الجامعة العربية تحمل الاحتلال مسؤولية سلامة الأسرى الفلسطينيين وذويهم: نرفض الإجراءات العقابية والقمعية

حملت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأذرعها المختلفة، المسؤولية كاملة عن حياة الأسرى وما يتعرض له ذويهم وأقاربهم من معاناة وعن تداعيات اعتقالهم وابتزازهم وترهيبهم.

وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية سعيد أبو علي في تصريح صحفي اليوم الاثنين، إن الأمانة العامة تتابع بقلق بالغ ما تقوم به سلطات الاحتلال من إجراءات عقابية شاملة بعد تمكن 6 أسرى من تحرير أنفسهم من سجن “جلبوع”، وإعادة اعتقال 4 منهم، بالإضافة إلى إجلاء عدد من الأسرى وتشتيتهم في مختلف سجون الاحتلال في سلسلة من الإجراءات القمعية التي يتعرضون لها وعائلاتهم.

وأكد دعم الأمانة العامة المطلق لنضال الشعب الفلسطيني وأسراه البواسل، لا سيما أن قضية الأسرى هي قضية حق وحرية وعدالة، محذرا من معاقبة الأسرى الفلسطينيين أو المس بهؤلاء المناضلين من أجل الحرية والعدالة الإنسانية أو التنكيل بهم، مشددا على حقهم في ضمان معاملتهم وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني والشرعية الدولية.

وطالب أبو علي، منظمات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، بالقيام بدورها في حماية الأسرى الفلسطينيين من خلال الضغط على سلطات الاحتلال للتقيد بالاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقيات جنيف الخاصة بحقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.

وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية، شكل نجاح ستة أسرى في انتزاع حريتهم عبر نفق حفروه في عمق الأرض من معتقل “جلبوع” قرب بيسان بأراضي الـ1948، مرحلة فاصلة في تاريخ الحركة الأسيرة، التي تخوض معركة متواصلة مع إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي.

وبعد مطاردة استمرت خمسة أيام، تمكن الاحتلال، عبر مسيّراته ومروحياته وقصاصي الأثر وكاميرات المراقبة والجنود المدججين بكل أنواع الأسلحة، من إعادة اعتقال أربعة منهم، وهم: زكريا زبيدي، ومحمد عارضة، ومحمود عارضة، ويعقوب قادري، فيما لا يزال الأسيران مناضل انفيعات، وأيهم كممجي طليقين وينعمان بالحرية.

“عملية تحرير الأسرى الستة أنفسهم، حققت أهدافها وكانت ضربة لصورة القبضة الأمنية الإسرائيلية، فيما رفعت الروح المعنوية للشارع الفلسطيني والعربي وللأحرار في العالم”، قال أستاذ الإعلام الرقمي والاتصال في جامعة القدس نادر صالحة.

وحول تناول منصات التواصل الاجتماعي لقضية الأسرى الستة الذين تمكنوا من الظفر بحريتهم، أضاف صالحة، أن نجاح الأسرى في تحرير أنفسهم لاقى اهتماما وتفاعلا كبيرين، سواء على المستوى الفلسطيني أو المستويين العربي والدولي.

وتابع: ان الحالة الانفعالية سهلت عملية انتشار الـمعلومات التي كانت درامية بشكل كبير، عمد من خلالها البعض لتفصيل قصة مؤثرة للفرار، والأجواء كانت مهيأة للتفاعل مع الحالة بقوة، في حين كانت جميع المعلومات التي دفع بها الاحتلال مدروسة، فمنذ اللحظة الأولى لتمكن الأسرى من تحرير أنفسهم لم ترد أي معلومات فعلية، وعمدت إسرائيل إلى تهيئة الناس لسيناريوهات وجرفهم من خلال الترويج للأخبار الكاذبة، كان يريد من خلالها أن يربح المعركة وأن يرمم صورة انكساره بإنتاج رواية تهدف لضرب صورة البطولة.

وحول إمكانية ضبط ما يروجه الإعلام الإسرائيلي من روايات مضللة وأخبار كاذبة أوضح صالحة: إن طبيعة المجتمع الشبكي سواء الفلسطيني او غيره تفترض أن من يقود ويوجه الاهتمام و”الترند” هم الشخصيات الأكثر متابعة من مؤثرين وصفحات رسمية، والذين يقع على عاتقهم تحري دقة المعلومات التي يتم نشرها، والتأكد من ضخ المعلومات والمعنويات لمتابعيهم، ولاستحالة حراسة بوابة “السوشال ميديا” فإن عملية تفنيد الاخبار الكاذبة تكون من خلال أصحاب الرأي الذين يحظون بمصداقية متابعيهم.

ولفت أستاذ الإعلام الرقمي والاتصال في جامعة القدس إلى أن “السوشال ميديا” أثبتت أنها انعكاس وممثل لصوت الناس والشارع ولم يعد مجتمعا افتراضيا منفصلا عن الواقع، بل مجتمع حقيقي يشكل ضغطا على صناع القرار ويفرض واقعا، وأن نجاح الحملات التي دعمت كل من الأسير الغضنفر، والأسيرة الديك تأكيد على هذا، ويجب توظيفها بشكل أكبر في قضايا الأسرى سواء على مستوى فردي أو جماعي وفي مختلف القضايا الوطنية.

وأكد صالحة أن عملية تحرر الأسرى من جلبوع أعادت ملف الأسرى إلى واجهة الاهتمام العالمي والحقوقي والإنساني، مشيرا الى ضرورة العمل لنصرة وإسناد الأسرى من مختلف المؤسسات الاعلامية والحقوقية ومؤسسات المجتمع المدني لتنظيم حملة قانونية وإعلامية عالمية جارفة، واستثمار كل هذه التعبئة لما يخدم الحركة الأسيرة حتى تحرير جميع الأسرى.

من جهته، وصف الصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي، الأسير السابق عصمت منصور، نجاح 6 أسرى في تحرير أنفسهم، بالصفعة للحكومة الإسرائيلية، وانتصار معنوي للأسرى، وأن ما حدث سيترك أثرا على المدى البعيد، وأن قضية الأسرى ارتفعت أسهمها والعالم بات يتحدث عنها، وتحول “الأبطال” إلى أسطورة وأيقونة عربيا وعالميا.

وأضاف، ان الأهم هو حجم الاختراق والصفعة المدوية لمنظومة أمن كاملة، وحجم الدروس والعبر المستفادة، وان غالبية ما نشر هي تفاصيل لا تنتقص من أهمية ما قاموا به، وعملية المطاردة تضيف لرصيدهم في ظل ملاحقة على مدار الساعة، وان حالة التفاعل على مستوى العالم معهم ردعت إسرائيل عن محاولة قتلهم.

وحول تعاطي الإعلام الإسرائيلي مع القضية، قال: على المستوى الداخلي الإسرائيلي بدأ الإعلام العبري في توجيه الاتهام لمصلحة السجون، مدعين أن مصلحة السجون تمنح “تسهيلات” للأسرى ساهمت في تمكنهم من الفرار، وعمد إلى صب جام غضب الشارع الإسرائيلي عليها، بالتزامن مع حملة من التحريض على الأسرى، ثم ركز الإعلام الإسرائيلي بشكل أكبر على التبعات “الأمنية” على عملية فرار الأسرى وإمكانية إشعالها الوضع السياسي.

وتابع منصور، ان معظم ما نشره الإعلام الإسرائيلي أخبار كاذبة وتضليلية تهدف لتعزيز الرواية الإسرائيلية وتدمير الروح المعنوية للفلسطينيين وتحديدا للأسرى، وذلك لأنه بعيد عملية فرار الأسرى أصدرت الأجهزة الأمنية قرارا قضائيا بمنع نشر أي معلومات حول الحادثة، الأمر الذي ترك الباب مفتوحا أمام التكهنات المدفوعة في معظمها من الأجهزة الإسرائيلية.

وحول استقاء المعلومات من الإعلام الإسرائيلي، قال: إعلام الاحتلال هو ذراع مكمل لحكومة الاحتلال، وهناك ضرورة لعمل مختصين ذوي خبرة واطلاع لنقل المعلومات عن وسائل إعلام تتميز بشيء من المصداقية، وعدم الانجرار وراء الترجمة الحرفية لأي من المنصات أو الوسائل الإعلامية.

ونوه منصور إلى أن الإعلام الإسرائيلي حاول الترويج لأخبار كاذبة من شأنها أن تفتك بالروح المعنوية وتمزق النسيج الفلسطيني الذي أثبت تماسكه خلال جميع الأزمات والضرورات الوطنية، والتي كان آخرها هبة الأقصى في مايو المنصرم، وما تلاها من عدوان على قطاع غزة.

وحذر منصور من خطورة تشكيل “وزير الأمن الداخلي” الإسرائيلي لجنة تحقيق في حادثة تحرر الأسرى الستة، مشيرا إلى أنه وضمن التفويض الذي منح لها ستبحث في شروط حياة الأسرى، والذي يعني سحب الكثير من الامتيازات التي حققتها الحركة الأسيرة، مشيرا إلى أن قضية الأسرى تحظى باهتمام شعبي، وهي محرك للنضال الوطني وأن أي حدث داخل السجون ينعكس على الخارج وستؤدي تداعياته إلى التصعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *