“حول أوهام السلام الزائف مع إسرائيل”.. خبراء وشخصيات عامة يحيون المقاومة العربية ويحذرون من الانقسام الفلسطيني: عليكم الاتحاد بعد صمت المدافع

مدحت الزاهد: لولا المقاومة الفلسطينية لكانت إسرائيل ابتلعت المنطقة كلها.. وهزيمة الكيان الصهيوني قضت على فكرة “التهجير”

د. عبدالجليل مصطفى: على يقين تام من انتصار الشعب الفلسطيني.. لكن المعركة ليست معركة ضربة قاضية وإنما تراكم جولات

محمد صالح: إسرائيل “كيان وظيفي” أنشأته الإمبرالية العالمية.. والمقاومة الشعبية أثبتت أهميتها التاريخية منذ السابع من أكتوبر

د. عبدالهادي محمد عبدالهادي: الصراع في فلسطين المحتلة ممتد ومتعدد الأطراف.. وعلى الفصائل الفلسطينية تجنب الانقسام وإحداث توافق

كتب – أحمد سلامة

أشاد عدد من الخبراء والشخصيات العامة بما قامت وتقوم به المقاومة الفلسطينية خلال عملية “طوفان الأقصى” التي بدأت منذ السابع من أكتوبر، محذرين من حالة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية التي قد تهدد كل المكاسب التي تحققت خلال الأيام الماضية.

جاء ذلك خلال ندوة عقدها التحالف تحت عنوان “حول أوهام السلام الزائف مع إسرائيل واستراتيجية التفاوض بالجرافات” خلال يوم التضامن العالمي مع فلسطين.

وانتقد مدحت الزاهد، رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، ما تردده بعض وسائل الإعلام والشخصيات العامة والمحللين من أن المقاومة الفلسطينية هي السبب في تأخر إعلان دولة فلسطينية حتى الآن.

وقال الزاهد، “البعض بينتقد الفلسطينيين وبيتهموهم بأنهم باعوا بلدهم وسابوا أرضهم، أو إنهم لو كانوا قبلوا أو مشيوا في خيار الرئيس السادات وانضموا لخيار السلام كان الوضع اختلف، والحقيقة إن اللي بيقول كدا هم من أسميهم دعاة الانهزامية بأثر رجعي.. والحقيقة التي لا شك فيها أيضا أنه لولا المقاومة الفلسطينية لكانت إسرائيل ابتلعت المنطقة كلها”.

وأضاف “إن استراتيجية إسرائيل منذ معاهدة السلام مع مصر تقوم على فكرة (السلام المنفرد) وليس (السلام الشامل) وعلى طريق الخطوة خطوة وهناك شواهد هامة أبرزها أنه بعد مبادرة السادات وتتويج ذلك في اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام وبعدها مباشرة أعلنت إسرائيل القدس عاصمة لدولة إسرائيل، وحينها طالب السادات بوقف ذلك، لكن مناحم بيجين رد عليه بالقول (إن معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية ليس فيها جُملة أو كلمة أو حرف أو فاصلة تؤيد حق فلسطين في القدس)”.

واستكمل رئيس التحالف أنه كان من مخرجات اتفاق أوسلو 1993 أنه على مدى خمس سنوات سيتم إعلان دولة فلسطين في غزة والضفة الغربية بعد أن تنسحب إسرائيل من تلك المناطق، وهو ما يعني أنه كان من المفترض أن يتحقق “برضاء فلسطيني كامل”، لكن ما حدث فعليًا أن الاثنين الذين وقعا الاتفاقية وهما ياسر عرفات وإسحق رابين تم اغتيالهما، وخلال الخمس سنوات كان التفاوض الإسرائيلي قائم على منطق “الجرافات” لتفتيت الضفة الغربية وتقسيمها وتهويدها وقصفها وتهجير الفلسطينيين منها.. وبالتالي خلال هذه الفترة إسرائيل هي التي رفضت حل الدولتين وليس الفلسطينيين.

وأضاف “علينا أن نستشهد أيضًا بمقولة بن جوريون (هذه مشكلة لا حل لها لأن الأرض واحدة وطالب الأرض اثنان)، فهو كان يمثل عقيدة تطالب بكل فلسطين، وبالتالي واصلت إسرائيل عملية التوسع وكأنه لا وجود لاتفاق أوسلو.. إسرائيل هي من قتلت حل الدولتين”.

وشدد الزاهد على أن المقاومة الفلسطينية حققت نصرًا كبيرا في السابع من أكتوبر، مضيفا “هناك الآن تخفيض متوالي من جانب الصهاينة لأهداف الحرب في غزة، فبعد أن بدأ السقف بالعمل على القضاء على حماس، انخفض إلى التفاوض مع حماس”.. لافتًا إلى أن الهزيمة التي تعرض لها الكيان الصهيوني قضت على فكرة التهجير التي روج لها إعلامه.

من جانبه، قال الدكتور عبدالجليل مصطفى المنسق السابق للجمعية الوطنية للتغيير وحركة كفاية، إنه على يقين تام من أن الشعب الفلسطيني سيتنصر ويسترد حقوقه، لكنه أشار إلى أن “هذه المعركة ليست معركة ضربة قاضية لكنها معركة نقاط وتراكم جولات”.

وأضاف، “واضح أنه رغم كل الصعوبات وتكتل الجميع ضدهم إلا أن الشعب الفلسطيني أصبح لديه خواص وقدرات لا يستطيع أي إنسان أن يتجاهلها حتى لو لم يكن يعلمها قبل ذلك، هذا ما يوضحه الواقع الحادث أمامنا”.

وشدد د. عبدالجليل مصطفى على أن “الشعب الفلسطيني لن يهاجر إلا في حدود ضيقة”، مشيرًا إلى أن “عدد الفلسطينيين الحالي عشر أضعاف عددهم في النكبة الأولى، وقد أصبح لديهم الآن نوابغ في جميع المجالات، وما يحدث يثبت خطأ مقولة جولدا مائير (إننا نعتمد على أن الآباء يموتون والأبناء ينسون)، ما يحدث الآن يثبت عكس ذلك فالأبناء يتذكرون ليس ما قاله الآباء فحسب وإنما ما قاله الجدود، وهذا يظهر تكوين الشخصية الفلسطينية من التعليم والخبرة الحياتية التي صنعت منهم نماذج صالحة للمقاومة”.

وتابع “أما بخصوص التضحيات التي دفعها المدنيين فالحقيقة أنها ليست خطأ المقاومين، فالعدو فاشل في استهداف المقاومة لحل مشكلة الصراع عسكريًا.. استهداف إسرائيل للمستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد ينم عن أداء عسكري بائس جدا يظهر أنه في أزمة وأنه يعاني نوعًا من الفشل الفاضح”.

وأردف “تضحيات المدنيين للأسف هي الثمن من أجل تحقيق إنجاز، ويجب الإشارة إلى البُعد المعنوي، فبالرغم من كل عمليات استهداف المدنيين إلا أننا نشاهد معنويات مرتفعة إلى عنان السماء”.

واعتبر د. عبدالجليل مصطفى أن “حزب الله” اللبناني كان له دور ذكي جدا في التداخل مع المقاومة حيث تمكن من اجتذاب نحو ثلث جيش الاحتلال ما خفف الضغط على غزة، إضافة إلى ما تقوم به المقاومة في العراق واليمن التي بسيطرتها على مدخل البحر الأحمر يجعل منها حلال لكثير من المشكلات ليست في فلسطين فقط ولكن في مصر أيضًا.

من جهته، تحدث المهندس محمد صالح، أمين عام حزب التحالف، عن بداية تكون فكرة إنشاء دولة إسرائيل، قائلا إنها بدأت بسردية صهيونية في القرن التاسع عشر وتحديدًا بعد تجربة محمد علي في مصر لأن بعض الأطراف اكتشفت أن الاتصال الدائم بين مصر والشام وفلسطين شئ دائم وطبيعي وموجود دائمًا، وتجربة محمد علي الحداثية أثبتت لهم أنه يجب أن يكون هناك فصل لمصر عن هذا البعد الجغرافي.

وأضاف “وصولا إلى وعد بلفور، وما قامت به بريطانيا من دور رئيسي في إنشاء إسرائيل.. وما أود أن أؤكد عليه أن إسرائيل هي (كيان وظيفي) أنشأته الإمبريالية من أجل السيطرة على هذه المنطقة باعتبارها قاعدة جغرافية هامة، لذا كان اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل الذي كان هدفه إضعاف مصر داخليا وخارجيًا وإخراجها تماما من الصراع”.

واستكمل “السابع من أكتوبر، هو حدث لم يحدث منذ عام 1948، فلأول مرة يتم غزو أراضي من أراضينا المحتلة (أراضي عام 1948) ويتم تهجير المستوطنين في غلاف غزة وحتى في شمال فلسطين على حدود لبنان.. ولأول مرة في تاريخ هذا الصراع أن من يقاوم هي (مقاومة شعبية) سواء في غزة أو في لبنان أو في العراق واليمن وليست الجيوش العربية، وتضع المقاومة إسرائيل وأمريكا في مأزق كبير”.

وشدد صالح على أن “إسرائيل عاجزة عن الهدنة وعاجزة في الوقت نفسه عن استكمال الحرب رغم قدرتها العسكرية”، لكنه لفت إلى ما ما يمثله صعود اليمين المتطرف داخل إسرائيل “وهو قد أصبح حقيقة تعوق أي حل للدولتين لأنهم يعتبرون الضفة الغربية هي أرض الميعاد”.

وأشار محمد صالح إلى الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يعانيها الاحتلال الإسرائيلي في ظل ما تعرضت له سفن الاحتلال من عمليات سيطرة من قِبل المقاومة اليمنية، إضافة إلى الأضرار الداخلية التي خلفتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وهو ما يجعل الاحتلال طارد للاستثمار.

كما أشار إلى تغير وجهة نظر الرأي العام العالمي، قائلا إن “المدخل الإنساني للمجازر التي ارتكبها الاحتلال جعلت شعوب العالم تراجع أصل الصراع، وهو وضع جديد فيه انتقال استراتيجي، وهذا ليس معناه تحقق الانتصار في اللحظة الحالية لكن الصراع ممتد ولابد أن يأتي وقت تنزاح فيه مراكز العمالة داخل الأنظمة العربية”.

وقال الدكتور عبدالهادي محمد عبدالهادي، القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، إن الصراع ليس بين الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب ولكن هناك أطراف متداخلة، فمصر طرف وروسيا طرف والصين طرف بالإضافة إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا.. مشددًا على أن “هذا صراع متعدد الأطراف وبحكم طبيعته فهو صراع ممتد وقيمي وأخلاقي”.

وأضاف، خلال ندوة عقدها حزب التحالف الشعبي الاشتراكي تحت عنوان “حول أوهام السلام الزائف مع إسرائيل واستراتيجية التفاوض بالجرافات” خلال يوم التضامن العالمي مع فلسطين،  “ما أحب أن ألفت الانتباه إليه هو ما الذي يمكن أن نقدمه لدعم الموقف الفلسطيني، أنا أرى أن ما يمكن أن يضيع هذه الفرصة التاريخية هو الانقسام الوطني الفلسطيني.. هذا الانقسام المؤلم والمدمر الذي نمر عليه وكأنه لم يحدث”.

وشدد على أن “الانقسام الفظيع الذي حدث في الحركة الوطنية الفلسطينية منذ بداية الألفينات، والمرور عليه وكأنه لم يحدث، بالإضافة إلى فشل عدة اجتماعات بين الفصائل الفلسطينية آخرهم كان برعاية مصرية لتوحيد الصف والمطالب والحاجة المُلحة لإعادة تجديد منظمة التحرير الفلسطينية، فلا يجرؤ أحد أن يدعي أن محمود عباس أبومازن وهذه الإدارة تمثل الشعب الفلسطيني، كذلك هناك تحفاظات قوية جدًا داخل فلسطيني وفي العالم العربي مضمونها أن حماس بهذه التركيبة لا تمثل الشعب الفلسطيني أيضًا.. وبالتالي فإن المأزق الحقيقي الذي يواجهنا هو إحداث توافق بين جميع الفصائل الفلسطينية لطرح خطة موحدة لما بعد صمت المدافع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *