السادات يدعو إلى دراسة أبعاد التوسع في الاستثمارات والاستحواذات الخليجية في مصر: قد يكون له تبعات غير متوقعة في المستقبل

كتب – أحمد سلامة


دعا رئيس حزب الإصلاح والتنمية، محمد أنور السادات، الحكومة المصرية إلى الدراسة المتأنية لأبعاد الارتفاع غير المسبوق في الإستثمارات الخليجية في مصر وسلسلة  شراء الأصول والاستحواذات الخليجية على حصص في الشركات المصرية والتي زادت بشكل ملحوظ هذه الآونة خصوصا في النصف الأول من العام الحالي  2022.


وقال السادات في بيان أصدره الحزب إنه “لا أحد ضد الاستثمار بل على العكس كلنا مشجعون للاستثمارات والتسهيل على المستثمرين وتهيئة المناخ لهم ولاستثماراتهم كما أن دخول مؤسسات كبيرة مثل الصناديق السيادية السعودية والإماراتية في الإستثمارات في مصر قد يكون عامل إيجابي وداعم للسوق المصري بشكل كبير لكن ما يدعو للتساؤل والغرابة أنه يتردد ويشاع أن بعض الاستحواذات تمت بمبالغ أعلى بكثير من القيمة الحقيقية لأصول المؤسسات المستحوذ عليها وهذا قد يكون إما طريق غير مباشر لإسترداد ودائعهم وقروضهم أو نظرا لأن مصر سوق إستهلاكى كبير ويمكن الإستفادة منها كمعبر للنفوذ إلى الأسواق الإفريقية والأوربية والأمريكية والتصدير إليها بموجب الإتفاقيات الموقعة فى هذا الإطار، وقد سجلت مصر في الفترة الأخيرة عدد كبير من عمليات اندماج واستحواذ بقيمة 3.2 مليار دولار في النصف الأول فقط من العام الحالي”.


وأشار السادات إلى أن التوسع في هذا الإتجاه ربما يكون له مردود إيجابى كبير في صالحنا هذه الفترة لكنه أيضا ربما يكون له تبعات غير متوقعة في المستقبل بما يستوجب دراسة الموقف وأثره على المدى الطويل حفاظا على حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.


ويوم أمس قررت الجمعية العامة غير العادية، لشركة النصر لصناعة الكوك، تصفية أعمال الشركة، بعد نحو 62 عامًا من تأسيسها، لتلحق النصر للكوك، بشركة الحديد والصلب المصرية التي تم تصفيتها عام 2021 إضافة إلى شركتي القومية للأسمنت والملاحة البحرية.وجاء ذلك بعد أن قرر وزير قطاع الأعمال العام محمود عصمت تأجيل موعد انعقاد الجمعية لمدة 3 أسابيع، بعد أن كانت الشركة القابضة للصناعات المعدنية حددته في 15 أغسطس الماضي، للنظر في استمرار شركة النصر للكوك من عدمه.


وتزامنًا مع ذلك، بيعت أسهم الشركة في شركة حلوان للأسمدة، والبالغة نحو 10% إلى مستثمر إماراتي بـ”الأمر المباشر”.
وقال القيادي العمالي، كمال عباس، في تصريحات لـ”درب”، إن الجمعية العامة لشركة النصر لصناعة الكوك عقدت جمعيتين عموميتين إحداهما عادية والأخرى طارئة، وفصل بين الجمعيتين دقائق قليلة، واتخذت الجمعية العمومية الطارئة (جمعية ممثلي المالكين) قرارًا بتصفية الشركة وبيع أسهم الشركة في شركة حلوان للأسمدة إلى مستثمر إماراتي بالأمر المباشر.


وتابع عباس “سياسة الدولة حاليًا، إما التصفية أو البيع، الدولة لا تقدم شيئًا آخر”، مضيفًا أن “الأسهم التي بيعت للمستثمر الإماراتي بالأمر المباشر بلغت 10%، وحصل ذات المستثمر الإماراتي على 10% من أسهم حلوان للأسمدة من الشركة القابضة بالأمر المباشر أيضًا، وهيئة التأمينات الاجتماعية كانت تمتلك 5% من الأسهم بيعت كذلك لنفس المستثمر بالأمر المباشر، إذن استحوذ المستثمر على 25% من شركة حلوان للأسمدة”.


واستكمل “بالشكل دا إحنا مش في دولة، الدولة تقوم على زيادة المنتجات، وتوفير فرص العمل، لكن إحنا دلوقتي تحت ضغط الديون الشديدة التي اقترضتها الحكومة مضطرة للبيع”.. مشيرًا إلى أن سبب الأزمة هي سلسلة القروض التي بدأت منذ سنوات وليس “حُجة الأزمة العالمية”.


وأوضح عباس “الأزمة العالمية تجتاح العالم كله، لكننا لم نر أي دولة تقبل على عمليات البيع بهذا الشكل وهذا القدر، البيع في مصر يتم بهرولة وبأبخس الأثمان، وباقي الشركات تقوم الحكومة بتصفيتها.. سياسة الدولة في التعامل مع ملف التنمية أصبحت إما البيع أو التصفية”.


واسترسل القيادي العمالي “الديون الحالية أكبر من فكرة السداد عن طريق بيع المصانع والشركات، إضافة إلى أن البيع يتم في وقت (احتياج شديد) لذلك يتم البيع بأسعار غير الحقيقية”.وأردف “الأساس الآن هو تصفية شركة الكوك، لأن نحو 1800 عامل الآن مصيرهم مهدد، والعمال في حالة صدمة من القرار، خاصة وأن الشركة كانت ناجحة، وبعض الأصوات التي تقول إن الشركة ليست ناجحة هي أصوات تنافي الحقيقة، لأن شركة الكوك وبعد تصفية شركة الحديد والصلب منذ نحو عام ونصف العام حققت أرباح بلغت تقريبا 200 مليون جنيه.. فإذا كانت الشركة تحقق مكاسب ولها احتياج في السوق فما مبررات بيعها؟”.


ولفت عباس إلى نقطة هامة حين قال إن “شركة الكوك كانت تُغذي جميع شركات السكر بفروعها المختلفة لكن هذا لن يحدث بعد قرار التصفية”.وعن توجه الحكومة إلى التخلي عن الصناعات الاستراتيجية، قال عباس “في الستينات كنا نقول إننا نحتاج إلى جانب الزراعة أن نُدشن عملية تصنيع واسعة، وكانت الفكرة أن نتحول إلى ثورة صناعية لأن ذلك يضمن إنتاج منتجات محلية وتحقيق ريادة اقتصادية في المنطقة، وتوفير فرص عمل كافية للقضاء على البطالة، لكن مع التوجه الجاري الآن يجعلنا نتحول إلى دولة خدمات، كل الخريجين من الشباب الآن (هيشتغلوا بياعين أو سواقين توكتوك) وهي كلها أمور هامشية ولا تحقق طفرة في صلب الاقتصاد”.


وقال عباس “القطاع الخاص بكل الفرص التي حصل عليها منذ عام 1974 وحتى الآن لم يتطرق إلى الصناعات الاستراتيجية، بل بالعكس هو طوال الوقت يعتمد على الدولة في الفرص التي تقوم بتوفيرها له، الرهان على القطاع الخاص غير مُجدي، القطاع الخاص حاليًا عاجز، ولا يقارن بالقطاع الخاص قبل عام 1952 الذي كان يعمل على تدشين صناعات كبرى مثل شركات السكر والأسمنت والغزل والنسيج.. الحقيقة أن القطاع الخاص حاليًا يقوم على دعم الدولة ومساندتها ولا يقدم سوى المنتجات التافهة.. إحنا رايحين لكارثة”.


وحول استقالية القرار المصري في ظل غياب الهيمنة الاقتصادية قال عباس “النهاردة لما يبقى اللي بيستولي على كل الصناعات الإمارات والسعودية وقطر، البيع الذي يتم للخليج يدفعنا للتساؤل حول (من الذي سيتحكم في اقتصاديات البلد؟).. الأمر الآخر يتعلق بحقوق العمال الضائعة، فلا القطاع الخاص المصري ولا المستثمر الخليجي لديهم أي مراعاة لحقوق العمال.. وبينما نحن نتحدث يستمر عمال شركة بيشاي لصلب في إضرابهم بسبب عدم حصولهم على حقوقهم المادية والمعنوية رغم تحقيقهم لأرباح بالملايين سنويًا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *