تفاصيل انتفاضة الغضب في لبنان.. اقتحام 3 وزارات ومشانق للزعماء ببيروت ومتظاهرون يهتفون «الشعب يريد إسقاط النظام»

ارتفاع ضحايا مرفأ بيروت لـ 158 قتيلا و6 آلاف مصاب.. ورئيس وزراء لبنان: سأطرح الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة

مقتل شرطي في الاحتجاجات.. والصليب الأحمر: عالجنا عالج 117 شخصا أصيبوا في موقع الاشتباكات ونقل 55 آخرين للمستشفى

محتجون يضرمون النار في صورة ميشال عون.. ومتظاهر يهتف: ارحلوا استقيلوا لقد جلبتم لنا الفقر والموت والدمار

عبد الرحمن بدر ووكالات

تصاعدت الاحتجاجات الغاضبة في بيروت اليوم السبت، وجرت مواجهات بين القوات الأمنية اللبنانية وآلاف المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع في هبة شعبية، احتجاجا على الأداء الحكومي وفساد النخب الحاكمة في البلاد، بعد انفجار مرفأ بيروت الذي خلف 158 قتيلا و6 آلاف مصاب، بالإضافة إلى 21 آخرين في عداد المفقودين.

المتظاهرون اقتحموا وزارات الخارجية والاقتصاد والبيئة ورفع شعارات عليها، كما قاموا بتحطيم صورة الرئيس اللبناني ميشال عون.

وقال رئيس وزراء لبنان حسان دياب يوم السبت، إنه سيطرح الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لنزع فتيل أزمة سياسية متفاقمة بعد الانفجار المروع في ميناء بيروت.

وقال دياب: “بواقعية لا يمكن الخروج من أزمة البلد البنيوية إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة لانتاج طبقة سياسية جديدة ومجلس نيابي جديد”.

وتابع أنه لا يتحمل المسؤولية عن الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي يمر بها لبنان.

وقال محتجون إن على السياسيين اللبنانيين الاستقالة ولابد من محاسبتهم على الإهمال الذي يقولون إنه تسبب في الانفجار المروع.

وقال متحدث باسم الشرطة إن شرطيا لقي حتفه خلال اشتباكات مع المتظاهرين. وقال شرطي في الموقع إنه توفي عندما سقط في فتحة مصعد بمبنى مجاور بعد أن طارده محتجون.

وقال الصليب الأحمر اللبناني إنه عالج 117 شخصا أصيبوا في موقع الاشتباكات في حين تم نقل 55 آخرين إلى المستشفى. وعالج مسعفون بسيارات الإسعاف رجال الشرطة الذين أصيبوا جراء الرشق بالحجارة. واندلع حريق بساحة الشهداء في بيروت.

وأضرم محتجون النار في صورة للرئيس ميشال عون وممثلين لكثير من النخبة السياسية التي حكمت لبنان لعدة عقود والتي يحملونها مسؤولية الأزمة السياسية والاقتصادية العميقة التي تمر بها البلاد.

وقال أحد المحتجين في مكبر صوت ”نحن باقون هنا ندعوا الشعب اللبناني لاحتلال جميع الوزارات“.

وتجمع نحو عشرة آلاف شخص في ساحة الشهداء بوسط المدينة ورشق بعضهم الجنود بالحجارة. وقال صحفي من رويترز إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع عندما حاول بعض المحتجين اختراق الحاجز الذي يسد الشارع المؤدي إلى البرلمان.

وأكدت الشرطة إنه تم إطلاق الرصاص والرصاص المطاطي. ولم يتضح بعد من الذي يطلق الرصاص. وأطلقت الشرطة عشرات من عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين ردوا بإلقاء الألعاب النارية والحجارة.

وقالت السفارة الأمريكية في بيروت إن الحكومة الأمريكية تدعم حق المتظاهرين اللبنانيين في ”الاحتجاج السلمي“ وتحث الجميع على تجنب العنف.

وأضافت السفارة أيضا على تويتر أن الشعب اللبناني ”يستحق زعماء يستمعون له ويغيرون نهجهم للاستجابة للمطالب الشعبية بالشفافية والمحاسبة“.

وردد المحتجون هتاف ”الشعب يريد إسقاط النظام“ وهو الشعار الذي ترددت أصداؤه في ثورات الربيع العربي عام 2011. كما رددوا هتاف ”ثورة..ثورة“. ورفعوا لافتات تقول إحداها ”ارحلوا .. كلكم قتلة“.

وتعد الاحتجاجات الأكبر من نوعها منذ أكتوبر عندما خرج الآلاف إلى الشوارع احتجاجا على فساد النخبة الحاكمة وسوء الحكم والإدارة.

وصاح أحد المحتجين ”أنتم معدومو الضمير والأخلاق. إرحلوا استقيلوا .. كفى لقد سئمنا. ماذا تريدون أكثر من ذلك؟ لقد جلبتم لنا الفقر والموت والدمار“.

وحملت إحدى اللافتات عبارة تقول ”الاستقالة أو المشانق“.

وقام جنود يركبون سيارات عليها مدافع رشاشة بدورية في المنطقة وسط الاشتباكات. وهرعت سيارات الإسعاف إلى الموقع. وفقد أحد الشبان وعيه وسقط مغشيا عليه بعد استنشاقه الغاز المسيل للدموع.

وصرخت امرأة ”هل حقا.. الجيش هنا؟ هل أنتم هنا لتطلقوا علينا الرصاص؟ انضموا إلينا ويمكننا أن نواجه الحكومة معا“.

وانفجار يوم الثلاثاء هو الأقوى في تاريخ بيروت، وعدت الحكومة بمحاسبة المسؤولين عنه، لكن قليل من اللبنانيين يثقون في ذلك. ونصب البعض مشانق مثبتة على قوائم خشبية كتحذير رمزي للزعماء اللبنانيين.

وقال رئيس الوزراء ومؤسسة الرئاسة في لبنان إن 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم شديدة الانفجار، وهي مادة تستخدم في صناعة الأسمدة والقنابل، كانت مخزنة لست سنوات في مستودع بالمرفأ دون إجراءات للسلامة.

وأعاد الانفجار لأذهان الكثيرين ذكريات مؤلمة عن الحرب الأهلية بين 1975 و1990 التي مزقت البلاد إلى أشلاء ودمرت مناطق واسعة في بيروت مازال كثير منها لم يتم إعادة بنائه منذ ذلك الحين.

وندد كثير من اللبنانيين بزعمائهم قائلين إن أيا منهم لم يقم بزيارة موقع الانفجار لمواساتهم أو تقدير حجم الأضرار في حين جاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من باريس وتوجه مباشرة لزيارة أحيائهم المدمرة للتعبير عن تضامنه معهم.

وأعلن رئيس حزب الكتائب اللبناني سامي الجميل يوم السبت استقالة نواب الحزب الثلاثة من البرلمان. وجاء ذلك خلال تشييع جنازة أمين عام الحزب نزار نجاريان الذي لقي حتفه في انفجار مرفأ بيروت.

وزار ماكرون بيروت يوم الخميس الماضي، ووعد الحشود اللبنانية الغاضبة بأن المعونات التي ستخصص لإعادة بناء المدينة لن تسقط في ”أيد فاسدة“. وسيستضيف مؤتمرا للمانحين من أجل لبنان عبر الفيديو يوم الأحد وفقا لما أعلنه مكتبه.

وأبلغ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون نظيره الأميركي، دونالد ترامب بأن العقوبات الأميركية، التي تستهدف جماعة حزب الله المدعومة من إيران، تكون نتيجتها في صالح أولئك الذين تستهدف إضعافهم.

وقال مسؤول بقصر الإليزيه، الذي تحدث عشية مؤتمر للمانحين لدعم لبنان، إن ماكرون أبلغ ترامب في اتصال هاتفي يوم الجمعة بأن على الولايات المتحدة أن “تستثمر مجددا” في لبنان كي تساعد في إعادة بنائه.

وتابع المسؤول أن فرنسا تعتقد بوجود أدلة كافية لافتراض أن انفجار مرفأ بيروت المدمر الذي وقع يوم الثلاثاء كان حادثا.

وكان قد حذر وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، من استمرار زعزعة استقرار لبنان واستغلال الأزمة لفتح باب أمام نفوذ أجنبي في البلاد.

وأشار في تصريحات صحفية إلى أن هناك أطرافاً فاعلة غير حكومية ممولة من الخارج في لبنان، مثل ميليشيا حزب الله، والتي يمكنها استغلال الفراغ السياسي والأمني في لبنان.

وقال الرئيس اللبناني ميشال عون يوم الجمعة، إن التحقيق في الانفجار سيبحث أيضا إن كان ناتجا عن قنبلة أو أي تدخل خارجي آخر. وأضاف أن التحقيق سيبحث ما إذا كان الانفجار ناجما عن الإهمال أم قضاء وقدر، مشيرا إلى أن 20 شخصا جرى توقيفهم حتى الآن.

قال مسؤولون إن الانفجار ربما تسبب في خسائر تصل إلى 15 مليار دولار وهذه فاتورة لا يستطيع لبنان تحملها بعد أن تخلف بالفعل عن سداد ديون تتجاوز نسبتها 150 بالمئة من الناتج الاقتصادي وفي ظل جمود محادثاته مع صندوق النقد الدولي.

وسمع السكان دوي الانفجار في قبرص التي تبعد نحو 160 كيلومترا عن بيروت.

وأحيا الانفجار ذكريات الحرب الأهلية من عام 1975 إلى عام 1990 وما أعقبها عندما عاصر اللبنانيون القصف الشديد وتفجيرات السيارات والغارات الجوية الإسرائيلية. وظن بعض السكان أنه زلزال. وهام أناس مذهولون ومصابون وآخرون ينتحبون في الشوارع بحثا عن أقاربهم.

وتعهد رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب بأن هذه الكارثة لن تمر دون حساب مضيفا أنه سيتم كشف الحقائق بخصوص هذا (المستودع الخطير)، وقال ”سيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن“.

وسارعت فرنسا ودول أخرى لإرسال مساعدات طارئة إلى لبنان شملت أطباء وأطنانا من المعدات الطبية والأغذية. ودمر الانفجار الصومعة الكبيرة الوحيدة للحبوب في البلاد وتساعد وكالات تابعة للأمم المتحدة في تقديم مساعدات طبية وغذائية عاجلة.

ومن المقرر أن تستضيف باريس، الأحد، مؤتمرا عبر الفيديو للمانحين من أجل دعم لبنان بهدف الحصول على تعهدات مالية بالدعم من الدول المشاركة ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، وكيفية توزيع المساعدات المخصصة للشعب بشكل مباشر، لا أن تذهب للقوى المتنفذة الفاسدة في لبنان.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *