الحرب الباردة في المنطقة| اتهامات إيرانية صهيونية متبادلة بشأن “هجوم سيبراني”.. ومناورات إسرائيلية استعدادًا لأي هجوم محتمل

كتب – أحمد سلامة

حرب باردة تدور رحاها بين إيران والكيان الصهيوني، كل طرفٍ من جانبه يحاول أن يثبت لنفسه قبل أن يثبت لغيره أن قادر على المقاومة ورد الفعل الهجومي إذا ما تطلب الأمر، ولا يقتصر الأمر عند حدود التهديدات العسكرية أو حتى التهديدات السياسية الحادة وإنما يتجاوز ذلك ويمتد ليشمل حتى الصراع التكنولوجي.

– الهجوم على محطات البنزين

قبل أكثر من أسبوع، أعلنت إيران تعرضها لهجوم ألكتروني واسع النطاق تسبب بأعطال في محطات الغاز، بعدما أفاد التلفزيون الإيراني الحكومي بأن مبيعات محطات البنزين في جميع أنحاء إيران، شهدت اضطرابات كبيرة، بعد عطل برمجي أثر على نظام الدفع بالبطاقات المدعومة.
ويعتمد ملايين السائقين في إيران على بطاقات الوقود، التي تستخدمها الحكومة لإدارة توزيع البنزين المدعوم، ويأتي العطل بعد عامين تقريبًا من رفع الحكومة أسعار الوقود وهو الأمر الذي أثار احتجاجات واسعة النطاق وعنيفة في جميع أنحاء البلاد.
وقبل ثلاثة أيام، اتهم غلام رضا جلالي قائد الدفاع المدني الإيراني إسرائيل والولايات المتحدة بأنهما قد تكونان وراء هجوم إلكتروني عطل مبيعات البنزين في جميع أنحاء الجمهورية، لكنه أشار إلى أن التحقيق الفني لم يكتمل بعد.
وقال جلالي قائد الدفاع المدني المسؤول عن الأمن الإلكتروني للتلفزيون الرسمي في مقابلة “ما زلنا غير قادرين على القول جنائيا، لكنني أعتقد من الناحية التحليلية أن النظام الصهيوني والأميركيين وعملاءهم هم من نفذوه”.
إيران أكدت طوال السنوات القليلة الماضية أنها في حالة تأهب قصوى لاحتمال تعرضها لهجمات عبر الإنترنت والتي تنحي باللوم فيها على خصميها اللدودين الولايات المتحدة وإسرائيل.. في الوقت نفسه اتهمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إيران بمحاولة تعطيل واقتحام شبكاتها.


الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قال الأسبوع الماضي إن الهجوم الإلكتروني الذي عطل بيع البنزين المدعوم بشدة في البلاد كان يهدف إلى إثارة “فوضى”.


وقال جلالي إنه بناء على التحقيقات “المكتملة” أصبحت إيران “متأكدة” من أن الولايات المتحدة وإسرائيل وراء الهجمات الإلكترونية التي تعرضت لها خطوط السكك الحديدية الإيرانية في يوليو وميناء الشهيد رجائي في مايو 2020.. وهي الخدمات التي تعطلت في يوليو بسبب هجمات إلكترونية بعد أن تم وضع رقم هاتف مكتب الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي باعتباره رقم الاتصال للاستعلام.
من جانبها، قالت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) إنه أعيد توصيل نحو نصف محطات البنزين الإيرانية البالغ عددها 4300 واستئناف بيع الوقود المدعوم بشدة. وبعد ساعات من الهجوم الإلكتروني أعيد فتح محطات البنزين تدريجيا ولكن لم يكن ممكنا تشغيلها يدويا إلا لبيع الوقود الأكثر تكلفة.

– هل الرد إيراني؟

مساء أمس، أعلنت مجموعة قراصنة تطلق على نفسها اسم” عصا موسى”، اختراق ثلاث شركات هندسة إسرائيلية، وحصولها على جميع بياناتها.
كما أرفقت المجموعة إعلانها برابط لتحميل بعض هذه البيانات، مؤكدة أنه “سيتم نشر بيانات هذه الشركات بشكل تدريجي”.
والشركات الإسرائيلية التي تعرضت “شبكاتها وأنظمتها الحاسوبية” للاختراق هي كل H.GM Engieening وDavid Engineers وEhud Leviathan Engineering، حيث نشرت مجموعة القراصنة تصاميم وخرائط هندسية وتفاصيل شخصية لعملاء هذه الشركات، بما في ذلك بطاقات الهوية والعديد من المواد الأخرى.
في التوقيت نفسه، عمّقت الدبلوماسية الإيرانية من وقع الصدام، حيث اعتبر وزير خارجية إيران السابق، محمد جواد ظريف، أن إسرائيل لا تزال تسيطر على الكونجرس الأمريكي.


وكتب ظريف في تغريدة علي منصة التواصل الاجتماعي تويتر، تعليقا على تصريح للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، حيث قال إن “إسرائيل كانت بالفعل تسيطر الكونجرس، إنها لا تزال تمتلكه حتى الآن”.
الكيان الصهيوني من جانبه، ألمح إلى الدخول إلى مرحلة “الحرب الباردة” مع طهران من أجل تحييد “التهديد الإيراني”، وإنهائه تماما.
رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينت هدد الأحد الماضي بأن إسرائيل ستفعل كل ما هو مطلوب من أجل تحييد التهديد الإيراني، معتبراً أن هناك حرباً باردة تجري فعلا بين إسرائيل وإيران.


عن هذا الموضوع يقول المفكر السياسي الدكتور عصام الفيلي “يريد رئيس الحكومة الإسرائيلية القول إنه لا يريد الذهاب إلى المواجهة المباشرة مع إيران، وإنما استمرار الضربات السيبرانية واختراق منظومة الطاقة النووية الإيرانية، كونها ضربات غير معروفة من أي جانب تصدر، كذلك إسرائيل تدرك أن أي مواجهة بينها وبين إيران ستتجاوز الحدود السياسية الإيرانية لتصل إلى دول أخرى”.


وتابع الفيلي: “قد تذهب إسرائيل لمواجهة إيران في سوريا، كون أن الفصائل المقربة من طهران تتواجد هناك، فضيق الجغرافية الإسرائيلية يمنعها من المواجهات المباشرة، لذا تستخدم إسرائيل أسلوب الضربات المبهمة وغير المعروفة، كما تستخدم أسلوب النفس الطويل وانهاك إيران عبر تأثيرها على القرار الدولي”.
وأضاف الفيلي قائلا: “هناك حذر من الطرفين الإيراني والإسرائيلي، فكما أن إسرائيل تخشى من تداعيات الحرب نظرا لصغر مساحتها، نجد أن إيران تحاول من جانبها أن تؤكد للمجتمع الدولي رغبتها الدخول في المفاوضات، بل ذهبت إيران للتفاوض مع المملكة السعودية من أجل تخفيف الأزمة في المنطقة”.

– مناورات عسكرية ورغبة في تفاوضات سياسية؟

“نقطة تحول”.. هو اسم المناورة التي من المنتظر أن يجريها الكيان الصهيوني اليوم الأربعاء، استعدادًا للحرب مع إيران والتي قد تقع في أي لحظة – حسبما ذكرت وسائل إعلام عبرية.
كشفت قناة عبرية، اليوم الثلاثاء، النقاب عن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي لصافرات الإنذار في جميع أنحاء البلاد.
وفقا لهيئة البث الإسرائيلية، فإن صافرات الإنذار ستدوي، في جميع أنحاء البلاد، ضمن تدريبات عسكرية لهيئة الطوارئ الوطنية الصهيونية في سياق المناورات الشاملة والمهمة التي تأتي تحت عنوان “نقطة تحول”.


ويشارك في المناورة وحدات الجبهة الداخلية نفسها، بمشاركة جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكثير من الوزارات والهيئات الحكومية، وهي المناورة التي تستمر حتى يوم الخميس المقبل، بهدف الاستعداد هجوم خارجي، بعد تهديد إيران بقصف إسرائيل – حسب وسائل الإعلام.


ونقلت القناة العبرية، نقلا عن يورام لاردو، رئيس سلطة الطوارئ الوطنية الإسرائيلية، إن إطلاق صافرات الإنذار في جميع الأنحاء يأتي في سياق مناورات الطوارئ الوطنية، ضمن أطر المناورات العسكرية التي تجرى بمشاركة قوات الجبهة الداخلية ووحدات الطوارئ الوطنية والجيش الإسرائيلي نفسه، والتي تحاكي وقوع حرب متعددة الجبهات على الداخل الإسرائيلي.


وأكد رئيس سلطة الطوارئ الإسرائيلية أن المواطن الإسرائيلي سيتدرب، على كيفية الدخول إلى مناطق محصنة، بهدف محاكاة أي هجوم خارجي على الداخل الإسرائيلي، فضلا عن مواجهة حالات التطرف من الداخل، ويقصد بها من العرب الفلسطينيين.


في الوقت نفسه، أعلن وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس، أنه بحث مع نظيره الأمريكي لويد أوستن، مواجهة “طموحات إيران النووية”.


وكتب في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”: “تحدثت مع وزير دفاع واشنطن، وناقشنا التنسيق الأمني المشترك بين الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية والأمريكية”.. مضيفا كما أضاف أنه بحث مع أوستن ملف القواعد الإيرانية في المنطقة، والإجراءات المطلوبة لمواجهتها، مشيراً إلى عقد لقاء ثنائي قريب، بهدف تعزيز التعاون الأمني بين البلدين، فضلا عن توسيع المباحثات الاستراتيجية.


أما وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، نفسه، فقد أعلن الأحد الماضي، خلال مقابلة مع “سي إن إن”، إن الولايات المتحدة على اتفاق تام مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا بشأن إعادة إيران إلى الاتفاق النووي، لكنه أضاف أنه من غير الواضح ما إذا كانت طهران مستعدة للعودة إلى المحادثات بطريقة مجدية.


وجاءت تصريحات بلينكن بعد يوم من دعوة الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا إيران لاستئناف الالتزام بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 من أجل “تجنب تصعيد خطير”.


وقال الوزير الأمريكي عن العودة لمحادثات الاتفاق النووي: “الأمر يعتمد بالفعل على ما إذا كانت إيران جادة بشأن القيام بذلك.. جميع دولنا، تعمل بالمناسبة مع روسيا والصين، تؤمن بقوة أن ذلك سيكون أفضل سبيل للمضي قدما”.
المحادثات التي تحدث عنها بلينكن تهدف إلى رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن مقابل عودة طهران إلى التزام القيود التي نص عليها الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي انسحبت منه واشنطن في عهد دونالد ترمب في 2018 بينما تنصلت طهران من بنوده لاحقاً.


وكانت إيران قد أعلنت استعدادها لاستئناف مفاوضات فيينا غير المباشرة مع الولايات المتحدة والمتوقفة منذ يونيو، في نوفمبر لإنقاذ الاتفاق الدولي حول برنامجها النووي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *