العودة للخلف.. مؤسسة الحق: مشروع قانون “فصل الموظف الإخواني” به شبهة عوار دستوري وعباراته فضفاضة توسع سلطات الحكومة

التقرير: النصوص غامضة وتجعل المخاطبين بها لا يعلمون الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها

كتب- فارس فكري

تحت عنوان “العودة للخلف” أصدرت مؤسسة الحق لحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان تقريرا حول مشروع قانون الفصل بغير الطريق التأديبي المعروف إعلاميا بقانون “فصل الموظف الإخواني”.

واعتبر التقرير أن النصوص المقترحة بها شبه عدم دستورية وتوسع صلاحيات جهات الإدارة في فصل الموظفين دون الطريق التأديبي، بالإضافة إلى إمكانية إساءة استغلال نصوص القانون الفضفاضة التي تسمح بفصل الموظفين بالتفتيش في النيات.

وقال التقرير: في تطور تشريعي سلبي جديد استدعى البرلمان المصري  القانون رقم 10 لسنة 1972 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي ، وأضاف إلى نصوصه  بند جديد يتيح فصل الموظفين في حالة  إدراج الموظف على قوائم الإرهابيين المنظمة بأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شان تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين على أن يعاد إلى عمله  فى حالة إلغاء قرار الإدراج، وكذلك التوسع في صلاحيات رئيس الجمهورية في  فصل الموظفين بالدولة وتوسيع دائرة الموظفين المخاطبين بهذا القانون.

كانت اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب قد وافقت نهائيًا الأحد الماضي، على مشروع قانون مقدم من النائب علي بدر و10 أعضاء من مجلس النواب، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1973 بشأن الفصل بغير الطريق التأديبي، الذي يستهدف فصل الموظفين الإخوان والعناصر الإرهابية من الجهاز الإداري للدولة.

ونصت المادة الأولى من مشروع القانون بأنه مع عدم الإخلال بالضمانات الدستورية المقررة لبعض الفئات في مواجهة العزل من الوظيفة، تسري أحكام هذا القانون على العاملين بوحدات الجهاز الإداري بالدولة من وزارات ومصالح وأجهزة حكومية ووحدات الإدارة من غير المحلية والهيئات العامة، وغيرها من الأجهزة التي موازناتها خاصة، والعاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو لوائح خاصة، والعاملين بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام.

المادة الثانية بينت الحالات التي يجوز فيها فصل الموظف بغير الطريق التأديبي، ونصت على أنه لا يجوز فصل العاملين بالجهات المشار إليها بالمادة السابقة بغير الطريق التأديبي، إلا في الأحوال الآتية:

(أ) إذا أخل بواجباته الوظيفية بما من شأنه الإضرار الجسيم بمرفق عام بالدولة أو بمصالحها الاقتصادية.

(ب) إذا قامت بشأنه قرائن جدية على ما يمس الأمن القومي للبلاد وسلامتها، ويعد إدراج العامل على قائمة الإرهابيين وفقًا لأحكام القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين قرينة جدية.

(ج) إذا فقد الثقة والاعتبار.

(د) إذا فقد سبب أو أكثر من أسباب صلاحية شغل الوظيفة التي يشغلها، عدا الأسباب الصحية.

ولا يجوز الالتجاء إلى الفصل بغير الطريق التأديبي إذا كانت الدعوى بطلب الفصل قد رفعت أمام المحكمة التأديبية، ومع عدم الإخلال بأحكام قانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين المشار إليه، في حال توافر سبب أو أكثر من أسباب الفصل المشار إليها سابقًا يتم إيقاف العامل بقوة القانون عن العمل لمدة لا تزيد عن 6 أشهر أو لحين صدور قرار الفصل أيهما أقرب، مع وقف صرف نصف أجره طوال فترة الوقف عن العمل، ويبلغ العامل بقرار الوقف المبرر تحقيقًا لتكامل النص مع قانون الكيانات الإرهابية بشأن الإدراج، ولتفادي حذف النص الوارد بقانون الكيانات الإرهابية.

المادة الثالثة نصت على أن يكون فصل العامل بقرار مسبب يصدر من رئيس من الجمهورية أو من يفوضه بناء على عرض الوزير المختص بعد سماع أقواله، ويخطر العامل بقرار الفصل. ولا يترتب على فصل العامل طبقا لأحكام هذا القانون حرمانه من المعاش أو المكافأة.

وتختص محكمة القضاء الإداري دون غيرها، بالفصل في الطلبات التي يقدمها العاملون بالجهات المشار إليها في المادة 1 من هذا القانون، طعنًا في القرارات النهائية الصادرة بالفصل بغير الطريق التأديبي طبقًا لهذا القانون، ويجوز للمحكمة أن تحكم بالتعويض بدلا من الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، للأسباب التي ترى أن المصلحة العامة تقتضيها.

وتضمن مشروع القانون مادة مستحدثة نصها يضاف بند إلى المادة 19 من قانون الخدمة المدنية صادر بالقانون رقم 81 لسنة 2019 بند جديد قم 11 يكون نصه الآتي: الفصل بغير الطريق التأديبي.

وعلق تقرير مؤسسة الحق على النصوص المقترحة قائلا: إن التوسع الشديد في الفئات المخاطبة بهذا القانون بحيث بات يشمل كافة العاملين بالجهاز الإداري بالدولة، لا مبرر له. فصغار الموظفين لهم آليات محاسبة، وآليات للتأديب، ومن جانب آخر فأنه أذا ما ثبت يقينا أن اي من العاملين بالقطاع الإدراي للدولة ينتمي الي اي من الجماعات الإرهابية فأن هناك ترسانة قانونية ضخمة يمكن من خلالها محاسبته دون ان يكون هناك احتياج لتدخل تشريعي يمنح للسلطة التنفيذية الفصل دون اية إجراءات تأديبية .

ويضيف التقرير لكن هذا التوسع في المخاطبين بالقانون بالإضافة إلي استعمال العبارات الفضفاضة التي لها أكثر من معني وتأويل وتنطبق على العديد من الأفعال التي لا يستهدفها المشرع في الأساس فأنه قد يؤدي إلى توسع السلطة التنفيذية في استخدام ما منحه لها القانون من صلاحيات بناء على شبهات او تحريات او بيانت غير دقيقة او صحيحة و هو ما يؤدي في النهاية الي أضرار جسيمة ، تفوق المصلحة التي هدف المشرع إلى حمايتها .

وتابع: إن النص يتحدث عن “الإضرار الجسيم بالإنتاج او بمصلحة اقتصادية للدولة او لاي من الجهات المذكور في القانون” وهو نص يمكن أن يندرج تحته اي فعل يمكن ان يأتيه اي من العاملين او الموظفين بالجهاز الإداري فالأمر يتسع للعديد والعديد من الأفعال بما يسمح بانتقائية المحاسبة وازدواجية المعايير

فلا يمكن أن يكون تقدير الفعل متروك حسب الأهواء و الرؤى المختلفة في حين أن هذا الفعل قد يؤدي إلى معاقبة بالفصل المباشر من العمل .

ويعاقب النص الموظف “إذا قامت بشأنه دلائل جدية على من يمس أمن الدولة وسلامتها”، ويتابع التقرير: لا يمكن أن يتفق شخصان على المقصود بالدلائل الجدية من ناحية أو المقصود بأمن الدولة وسلامتها فالأمر مختلف عليه ويقدر حسب وجهات النظر والرؤى وهو غير مقبول على الإطلاق في ظل ضخامة العقوبة المبنية على هذا الأمر .

وعليه فأننا بمجرد مطالعة النصوص الخاصة بالأفعال التي من شأنها أن يؤدي إتيانها إلى فصل الموظف أو العامل دون إجراءات تأديبية او دون تدرج في العقوبة فأننا نجد أن كافة تلك الأفعال قد جاءت متداخلة معانيها ومتشابكة، يمكن تأويلها بأكثر من شكل وتفسيرها بأكثر من رؤية وذلك كونها من قبل النصوص المرنة، الفضفاضة، الغامضة ، المتميعة بحيث تجعل المخاطبين بها على غير بينة من حقيقة الأفعال التي يتعين عليهم تجنبها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *