حنان فكري تكتب: قانون الاحوال الشخصية للمسيحيين..ما بين التعتيم والشفافية

ويل للمزايدين الذين يلومون وهم لا يعلمون، ويل لمن يرى فى ضعف المُجربين خروجاً عن نص الكتاب المقدس وانتهاكا لآياته، ويل لمن يرى العذاب يمزق النفوس ولا ينطق بكلمة الحق متكبراً،ولا يصمت ليترك من بيده الأمر ليعمل على وقف نزيف الحياة، اولئك هم من امعنوا فى المزايدة على الكنيسة حينما تسربت اخبار فيما يخص مشروع قانون الاحوال الشخصية الجديد للمسيحيين، كان ذلك منذ ما يقرب من ستة اعوام، حينما سرت اقاويل، تتلخص فى توسيع مشروع القانون الجديد لأسباب بطلان الزواج، والعودة للعمل بلائحة 38،  لتشمل الإدمان والإلحاد والأمراض المعدية الخطيرة مثل الإيدز والادمان، والتى يستحيل معها إقامة علاقة زوجية، و اتفق الآباء المطارنة والأساقفة آنذاك على إقرار المفارقة بين الزوجين اذا دامت لمدة خمس سنوات وكان احدهما لا يعلم مكان الآخر واقرار هذا السبب دافعا للطلاق،  وسمعنا حينها ان اتجاهاً معتدلاً، مؤازراً لمعاناة آلاف الأسر سرى بين اعضاء المجمع المقدس الحاضرين وعددهم 109 من الآباء المطارنة والاساقفة، بحضور قداسة البابا تواضروس.

ما وصلني حينها من معلومات تمحور حول استجابة الكنيسة – ضمنياً – للعودة الى العمل ببعض بنود لائحة 38 الشهيرة نزولا على طلبات آلاف الأسر المسيحية المعذبة بسبب تضييق اسباب التفريق، ونوال التصاريح بعد فوات الاوان وذبول العمر، ونادرا ما كان بينهم من يفتئت على الحق الكتابي فحاشا لله ان يفتئت احد منا على حرف واحد من حرتفىالكتاب النقدس، لكن حاشا لنا ايضا ان نتشبث بتفسيرات قاصرة ولا تنتمي لروح دستور المسيحية وهو الموعد على الجبل الواردة في الكتاب المقدس. خاصة فيما يتعلق بمفهوم الزنا الذي هو من نظر لامرأة اخبه ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه
وهذا المفهوم لا يمكن إثباته كوسيلة للتفريق لأنه بلا دليل .وهو ما تتراجع معه فكرة إثبات علة الزنا لان الزنا في المسيحية لا يتم بالفعل بل بالقلب والفكر.
ما علينا.. منذ ذلك الحين وحملات الهجوم لا تتوقف، فكانت النتيجة الطبيعية التكتم غير المسبوق حول مشروع قانون هو في الاصل يمس أدق خصوصيات الناس و سوف يطرح للنقاش المجتمعي للمواطنين الذين من حقهم ابداء ملاحظاتهم عليه، خاصة أن اولئك المستفيدين منه من غير المسلمين، تتجاوز اعدادهم العشرين مليون،اي ربع سكان مصر!!


والآن وبعد أن توافقت الطوائف على المشروع ووقعوا عليه، وتم مناقشته في وزارة العدل والتوافق حوله، و إرساله للبرلمان لمناقشته. فإننا لا زلنا لا نعلم شيئا عن تفاصيل نصوصه ال143 ، ولم نعلم شيئاً محدداً عن مدى التوافق لإنهاء أزمة الطلاق والزواج الثانى للأقباط.، والتي تحولت الى مصنع لانتاج المآسي النفسية والاجتماعية، من الطبيعي أن يكون قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، مصدره الكتاب المقدس،ولكننا نريد الاستبصار، ما الذي تم حتى الآن، فالشفافية لن تزيد الهجوم، والتكتم لن يوقفه، فقط يرجىء المعركة التي يخشاها البعض، والتي في تقديري انها محسومة مثل سابقتها من معارك الحق امام الباطل، والعدل في مواجهة الظلم.


من حقنا ان نعلم ما وصل اليه مشروع القانون فيما يخص ازمة التطليق والزواج الثاني، خاصة بعد اضافة التعريف الجديد للزنا، حسب تصريحات القس يوساب عزت، أستاذ القانون الكنسي والكتاب المقدس بالكلية الاكليريكية، اذ قال ان هناك باباً إضافياً تحت عنوان “انحلال الزواج”، يجيز فيه القانون التطليق إذا ترك الزوج الدين المسيحى إلى الإلحاد الثابت والمستمر، وكذلك السماح بالطلاق المدنى بسبب الفرقة مع استحالة الحياة الزوجية وإعطاء الحق للكنيسة في الزواج الثانى من عدمه، فضلاً عن التوسع في الزنا الحكمى ليشمل المكالمات الهاتفية والمكاتبات الإلكترونية والتحريض على الدعارة وتبادل الزوجات والمعاشرة الجنسية غير الطبيعية، وهى المواد التي من شأنها التوسع في أسباب الطلاق والزواج الثانى للأقباط الأرثوذكس، التي تقصرها في الوقت الحالى على”علة الزنا” فقط.

جميعها نقاط اجلت التوافق الذي ما كان له ان يحدث اصلاً لولا توجيهات رئاسية عُليا صدرت بانهاء المناقشات التي دامت لسنوات طويلة – حسب التصريحات المعلنة- وهو ما دفع في اتجاه الإسراع ، الذي نريده جميعا ، ولكن هل نحتاج كل مرة لتوجيه رئاسي من اجل الشفافية؟ لماذا تمت المماطلة كل هذه السنوات

نحن نحتاج توجيه الارادة للوقوف في صفوف الإصلاح والعمل لراحة المتعبين والاختيار بين تعتيم الخوف مقابل شفافية الحق؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *