تفاصيل مؤتمر الحركة المدنية| “روشتة” إنقاذ سياسي واقتصادي.. ومصير “الحريات” وسجناء الرأي يحدد المشاركة في الحوار الوطني

إصلاحات تشريعية وإطلاق سجناء الرأي وتحرير الصحافة وإلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية ضمن أبرز ملامح المشروع السياسي للحركة

الحركة تطرح حزمة إصلاحات اقتصادية على رأسها وحدة الموازنة ودمج الأنشطة غير الرسمية وترتيب أولويا الإنفاق ووقف الخصخصة ونزيف الاستدانة

صباحي: الحركة تعلن موقفها النهائي من المشاركة في الحوار الوطني خلال شهر.. وتحميل ثورة يناير مسؤولية الأزمة إهانة للشعب

الزاهد: قبلنا المشاركة في الحوار الوطني مبدئيا لأننا لم نكن مدعوين لزفة مبايعة.. ورفضنا أن نكون غطاء لقرارات اقتصادية خطيرة

كتب- محمود هاشم:

نظمت الحركة المدنية الديمقراطية، أمس السبت 3 نوفمبر 2022، مؤتمرا حاشدا في مقر حزب المحافظين، ضم جميع كياناتها وأعضائها، للكشف عن مشروعها للإصلاح السياسي والاقتصادي للبلاد، وموقفها من المشاركة في الحوار الوطني، مجددة مطالبتها بضرورة إطلاق سراح جميع سجناء الرأي والمظاليم في السجون، مع تفعيل العدالة الانتقالية وفتح المجال العام وإطلاق الحريات.

إصلاحات تشريعية و”قائمة نسبية” وضمانات لحماية الحريات

وتضمنت توصيات الحركة في مشروعها للإصلاح السياسي، الذي استعرضه الدكتور مجدي عبدالحميد بشكل موجز خلال المؤتمر، تبني نظام انتخابي بالقائمة النسبية يضمن التنوع للقوى والأوزان السياسية المختلفة في المجتمع ويحميه تشريعياً، مع توفير شروط إقامة انتخابات حرة ونزيهة تضمن التعبير عن إرادة الناخبين واختياراتهم وتصون الممارسة الديمقراطية، وتقطع الطريق على احتكار السلطة، مع التشديد على أن أي أعمال من شأنها تزوير أو تجاهل إرادة الناخبين تعد جرائم لا تسقط بالتقادم و يعاقب عليها القانون بعقوبات مشددة.

كما تضمنت التوصيات تعديل المواد التشريعية المتعلقة بمدة الحبس الاحتياطي، والعودة ليكون حده الأقصى 6 أشهر، وضمان ألا يجوز تمديدها بأي صورة من الصور، مع وقف الحبس بسبب الرأي وإطلاق سراح سجناء الرأي الذين لم يقدموا إلى محاكمات أو لم تصدر ضدهم أحكام قضائية، وإصدار عفو رئاسي عام عن سجناء الرأي الذين لم تتلوث أيديهم بدماء أو تتورط في العنف.

ودعت الحركة إلى تعديل وضبط النصوص التشريعية في مختلف القوانين التي تتعلق بتوقيف المواطنين والتحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر والتحرك، مع مراجعة التشريعات والقوانين بما يحقق دعم قيم المواطنة الكاملة وعدم التمييز، ونشر ثقافة التسامح واحترام مبادئ التنوع وقبول الآخر وحرية الفكر والاعتقاد والابداع، وهي حقوق أصيلة وأساسية للإنسان تقوم عليها نهضة الأمم ورقيها وتتحقق رفاهية مواطنيها.

وشددت على ضرورة إلغاء القوانين الاستثنائية والمحاكم الاستثنائية وتطبيق القوانين العادية لمواجهة جميع أشكال الجرائم كجزء من عملية الإصلاح التشريعي والديمقراطي، وبلورة ضمانات تكفل عدم الاعتداء على الحريات العامة والحقوق السياسية، مع تعديل قوانين الأحزاب السياسية ومباشرة الحقوق السياسية بما يضمن حرية تشكيل الأحزاب السياسية بالإخطار، وممارسة عملها ودورها وتشجيع المواطنين للمشاركة في العمل السياسي والانتخابات.

كما طالبت بتحرير الصحافة ووسائل الإعلام من القيود المفروضة عليها، كأحد دعائم النظام الديمقراطي، وأدوات حرية التعبير، وتطوير القوانين المنظمة لإصدار الصحف وإنشاء الإذاعات والقنوات التليفزيونية، بما يضمن استقلال الملكية والإدارة، والشفافية في التمويل، وتحقق قدرة الإعلاميين على تنظيم مهنتهم وممارستها، فضلا عن تعديل القوانين المتعلقة بتكوين الجمعيات والنقابات والاتحادات التطوعية، بما يضمن حرية تشكيل مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل سبل مشاركتها بشكل فاعل في الحياة العامة”.

خطة “أولويات إنفاق” ووقف الفساد والخصخصة ونزيف الديون

أما خطة الحركة للإصلاح الاقتصادي، التي استعرضها رئيس حزب التحالف الشعبي الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، خلال كلمته في المؤتمر، تضمنت حزمة متكاملة من السياسات لرفع القدرات الإنتاجية للاقتصاد، وعلى الأخص في مجالي الزراعة والصناعة في اتجاه تحقيق السيادة على الغذاء والاكتفاء الذاتي من المحاصيل الأساسية، وضخ الاستثمارات اللازمة لتطوير القطاع الصناعي ووقف خصخصة الصناعات الاستراتيجية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وتضمنت توصيات الحركة إلغاء ما يطلق عليها صناديق خاصة قديمة ومستحدثة، والإسراع في اعتماد كل اللوائح الخاصة بهذا الشأن، وضم الصناديق جميعها للموازنة العامة الدولة أعمالا لمبدأ وحدة الموازنة، وتفعيلا للشفافية والرقابة على المال العام للدولة والمواطنين، والسيطرة على التوسع المفرض في الاقتراض لهذه الهيئات، الذي تسبب بدوره في زيادة كبيرة في حجم الدين العام.

كما أكدت الحركة المدنية ضرورة مراجعة الموازنة العامة للدولة والسعي لزيادة الإيرادات من خلال دمج الأنشطة غير الرسمية وكذلك زيادة الإيرادات الأخرى، وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، ويتضمن ذلك بنودا عديدة منها تحصيل فروق أسعار الأراضي التي تم بيعها في العهود السابقة، وتحصيل متأخرات الدولة الضريبية، وقصر الدعم على الصناعات الثقيلة عالية المخاطر والاستثمارات الرأسمالية و محدودية الربح، وكذلك تشجيع التصدير وزيادة الحصيلة من العملات الأجنبية، وتفعيل الحد الأقصى للأجور، وفرض ميزانية تقشفية تسعى لإلغاء الهياكل الإدارية المنشئة دون جدوى، وتخفيض جيوش المستشارين في الوزارات والهيئات”.

وشددت على أهمية إجراء مراجعة عاجلة كل المشروعات القومية الجاري تنفيذها والمتعاقد عليها لإعادة ترتيب أولوياتها في ضوء جدواها الاقتصادية، وبحث أمر مواصلتها أو إلغائها أو تجميدها أو تخفيضها أو إعادة الجدول الزمني لتنفيذها على ضوء ذلك، وخاصة مع ملاحظة تعثر وتباطؤ العمل فى كثير من تلك المشروعات فعليا، كذلك إعادة حوكمة مبادرة حياة كريمة والنظر في طريقة تنفيذها وإدارتها، والسعي لاستبعاد أي هدر في مواردها.

ودعت الحركة إلى إجراء إعادة مراجعة السياسات النقدية للدولة، وتقييم فاعلية السياسات التشددية في الحد من التضخم وغلاء الأسعار، وعدم محاولة الخلط بين هدف رفع الفائدة لكبح التضخم، وهدف رفعها لتوفير الاحتياجات المالية لتغطية عجز الموازنة، لمحاولة السيطرة على تصاعد أعباء خدمة الدين العام الحكومي.

وأوصت الحركة بتشريع قانون للانضباط المالي يسعي لوضع حد للاستدانة الخارجية والمحلية، ومراجعة المشروعات الممولة بقروض خارجية ومدي جدوى الاستمرار بها على ضوء ذلك، وإتاحة الرقابة والمساءلة المؤسسية في هذا الشأن.

كما أشارت إلى أهمية تفعيل قوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار محاولة للسيطرة على الارتفاع غير المبرر في أسعار السلع الاستراتيجية، بما في ذلك فرض إجراءات استثنائية لفرض أسعار وهوامش ربح للسلع الرئيسية منعا لاستغلال المواطنين، مع حساب التكاليف الحقيقية لما تقدمه الدولة من خدمات ومرافق والمواد البترولية والبتروكيماوية لتحديد قيمة الدعم الفعلي (الفرق بين إجمالي التكلفة – سعر البيع) من خلال تأسيس مركز مستقل لحساب التكاليف في الجهاز المركزي للمحاسبات.

وطالبت الحركة في بيانها بإلغاء القوانين “التي تساعد على الفساد عموما، والفساد الحكومي خصوصا”، وخاصة قانون المزايدات والمناقصات، حيث تفسح المجال لاقتصاد يدار في أغلبه بالأمر المباشر، وكذلك القوانين التي حصنت تعاقدات الحكومة من الطعن عليها أمام القضاء ومجلس الدولة، بما يفتح المجال لفساد يصل لمئات المليارات من الجنيهات.

وأكدت ضرورة عدم الاعتماد النهائي لوثيقة (سياسة ملكية الدولة) إلا بعد مناقشتها خلال جلسات الحوار الوطني، ومراجعة توسع الاستثمارات العامة في التكوين الرأسمالي للدولة الذي بلغ أكثر من ٧٥٪؜ من خطة العام الاقتصادية، ما ترتب عليه من مزاحمة للقطاع الخاص على التمويل وممارسة النشاط في ظل بيئة تفتقد الحياد التنافسي، ما أدى لاضمحلال دور الاستثمار الخاص بالرغم أنه يشغل ٧٠٪؜ من القوي العاملة للدولة.

ونبهت الحركة إلى أولوية مراجعة القرارات غير المبررة اقتصاديا وعمليا بتصفية بعض القلاع الصناعية الكبرى، رغم وجود خطط مدروسة لإعادة تأهيلها وتطويرها سبق تقديمها للجهات المختصة ومنها الحكومة، داعية أيضا إلى إعادة دراسة القوانين والقرارات غير المبررة وغير المدروسة، ومن بينها تقييد البناء في جميع المدن باستثناء المدن الجديدة، مع التأكيد على ترابط الإصلاح الاقتصادي مع حقوق العاملين، وفي مقدمتها الأجر العادل والسلامة المهنية والرعاية الصحية والتأمينات الاجتماعي.

ولفتت إلى أهمية توسعة رقعة الاقتصاد الوطني بإدخال مجالات جديدة تحتاجها الأسواق العالمية مثل: الاقتصاد الأزرق (استغلال الشواطئ و البحيرات لإنتاج منتجات بحرية عالية القيمة وأعلاف حيوانية، إلخ،)، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (شبكات الإنترنت وشبكات G5 وخدماتها)، الخدمات اللوجستية (مراكز تخزين و تعبئة وتوزيع عالمي) لبورصات المواد الخام والسلع العالمية، واقتصاد المعرفة القائم على تسويق الأبحاث وبراءات الاختراع المصرية في الأسواق العالمية وتحويلها إلى تكنولوجيا أو منتجات جديدة، مع تعظيم الاستفادة من موقع مصر المتميز في صدارة مناطق السطوع الشمسي بالتوسع في إنتاج الطاقة الشمسية.

مقدمات الحوار الوطني اختبار للسلطة

وقال القيادي في الحركة المدنية، ومرشح الرئاسة الأسبق حمدين صباحي، في كلمته خلال المؤتمر، إن الحركة لم تدخل الحوار الوطني حتى الآن، وإن دخولها مرهون بالإفراج عن سجناء الرأي، حيث من المقرر أن تعقد مؤتمرا خلال أقل من شهر لإعلان الموقف النهائي من المشاركة، معلقا: “إذا لم يستوف العدد لأكثر من 1074 مفرج عنه من سجناء الرأي، شاملين الأسماء التي تقدمت بها الحركة الوطنية، سنعتبر أن المقدمة الضرورية للحوار لم تتحقق، وسنقول إن السلطة التي دعت للحوار هي نفسها من أغلقت الباب”.

وأضاف: “هدفنا أن يعيش المواطن بكرامة، يتعالج ويتعلم ويجد فرصة عمل وأجر عادل وبيئة نظيفة، نفسنا نشوف وش المصريين ضاحكا كما عرفنا مش ملئ بالحزن والكآبة وقهر الغلابة وإهدار الكرامة”.

واستدرك: “نحن نريد الحوار ونحرص عليه ونتعامل بجدية ومسؤولية، لم نكن شركاء في صنع الأزمة، ومستعدين لنكون شركاء في الخروج منها، ولن تتغير مصر إلا بقوة تيار وطني ديمقراطي يريد دولة وطنية مدنية حديثة، تحقق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، إحنا ولاد البلاد دي، وأجمل وأبهى لحظاتها ثورة 25 يناير وموجتها في 30 يونيو، ونرفض أي إساءة لـ٢٥ يناير وتحميلها تصريحاً أو تلميحًا مسؤولية الأزمة الحالية أو التلسن عليها، لأن ذلك يمس مشاعرنا ويهين تاريخنا وشعبنا”.

حتى لا تتحول المشاركة إلى “زفة مبايعة”

في سياق متصل، استنكر رئيس حزب التحالف الشعبي الكاتب الصحفي مدحت الزاهد، موافقة مجلس الوزراء على الصيغة النهائية لوثيقة سياسة ملكية الدولة؛ وإعلان الحكومة رفعها للرئيس عبدالفتاح السيسي، بعد تنفيذ التعديلات النهائية التي أوصى بها الخبراء والاقتصاديون خلال مناقشات الحوار المجتمعي بشأنها.

وقال الزاهد، خلال مؤتمر موسع للحركة المدنية الديمقراطية، أمس السبت 3 ديسمبر 2022، إن الحركة المدنية لم تشارك في المؤتمر الاقتصادي بشأن وثيقة الملكية، لأنه لم يكن بجدول أعماله وشخصياته وترتيباته وأهدافه يتعلق بالحوار الوطني، ومن أجل ذلك رفضت الحركة على أن تكون غطاء لهذه التوجهات الإجراءات الاقتصادية الخطيرة التي تمس أوضاع السيادة الوطنية.

وأضاف: “الحوار الوطني في جوهره يجب أن يستهدف تطبيع الحياة السياسية والحزبية ورفع القيود على الحريات وفتح المجال العام، ونحن قبلناه مبدئيا لأننا لم نكن مدعوين لزفة مبايعة، ولا لتأييد سياسات، وإنما كحوار علني متكافيء وشفاف بين السلطة والمعارضة، بعد سنوات من الحصار والتضييق والقيود الشديدة.

وأوضح رئيس “التحالف الشعبي” أن من أهم الضمانات الإفراج عن سجناء الرأي بشكل عام، ومن بينهم المقبوض عليهم في إجراءات احترازية تزامنا مع أحداث 11 نوفمبر الماضي، لأنه لا يليق بمصر القبض على مواطنين من الشوارع والمقاهي وغيرها، وهو ما سنعتبره حال حدوثه علامة إيجابية لمرحلة جديدة تعترف بالرأي والرأي الآخر.

تطرق الزاهد على إعادة القبض على زياد أبو الفضل عضو حزب العيش والحرية – تحت التأسيس – في أحداث 11 نوفمبر، قائلا إن أبو الفضل اعتزل الحياة السياسية بعد إطلاق سراحه مؤخرا، كما أغلق حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من ذلك تم القبض عليه في محافظة الإسكندرية.

وشدد على أن الإفراج عن سجناء الرأي يجب أن تتزامن معه تعديلات تشريعية جوهرية، وعلى رأسها قوانين الإرهاب والإجراءات الجنائية، فضلا عن وقف الحبس الاحتياطي لسجناء الرأي.

الاعتراف بالمسؤولية أول طريق الحل

وقال القيادي بالحركة المدنية الديمقراطية جورج إسحاق، إنه لا يصلح الحديث عن حوار وطني وما تزال الآلة الأمنية تعمل ضد أصحاب الآراء والمختلفين مع السلطة”، مضيفا: “يجب أن نكون قوة فاعلة فيما نتمناه ولا يصلح أن نتحدث عن حوار وما يزال هناك أصحاب رأي في السجون وغيرهم ملاحقون”.

وقال رئيس الحزب المصري الديمقراطي فريد زهران، إن الحركة المدنية ترى نفسها جزءا من الدولة ونظامها السياسي، لافتا إلى أن وضع المعارضة السياسية في مواجهة “الدولة” مغالطة كبيرة ولابد من تصحيحها.

وشدد على أن الحركة المدنية جزء رئيسي من المعارضة، وكانت تدعو على الدوام للحوار الوطني، وهو ما دعاها لاستقبال دعوة الحوار الوطني بالإيجاب، في الوقت الذي أعدت رؤى موحدة للإصلاح، مؤكدا أن الخروج من الأزمة الراهنة يتطلب عدم إنكارها والاستماع للبدائل ومراجعة السياسيات القائمة.

وقال رئيس حزب المحافظين أكمل قرطام، إن كيانات الحركة المدنية تؤمن بمسؤوليتها الوطنية، وأنه في معظم الأدبيات السياسية والدساتير لبعض الدول فإن الأحزاب هي السلطة الرابعة، وعندما تتم الدعوة للحوار تكون عادة من خلال البرلمان وتجرى داخله، ولكن حينما يستحوذ على البرلمان حزب واحد كانت الدعوة للحوار محمودة من رئيس الجمهورية”.

وأوضح أن المعضلات الاجتماعية والاقتصادية منشأها الأزمة السياسية وأزمة التعددية، وأن مشروع الحركة تمحور حول الأخذ بأسباب الدولة المدنية الحديثة، وأهم ركن لها هو تطبيق نظام الحكم الدستوري الديمقراطي القائم على التعددية والرقابة والمحاسبة، معلقا: “كلنا ثقة في قدرة المواطن إذا توفرت له الظروف أن ينافس على المعاصرة، وأرى أن المصريين جاهزين والمسألة كلها تكمن في تطبيق نظام الحكم السليم”.

العدالة الانتقالية ووقف ممارسات الانتقام.. ضرورة عاجلة

من جهتها، طالبت رئيسة حزب الدستور الإعلامية جميلة إسماعيل، بضرورة تفعيل مواد العدالة الانتقالية المنصوص عليها في الدستور، مع التأكيد على حماية حقوق وحريات المواطنين، وحث السلطة على وقف ما أسمتها “السياسات الانتقامية” ضد معارضيها.

ووجهت جميلة، في كلمتها خلال مؤتمر الحركة المدنية، تحية لمن آمن وصدق بأن السياسة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها عبور المحنة التي تمر بها البلاد.

وأضافت: “وجودنا هنا ليس تجميلا لوجه أو صورة ما، وإنما للبحث عن حلول لتجاوز الأزمة ولحث السلطة على عدم إقصاء أو تشويه أو تخوين المعارضة، نحن قبلنا أن نسير في هذا المسار على الرغم من جميع مخاوفنا وهواجسنا وكل ما عانينا منه عبر السنوات الأخيرة، الذي كان يدفعنا للتراجع، لكننا كنا مصرين على مواصلة المسار”.

وتابعت: “في 2014 كتبنا الدستور الذي كان يضمن الحريات والحقوق والشعب فيه هو أساس الحكم، لكن هناك مواد منه لم تفعل حتى هذه اللحظة، ويجب العودة إليها، وعلى رأسها مادة العدالة الانتقالية، التي تشكلت لها وزارة سابقة لم تستمر طويلا”.

وأوضحت رئيسة “الدستور”: “نحن نحتاج لخوض هذه التجربة، والتأكيد على حماية الحقوق والحريات، والالتزام بالنسب الدستورية في الإنفاق على التعليم والصحة، خاصة أن 20% من تعداد السكان يعانون من الأمية”.

وجددت جميلة مطالبة الحركة المدنية بالإفراج عن جميع سجناء الرأي، قائلة: “لإمتى هنشوف سجناء فوق السبعين عاما، وآلاف في محاكمات طويلة تخطت السنوات، نريد وقف هذه الممارسات الانتقامية ضد المعارضة ونشوف كل اللي جوة برة”.

المظاليم ليسوا فقط “سجناء رأي”

وقالت وكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية – تحت التأسيسي – إلهام عيداروس، إن الإفراج عن جميع المظلومين في السجون بناء على إجراءات تعسفية وقوانين مقيدة للحريات، هو الاختبار الحقيقي لجدية الدعوة للحوار الوطني، مؤكدة أن المحبوسين أكثر من مجرد سجناء رأي فقط.

وأضافت عيداروس، أن الدعوة للحوار الوطني أثارت جدلا واسعا في الشارع المصري بشكل عام، وفي الأوساط السياسية بشكل خاص، البعض رحب بها بدعوى أن السلطة ليست مضطرة لذلك، ما يعني نيتها لفتح ثغرة في الجدار المشيد والإغلاق للمجال العام، لكن الأغلبية كانت ترفض أو تتشكك في جدواه.

وأشارت إلى أن هذه الآراء المتشككة والمنطقية عززتها التجاوزات التي شهدتها الانتخابات العمالية الأخيرة، التي تزامنت مع الدعوة للحوار، مستدركة: “لكن رغم ذلك تعاملت الحركة المدنية مع الدعوة بمسؤولية، بترشيح مقررين وتحضير أوراق بهدف إصلاح السياسات العامة، فضلا عن التواصل مع لجنة العفو الرئاسية وتقديم قوائم بسجناء الرأي المحبوسين الذين استطعنا حصرهم”.

كما شددت على أن “هناك الآلاف الآخرين في السجون الذين لا نعرفهم ولا نستطيع حصرهم لن يخرجوا إلا بإصلاح حقيقي للسياسات والتشريعات والمؤسسات التي حبستهم، وهو ما يجب أن يكون أحد أهم أدوار الحوار الوطني.

وأشارت إلى أنه منذ إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية، تم الإفراج عما يقارب 1000 شخص، في الوقت الذي ألقي القبض على آخرين كثيرين، بعضهم تتم محاسبتهم على فواتير قديمة لنشاطهم السياسي أو النقابي، وعلى رأسهم القيادي العمالي وسام صلاح، العضو في حزب التحالف الشعبي، وأحمد عرابي أحد مصابي الثورة، وزياد أبو الفضل العضو في حزب العيش والحرية، الذي ألقي القبض عليه من داخل مقهى.

واستكملت: “تعبير سجناء الرأي أضيق من الواقع الذي نعيشه، المظاليم في السجون أكثر من سجناء رأي، هناك حالة استباحة أمنية كامل للمواطن يجب وقفها، لابد من وجود مؤشرات جدية حتى لا يخشى المشاركون في الحوار من التعبير عن رأيهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *