«حزن وحبسة ومكالمات مبكية».. مصريون عالقون بالخارج يروون لـ«درب» كيف قضوا أول أيام رمضان بعيدا عن الأهل والوطن

كتب- إسلام الكلحي

«مش قادرين نكلم أهالينا ولا هما قادرين يكلمونا علشان منبكيش».. بتلك الكلمات لخصت، شيماء أحمد، لحظات وقت الإفطار في أول أيام شهر رمضان، التي عاشتها هي وصديقة لها مصرية؛ كلتاهما عالقتان في تركيا.. ترغبان في العودة، لكنهما لا يمتلكان تكاليف تذاكر الطيران، التي أضافت إليها السلطات تكلفة الإقامة في الحجر الصحي لمدة 14 يوما، المفروض على العائدين من الخارج.

تقول شيماء لموقع «درب»: «عمرى ما توقعت إن ممكن يعدى عليه رمضان بالحزن ده غربة وحظر وعزل»، لافتة إلى أن «الحياة فى تركيا غالية، واسطنبول بالتحديد اغلى من مدن تانيه فى تركيا».

سافرت شيماء إلى تركيا بغرض السياحة، وحينما تسببت أزمة تفسي فيروس كورونا في تعليق السلطات المصرية لحركة الطيران، لم تستطع العودة، وأصبحت ضمن آلاف المصريين العالقين في الخارج.

لتدبير نفقات معيشتها وقيمة تذاكر السفر، أصبحت تبحث شيماء عن فرصة عمل في تركيا، لكنها لم تجد عملا، فيما يزيد ارتفاع أسعار السلع الغذائية بسبب أزمة كورونا الراهنة من معاناتها.. «مفيش شغل بالإضافة إن ازمة الكورونا خلت منتجات غذائية يزيد سعرها، وبحاول اقتصد فى المصاريف قدر المستطاع».

مكالمة مبكية

على مائدة حاولت أن تخلق بها أجواء مصر وموائدها أول أيام شهر رمضان، وضعت شيماء «محشى ورق عنب ولحمه»، وجلست هي وصديقتها لكي تتناولا إفطار اليوم الأول، لكن «حزن شديد» كان يسيطر على كلتيهما.. «مش قادرين نكلم اهالينا ولا هما قادرين يكلمونا علشان منبكيش».

بعد الإفطار، أجرت شيماء، التي تطالب السلطات المصرية بالعمل على إعادة العالقين في الخارج، دون تحميلهم تكاليف الحجر الصحي، اتصالا بأسرتها.. «كانت مكالمه مبكية، وعرفت من أختى اول يوم سحور ماما فضلت تعيط»، وهو ما جعلها لا تستطيع تناول سحور ثاني أيام رمضان.


«حبسه وخضه وملل»

«عايزين نفطر مع عيالنا».. يقولها محمد عادل، مواطن مصري عالق في نيجيريا، قضى أول أيام شهر رمضان بمفرده.. يدعو الله بأن يرفع البلاء ويعود إلى مصر ليكون وسط أهله في ظل أزمة تفشي فيروس كورونا.

يقول محمد عادل، وهو مهندس كهرباء مصري يعمل منذ عامين بشركة لبنانية في نيجيريا، إنه أفطر بمفرده أول أيام شهر رمضان، في ظل «حبسه وخضه وملل»، لافتا إلى أنه تواصل مع والدته وزوجته وبناته، اللواتي «كانوا بيعيطوا وبيدعوا» أن يعود في أقرب وقت، خاصة وأن شقيقه أيضا عالق في السعودية.

عادل، الذي سبق ووجه استغاثة عبر «درب» إلى السلطات المصرية لإعادته وحوالي مائة مصري عالق في نيجريا إلى مصر، جدد منشادته للحكومة لحل مشكلته، وقال: «عايزين نفطر مع عيالنا».

ومثل عادل، قضى محمد كريم، وهو مهندس مصري مقيم في نيجيريا، أول أيام شهر رمضان بمفرده، وقال لـ«درب»: «فطرت لوحدي.. كنا متعودين نتجمع كمغتربين ونهون على بعض لكن مفيش الكلام ده حاليا».

وأضاف كريم «بنتمني من ربنا أن نيجريا تبقي في اعتبار الجهات المعنية خاصة أن الاوضاع الامنية عندنا مش لطيفة وطيارة او اتنين بالكتير يرجعونا كلنا».

40 مصريا في قبرص الشمالية

وفي قبرص الشمالية، قضى عمر فتحي، مواطن مصريـ عالق في الدولة غير معترف بها من الأمم المتحدة، تتبع تركيا، أول أيام شهر رمضان بمفرده، وجدد من خلال درب مناشدته إلى السلطات المصرية، سرعة التدخل وإجلائه من هناك، وقال «أتمنى من بلدي أن تقف بجانبي للرجوع إلى بلدي»

وأشار فتحي إلى أنه يوجد حوالي ٤٠ مصريا غيره، عالقين في قبرص الشمالية، ويريدون أيضا الرجوع إلى مصر.

يذكر أن سفارات لمصر بالخارج أعلنت عن إضافة تكاليف الإقامة لفترة الحجر الصحي الإلزامي لجميع العالقين الراغبين في العودة، على القيمة الإجمالية لتذكرة الطيران كشرط لعودتهم. يأتي ذلك رغم الإعلان رسميا عن صدور قرار رسمي من الرئيس بتحمل الدولة لنفقات الحجر الصحي للعائدين من الخارج سابقا لمواجهة كورونا.

وكان عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، قد قال في 22 أبريل الجاري خلال افتتاحه لعدد من المشروعات التنموية بمحافظة الإسماعيلية إن الدولة ملتزمة بإعادة المصريين العالقين في الخارج بسبب أزمة فيروس كورونا المستجد، لافتا إلى أنه وجه الحكومة بالعمل على إعادتهم، وشدد بأنه «حتى لو كانت ظروفنا صعبة مش هنسيبكم».

وقبل ساعات من حلول شهر رمضان، كان رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، قد وجه تساؤلا إلى رئيس البرلمان وأعضاء مجلس النواب وممثلى المصريين في الخارج، عن دورهم في أزمة العالقين المصريين.

ودعا السادات، بحسب بيان صادر عنه، إلى إعادة النظر في أسلوب وترشيحات وطريقة اختيار النواب الذين يمثلون المصريين في الخارج، لعدم وجود دور واضح لهم في التعامل مع أزمة العالقين المصريين.

وتساءل: “أين أنتم مما تقوم به الدولة بمفردها وبإمكانياتها المتاحة؟ ماذا قدمتم؟ أين دوركم في هذا الموقف الذى لا يحتمل أي تقصير؟ لم نسمع لكم صوتا ولم نر لكم أي كرامات؟”.

وأضاف: “هل تلقى رئيس مجلس النواب تقريرا واحد من نوابنا الذين يمثلوا المصريين في الخارج عما قدموه وعما فعلوه في المساعدة بالتعاون مع الجاليات المصرية بالخارج لحل أزمة هؤلاء العالقين وتوفير سبل المعيشة والإقامة وبينهم كبار سن ومرضى وأطفال وعمال بسطاء وأسر غير قادرة حتى على تحمل تكاليف العودة؟ لكنهم تركوا الدولة وحدها تتصدى لهذه الأزمة؟”.

وتابع: “تمثيل المصريين في الخارج لا يعد بالنسبة لديهم إلا مجرد وجاهة اجتماعية فقط لا غير ، للأسف هذا هو الموقف الوحيد الذى انتظرنا أن يكون لكم فيه دور ملموسا يشعر فيه هؤلاء أنكم معهم تشعرون بهم وبمعاناتهم وتتسابقوا في مساعدتهم قدر الإمكان”.

واستكمل: “للأسف فشلت التجربة الحالية، علينا أن نتعلم من أخطائنا ونضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وإلا سوف تجد الدولة المصرية نفسها وحيدة بمفردها في أزمات أخرى مشابهة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *