حنان فكري تكتب: العيش ترمومتر الأمن

رغيف العيش ترمومتر الأمن القومي منذ سبعينات القرن الماضي، مقياس عالي الجودة لسلامة آلة استقرار المجتمع، نفوساً وتروساً تعمل في ماكينة الأمان الوطني، ترمومتر لنبض الشارع رضاءً أو غضباً، ترمومتر لقوة احتمال وجَلَد المواطن فقيراً كان أو متوسط الحال، فمتوسطي الحال صاروا أعقد وضعاً من الجميع، بعد هبطوا من فوق خط الفقر انحداراً الى اسفله، فسقطوا وسقطت فوق رءوسهم أسقف الأمان، بعدما صارت أقصى أمانيهم سداد مصروفات مدارس وجامعات ابنائهم، فراحوا يقترضون من القريب والغريب. وتلفحت رقابهم بالديون، وأنحنت كواهلهم بالهموم.
شق صراخ اولئك المسحوقين طريقاً الى آذان المسؤولين، بعد مرور ما يقرب من شهر قفزت خلاله الأسعار الى مستوى غير مسبوق، أفزع المواطنين، خاصة بعد اعلان الحكومة تحريك دعم رغيف العيش، وكان ذلك الإعلان بمثابة كارت اخضر، تمكن جشع التجار من المرور خلاله آمناً، فقفز سعر الرغيف الحر ” غير المدعوم” الى جنيهان ونصف الجنيه في بعض المناطق، وفي مناطق أخرى وصل الى ثلاثة جنيهات، مع تفاوت الأوزان، وتعلل التجار والمسؤولون بالحرب الروسية الأوكرانية مرة، وبقدوم شهر رمضان مرة، ومرة ثالثة بموجات البرد القارس، وجميعها علل مُختلقة
عبر الناس رفضهم لها على مواقع التواصل الاجتماعي، كسروا حاجز الخوف، فليس،بعد العيش عيش، الى أن تداول الإعلام اهتمام القيادة السياسية، فعقب الاجتماع الذي أجراه الرئيس السيسي مع رئيس المخابرات العامة، عباس كامل، ووزير التموين والتجارة الداخلية على مصيلحي، وحضره الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري،. تم الإعلان عن إجراءات مشددة لضبط الأسعار، وبالتالي تم الزام المسؤولين بممارسة الدور الرقابي بحسم.
قطعاً أحدث تدخل القيادة السياسية فارقاً، لكن السؤال لماذا ينتظر المسؤولون كل مرة تدخل القيادة السياسية؟ لماذا لا يفعلونها من تلقاء ذواتهم؟ لماذا ينتظرون حتى تصل درجة حرارة ترمومتر الشارع الى 42 ، ترصدها الأجهزة الأمنية والسياسية ولا يرصدها المسؤول الذي لا يحتاج لغربال حتى ينظر منه على عناء المواطنين فالمفترض أنه بينهم؟ لا امتلك إجابة على تلك التساؤلات لكنني اطرحها مع الناس.
وهكذا تم اتخاذ قرار بإعداد قوائم بأسعار الخبز الحر وأوزانه، على أن تكون هذه القوائم معتمدة، ومن يخالفها سيواجه عقوبات صارمة، كلام جميل.. لكنه يطرح اسئلة مهمة، فقبل تسعير العيش الحر، كيف يمكن

كيف يمكن تسعير الدقيق كخامة أساسية في تصنيع الرغيف؟ هل سعرنا بقية الخامات مثل الوقود الماء والملح وأجرة العمال والنقل وغير ذلك من مكونات تدخل في صناعة الخبز؟ ما هي سبل السيطرة على ترخيص المخابز التي لا رخصة لها، والمخابز التي تعمل على تلقي الدقيق المدعوم ثم تخزينه والتجارة فيه لصالح الرغيف الحر، ولا عزاء لآكلي العيش على بطاقة التموين؟ من يمكنه السيطرة على الشطحات التي نجدها في فتاوى سيناريوهات تسعيرالعيش الحر،من الذين أدمنوا التجويد وكسب بنط على حساب أي شىء
اما عن لسيناريوهات المطروحة لضبط الأسعار فحدث ولا حرج كان لشعبة المخابز نصيب منها يتعلق بببيع الخبز بالكيلو جرام وليس بالرغيف!! وغيرها.
هذا السيناريو تحديدا يعكس مدى عجز الجهات الرقابية عن ضبط سوق العيش وإلقاء الرقابة في وجه المواطن عبر الميزان
فهل سيباع الخبز بالكيلو وماذا لو لم يكتمل الكيلو بعدد،صحيح
هل نكمل الموازين بقطع ” لقمة زيادة يعني فو٤ الوزنة”
سيناريوهات التسعير متعددة، لكن منها المناسب ومنها المستفز، وعلى المسؤولين التقاط ما يسبتطع منها ابقاء ترمومتر المواطنين قيد الحرارة الطبيعية بعيداً عن درجة الغليان المُرعبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *