تصاعد أزمة سد النهضة.. رئيسة إثيوبيا تطلق تبرعات لاستكمال إنشائه ومصر ترفض سياسة “الأمر الواقع”

تصاعدت حدة الأزمة بين مصر والسودان وإثيوبيا على خلفية قضية سد النهضة، بعد إعلان أديس أبابا بدء التعبئة الأولية لخزان السد بعد 4 أشهر، في الوقت الذي أكدت الدبلوماسية المصرية عدم قدرة إثيوبيا على اتخاذ قرار أحادي الجانب في القضية، لتعارض ذلك مع القانون الدولي والاتفاقيات الخاصة بهذا الشأن.

و طالبت رئيسة إثيوبيا ساهلورك زودي، مواطنيها بالتبرع لاستكمال بناء “سد النهضة” الكبير، مؤكدة أن المشروع يعتبر “نموذجا” للوحدة.

وقالت زودي في سياق إطلاق برنامج جمع التبرعات من المواطنين لدعم بناء سد النهضة، إن السد “أكثر من مجرد مشروع تنموي”.

وأضافت الرئيسة الإثيوبية أن “سد النهضة الكبير، سلاحنا للتغلب على الفقر والأمل في التنمية المستقبلية”، داعية جميع الإثيوبيين إلى تكرار الانتصار في معركة “عدوة” في إشارة إلى انتصار إثيوبيا على إيطاليا في مارس عام 1896، عندما حاولت إيطاليا غزو إثيوبيا في محاولة للتحكم بمدخل البحر الأحمر، واستعان الإثيوبيون حينها بأسلحة إنجليزية الصنع وبضباط إنجليز متقاعدين لتدريب القوات، واستطاعوا هزيمة الجيش الإيطالي.

وتابعت زودي: “كما يسمح هذا البرنامج الذي تم إطلاقه في حدث أقيم في القصر الوطني بجمع الأموال لبناء السد عن طريق إرسال رسائل قصيرة عبر الجوال”.

وسيكون سد النهضة الإثيوبي أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، بمجرد الانتهاء من بنائه، حيث اكتمل الآن أكثر من 71% من المشروع، ومن المقرر أن يبدأ ملء السد في يوليو، ومن المقرر استكمال المشروع  بالكامل في عام 2023.

مصر: لا شرعية لقرار التخزين دون موافقتنا

على الجانب الآخر، أعرب المتحدث الرسمي باسم الموارد المائية والري، محمد السباعي، عن أسفه من الموقف الإثيوبي الذي لا يتناسب مع موقف مصر الذي يتعامل مع القضية “بحسن نية”، قائلا إن المادة الخامسة من إعلان المبادئ الموقعة في ديسمبر 2015 تفرض على أديس أبابا عدم تخزين المياه إلا بموافقة مصر.

ودعا السباعي إثيوبيا إلى العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن القضية، مشددا على أن القاهرة قدمت كل السبل المتاحة للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

وفي سياق متصل، استعرض وزير الخارجية سامح شكري، اليوم، خلال لقاء مع سفراء الدول الإفريقية في القاهرة، آخر التطورات في ملف سد النهضة، وما بذلته مصر في هذا الصدد من جهود جادة وصادقة نحو التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يحقق مصالح الأطراف الثلاثة.

وقال وزير الخارجية سامح شكري، في تصريحات تليفزيونية، إن المفاوضات فى السنوات الماضية لم تنجح، وهو ما اضطر مصر إلى اللجوء لوساطة أمريكية، برعاية وزير الخزانة ورئيس البنك الدولى؛ حيث كانت هناك تفاهمات كثيرة، ولكنها لم تسفر عن إطار لاتفاق قانوني، إلى أن تم اللجوء للوساطة الأمريكية.

وأوضح الوزير أنه تم التوصل لاتفاق في قضية الملء من دون اعتراض أو تعنت، إلا أن الخلاف حدث فى تحديد خطة الملء حال حدوث جفاف، والتشغيل الطبيعى للسد بعد الملء، والتشغيل الدورى للمولدات، مشددا على أن مصر لا تتآمر على أحد وتسعى دائمًا للمشاركة والتعاون لخلق أطر مفيدة بين القاهرة وأديس أبابا.

تحفظ سوداني ضد الدعم العربي لمصر؟

وتحفظ السودان على مشروع قرار من مجلس وزراء الخارجية العرب يؤكد تضامن الجامعة العربية مع موقف مصر الخاص بسد النهضة الإثيوبي.

وأوضحت مصادر لوكالة أنباء الشرق الأوسط أنه خلال اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية، أن مصر تقدمت بمشروع قرار يصدر عن الجامعة العربية يعرب عن التضامن مع مصر والسودان في ملف سد النهضة لمراعاة مصالح دولتي المصب، وتمت موافاة الجانب السوداني مسبقا بمشروع القرار للتشاور حوله، مع التأكيد على أن قرارا كهذا يدعم موقف دولتي المصب مصر والسودان ويعكس الدعم العربي لحقوق مصر والسودان المائية.

وأكدت المصادر أنه خلال المداولات في جامعة الدول العربية، وعلى الرغم من بروز زخم وتأييد عربي موسع من مجمل الأطراف العربية لمشروع القرار، لم يبد الجانب السوداني أي تحمس له، بل وطلب عدم إدراج اسم السودان في القرار، وأن الجانب السوداني قال إن القرار ليس في مصلحته ولا يجب إقحام الجامعة العربية في هذا الملف، وأبدى تخوفه مما قد ينتج عنه هذا القرار من مواجهة عربية إثيوبية.

ووفقا للمصادر، أوضحت معظم الوفود العربية أن دعم مصر والسودان من جانب الدول العربية لا يهدف إلى مواجهة أطراف أخرى، بل أنه واجب يتعين القيام به اتصالا بملف يهدد الأمن القومي العربي في مجمله.

وأشارت المصادر إلى اندهاش الوفود العربية من تمسك السودان بموقفه المتحفظ حتى بعد حذف اسم السودان من مشروع القرار، وقصر مشروع القرار على حماية المصالح المائية لمصر.

ونجحت مصر في نهاية الجلسة في اعتماد مشروع القرار دون تعديل، مع تسجيل السودان تحفظه رسميا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *