة على التجنيد وتوليد تمويل جديد، إلا أن التقييمات تشير إلى أن التنظيم يحتفظ بمجموعة أساسية من حوالي 1500 إلى 2200 مقاتل في مناطق صغيرة من مقاطعتي كونار وننغرهار.

تتكون المجموعة الأساسية في كونار بشكل أساسي من مواطنين أفغان وباكستانيين، في حين أن المجموعات الأصغر الموجودة في بدخشان وكوندوز وسار إي بول تتكون في الغالب من الطاجيك والأوزبك المحليين.

أشارت التقارير الأخيرة الصادرة عن وكالات الأمن الأفغانية إلى تعطيل خلية قوامها 450 فردًا من تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان حول مزار الشريف في مقاطعة بلخ، مما يشير إلى أن المجموعة قد تكون أقوى في شمال أفغانستان مما تم تقييمه سابقًا.

تنسيق العمل

على الصعيد الإقليمي، يتولى ما بعرف بمكتب الصادق تنسيق استراتيجية تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان في وسط وجنوب آسيا (لكن ليس جنوب شرق آسيا)، بما في ذلك أفغانستان وبنغلاديش والهند والمالديف وباكستان وسريلانكا وجمهوريات آسيا الوسطى.

ويضيف تقرير الأمم المتحدة أن ولاية خراسان ما زال يحتفظ ببعض الاتصالات الأساسية مع التنظيم الأم رغم ندرتها، مع الاعتقاد بأن مصادر التمويل منه قد جفت.

سابقاً كان زعيم التنظيم هو من يقود مكتب الصادق، إلا أنه تم فصل المنصبين لاحقاً، حاليا المهاجر يقود التنظيم في حين يقود مكتب الصادق شخص يعرف بلقب الشيخ تميم.

سابقاً كانت قيادة الاثنين لأبو عمر الخراساني وفقاً للتقرير.

نقاط قوة التنظيم

تتمثل إحدى أكبر نقاط قوة التنظيم في قدرته على الاستفادة من الخبرة المحلية لمقاتليه وقادته.

استغل تنظيم داعش- ولاية خراسان موقعه على الحدود الأفغانية الباكستانية لحشد الإمدادات والمجندين من المناطق القبلية في باكستان، فضلاً عن خبرة الجماعات المحلية الأخرى التي أقام معها تحالفات عملياتية.

تُظهر أدلة قوية أن التنظيم قد تلقى أموالا ونصائح وتدريبا من الهيئة التنظيمية الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا. وقد قدر بعض الخبراء أن هذه الأرقام تتجاوز 100 مليون دولار أمريكي.

نوع وحجم عمليات التنظيم

أعلن تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان مسؤوليته عن بعض أكثر الهجمات دموية في السنوات الأخيرة في أفغانستان وباكستان. ذبح مدنيين في مساجد ومستشفيات وأماكن العامة. واستهدفت التنظيم المتطرف بشكل رئيسي المسلمين الذين يعتبرهم كفارا، خصوصا الشيعة.

خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2021 ، سجلت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان 77 هجومًا مزعومًا أو منسوبًا لتنظيم الدولة الإسلامية، بزيادة ملفتة عن الفترة نفسها في عام 2020 حيث سجل نحو 21 هجوماً.

الزيادة الكبيرة في هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في الربع الأول من 2021 تتماشى مع زيادة مماثلة في هجمات طالبان في الفترة نفسها.

إلا أن هجمات التنظيم قياساً للأداء السنوي قد انخفض معدلها، ففيما سجلت 572 هجمة بين نيسان/ أبريل 2019 وآذار/ مارس 2020، سجلت 115 هجمة في الفترة نفسها بين 2020 و2021، بانخفاض قدره 80% تقريبا.

في آب/أغسطس 2019، أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم على شيعة خلال حفلة زفاف في كابول، أسفر عن مقتل 91 شخصا.

وأسفر هجوم في أيار/مايو 2020 استهدف مستشفى للتوليد في حي تقطنه أغلبية شيعية في كابول، عن مقتل 25 شخصا من بينهم 16 أما ورضيعا.

في الولايات التي تمركز فيها التنظيم ترك وجوده آثارا عميقة. أطلق مقاتلوه النار على قرويين وقطعوا رؤوسهم وعذبوهم وأرهبوهم وتركوا ألغاما أرضية في كل مكان.

كيف تبدو العلاقة بين تنظيم الدولة الإسلامية وطالبان؟

رغم أنهما مجموعتان سنيتان متطرفتان، فهما تختلفان من حيث العقيدة والاستراتيجية، وتتنافسان حول تجسيد الجهاد.

وكدليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات لتنظيم الدولة الإسلامية طالبان بالكفار.

ينظر التنظيم لأعضاء حركة طالبان كـ”قوميين قذرين” يطمحون فقط إلى تشكيل حكومة محصورة في حدود أفغانستان. وهذا يتعارض مع هدف تنظيم الدولة الإسلامية المتمثل في إقامة خلافة عالمية.

واجه تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان قمعا من طالبان استهدف المنشقين عنها، ولم يمكنه هذا من توسيع أراضيه بخلاف النجاح الذي حققه التنظيم في العراق وسوريا.

منذ نشأته، حاول داعش خراسان تجنيد أعضاء طالبان الأفغان مع استهداف مواقع طالبان في جميع أنحاء البلاد. ورغم نجاحه النسبي أحياناً، إلا أن طالبان تمكنت من كبح جماح تحديات الجماعة من خلال شن هجمات وعمليات ضد عناصره ومواقعه.

في العام 2019، أعلن الجيش الحكومي في أفغانستان، بعد عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة، هزيمته في ولاية ننغرهار (شرق).

ووفقا لتقديرات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، يعمل تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان منذ ذلك الحين من خلال خلاياه النائمة في المدن، من أجل شن هجمات كبيرة.

ينظر البعض إلى أنه رغم العداء قد يكون هناك روابط ما خفية غير رسمية وغير معلنة بين التنظيم وشبكة حقاني، وتضمن تقرير الأمم المتحدة الصادر في حزيران/ يونيو ذكراً لتقييمات حول هذه الروابط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *