المالية: محادثات مع دائنين محليين لتمديد آجال استحقاق الديون.. ونصف عائدات “رأس الحكمة” وبيع الأصول للموازنة وتخفيف الأعباء 

وكالات  

قال وزير المالية محمد معيط  إن الحكومة تحاول تأجيل موعد استحقاق بعض ديونها المحلية، في إطار الجهود المبذولة لتخفيف الأعباء على مواردها المالية بشكل أكبر بعد حصولها على استثمارات عالمية تزيد قيمتها عن 50 مليار دولار هذا العام. 

وأضاف في مقابلة إن المحادثات مع كيانات عامة مثل البنك المركزي وصناديق المعاشات والتأمين الصحي الحكومي الرئيسي تركز على تمديد آجال استحقاق الالتزامات المحلية المستحقة لتلك المؤسسات. 

وأوضح معيط من واشنطن، حيث يحضر اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، أن الهدف هو خفض إجمالي متطلبات التمويل لمصر خلال السنوات المقبلة. 

المحادثات تعكس الضغوط التي تتعرض لها الحكومة التي تنفق نحو نصف إيراداتها على مدفوعات الفائدة وحدها، رغم خطة الإنقاذ العالمية غير المسبوقة التي قادتها صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة. 

وقال معيط إن إعادة هيكلة التزاماتها من شأنها أن تساعد وزارة المالية على الوصول إلى هدف رفع متوسط ​​آجال استحقاق إجمالي الدين إلى ما بين 4.5 و5 سنوات بحلول يونيو 2028، مقارنة بـ3.3 سنوات في نهاية العام المالي الحالي. 

وتعد مصر واحدة من أكثر دول العالم الناشئ مديونية، وثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين. وتهدف الحكومة إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 80% بحلول يونيو 2027، من 96% في السنة المالية 2023. 

ولم يحدد معيط حجم الدين الذي قد يخضع لأي شروط جديدة، وقال إن سندات اليورو لن تتأثر. ولدى وزارة المالية ما يعادل حوالي 100 مليار دولار من السندات والأذون بالعملة المحلية المستحقة حتى 31 يناير. 

ومحا الجنيه المصري خسائره أمام الدولار التي تكبدها على مدار اليوم بعد نشر تصريحات معيط، ولم يطرأ تغير يذكر على التداول بعد تراجعات وصلت إلى 0.5% في وقت سابق من يوم الأربعاء. 

وتبحث الحكومة عن حل طويل الأجل بعد تجنب التهديد المباشر المتمثل في تراجع العملة، نتيجة لسنوات من الاختلالات التجارية والاقتراض الذي تفاقم بسبب اندلاع الحربين في أوكرانيا وغزة. 

وأدت الحاجة الملحة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في أكبر دولة في الشرق الأوسط من حيث عدد السكان في النهاية إلى إبرام صفقة تاريخية مع الإمارات، وهي أكبر استثمار وارد في تاريخ مصر. وسمح ذلك للسلطات بتفعيل تعويم العملة الذي طال انتظاره، ما تسبب في انخفاض قيمة العملة بنحو 40% مقابل الدولار دفعة واحدة، والذي صاحبه أكبر زيادة على الإطلاق في أسعار الفائدة في مصر. 

وسرعان ما تبعها تعهدات أخرى، بما في ذلك زيادة قيمة برنامج صندوق النقد الدولي إلى 8 مليارات دولار. وعلى الرغم من أن التمويل الجديد من المانحين يساعد في القضاء على نقص الدولار في الاقتصاد المحلي، فإن احتياطيات مصر الدولية البالغة 35 مليار دولار هي في الغالب أموال مقترضة، ما يجعلها غير قابلة للاستخدام إلى حد كبير، وفق بلومبرغ إيكونوميكس. 

وقال معيط، إن نصف عائدات صفقة الإمارات، بالإضافة إلى الإيرادات الناتجة عن بيع حصص في بعض أصول الدولة، سيتم تخصيصها للموازنة، وسيتم توجيهها نحو تخفيف عبء الديون. 

وألمح الوزير إلى أن تلقي الدفعة الأولى من الأموال من الإمارات في أواخر فبراير ساعد في خفض العجز المالي إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، مقارنة مع 6.7% المستهدفة في البداية لهذه الفترة. 

الأسواق رحبت بالتحول في السياسات الاقتصادية الذي رافقه تعهدات التمويل الجديدة. ومع إغراء العائدات المرتفعة والعملة الأرخص، تهافت المستثمرون في الأسابيع الأخيرة على السندات المحلية المصرية بوتيرة قياسية. 

وامتنع معيط عن تقديم تقدير للتدفقات الأجنبية إلى سوق الدين المحلية بعد تخفيض قيمة العملة، ومع ذلك، قال: “زيادة السيولة قللت من تأثير رفع سعر الفائدة 600 نقطة أساس على تكلفة خدمة الدين. كانت أولويتنا هي خفض تكلفة الاقتراض، وعدم قبول العروض ذات العائد المرتفع بدلاً من زيادة التدفقات الواردة”. 

وألمح إلى أن هذا الجهد نجح حتى الآن، إذ انخفض متوسط ​​العائد على أذون الخزانة المصرية إلى حوالي 27% من حوالي 30% قبل التعويم. وقال معيط: “بعد التحركات الأخيرة، كانت هناك شهية أجنبية جيدة لأذون الخزانة المصرية، خاصة الأذون لأجل سنة واحدة”. 

وقال معيط إنه بمجرد أن تبدأ أسعار الفائدة في الانخفاض، ستغير الوزارة سياستها وتعتمد بشكل أكبر على أدوات الدين المتوسطة والطويلة الأجل. 

وينصب التركيز الآن على زيادة رأس المال في الداخل. مصر لن تلجأ إلى أسواق الدين العالمية قبل العام المالي المقبل الذي يبدأ في يوليو، بحسب معيط. 

وقال: “إذا توجهنا لإصدار (سندات)، فسيكون ذلك بمبالغ صغيرة” تتراوح بين مليار و1.5 مليار دولار، وأوضح أنه إذا اقترضت الحكومة من السوق الخارجية، فمن المرجح أن تفضل إصدار السندات الخضراء وسندات “باندا” و”الساموراي”، على تقديم المزيد من الأوراق المالية التقليدية المقومة بالدولار واليورو، وقال معيط إن هناك أيضاً فرصة لإصدار صكوك مقومة بالجنيه المصري لأول مرة في السوق المحلية خلال العام المالي المقبل. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *