تعليق لـ”المفوضية المصرية” على تجديد الحبس دون حضور المتهمين: باطل بطلانا مطلقا ويسلب المتهم حقه الدستوري

كتب- حسين حسنين

قالت المفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن قرارات تجديد الحبس الاحتياطي لمتهمين دون حضورهم من محبسهم وسماع أقوالهم ودفاع المحامين، قرارات “باطلة بطلانا مطلقا”.

وأضافت المفوضية، في تصريح على لسان محاميها، اليوم الخميس، أن “المشرع اشترط سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم قبل تجديد حبسه”، ولكن هذا ما لا يحدث حال التجديد دون إحضار المتهم من محبسه.

واستند التعليق على نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون 145 لسنة 2006 بأنه “يجب على قاضي التحقيق قبل أن يصدر أمراً بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم”.

وأشار التعليق إلى قرار وزير العدل بتجديد حبس المتهمين دون حضورهم بسبب فيروس كورونا، قائلا “قرار وزير العدل حيز التنفيذ ونظر تجديدات حبس المتهمين في غيبتهم هو انتهاك صارخ لما كفله المشرع من ضمانة من أهم ضمانات الدفاع للمحبوسين احتياطيا وهي ضمانة حضوره جلسة نظر أمر حبسه ليتمكن من ابداء دفاعه”.

يذكر أن دوائر محاكم الجنايات المختلفة، قد قررت خلال الأيام الماضية، تجديد حبس المئات من المتهمين في قضايا سياسية، دون حضورهم من محبسهم أو السماح للمحامين بإبداء الدفوع.

تعليق المفوضية:

سن المشرع المصري الحبس الاحتياطي كإجراء من إجراءات التحقيق غايته ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق وتسير استجوابه أو مواجهته كلما استدعى التحقيق ذلك والحيلولة دون تمكينه من الهرب أو العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه، وكذلك وقاية المتهم من احتمالات الانتقام منه وتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة.

ولأن الحبس الاحتياطي إجراء استثنائي يجور تطبيقه إلى واحد من أهم الحقوق الشخصية وهو الحق في الحرية، فقد وضع المشرع لتطبيقه مبررات وشروط وضمانات عديدة ولكونه إجراء يتم بالوقتية ويدور وجودا وعدما مع استمرار عملية التحقيق لضمانة الغاية منه والمذكورة سلفا فقد جعله المشرع على مدد زمنية عهد اختصاص تقريرها إلى عدة جهات، بدءا من النيابة العامة وحتي محكمة الجنايات وجعل أهم هذه الضمانات المرتبطة بصفته الوقتية ضمانة عرض المتهم كلما انتهي مدة قرار حبسه على السلطة المختصة زمنيا لنظر مدى استمرار توافر مبررات تطبيق الحبس الاحتياطي في حقه من عدمه لتصدر قرارها بما تراه بعدما تستمع لأقوال النيابة في ما تراه من مبررات للحبس ودفاع المتهم حول هذه المبررات.

حيث قرر المشرع في المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 والمعدلة بالقانون 145 لسنة 2006 بأنه “يجب على قاضي التحقيق قبل أن يصدر أمراً بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم”.

وقرر في المادة 142 من ذات القانون أنه “ينتهي الحبس الاحتياطي بمضي خمسة عشر يوماً على حبس المتهم، ومع ذلك يجوز لقاضي التحقيق، قبل انقضاء تلك المدة، وبعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم، أن يصدر أمراً بمد الحبس مدداً مماثلة بحيث لا تزيد مدة الحبس في مجموعه على خمسة وأربعين يوماً”.

واستكمل تنظيم هذا العرض في المادة 143 من ذات القانون فقرر أنه “إذا لم ينته التحقيق ورأى القاضي مد الحبس الاحتياطي زيادة على ما هو مقرر في المادة السابقة، وجب قبل انقضاء المدة السالفة الذكر إحالة الأوراق إلى محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة لتصدر أمرها بعد سماع أقوال النيابة العامة والمتهم بمد الحبس مدداً متعاقبة لا تزيد كل منها على خمسة وأربعين يوماً”.

وعليه فقد اشترط المشرع لنظر أمر الحبس سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم حول هذه الأقوال فقرر المشرع هذه الضمانة الهامة وهي ضمانة نظر نوافر مبررات الحبس من عدمه في وجود المتهم وأكد على ضرورة حضور المتهم لجلسة نظر أمر حبسه ليرد ويدفع عن نفسه ثمة ما يمكن ان تقدمه النيابة من مبررات لطب مد حبسه.

ولما أصاب العالم جائحة ما سمي بفيروس كورونا المستجد فقد اضطرت الدولة لاتخاذ إجراءات للحد من انتشاره والتي منها عدم نقل المحبوسين احتياطيا في بعض قضايا أمن الدولة من أماكن احتجازهم إلى المحاكم المختصة بنظر أمر حبسهم حيث قررت محاكم الجنايات تأجيل نظر تجديدات حبس المتهمين لتعذر نقلهم إلى المحكمة من محبسهم.

ولما طال الأمر ولم يكن هناك بد من تطبيق ضمانة عرض المتهمين لتنظر أوامر حبسهم احتياطيا، فقد خرج علينا وزير العدل بقراره بتخصيص بعض دوائر الجنايات لنظر أوامر حبس المتهمين “بدون حضورهم من محبسهم”.

حيث جاء هذا القرار سالبا لهذه الضمانة من المتهمين ومخالفا لنصوص قانون الاجراءات الجنائية.

ولما كانت القاعدة أن القوانين في تطبيقاها وقوتها تخضع لترتيب الزامي يسمى بمبدأ “تدرج القواعد القانونية أو الهرم التشريعي” حيث يأتي الدستور في قمة الهروم التشريعي يليه القانون يليه اللائحة التنفيذية يليه القرارات الإدارية.

وحيث أن ما صدر عن الوزير هو قرار تنظيمي ينتمي للقرارات الإدارية فهو لا يجوز بحال من الأحوال أن يخالف ما يعلوه من القواعد القانونية ومنها نصوص قانون الإجراءات الجنائية التي توجب حضور المتهم جلسات نظر أمر حبسه لإبداء دفاعه.

ومن ثم فإن إدخال قرار وزير العدل حيز التنفيذ ونظر تجديدات حبس المتهمين في غيبتهم هو انتهاك صارخ لما كفله المشرع من ضمانة من أهم ضمانات الدفاع للمحبوسين احتياطيا وهي ضمانة حضوره جلسة نظر أمر حبسه ليتمكن من ابداء دفاعه ودفعه ثمة ما يمكن ان تقدمه النيابة للمحكمة من مبررات لطلب مد حبس المتهم كما أنه يتضمن مخالفة صريحة لقاعدة تدرج القواعد القانونية الالزامية والمتمثلة في تطبيق قرار اداري بالمخالفة لنص قانوني يعلوه في العرم التشريعي.

من ثم يضحي أي قرارات تصدر بتجديد حبس المتهمين احتياطيا في غيبتهم قرارات باطلة بطلانا مطلقا.

#دفتر_أحوال_المحاكم_والنيابات

#المفوضية_المصرية_للحقوق_والحريات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *