إلهامي الميرغني يكتب: زيادة أسعار الوقود.. هل الصب في مصلحة المواطن

بينما كان الشعب المصري يحتفل بالانتصار الكروي علي فريق الكاميرون والصعود للدور النهائي، وبينما كانت صفحات التواصل الاجتماعي مشغولة بحديث تركي ال شيخ ووصف الفنان محمد صبحي بالمشخصاتي، أصدرت لجنة تسعير المنتجات البترولية قرار برفع أسعار المنتجات البترولية في حدود 25 قرش ولتكون هذه هي الزيادة الرابعة في الأسعار خلال سنة.


ولجنة التسعير هي آلية جديدة تم استحداثها منذ عام 2019 وتقوم بدراسة الأسعار وتصدر تسعيرة كل 3 شهور، وسبق لها إجراء تخفيض مرتين على الأسعار في أكتوبر 2019 وفي إبريل 2020، لكن منذ إبريل 2021 تتوالى الزيادات كل ثلاث شهور بحيث تكون زيادة فبراير 2022 هي الزيادة الرابعة خلال سنة.


وكان رئيس الوزراء الدكتور مصطفي مدبولي خلال اجتماع مجلس الوزراء في العاصمة الإدارية والذي نشر يوم 23 ديسمبر 2021 قد أكد قائلاً ” أن فئات كثيرة في مصر تحصل على الدعم دون استحقاق، وأن الحكومات ظلت لفترات طويلة لا تراجع منظومة الدعم، موضحا أن أموالا كثيرة كان يتم إهدارها في الدعم، بينما عندما وفرتها الدولة تمكنت من ضخها في مشروعات كبيرة استفاد منها المواطنين. وتابع: “قبل 4 سنوات كان دعم المحروقات 128 مليار جنيه، تدفعهم الدولة على حساب أشياء كثيرة، لكن الآن بات الدعم 17 مليار جنيه، وهذا الفارق نفذنا به استثمارات ضخمة استفاد به جميع المواطنين”.

لذلك يصبح من المهم متابعة أسعار الوقود وتطورها خلال السنوات الأخيرة وكذلك تطور مخصصات الدعم خلال هذه السنوات.


ارتفاع مستمر في أسعار الوقود


شهدت السنوات 2014-2022 قفزات كبيرة في أسعار الوقود وذلك على النحو التالي:

– البنزين 80 كان سعر اللتر حتى عام 2013 لا يتجاوز 90 قرش ثم أرتفع 50% ليصل في يونيو 2014 إلى 1.6 جنيه ثم تتوالى الارتفاعات في الأسعار حتى تصل في زيادة فبراير 2022 إلى 7.25 جنيه للتر.

وبذلك يكون السعر قد ارتفع 5.6 جنيه منذ 2014 وبمعدل ارتفاع وصل الي 453.1% مقارنة بالأسعار في 2014.


– البنزين 92 أرتفع من 1.8 جنيه عام 2014 إلى 8.5 جنيه في الزيادة الأخيرة وبفارق 6.7 جنيه ومعدل زيادة بلغ 472.2%.

– السولار أرتفع من 1.6 جنيه الي 6.75 جنيه وبفارق 5.15 عن سعر 2014 ومعدل زيادة 422%


– أما أنبوبة البوتاجاز المنزلي فقد ارتفع سعرها من 15 جنيه الي 70 جنيه وبفارق 55 جنيه وبمعدل زيادة بلغ 467%

– أما أقل معدلات الزيادة فكانت للبنزين 95 والذي ارتفعت أسعاره من 6.25 جنيه الي 9.5 جنيه بزيادة 3.25 جنيه فقط ومعدل ارتفاع اسعار بلغ 152% فقط.


يعكس ذلك انحيازات الدعم للفئات التي تستخدم البنزين 95 على حساب مستخدمي البنزين 80 و92 والسولار وهي الكتلة الأكبر من المستخدمين. وتنعكس زيادة أسعار البنزين والسولار على تكلفة النقل والمواصلات، كما يؤثر رفع أسعار الأنابيب التجارية على أسعار خدمات الطعام والمقاهي.

دعم المواد البترولية


ابتدع الدكتور يوسف بطرس غالي حسبة دعم المواد البترولية منذ عام 2005 وذلك باحتساب تكلفة الفرصة البديلة. أي الفرق بين سعر الاستهلاك في السوق المحلي من المواطنين المصريين والسعر في السوق العالمي لو تم التصدير للخارج. ورغم ذلك فقد ارتفعت قيمة الصادرات البترولية المصرية وانخفضت قيمة الواردات البترولية وهو ما انعكس على تحسن الميزان التجاري البترولي.


تشير البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري، إلى ارتفاع صادرات مصر البترولية خلال العام المالي الماضي بنسبة 1.4 في المئة، على أساس سنوي. كما أن صادرات مصر البترولية ارتفعت إلى 8.59 مليار دولار خلال العام المالي الماضي 2020 – 2021، مقابل نحو 8.47 مليار دولار خلال العام المالي 2019 – 2020.

وأوضح “المركزي المصري” أن مدفوعات واردات مصر البترولية تراجعت خلال العام المالي الماضي إلى 8.6 مليار دولار، مقابل 8.47 مليار دولار خلال العام المالي السابق له، ووفق هذه الأرقام، فقد تحسّن عجز الميزان التجاري البترولي لمصر خلال العام المالي الماضي ليتراجع إلى 6.7 مليون دولار، مقابل عجز بلغ 421 مليون دولار خلال العام المالي السابق له.


تشير بيانات الموازنة العامة للدولة إلى أن دعم المواد البترولية بلغ 126.2 مليار جنيه في موازنة 2013/2014 ثم انخفض بعد ذلك حتى وصل إلى 35 مليار جنيه عام 2016/2017 ثم قفز نتيجة الارتفاع العالمي إلى 120.8 مليار عام 2017/2018.

وبعد ذلك تواصل تخفيض الدعم المخصص للمنتجات البترولية خلال السنوات الثلاث الأخيرة ليكون 18.7 مليار في 2019/2020، 28.2 مليار جنيه في عام 2020/2021 عام الكورونا ثم عاد في الموازنة الأخيرة لعام 2021/2022 ليصل إلى 18.4 مليار جنيه فقط وهو ما يمثل 5.7% فقط من مخصصات الدعم.


رغم تحسن الميزان التجاري البترولي لمصر وفق الأرقام المنشورة عن البنك المركزي ورغم تخفيض مخصصات الدعم يتوالي الارتفاع المتوالي في أسعار المواد البترولية والتي تنعكس على مختلف جوانب الحياة وعلى أسعار العديد من السلع والخدمات وعلى معدلات الفقر. وقد جاء ضمن نتائج بحث الدخل والانفاق والاستهلاك لعام 2020 أن دعم البوتاجاز أدي إلي خفض نسب الفقر بمقدار 4.3 نقاط مئوية وكان الأثر الأكبر في المناطق الريفية.

ورغم ذلك تم رفع سعر أنبوبة البوتاجاز من 65 جنيه الي 70 جنيه وليزيد عدد الفقراء في مصر بأكثر من 4.3 مليون مواطن وفق نتائج دراسة التعبئة والإحصاء.

وإذا كان البعض يتحجج بالسعر العالمي فإننا لا نتلقي أجور بالسعر العالمي ولا نحصل على سلع بمستوي الجودة العالمية. فلماذا تكون دخولنا بالسعر المحلي وانفاقنا بالسعر العالمي. وهل تصب هذه التغيرات في مصلحة المواطن ويشعر بها؟!!!


إلهامي الميرغني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *