تقرير لـ”الحرة” عن ظاهرة انقطاع الكهرباء بمصر: انقطاعات متكررة رغم إلغاء الدعم.. وانتقادات لـ”سياسات التصدير”

خبير: الحكومة تريد إقناع المواطنين أنها لاتزال تدعم الكهرباء وتحملهم مسؤولية الأزمة.. والواقع يقول إن المواطن يتحمل أعلى من التكلفة الفعلية

كتب – أحمد سلامة

رصد موقع قناة “الحرة” الأمريكي، ما تسبب فيه تكرار انقطاع التيار الكهرباء في مصر، بشكل يومي خلال الأسبوع الجاري، وما أثاره من حالة جدل ظهر صداها على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب تزامن ذلك مع الارتفاع الشديد في درجات الحرارة.

وكشفت الحكومة المصرية، الأربعاء، أن الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي تهدف للحد من استهلاك الغاز خلال الموجة الحارة. لكن هذا التعليق ثار تساؤلات عدة خاصة أن مصر لديها اكتفاء ذاتي وفائض في إمدادات الكهرباء بعد النمو السريع لقدرتها على مدى العقد الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الكهرباء،  الدكتور أيمن حمزة، إن معدل الاستهلاك وصل إلى حدود قياسية، مضيفا “تخطينا  الـ35 ألف ميجا وات في اليوم والمعدل كان العام الماضي 34200 ميجا وات”.

وأضاف خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “الحياة اليوم” الذي تقدمه الإعلامية لبنى عسل بقناة “الحياة”: “عارفين إن الناس متضايقة من انقطاعات الكهرباء ولكن إحنا مش بإيدينا حاجة بسبب تراجع ضغوط الغاز للمحطات الكهربائية”.

وتابع:”الشبكة الكهربائية كويسة والمحطات كويسة بس علشان ننتج كهرباء محتاجين وقود بس، ومع زيادة استهلاك الكهرباء هناك ازدياد للغاز وهذا بدوره أدى إلى انخفاض ضغوط الغاز في الشبكات الكهربائية”.

واستكمل: سيكون هناك عدالة أو مساواة في تخفيف الأحمال وانقطاعات الكهرباء على مستوي الجمهورية، ولن يكون هناك إعفاء لمناطق معينة.

وفي حديثه عن أسباب الأزمة واللجوء المتكرر لتخفيف الأحمال، قال صاحب شركة هندسة كهربائية، يدعى المهندس حسام أبو الفضل، لموقع “الحرة” إن الطلب على الطاقة، التي يولّد كثير منها من الغاز الطبيعي، يرتفع في الصيف مع زيادة استخدام مكيفات الهواء.

وأضاف أن الحكومة بدأت، في أغسطس الماضي، تطبيق خطة لترشيد استهلاك الغاز في محطات الكهرباء في مصر، من أجل زيادة التصدير لتوفير العملة الصعبة، خاصة مع تراجع إنتاج بعض الحقول.

وأوضح أبو المجد، الذي تعمل شركته في صيانة وتطوير محطات الكهرباء في مصر، أن خطة ترشيد استهلاك الكهرباء تستهدف خفض 18 في المئة من إجمالي الطاقة المستهلكة على مستوى المحافظات بحلول 2035، ويمثّل استهلاك قطاع الكهرباء نحو 60 في المئة من إجمالي استهلاك الغاز في مصر.

وقال إن انخفاض معدلات ضخ الغاز لمحطات الكهرباء بدأ خلال الشهرين الماضيين، متوقعا استمرار الأزمة حتى نهاية العام الجاري، وليس فصل الصيف فقط، في ظل تراجع إنتاج الغاز وإعطاء الأولوية للتصدير.

وحققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي أواخر عام 2018، وكانت تسعى لتطوير موقعها كمركز إقليمي للطاقة لتسييل الغاز وإعادة تصديره، وذلك عقب اكتشافها عددا من حقول الغاز الجديدة، أهمها حقل ظهر، وفقا لوكالة “رويترز”.

وأعلنت وزارة البترول المصرية تحقيق رقم قياسي في صادرات مصر من الغاز عام️ 2022 لتبلغ 8.5 مليار دولار، مقابل 3.5 مليار دولار في عام 2021، بنسبة زيادة 171 في المئة.

لكن تراجع الإنتاج من حقل ظهر الذي تديره شركة إيني الإيطالية بنسبة 11 في المئة العام الماضي إلى 2.45 مليار قدم مكعبة يوميا، وهو ما أدى إلى انخفاض إجمالي إنتاج البلاد من الغاز، والذي استمر في الانخفاض في عام 2023.

ويمثّل التراجع انخفاضًا بنسبة 6 في المئة عن الحدّ الأقصى للإنتاج البالغ 2.6 مليار قدم مكعبة يوميًا، الذي سجله الحقل في سبتمبر 2021.

وهبط إنتاج الغاز في مصر إلى أدنى مستوى له في 28 شهرًا عند 6.132 مليار قدم مكعبة يوميًا، في فبراير الماضي، حسبما ذكرت مجلة “ميس”.

وتحدث أبو المجد عن أزمة أخرى تواجهها مصر تتعلق بفشل تصدير الكهرباء وفقا للخطة الموضوعة بسبب عدم التسويق للأمر كما يجب.

وأوضح أن عددا كبيرا من محطات الكهرباء خرجت من الخدمة بسبب أن تكلفة تخزين الكهرباء الزائدة عن الحاجة أعلى من إنتاجها، كما أن عددا كبيرا من المحطات تحتاج للصيانة مرتفعة التكاليف أيضا، لذلك كان من الأسهل إيقاف العديد من المحطات خاصة في ظل أزمة الاقتصادية التي تعاني منها مصر.

وتحدث سكان عن انقطاع التيار الكهربائي في مناطق عدة في القاهرة هذا الأسبوع، حيث تتجاوز الحرارة فيه 40 درجة مئوية بسبب الموجة الحارة التي أثرت على جنوب أوروبا وشمال أفريقيا، وتزامنت مع تسجيل درجات حرارة قياسية في أماكن أخرى في نصف الكرة الشمالي، وفقا لوكالة “رويترز”.

وأعلنت وزارة الكهرباء، الأحد، تزايد الأحمال الكهربائية لتصل لأول مرة في مصر إلى أقصى استهلاك وصلت إليه خلال الأعوام السابقة، بمعدل 34 ألف و650 ميغاوات، وفقا لصحيفة “أخبار اليوم” الرسمية.

وقال خبير الطاقة المحاضر في جامعة “لافبروه” البريطانية، شريف الفقي، لموقع الحرة” إنه رغم هذا الاستهلاك التاريخي، لكن وزارة الكهرباء صرحت أن لديها فائض يتجاوز 9 آلاف ميجاوات، موضحا أن الحكومة لا ترغب أن تتراجع نسبة صادراتها من الغاز وبالتالي تتفاقم أزمة الدولار، لذلك لجأت إلى قرار تخفيف الأحمال بقطع الكهرباء عن محافظات الجمهورية.

وأضاف أن المشكلة أن مصر تولي الاهتمام الأكبر لسياسات التصدير على حساب السوق المحلي، موضحا أنه رغم ارتفاع صادرات مصر من الغاز في العام الماضي، فلم يشعر السوق المحلي بأي تحسن، بل زادت الأسعار بشكل أكبر.

وأضاف أن الحكومة تريد إقناع المواطنين في مصر أنها لاتزال تدعم الكهرباء، وبالتالي تحملهم مسؤولية هذه الأزمة بقطع الكهرباء خلال موجة الحر، لكن الواقع يقول إن المواطن يتحمل أعلى من التكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء في مصر، موضحا أن الموازنة العامة لا يوجد بها أي مخصصات لدعم الكهرباء.

وتابع أنه رغم الفائض في إنتاج الكهرباء منذ عام 2019 بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الغاز عالميًا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، فلم يشعر المواطن بأي تحسن في أسعار فواتير الكهرباء، بل حدث العكس وهو إلغاء الدعم على الكهرباء محليا تقريبا بشكل كلي.

وأوضح الفقي أن الأزمة سببها أن وزارة البترول تبيع الغاز لوزارة الكهرباء بالسعر العالمي، وليس بسعر التكلفة، وبالتالي يتحمل المواطنون في مصر فرق السعر المرتفع عبر رفع فواتير الكهرباء.  

وبدأت الحكومة المصرية في يوليو 2014، خطة لإلغاء الدعم عن الكهرباء تدريجياً، وكان من المقرر أن تستمر على مدار 5 سنوات لتنتهي في 2019، قبل أن يقرر، في يونيو الماضي، تمديد برنامج الدعم حتى يونيو 2025 لتخفيف تداعيات فيروس كورونا على المواطنين، وفقا لصحيفة “اليوم السابع”.

لكن وثيقة نشرتها صحيفة “الشرق”، في مارس الماضي، كشفت أن الحكومة المصرية حررت أسعار الكهرباء، ولم تُوجّه أي دعم للمواطنين خلال آخر عامين ماليين ليسجل بند دعم الكهرباء صفراً في الحساب الختامي لأعوام 2019-2020 و2020-2021.

وأوضحت الوثيقة أن مصر ألغت في 2020 الدعم بالكامل عن الاستهلاك المنزلي الذي يتخطى 650 كيلووات ساعة شهرياً، ليحصل على الكهرباء بالتكلفة الفعلية، فيما يستمر الدعم التبادلي من المستهلكين لأكثر من 1000 كيلووات ساعة شهرياً، ويعني ذلك أنهم يحصلون على الكهرباء بأكثر من سعر التكلفة لصالح دعم الشرائح الأقل استهلاكاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *